img height="100" width="120" align="left" src="http://www.alfajrnews.net/images/iupload/albarghuthimustafa.jpg" style="" alt="واشنطن:نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للدكتور مصطفى البرغوثي، الامين العام للمبادرة الشعبية الفلسطينية، قال فيه ان السلطة الفلسطينية الغت الانتخابات البلدية التي كانت مقررة في أواخر الشهر الماضي، واصدرت بيانا قالت فيه ان الالغاء كان بهدف "تمهيد الطريق امام انهاء الحصار على غزة ولخدمة الجهود المتواصلة من اجل تحقيق الوحدة" بين "حماس" التي" /واشنطن:نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للدكتور مصطفى البرغوثي، الامين العام للمبادرة الشعبية الفلسطينية، قال فيه ان السلطة الفلسطينية الغت الانتخابات البلدية التي كانت مقررة في أواخر الشهر الماضي، واصدرت بيانا قالت فيه ان الالغاء كان بهدف "تمهيد الطريق امام انهاء الحصار على غزة ولخدمة الجهود المتواصلة من اجل تحقيق الوحدة" بين "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة والحكومة القائمة في الضفة الغربية. واضاف البرغوثي ان "الغاء الانتخابات كان غير مبرر وغير قانوني وغير مقبول. وقد تسبب في الحاق الضرر بالحقوق الديموقراطية، وعَرض مصالح الشعب الفلسطيني للسخرية. فهذه القضية ابعد كثيرا من كونها قضية فلسطينية داخلية. ولن يقوم سلام دائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين الا على اساس تسوية تتفاوض عليها ديموقراطيتان – هكذا كانت الاوضاع في اوروبا، وهي كذلك في الشرق الاوسط. كان النضال الفلسطيني من اجل الديموقراطية طويلا ومرهقا. فقد نجحنا رغم كل العوائق في بناء مجتمع مدني مذهل لنتخطى القهر الذي يسببه الاحتلال الاسرائيلي ولنملأ الفراغ الذي خلفه عدم وجود حكومة مركزية. وأقمنا انظمة صحية وتعليمية غير حكومية و17 جامعة والالاف من منظمات المجتمعات المحلية. بل اننا انشأنا هيئات شعبية وبرامج تأهيل للمواطنين المعاقين، وهو ما حظي باعتراف عالمي. بينما استخدمت الحكومة الاسرائيلية الخداع في الحديث عن الديمقراطية الفلسطينية فيما كانت تقوم في الوقت ذاته بالقضاء على المبادرات التي انتجت ما لا يعجبها. وفي العام 1976 عرض رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك شمعون بيريز قيادة محلية وهمية باقامة انتخابات بلدية كان الهدف منها تمييع سلطة منظمة التحرير الفلسطينية. لكن المفاجأة بالنسبة الى بيريز كانت ان 90 في المائة من الفلسطينيين ادلوا باصواتهم لصالح منظمة التحرير الفلسطينية وللقوائم الانتخابية التي تدعو الى الاستقلال. ولم يمض اكثر من عامين حتى قامت الحكومة الاسرائيلية – التي تدعي لنفسها بانها النموذج المثالي للديموقراطية – بابعاد الناجحين في الانتخابات وحل المجالس. وكنا نأمل في ان نحصل مع انشاء السلطة الفلسطينية في التسعينات على ديموقراطية حقيقية. الا اننا اضطررنا الى تحمل تقلبات حادة بين انتخابات شعبية ناجحة وجهود بعضها من عندنا وبعضها من الخارج لسحق مؤسساتنا الديموقراطية الهشة. وانتظر الفلسطينيون حتى العام 1996 للادلاء باصواتهم في أول انتخابات برلمانية في تاريخ فلسطين لانتخاب اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. ولا أزال اذكر تلك الابتسامة على وجه سيدة في السبعينات من العمر اسمها فاطمة وهي تقول لي "هذه هي المرة الاولى في حياتي التي ادلي فيها بصوتي". لكن تلك الفرحة لم تكتمل. اذ كان علينا ان ننتظر عشر سنوات اخرى حتى العام 2006 لاجراء انتخابات برلمانية مرة اخرى. ورغم ان العالم امتدح هذه الانتخابات التي وصفها الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر بانها "صادقة ونزيهة وامينة"، فان اسرائيل او معظم الدول الغربية لم تقر بها لان نتائجها لم تعجبهم: اذ سيطرت "حماس" على غالبية المقاعد. بل انه حتى عندما تمكن الفلسطينيون من اقامة حكومة وحدة وطنية، كانت تمثل 96 في المائة من الناخبين الفلسطينيين، بقينا تحت الحصار. وقد