جندوبة : حجز أجبان و زبدة غير صالحة للاستهلاك    نجدة.TN : تونس تطلق منصة وطنية لإنقاذ ضحايا الجلطات القلبية    مفتي الجمهورية.. الذكاء الاصطناعي يجب ان يكون متناغمًا مع مقاصد الدين والشريعة    أماكن تزورها... واحات في قلب الصحراء بتوزر وقبلي ..تاريخ عريق ومناظر طبيعية خلابة    أخبار النادي الإفريقي...عجز مالي ب 7 مليارات    القيروان .. اختفاء فتاة من منزل والديها في ظروف مسترابة    القصرين: اصطدام بين شاحنة ثقيلة وحافلة على جسر سبيطلة    تورّط في التلاعب بالتوجيه الجامعي .. ايداع تلميذ السجن    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    مع الشروق : سلاح «حزب الله»... ضمانة ردع... ضرورة بقاء    توننداكس يتراجع مع إقفال الثلاثاء بنسبة 26ر0 بالمائة    تحذير لمستعملي الطريق السيارة أ3: أشغال صيانة بداية من الثلاثاء    عاجل/ وزارة الصحة تعلن نجاحها في تفعيل خدمات المركز الطبي عن بعد    وادي مليز: مهرجان شمتو للتراث والفنون بوادي مليز يحتفل بعيد المرأة    عضو بلجنة تنظيم مهرجان صفاقس يرفع شكاية ضد "نوردو"    عاجل/ مصر تعلن عن 15 شخصية فلسطينية ستُدير غزة ل 6 أشهر    محكمة كوريا الجنوبية توافق على اعتقال زوجة الرئيس السابق    إيران: تخلّينا عن تخصيب اليورانيوم بالكامل.. مزحة    المنستير: تكريم 13 امرأة متميزة بالجهة بمناسبة العيد الوطني للمرأة وفي إطار تظاهرة "ناجحات ببلادي"    وفاة مفاجئة للمؤثرة التايوانية ليز لين رويّو تصدم متابعيها    وزارة التربية تطلق برنامجا وطنيا لتحديث البنية التحتية المدرسية استعدادا للعودة المدرسية    وحدة جديدة للتقنيات الصيدلانية بالمستشفى العسكري بتونس...تفاصيل    المرأة التونسية في عيدها الوطني بين رصيد مجلة الأحوال الشخصية ومقتضيات التمكين الحقيقي    ميكرووند وماكلتك: شنو الحاجات اللي خطر تسخينها فيه؟    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    تونس تشارك في الدورة الدولية المفتوحة للتايكواندو بكازاخستان ب8عناصر    القيلولة في الصيف : راحة ولا كسل؟ طبيب يفسّر الصحيح مالغالط    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    عاجل/ حادثة اختطاف طفلة 14 سنة من منزلها بالقيروان..تفاصيل ومعطيات جديدة..    عاجل: استئناف حركة المترو بصفة عادية بعد إصلاح العطب الكهربائي    خاتم خطوبة جورجينا: ماس نادر وسعر يطيّر العقل!    وفاة المتسابق الإيطالي ماتيا ديبيرتوليس في دورة الألعاب العالمية    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    الالعاب العالمية (شينغدو 2025): المنتخب التونسي لكرة اليد الشاطئية ينهي مشاركته في المرتبة السابعة بفوزه على نظيره الصيني1-2    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    مساكن بأسعار رمزية ومنح تصل ل50%.. برنامج السكن الاجتماعي في تونس يقترب منك!    هزة أرضية جديدة ب4 درجات تضرب هذه المدينة    صدمة مدوّية : ''مؤثرة عربية مشهورة '' أذابت قلوب المتابعين... تبين أنها رجل    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    زلزال بقوة 3ر5 درجات يضرب قبالة جنوب سواحل الفلبين..#خبر_عاجل    استعدادات المنتخب التونسي للكرة الطائرة لمونديال 2025 بالفلبين    تنبيه/ بحر مضطرب اليوم.. والحذر مطلوب عند السباحة..!    عاجل: 8 بطاقات إيداع بالسجن... اعترافات صادمة من التلميذ المتورط في فضيحة التلاعب بالتوجيه الجامعي    عاجل/ فاجعة مروعة تهز القيروان.. اختطاف قاصر من منزل والديها..    القهوة ''الكحلة'' مش للكل: 5 فئات لازم يبعدوا عليها..شكونهم؟    إنتقالات: مستقبل قابس يدعم صفوفه ب7 لاعبين جدد    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    التونسي وضاح الزايدي يلتحق بنادي هجر السعودي    سبالينكا تتفوق على رادوكانو في بطولة سينسناتي وسينر يجتاز اختبار ديالو    ابن الفاضل الجزيري يكشف عن وصية والده: الحاضرون في الجنازة باللون الأبيض    اتحاد الشغل: الهيئة الادارية الوطنية تدين الاعتداء على مقر الاتحاد وتتمسك بمقاضاة المعتدين    مهرجان قرطاج الدولي 2025: فرق فنية شعبية من ثقافات مختلفة تجتمع في سهرة فلكلورية    "نوردو" يشعل ركح مهرجان صفاقس الدولي في عرض شبابي حماسي    ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في التغريب وحصان طروادة : فاتح كريكار
نشر في الفجر نيوز يوم 27 - 10 - 2010

العلماني في بلاد المسلمين كمدمن مخدر، كلما نصحته بالتخلي عنه استغرب ورد نصْحك مقلوبا وهو يترنح: أنت يا ناصحي لا تعرف عالم النشوة وأجواءه النفسية! تعال وتمتع مثلي بالحياة.. تراهم بشقيهم الليبرالي واليساري ما زالوا ينصحوننا مضللين بالصبر على مشروعهم الذي يحكمنا منذ انقلابهم العسكري الأول على سلطاننا عام 1908.
