تسبب إغلاق معبر حدودي بين تونس وليبيا في انطلاق حركات احتجاجية في مدينة بن قردان جنوب شرق البلاد، لما لذلك من انعكاسات خطرة على ظروف عيش العائلات المحلية التي تقتات من التجارة الموازية التي يتعاطاها السكان بين البلدين. وقد جاء هذا القرار عقب فرض السلطات الليبية منذ أشهر لرسوم عبور على السيارات التونسية تراوحت قيمتها بين 100 و150 دولارا. ولا توجد إلى حد الآن أية معلومة رسمية عن سبب هذا الإغلاق أو عما إذا كان الأمر صادرا عن السلطات التونسية أو الليبية. هذا وازدادت المواجهات التي شهدتها المنطقة بين قوات الأمن والسكان عنفا منذ حوالي أسبوع. وقد ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بأعمال العنف التي ارتكبتها قوات الأمن كما طالب السلطات بإيجاد حلول لأهالي منطقة بن قردان. أما الصحف الرسمية والسلطة فلم تشر الى ذلك. لم يصرح أي جهاز إعلامي عن هذا القرار غير الرسمي بإغلاق الحدود بين تونس وليبيا والذي يعني بالنسبة لأهالي بن قردان نهاية كل نشاط اقتصادي، إذ أن حياة المنطقة تدور حول "السوق المغاربية" والتبادل بين التجار الليبيين والتونسيين وذلك لافتقادها لبنية تحتية اقتصادية. فالتجارة الموازية تمثل مورد الرزق الوحيد للسكان البالغ عددهم 80 ألفا ، الأمر الذي يجعل البلدة تعج بالمتاجر ومكاتب الصرف غير القانونية. أما حركة الاحتجاج، فقد بدأت بوقفة سلمية يوم السبت 14 أغسطس/آب الماضي براس جدير، وهي قرية تقع على الحدود وتبعد مسافة 33 كيلومترا عن بن قردان إلا أن قوات الأمن قامت بتفريق المجموعة بطريقة تعسفية. ورغم ذلك، تواصلت حركات الاحتجاج وتكاد تكون يومية. وقد حدث أن هرع الشبان المتظاهرون إلى المنازل المجاورة للاحتماء من قوات الشرطة، الأمر الذي دفع بهؤلاء إلى الدخول بقوة إلى منازل الأهالي والتفوه بألفاظ بذيئة وجارحة تجاه النساء والأطفال فضلا عن أعمال العنف المادي من كسر لزجاج السيارات والمتاجر. تفاقمت أعمال العنف منذ يوم الأربعاء إذ أحرقت سيارة للحرس الوطني وطالت حركات الاحتجاج أحياء مجاورة. في الجهة المقابلة، أوقفت الشرطة مجموعة من الشبان المتظاهرين يتراوح عددهم بين الثلاثين والأربعين وقامت بإطلاق الرصاص الحي في الهواء. صحيح أنه تم الإفراج عن بعض الموقوفين إلا أن الحالة العامة متوترة للغاية. وصلت إلى بن قردان يوم الأربعاء صباحا بحدود الساعة السادسة. قبل أن نصل الى المحطة بقليل، صعد الى الحافلة التي كانت تنقلنا رجلان من أعوان الأمن بزي مدني وطلبا من جميع الركاب تقديم بطاقات هويتهم. وما إن وصلت المدينة حتى لاحظت أن أحدهما كان يتبعني. لم يفتأ أعوان الشرطة يقتفون أثري لعلمهم الأكيد بسبب قدومي. أمضيت نهاري في الحديث مع التجار ومع ضحايا التعسف والحصار. ولئن ركز البائعون عما آلت إليه ظروف معيشتهم منذ إغلاق السوق فقد اتفق جميعهم على التنديد بالعنف الذي امتهنته قوات الأمن. وقد تعرض بعض السكان بعد رحيلي إلى مضايقات وتهديدات من قبل الشرطة حتى لا أقوم بنشر التسجيلات التي أجريتها معهم والشهادات التي أدلوا بها في الصحف وعلى الانترنت. إن مصدر وأسباب قرار غلق الحدود لا يزال محاطا بغموض لكن ليس هذا ما يشغل أهالي بن قردان بقدر ما راعهم العنف المادي وخاصة اللفظي الذي صدر عن قوات الأمن. بشكل عام، فقد سمح هذا الاحتجاج بتسليط الضوء على هذه المنطقة التي لم تحظ بسياسة تنمية اقتصادية." سفيان الشورابي فرانس 24