الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإتسان( في السنة 33 من وجودها القانوني) فرع قليبية/ قربة( في السنة ال5 لحصاره البوليسي الظالم) نقول، بادئ ذي بدء، وبدون مقدمات ولا تمهيدات، أن مانديلا معر وف في جميع أصقاع العالم بتضحياته الجسام ونضاله الطويل، في سبيل الحرية و ضد العنصرية والعبودية والإستعمار. كما أن صموده العظيم في وجه أعداء الشعوب ومصّاصي الدماء وسالبي ثروات المستضعفين، فاق الخيال وقد امتصت السجون العنصرية زهرة شبابه ولُبّ حياته، حيث حُكِم عليه بالمؤبد،( وثبّته زعيم الإرهاب الدولي:بوش، في قائمة الإرهابيين)، كل ذلك لإسكاته وتصفية قضية شعبه في الوجود والحرية والكرامة، لكن مانديلا لم يسكت ولم يبع شعبه، ولم تغره المغريات مثلما لم تخفه التهديدات. وبما أنه كان يعرف علما يقينا أن سالبي حرية وطنه كانوا الأضعف والأجبن، وأنهم لا يملكون " المسامير" ليدقوها في " الفلك" لإيقافه عن الحركة،و" تسمير" الزمن عند اللحظة التي تتشهّاها نزواتهم الطائشة، ورغباتهم المريضة، ولذلك تحرر الزعيم البطل من سجنه، فخرج منه منتصرا، مكرما، معززا في سنة 1990، ثم يترأس السلطة المستقلة في بلاده،سنة1994 ، مدعّما بحب الجماهيرله، في الداخل والخارج، وما اكتسبه من شرعية نضالية، تحررية ديمقراطية ، حازت إكبار الدنيا كلها، فصار قدوة رائعة لكل المناضلين، ومضربا للأمثال، وموضوعا لغناء المغنين وشعر الشعراء، وأدب الأدباء، وخُطَب الخطباء، ونضال المناضلين. ثم في سنة2000 ترك كرسي الحكم باختياره،لغيره ، تجسيما للتداول السلمي الديمقراطي للسلطة لأن مانديلا كان أكبر من كل الكراسي، وأقوى من كل إغراءاتها وجاهها ومفاتنها ، ولم يكن من هؤلاء الحكام الذين استعبدتهم الكراسي، حتى صاروا مستعدين لفعل أي شيء( تغيير الدستور، والتلاعب به) في سبيل الحفاظ عليها والإلتصاق بها إلتصاقا مرَضيا،أنساهم،ويُنسيهم، أحكام العمر وسلامة الصحة والكرامة والإحترام،دون أن يجدوا نصيحة محب صادق ، أو يستمعوا إلى صوت العقل والحكمة والرشاد،حتى " يُبَهذلهم" السن، فأخرجهم من عالم الأحياء إلى عالم الهلوسة والتصورات والظنون والهواجس، ثم يأتي مَن ينقلب عليهم، بداعي إنقاذ البلاد، بإعطائها شيئا من " جرعات" ديمقراطية(؟). ونحن في تونس قد استبشرنا،أيام حماستنا الشبابية اللاهبة، المُلهِبة، بإقامة النظام الجمهوري واعتبرناه تكريما للنضالات الشعب التونسي واعترافا يما قدمه شهداء الوطن في سبيل الديمقراطية والحرية والسيادة الشعبية، ورفض الحكم الوراثي والمؤبد . ثم تعزز استبشارنا بميلاد الدستور التونسي(1959) ، وما تلاه من إنجازات إيجابية، حداثية( كالقضاء على العروشية، وتوحيد القضاء والتعليم، وصدور مجلة الأحوال الشخصية ( وهي المرجع القانوني لحركية النهوض بالمرأة التونسية )، رغم نقائصها . وأذكر أنه في شهر جويلية 1957 أجرت جريدة" لوموند" الفرنسية مقابلة صحفية مع رئيس الدولة التونسية المغفور له الحبيب بورقيبة، حول الجمهورية ، وأساليب الحكم في العالم الثالث ، وطلبت منه رأيه في الحكام الذين يحكمون شعوبهم مدى الحياة، فما كان منه إلا أن أبدى امتعاضه الشديد من هذا الحكم " التعيس"تمشيا مع ثقافته