باريس الفجرنيوز:في برنامج تلفزيوني على قناة العالم بعد ظهر 30/4/2010 حول مقتل خمسة فلسطينيين في مواد غازية سامة تم القاؤها في الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية، قال هيثم مناع : أحب أن أقول أولا أنه من حيث المبدأ اقتصاد الأنفاق وضع غير طبيعي، أي أنه لا يمكننا أن نعتبر الدفاع عن اقتصاد الأنفاق مهمة مناضلي حقوق الإنسان أو مهمة من يعمل من أجل الإنسانية ومن أجل كرامة الإنسان. كرامة الإنسان والإنسانية تتحقق برفع الحصار الجائر الذي لا يوجد أي مبرر أو أي قرار لا من مجلس الأمن ولا الاتحاد الأوربي أو الجامعة العربية أو من أي طرف من أجل شرعنة هذا الحصار. إذن المشكلة الأساسية أننا أمام وضع غير طبيعي أوجدته الضرورة القصوى والضرورة القصوى في الشرع تذكرني بالآية القرآنية "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه"، وفي القانون الدولي اسمها ممارسة حق الدفاع عن البقاء. وبالتالي نحن أمام حالة طارئة اسمها حق الدفاع عن البقاء ليست هي الشعار الأساسي لنا كحركة حقوق الإنسان لأن مطلبنا الأساسي هو رفع الحصار. وبرأيي يحتاج هذا الأمر أولا إذا رفع التخصيص المصري للقضية، يجب تعريب الموضوع وخلق جبهة من الدول المؤيدة للحق الفلسطيني في العالم وهي أكثر من ثمانين إلى تسعين دولة تكون مع قرار للجمعية العامة يطالب برفع الحصار ويحمي ظهر السلطات المصرية، لأن الطلب إلى السلطات المصرية أن تتحمل وحدها التبعات السياسية لرفع حصار من معبر تم تنظيم وضعه في إطار الرباعية هذا يتطلب موقف دولي على الأقل من المجموعتين العربية والإسلامية وإلا فلا يتوقع من مصر لوحدها أن تقوم بذلك... أنا أظن أن هناك استراتيجية عمل غائبة، هذه الاستراتيجية الغائبة يجب أن نسأل عنها الأحزاب السياسية العربية كافة، هذه الأحزاب التي تحول بعضها إلى جمعيات إغاثة وانضم بعضها الآخر لأهل الكهف، بعضها يتكلم في حقوق الإنسان دون تصور ومشروع سياسي، لا يوجد حتى اللحظة أي لوبي للأحزاب السياسية العربية التي تطالب في أدبياتها برفع الحصار يتحرك في أوربة أو يتحرك في العالم ليقول بأن هناك أكبر حصار جائر في التاريخ وأكبر سجن في العالم اسمه قطاع غزة، نحن للأسف أمام حالة غباء أو غياب نظرة استراتيجية للعمل السياسي الملموس من أجل الحقوق الفلسطينية قزم هذه الحقوق أحيانا لمطالب غير عملية أو اجراءات إغاثية وهذا لا يمكن أن يحل مأساة حصار غزة، حصار غزة يحتاج إلى قرار سياسي لذا يحتاج إلى لوبيات ومجموعات ضغط سياسية ومدنية تبدأ في المنطقة وتنتهي في العالم. وفي مقابلة إذاعية بالفرنسية في مناسبة عيد العمال صباح أول مايو/ أيار 2010 قال مناع ردا على سؤال الحصار على غزة: "لابد من تعبئة نقابية حقيقية من المجتمع المدني الأوربي للتأثير على الأحزاب السياسية في البرلمان الأوربي وفي دولها. للأسف هناك قصور عربي في هذا المجال، تصدر بيانات من تجمعات لأحزاب وشخصيات، تعقد مؤتمرات يستمع فيها العرب لصدى أصواتهم، تعبنا من هذه الأساليب المتخلفة للبروباغندا وليس للدفاع عن حقوق وبرامج عمل قادرة على الفعل". وأضاف: "لا شك بأن هناك مد سياسي إسلامي، إلا أنه في الحالة الفلسطينية لم يترجم لأكثر من التعبئة في صفوف المؤمنين أو النجدة الإغاثية المحدودة الدور والتي تم تحجيم دورها أكثر بما سمته الإدارة الأمريكية السابقة "تجفيف منابع الإرهاب"، وتتابع إدارة كلنتون السياسة عينها. أنا لا استغرب أن لا تقوم منظمة أو مركز ممول أمريكيا بالتحرك من أجل أطفال غزة، لا استغرب أن لا ينبث موظف "مجتمع مدني" بكلمة عن أربعمئة ضحية مباشرة لحصار غزة وقرابة 145 فقيد ماتوا في أنفاق مهمتها مساعدة الناس على البقاء. ولكن هناك أحزاب ملتزمة ومنظمات حقوق إنسان لها مصداقية ومن واجبها التحرك بشكل مختلف. من مصائب أوسلو تحجيم الصوت الفلسطيني بالطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، نجاح حماس في الإنتخابات كسر الحلقة بدخول العالم الإسلامي طرفا بشكل أو بآخر، الحرب على غزة حققت خطوة جبارة بجعل القضية من جديد دولية وإنسانية، للأسف لم يتم استثمار ذلك كما يجب خاصة من قبل الأطراف الإسلامية، التي لم تتجهز بعد للعمل مع غير الإسلاميين بشكل استراتيجي وبثقة. وكون الحركة الإسلامية السياسية في موقع الضحية، يصبح نقدها خدمة للقامع العربي والمحتل الإسرائيلي. لكن هذا الوضع ينعكس سلبا على القضية الفلسطينية ككل. لقد حدثت أمور جلل في الأشهر الأخيرة لم تستطع مختلف الأطراف الفلسطينية تقديم الإجابات الأفضل عليها: التعامل مع المقرر الخاص بالأراضي الفلسطينية ريتشارد فولك من قبل السلطة في رام الله، التعامل مع طلب الأممالمتحدة التحقيق في تقرير غولدستون من قبل السلطة في غزة، الرد الفلسطيني والعربي على قرار اعتبار قرابة سبعين ألف فلسطيني متسللين وهو جريمة حرب قائمة في ذاتها، وأخيرا على صعيد الوضع الداخلي استمرار سياسة الاعتقالات والملاحقات الفلسطينية-الفلسطينية وغياب آفاق جدية للمصالحة الفلسطينية. هذا مع حكومة متطرفة إسرائيلية مغطاة من السيدة هيلاري كلينتون مع صمت أوربي مفضوح. لقد أصبحت منظمات حقوق الإنسان في الجبهة الأولى لوحدها في عدة معارك، أعلمني مسؤول فلسطيني رفيع المستوى أن السيدة كلنتون مازالت تتحدث عن أن كل من ساهم في عودة تقرير غولدستون للتصويت سيدفع الثمن عاجلا أم آجلا، وكلنا يعلم أن مشروع قرار حظر عمل الجمعيات الحقوقية التي قدمت معلومات بشأن انتهاكات الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة في الكنيست يحظى بدعم قرابة ستين بالمئة من المجتمع الإسرائيلي وليس فقط الطبقة السياسية المتورطة في الجرائم. ألا يستحق هذا الوضع الكارثي مواقف كبيرة وسياسات قادرة على المواجهة أم سنبقى في سقف وهم مباحثات لم تعد تقنع أصحابها وردود فعل لا يتعدى مستواها التخوين أو التكفير أو كلاهما".