لازال الجهل يشدنا إلى الوراء ،بقدر ما نحاول الانفكاك عنه ،تجدنا نزيد الالتصاق به ،بتصرفاتنا وسلوكياتنا .عندما غابت الثقافة حلت مكانها الأشياء السطحية لا يعرف من اين استخرجت وزينت في قالب مبهر واستغلت الفراغ الثقافي لدينا لتخترق العقل والنفس المشتاقة والطموحة.هذا كله سخر له أموالا وترسانة إعلام معروفة آنا ومجهولة آنا أخرى تروج صباحا مساء لتوافه صارت هي الأصل ومقياس الحضارة عند الكثير من البطالين .وفقد إنساننا المعاصر الطيب البدوي المنشأ والهوى البوصلة ورقص على هذه النغمة وهو كاره لها . قبل حضور التكنولوجيا في حياتنا ودخولها المجتمعات العربية ،كان سهلا عليك ان تكتشف جهل من حولك ،وربما تستطع ان تُقَوِم شيء منه وتجد السهولة في الحوار مع الغير لتصل الى الفصل بين الجهل والمعرفة بين الجاهل والمثقف بين النهضة المرجوة والحداثة العمياء بين الذي يمشي الى الأمام والذي يشد نفسه الى الخلف ،وكان المثقف له حضوره ومكانته الإشعاعية .ذلك الجهل البسيط الذي كان كثيرا ما يطمح المثقف لإزالته كان يظهر لك الأسود اسود والأبيض أبيض . اليوم تغير الحال وبهتت صورة المثقف وقل إشعاعها ،وتعقدت معنى كلمة المثقف والثقافة بحلول تكنولوجيا وعلى وجه الخصوص ثورة الاتصالات الهائجة ،التي تقبلها مجتمعنا العربي بسرعة فائقة وصار في لمحة البصر كل منا يمتلك هاتف جوال وجهاز كمبيوتر مزود بخدمة انترنيت لا يهم ان يكون لديكور المهم ما فيه حدا أحسن من حدا والمهم أيضا ان يلحق بالعصر ،وتخيل إلينا ان هذه الأدوات تحل مشكلة تخلفنا المزمن وإلحاقنا بالغرب والحداثة التي كثيرا ما شاهدناها عند غيرنا .كنا نمشي في سلاسة الى المعرفة والكل يقوم بدوره اليوم زاد الأمر تعقيدا ووقفنا في في نصف الطريق لا نحن نصل ولا نستطع ان نرجع الى الوراء. وليعترف. الكثير منا ان التكنولوجية لا تحل محل الثقافة التي هي جهد متواصل ومضني لكي ربما يبلغه الفرد لكي يستطع من خلاله ان يصل الى الحضارة التي سبق لها غيرنا من شعوب كانت في مستوى واقع حالنا .وفي الحقيقة اذا رجعنا الى تاريخ الحضارة الغربية نجد ان الغرب سبق أشياءه ،سواء كانت السيارة او الطائرة أو الكمبيوتر .وانما الأشياء هي ناتج الحضارة وليست هي الحضارة .هل نعي هذا ام نبقى نضع المحراث امام الثور وندور به أمام الملء