الغربية المستنيرة. لكن تمر السنوات، ويتخلى" المجاهد الأكبر"شيئا فشيئا، وبالقانون، عما عرفه من فكر تحرري، ليبيرالي، واتجه إلى التشبث بكرسي الحكم وانبطح له أعضاء حزبه" الحر، الدستوري، الإشتراكي" من الشُّعَب والجامعات الدستورية، أو الدوائر الحزبية ولجان التنسيق واللجنة المركزية والديوان السياسي و"مجلس أمته" - وأخذوا جميعا يصفقون، ويهتفون:" بالروح بالدم نفديك يابورقيبة" وغصت خطوط البريد والبرق بآلاف برقيات الولاء والتأييد، لسيد الأسياد"القائد في الكفاح والضامن في النجاح"ولم تتخلف جرائد السلطة وإذاعتها وأقلام مرتزقة ، و " بنادر" الكَسَبة" والقوّادين عن هذا " المأتم " الديمقراطي" وال" مَنْدَبة" الإشتراكية، بل ذهبت إلى أبعد ما كان يحلم به بورقيبة ويتمناه فحرّكت " الحماس الشعبي، التلقائي"وصبّت الزيت على ناره. وطبعا كانت النتيجة كما أحبتها ديمقراطية " الإشتراكية الدستورية" و.. كِلْمة في الصباح وكلمة في العشية تْرُدْ المسلمة يهودية، ولذلك نزل الرئيس بورقيبة عند رغبة "الشعب" وقبل الرئاسة مدى الحياة" وقُطّع الدستور التونسي ، تقطيعا، وفُصِّل، تفصيلا، ليكون على مقاس هذه " الديمقراطية البورقيبية الدستورية، الإشتراكية"، في جوّ من الأفراح الدستورية الغامرة، " خلّدتها"عكاظيات النفاق والكذب على الشعب والفن ، شارك فيها فقهاء القصر وشيوخه و" أيمته وخطباؤه". وبما أن المرحوم بورقيبة وجوقته ، لم تكن لهم القوة والقدرة على " تسمير الفلك" فقد جاء مَن اقتلعه من كرسيه، ولم يجد ممن كانوا يهتفون له " بالروح، بالدم نفديك يا بورقيبة" لم يجد منهم حتى أن يفدوه بحَبة " طماطم"، لكنه، مع ذلك، وجد من" احترم شيخوخته"، التي طالت ولم يعامله المعاملة الشرقية المتخلفة، بل قنّن هذا الإقتلاع بشهادة طبية تثبت عجزه عن البقاء في كرسيه، وأعلن، في نوفمبر1987 : أن " لا رئاسة مدى الحياة" والسؤال هنا: لماذا خرجنا عن الحديث عن مانديلا وجعلنا نتحدث عن المرحوم بورقيبة؟ والجواب: 1- أن طريق مانديلا هو طريق النضال في سبيل الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وعدم التشبث ، المَرَضي بكرسي الحكم، بينما بورقيبة، الرئيس، انحرف عن هذه الطريق، بتشجيع من أصحابه الذين ما كانوا يحبونه الحب الوطني الصادق. و2 أن نضال مانديلا وصموده وثباته على المبدأ جعله يحترم نفسه، ويحترم تاريخه، ويحترم شعبه، وكل هذا الإحترام جعله لايبقى، وبإرادته واختياره، في سلطة هي ملك للشعب، وليست لأحد، كما أنه، لشرعيته النضالية،ما سعى، وما فكّر، وما كان له أن يسعى، أو يفكر، لاحتكار وسرقة هذه السلطة له وحده، وإبعاد الجميع عن طريقه. و3- أن احتكار السلطة بهذه القرصنة المبتذلة يمثل استخفافا واستهتارا بجمع القيم السياسية والعقلية والديمقراطية، و استهانة بالشعب وبالدولة وضربا صارخا للسيادة الشعبية . وهذا ما غاب عن بورقيبة وجماعته وأمثاله من الحكام الذين لم يحترموا شعوبهم. و4- وهذا هوالخطير، والمفزع، أننا هذه الأيام بدأنا نشم رائحة الطبخة " البورقيبية" تنتشر روائحها. لكن.. وبالرغم من يقيننا بأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا في شكل مهزلة، فإن تلك الرائحة بدأت تنشر" شياطُ" تلك