اسهم ذلك في النزاع المطول بين "فتح" و"حماس" ما ادى الدكتور مصطفى البرغوثي الى انقسام داخلي بين الضفة الغربيةوغزة في العام 2007. كما ان ذلك ادى الى الغاء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني التي كان يفترض اجراؤها في كانون الثاني (يناير). وعلى المرء ان ينظر الى قرار السلطة الفلسطينية الغاء الانتخابات البلدية التي كانت مقررة في 17 تموز (يوليو) ورغبة الولاياتالمتحدة والحكومات الغربية في المشاركة في ابطال المسيرة الديموقراطية ضمن هذا المفهوم. ويتفق معظم الفلسطينيين على استحالة عقد انتخابات رئاسية ونيابية قبل رأب الصدع بين الضفة الغربيةوغزة. ومرد ذلك على وجه التحديد هو ان جميع الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية، باستثناء "حماس"، اقرت باهمية عقد انتخابات بلدية في الوقت المقرر لها. وكان البديل الوحيد لذلك هو قيام سلطة تنفيذية بتعيين مجالس محلية جديدة، وهو ما لا تقره منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي فانها تحرم الشعب من حق اختيار ممثليه. وكنا ننظر الى الانتخابات المحلية كوسيلة للحفاظ على بذور المبادئ والانظمة الديموقراطية قائمة رغم الخلافات الداخلية التي تدور في حلقة مفرغة. فالانتخابات البلدية التي يجري فيها التنافس بطريقة اصولية ستكون وسيلة لتذكير كل سلطة انها مسؤولة امام الشعب. كما ان الهدف منها الدعوة لاستخدام اساليب غير عنيفة لحل الخلافات الداخلية، بمنح الفلسطينيين الفرصة للاعراب عن مصالحهم عبر الاساليب الديموقراطية بدلا من استخدام القوة. لكن حكومة "حماس" حرمت الناخبين من التسجيل في غزة، وبذا اوقفت مسيرة الانتخابات. وفي بداية الامر قرر المسؤولون في السلطة الفلسطينية وهم على حق في ذلك اجراء الانتخابات في الضفة الغربية وشرحت مطولا ان ذلك لا يتعارض مع جهود المصالحة. الا انه ما لبث ان اتضح انه رغم ان "حماس" ستقاطع الانتخابات، فان "فتح" ستواجه منافسة قوية من الاحزاب الديموقراطية المستقلة. وقد اتضح ذلك في كل المدن الرئيسة، بما فيها الخليل ورام الله وطولكرم. ومع ذلك فقد بدا حتى اعلان الالغاء في 10 حزيران (يونيو) ان الانتخابات ستنطلق في مسارها كما هو مقرر لها. فقد استمرت عملية تسجيل الناخبين الا ان الحكومة في الضفة الغربية اعلنت قبل دقائق من اغلاق قوائم الناخبين انها اجلت الانتخابات الى اجل غير مسمى. وهكذا فانه في الوقت الذي اعلنت فيه الحكومة في غزة منع اجراء الانتخابات المحلية، فان الحكومة في الضفة الغربية الغتها. وتسبب ذلك في حيرة كبيرة بين ابناء الشعب الذين لم يصدقوا بيانات السلطة الفلسطينية من ان الانتخابات الغيت من اجل المصالحة الفلسطينية. وهذا بالطبع يثير تساؤلات مهمة حول معنى "بناء الدولة". الا يعني ذلك اكثر من مجرد مشاريع بناء جديدة، ومبان حكومية واسعة، واجهزة امن اوسع؟ اليس في ذلك درس نستوحيه من الدول الفاشلة في انحاء العالم بان المهم اكثر من غيره هو انشاء مؤسسات ديموقراطية تمثيلية ومشروعة؟ لا ريب في ان هذا جانب مهم في اسباب نجاح الهند والبرازيل، بينما ساد الفشل في الصومال وافغانستان وغيرهما. ولا يجوز لاسرائيل ان تستخدم القصور في ديموقراطيتنا لمواصلة قهر الفلسطينيين في الاراضي المحتلة. فهذه الممارسة الوحشية الاسرائيلية تهدف الى توفير اعذار في ما يتعلق بمشاركة اسرائيل في تدمير ديموقراطيتنا، في الوقت الذي تقوم فيه بغسل جرائمها الاوسع نتيجة الاحتلال. الفلسطينيون لا يريدون دولة بالاسم فحسب، لها علم ونشيد. لكننا نريد دولة ذات سيادة، وليس تجمعات سكانية متفرقة. نريد دولة ديموقراطية نستطيع فيها اختيار قادتنا وحكومتنا. ولا نريد تعيينهم من قبل الدول الاجنبية التي تدعي انها تعمل باسمنا. فالدولة الحقيقية تحتاج الى اناس يعيشون في حرية وازدهار وبكرامة وحقوق كاملة وليس دسائس متواصلة من طرف او اخر تقوم بتخريب هذه المسيرة. ولا تؤدي مثل هذه المناورات الا الى سحق الحقوق الديموقراطية الفلسطينية وانتكاس قضية السلام.