عمان:قد تزج السخرية من المسؤولين على الانترنت وكشف قضايا فساد ضخمة ومناقشة التوترات السياسية بصحفيين في السجن في كثير من الانظمة الشمولية في الشرق الاوسط.غير ان ابرز موقع اخباري اردني (عمون نيوز دوت نت) لا يخشى انتقاد الحكومة لان كبار مسؤوليها يسيئون انفاق المخصصات المالية او ابراز الخلل في العلاقات بين سكان البلاد من الفلسطينيين والاردنيين. ويقول سمير الحياري ناشر الموقع الذي يزوره الان نحو 250 الف قاريء يوميا ويحقق ايرادات اعلانية متنامية من كبرى الشركات في البلاد "قوتنا من قوة الشارع والمراة الحقيقية للممنوع والمسكوت عنه." وكان اخر من استهدفهم الموقع بهجومه رئيس الوزراء سمير الرفاعي وهو سياسي ثري ونجل رئيس وزراء سابق واتهمه بعدم المبالاة بمعاناة المواطن الاردني العادي. ويسخر الموقع من استخدامه الانجليزية في اتصاله عبر موقع تويتر بشبان اردنيين من الطبقة المتوسطة يعكسون استقطابا متزايدا بين الاغنياء والفقراء في الدولة التي تعتمد على المعونات حيث يعاني اغلب السكان البالغ تعدادهم نحو سبعة ملايين نسمة من مصاعب اقتصادية. وعلى عكس الوضع في سوريا والسعودية المجاورتين حيث تفرض قيود على الانترنت ويزج ببعض المدونين والصحفيين الذين يكتبون على مواقع الانترنت في السجن تنعم مواقع الانترنت المستقلة في الاردن بحرية نسبية. كان الوضع كذلك الى أن حاولت الحكومة التي يدعمها الغرب الشهر الماضي تقييد ما تنشره هذه المواقع من خلال قانون جديد.غير ان الرفض الشعبي للقيود المزمعة الى جانب قلق رسمي من ان تضر القيود بصورة الاردن كدولة منفتحة نسبيا في العالم العربي دفعت الرفاعي لتعديل المقترحات. وفي انتصار نادر لانصار حرية الكلمة ألغيت المواد التي كان من شأنها ان تقود لمحاكمة معارضي الحكومة في ظل تفسير فضفاض للامن القومي.وركزت النسخة المعدلة على مشاكل التسلل لمواقع الانترنت والمواد الاباحية والغش التجاري عن طريق الانترنت وغيرها من التغيرات التي استحدثتها التكنولوجيا. والمواقع الاردنية التي اعادت تشكيل الساحة الاعلامية صاخبة وتسعى للاثارة وتلقى اقبالا بين الشبان الذين ملوا الرقابة الذاتية التي تخضع لها الصحف اليومية الرصينة الموالية للحكومة.وقال محمد الحوامدة مدير تحرير مسؤول عن موقع خبرني "غطت الفراغ في الصحافة اليومية شبة الرسمية وتتيح لهم مجالا للتنفيس واراء غير موجودة بسقف حرية أعلى. " ورغم تبنيها مواقف ضد السياسة الرسمية للحكومة تعكس المواقع مخاوف من داخل المؤسسة المحافظة التقليدية. وتفصح بعض المواقع عن المعارضة النابعة من العشائر الكبرى في البلاد - مصدر الدعم الرئيسي والتقليدي للنظام الملكي- بصفة خاصة بشأن التوازن السكاني الحساس بين المواطنين من اصل فلسطيني واردني. وقال الكاتب البارز سامي الزبيدي "هي منبر لكل الحركات الاحتجاجية التى تنامت خارج العاصمة على ايقاع الازمة الاقتصادية ومخاوف من ان يكون الحل السياسي فى الشرق الاوسط على حساب الاردن." وترجع جذور قطاع كبير من سكان الاردن لفلسطين قبل قيام دولة اسرائيل عام 1948 . ولكن الحكومة لم تنشر قط نسبة الفلسطينيين داخل أراضيها. واستأنف القادة الفلسطينيون والاسرائيليون محادثات سلام مباشرة الاسبوع الماضي بعد توقف دام 20 شهرا سعيا لابرام اتفاق في غضون عام يهدف لاقامة دول فلسطينية مستقلة على الحدود الغربية للاردن. وتثير المواقع مخاوف مما سوف يحدث عقب التوصل لاتفاق حينئذ اما يختار المواطنون الاردنيون من اصل فسلطيني الاستقرار في الاردن بشكل دائم او لا يسمح لهم بالعودة الى اسرائيل او الضفة الغربية. وكتب ناهض حتر صاحب التوجه القومي في موقع كل الاردن "ليست مفاوضات سلام بل تمهيدا للتهجير والحرب والشعب الاردني غير ملزم بنتائجها." وترتبط المخاوف بشأن مستقبل الفلسطينيين في الاردن بانتقادات توجه من خلال مواقع الانترنت لسياسة الاقتصاد الحر التي يتبناها العاهل الاردني الملك عبد الله والتي تتهمها تلك المواقع بتجاهل احتياجات العشائر لصالح اثراء نخبة قطاع الاعمال الذي يهيمن عليه الفلسطينيون. ومثل هذه الكتابات التي لا تخضع لرقابة كان من شأنها ان تزج بالناشر في السجن في حالة ظهورها في وسائل الاعلام المطبوعة في ظل قانون اطالة اللسان الصارم الذي يرجع لفترة الاستعمار البريطاني والذي يفرض قيودا على مناقشة امور الاسرة الحاكمة الاردنية. ويقول خالد الكساسبة الذي نشر مقالا تحت عنوان "الاحتلال الديمغرافي الفلسطيني للاردن.." ان الفلسطينيين في الاردن يمثلون تهديدا للبلاد. ونشر فى موضوع اخر "ان تجنيس المزيد من الفلسطينيين يرسخ على الارض مشروع الوطن البديل ويغير المعادلة الديمغرافية فى الاردن لغير مصلحة الاردنيين في احتلال تدريجي لبلدهم." وموقع كل الاردن احد المواقع القليلة الى جانب موقع عمون التي تنشر بيانات لضباط سابقين في الجيش يتحاشون عادة الانخراط في السياسة يطالبون الملك عبد الله بسحب الجنسية من الاف الاردنيين من اصل فلسطيني مكررين نفس المخاوف من تحول المملكة لدول فلسطينية. ويعني تضافر الوهم السياسي مع أسوأ انكماش اقتصادي ان اصوات المعارضة على الانترنت ستنمو.وقال الزبيدي "ستتصاعد الاشكال الاحتجاجية وتتنوع اذا ما استمر نهج السياسات النيو ليبرالية التى تمارس مزيدا من التهميش لسكان الارياف والبادية على حساب العاصمة والمدن الكبرى."