إذا تنازل شخص ما لوحده عن حقه فإننا نقول أنه مجنون ، أما إذا تنازلت مجموعة من الناس عن حقها فإننا امام ظاهرة نسميها "سلام"، ولأن أشجار الزيتون تأبى أن تُروّى إلا بالدم المسفوك على مذبح الحرية في سبيل التحرر والاستقلال ، وليس في سبيل الكراسي التي ما جلبت سوى المآسي . إن أردت تقويض كيان أمة من الأمم فعليك أن تبدأ بتقويض ما يجمع شملهم ويوحد كلمتهم، فإذا سقط المسجد تضعضعت الروح المعنوية وتبددت الهمم وفقد الناس الأمل؛ ولهذا ليس عجيباً أن يسعى البعض لاسترداد الحجر الأسود الذي قام القرامطة بنقله إلى الكوفة، صحيح أنه حجر لا ينفع ولا يضر ولكن رده كان يعني رد الكرامة ورفع الرأس مرفوعة وثبات الثوابت والقيم دون زعزعة للمعنويات. المسجد الأقصى ربما هو أيضا رمز ولكنه ليس أيّ رمز، والانتصار بتخريبه ثم التخطيط لهدمه، يعني نجاح الخصم وتحقيق أميال في ضعضعة الروح المعنوية وكبت من يريدون كبته، ربما المسجد الأقصى هو الوجه المعنوي للقضية الفلسطينية دون أن نشعر. فلسطين ليس المقدس فيها القدس فقط؛ كان دم الفلسطيني مقدسا ً لا تستبيحه يد فلسطيني ؛ الآن أقال الفلسطينيون هذه القدسية؛ كان علم فلسطين مقدسا ً؛ الآن يُطاح بهذا العلم لتستبدل به راية حزبية؛ وكأن العلم الفلسطيني حكرا ً على هذا الحزب أو ذاك الطرف؛غاب الوعي الوطني بأهمية العلم الذي ما انفك المرء يراه مرفرفا ً في التظاهرات العالمية حتى لو كانت ضد العولمة أو إجراءات البنك الدولي؛ ذلك أن العلم تجاوز تمثيل فلسطين وبات يمثل الكفاح من أجل الحرية والاستقلال, تماما ً كما الكوفية الفلسطينية التي يلف بها الإيطالي أو الأمريكي أو الفنزويلي عنقه وهو يتظاهر ضد وزير فاسد أو قرار غير سديد .... كان الزعماء العرب ينهجون أسلوب الخطب الحماسية والعبارات الرنانة واللعب على مشاعر وعواطف الجماهير والشعوب العربية، ولان الشعب العربي عاطفي بطبعه فقد كان يصفق لهؤلاء الزعماء ويسطر المعلقات في مدحهم وتمجيدهم رغم إن الامه كانت تخرج من هزيمة لتقع في أخرى، لم تكن الشعوب العربية تملك الإرادة أو التفكير، ولماذا الإرادة ولماذا التفكير ؟!، والزعيم الرئيس العظيم موجود ،هو من يفكر ويقرر وعلى الامه التنفيذ،فمن اكبر نعم الله أن تكون صفات الزعيم العربي كاملة مكمله فهو الزعيم المخلص لمبادئ الامة العربية والرئيس الملهم والقائد والملك والأمير وصاحب المعالي والفخامة والمؤمن والمجاهد والقدوة والمناضل والفارس والأب الحنون وقائد المسيرة و..و..و..و هل هناك حكام عرب تنكس لهم الأعلام عند مرضهم ؟!، مرض الحاكم .. نكست الأعلام، شفى الحاكم .. بدأت الليالي الملاح ..تتحول محطاتنا وجرائدنا إلى قصائد وخطب لا قبل لجنود الجن بها !!، لماذا هذه الظاهرة موجودة لدى العرب فقط ؟!، لماذا هذا التبجيل المبالغ فيه، لماذا هذه القصائد التي تنطوي على اكاذيب وبطولات وهمية، كم اتمنى أن يسطر التاريخ لهؤلاءالحكام.. ما يجعل لهم صفحات مشرقة، ففي هذا العصر نكسات ونكسات، فالناعقون ...ما زالوا في غيهم يعمهون وبالاكاذيب ينطقون. من شعراء الجاهلية إلى قنوات روتانا و تنديدات الجامعة العربية، نشأنا في جزر منعزلة لا تسمح لنا بتكوين حياة مشتركة، لا يوجد احترام للصوت العربي، ولا للرأي الشعبي، ولا للمطالب الإنسانية، ويبقى السؤال المهم، نحن كشعوب ..هل كان قدرنا فقط الشكوى ؟!، لماذا لا يكون لدينا ...ممثلون جادون لتغير الأحداث أو رسم ملامح يقومون بتطبيقها على حسب المصلحة العامة، لماذا حتى المؤسسات والتيارات والأحزاب ليس لها تلك السلطة التي تستطيع أن تغير شئ ..أو تصلح شئ . الإنسان الببغاء والمطبلون العرب الببغاء، نوع من الطيور يستطيع بعد ان يتم تلقينه ان ينطق ببعض الكلمات، وبطبيعة الحال لا يفقهه معنى ما يردده... الإنسان الببغاء، هو النتيجة المرة لسياسات الزعماء والرؤساء العرب في غسيل المخ العربي لتغطية الأخفاقات، والانتكاسات العربية... المطبلون العرب، هم المجموعة من الإنسان الببغاء يتسمون بصفات تميزهم عن غيرهم أهمها: العقل الفارغ، الصوت العالي، التعصب الأحمق، تقديس الرؤساء والزعماء، وتنزيههم عن الأخطاء كما لو كانوا أنبياء مرسلون، من مبادئ المطبلون العرب معاهم معاهم، عليهم عليهم، الزعيم الوطن، والوطن الزعيم... في وقتنا الحالي نجد أن المطبلون العرب في تناقص بسبب الوعي والفهم السياسي عند الجماهير العربية لتوفر وسائل الاتصال وسهولة الحصول على المعلومة الصحيحة بدون زيف وكذب، ورغم ذلك هناك بقايا لهؤلاء المطبلين لا تزال تصر على نهج أسلوبها الذي أكل عليه الزمان وشرب، ولهؤلاء أقدم نصيحة من القلب : ان مدرجات كرة القدم العربية تشكوا من قلة إقبال الجمهور العربي فساهموا في تطور الكره العربية بالنعيق والصياح والتطبيل الذي انتم فيه بارعون، ولتعملوا إن زمان الجهل ولى وان الحقيقة لا تخفى على احد وان النقد لزعمائكم المقدسين هو من اجل تلافي أخطاء الماضي البغيض، فان كنتم تقدسونهم فهناك من يرى ان كل ابن آدم خطاء، فلا انتم ولا زعماءكم منزهون عن الأخطاء، فأفيقوا يا مطبلي الامه الكرام .....