الطبخة البورقيبية، من خلال، وعلى ألسنة، أعضاء اللجنة المركزية لحزب التجمع( وكان يسمى الحزب الحر الدستوري، ثم الإشتراكي الدستو ثم أخيرا التجمع) حيث أخذوا يناشدون الرئيس بن علي لمواصلة قيادة شعبه في الفترة القادمة، يعني بعد2014. وهذه المناشدة الخطيرة تمثل انقلابا" مدنيا، على الدستور وضربا لبيان السابع من نوفمبر واستخفافا بالشعب وبالديمقراطية وبالسيادة الشعبية، وفوق هذا وذاك هي توريط للرئيس بن علي وإعلان صريح بأن من أطلق هذه المناشدة لا يحب الرئيس، بل يريد إرهاقه وإطالة شيخوخته. ونحن، بمرونة" بعيدة عن" التشنج"نعلن رفضنا المطلق والمبدئي لهذه الدعوة، التجمعية" ، المفخخة والمسمومة، والمنافية لحقوق الإنسان بجميع المعايير والعقليات والنزوات. ونقول لأصحابها، الراقصين والمطبلين لها:" لكم أن تمددوا في رئاسة حزبكم أو تعطوها لرئيس حزبكم مدى حياته، لكن لا حق لكم في غير ذلك مما يخص مستقبل شعبنا، لاتمديدا ولا توريثا ولا إسنادا مدى الحياة، وبن علي نفسه رفض مبدأ الرئاسة مدى الحياة، وعليكم، إن كنتم تحبون بن علي حقا، بعيدا عن الخوف والطمعن أن تقولوا له: " إن لسنك، ولنفسك، عليك حقا، وقد أخذت ما أعطاه لك الدستور، وما عليك أيها الرئيس إلا أن تأخذ حقك الإنساني في الراحة" نقول لكم كل ذلك ،لأننا نؤمن بالتداول السلمي على السلطة، وعلى التشبث بقيم الجمهورية .فهل لكم ،أيها السادة، أن تطفئوا نيران " طبختكم البورقيبة الشائطة" وتقوموا بمساعدة الرئيس في إرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ، والعمل على استقلالية المنظمات الوطنية لتنجح في خدمة المجتمع التونسي والرقي به في معركة النمو والتقدم ، وهو جدير بالحياة الديمقراطية والإزدهار الشامل؟ وأخيرا نقدم التحية النضالية لزعيم الأحرار نيلسن مانديلا وندعو إلى السير في طريقه، وأخذ الدروس من نضاله، والعاقل، العاقل، من اتعض بغيره . وليت جماعة " تحالف المواطنة والمساواة"بما لهم من مرونة، بعيدة عن التشنج يعلنون رفضهم لكل توريث أو تمديد في المدة الدستورية للحكم، أو إسناد للرئاسة مدى الحياة، سواء تعلق الأمر بالسيد حمة الهمامي، أو السيد مصطفى بن جعفر، أو السيد راشد الغنوشي، أو السيدة سهام بن سدرين، أو السيد زين العابدين بن علي، لأن السيادة للشعب وليست لأ حد غيره، مهما كانت شرعيته، ولأن الشعب التونس سيد نفسه وليس ملكا للتجمع ولا لرئيسه ولا للجنته المركزية. ونذكّر الجميع بأن هذه الطبخة البورقيبية القذرة بدأت عند تدهور البورقيبية، واعتلال صحة صاحبها، وبتشجيع هستيري ، انتهازي،وصولي، متزلّف ممن لم تكن لهم غيرة على الوطن، ولا إخلاص لشعب التونسي . ونحن اليوم، بمحبتنا الصادقة ، الواعية، وما نريده له من خير وازدهار وتقدم، لا نريد ، لهذه الطبخة ، المفخخة، المسمومة، القذرة، أن تُعاد، لا مع بن علي ولا مع غيره، لأنه ليس من المعقول ولا الوطنية، ولا الديمقراطية، أن يُلدَغ الشعب التونسي من جحر مرتين ، وتونس باقية والأشخاص راحلون، سواء قلنا لهم نسألكم الرحيل أو لم نقل، والفلك يدور والزمن يسير.. عاشت تونس حرة مستقلة، ديمقراطية، وعاشت نضالات جماهيرها في سبيل الحرية قليبة في 19/7/2010 رئيس الفرع