مرت مائة سنة على سلطانهم المطلق، عسكريتاريًا ومخابرات، حكومات ومحاكم، إفلاس خزائن وتراكمات ديون.. فكفروا بأنعم الله وأحلوا قومهم دار البوار.
كلما ذكّرناهم بالمعادلة السهلة: إن نجاح الثورات في بيئاتها لا يعني بالضرورة نجاحها في بيئات أخرى، فلسفوا هراءهم جوابا وجعلوا الأمر نظرية فيثاغورث واحتكروا تفسيرها.. واتهمونا بالأمية الفكرية والغباء السياسي والتحجر الديني!
أغلبهم يمنّ علينا بإرشادنا إلى التفتيش عن مارتن لوثر إسلامي! جاهلا ومتجاهلا أن ثورة مارتن لوثر في ألمانيا عام 1517 ثم في كل أوروبا كانت حاجة ملحة لاستحداث تغيير في الرؤية المسيحية الأوروبية للإنسان والكون والحياة، وهي تحكم بأهواء المنحرفين، لذا جاءت دعوته لإعادة قراءة النصوص وتفسيرها.. وثورتكم (وهي طبل غوغائي أجوف) تأتي من السلطة ضد الأمة! ضد شريعتنا التي انبثقت من عقيدتنا مستجيبة لحاجات الأمة التي حكمت نصف الكرة الأرضية.
وفّر الغرب لنجاح اللوثرية وسيلة لم تقل أهمية من مضمون دعوتها وهي الطباعة.. ففي الوقت الذي صمم غوتنبيرغ الطباعة ظهرت دعوة مارتن لوثر.. وتدخلت رأسمالية النبلاء النامية حديثا لتشكل ثلاثية النجاح: فكر يطالب بالتغير، وآلية تنشره بسهولة، ورأسمال يؤازره.
فما الذي وفّره العلمانيون وهم ما زالوا غرباء في مجتمعاتنا؟ يكتبون في بهو السفارات أو في الفنادق المرفهة ويريدون استحداث حركة اجتماعية! يطالبون -وهم الأميّون- ابن رشدنا بالإصلاح الديني! يسيَّرون سفن الخيال خالي اليدين في الربع الخالي؟! أهؤلاء مصلحون أم هم حصان طروادة حملوا أصنام خصومنا في أحشائهم وأدخلوها كعبتنا وهم في ملابس الإحرام؟
لما تاهت أوروبا في بداية جاهليتها المعاصرة وهي تريد التخلص كليا من الإرث الثقيل للكنيسة وسلطانها، هربت الشعوب مع المنظرين كالمحتجزين في باستيل.. لم يكن يهمهم إلا الانفلات والتخلص من حكم الكنيسة والملوك لا إلى اتجاه يرشد.. وبعدما التقطوا أنفاسا، استناروا بنظريات ورؤى متباينة، عادوا إلى فلسفة أرسطو ثم إلى عقليات هولباخ، اتجهوا إلى سياسة جون لوك ومونتسكيو، وأعادوا بناء الأسر على تعاريف دوركايم وسبنسر، واسترشدوا بروسو وشاتوبريان.. وتبنوا عقل نيتشه وهيغل، لم يقبل بسمارك غير عقل هيغل موجها في بلاده! ثم انتهجوا حقد ماركس وإنجلز سبيلا لثورة جديدة! كلما تبنوا رؤية مما أفرزها تيه الظلمات تخلوا عنها في أقل من خمسين عاما، ولم يذكروها إلا تاريخا!
هكذا أصبح الغربي في أواسط القرن الثامن عشر لا يرى الدنيا إلا غابة، الهدف فيها إشباع الغرائز.. ووجد الحكام الجدد في الداروينية المجال الحيوي لإشباع غريزتهم التدميرية! ويومها كان الانقلاب الصناعي في أوجه فتوتها.. ومرة أخرى تدخلت الرأسمالية التي أصبحت يومها نظاما يوجه المجتمعات فولدت ثانية ثلاثية النجاح (الفكر الاستعماري والانقلاب الصناعي والمال اللازم).. فانبثق وانتشر من الغرب "الحضاري" الشر كله.. ولم يتوقف إلا بحربين عالميتين حصدت أرواح واحد وخمسين مليون شخص! دمرت كل شيء بلا هدف بعدما حولت داروينية بأيديولوجية إلى داروينية اجتماعية وسياسية!! احتاجت أوروبا بعدهما خمسين عاما لإعادة بنائها، ومائة عام لإلغاء الداروينية، ولكن بعد خراب البصرة.. والغريب أن العلمانيين في بلادنا بدل التراجع عن انبهارهم الأجوف زادتهم الأفكار الهدامة المنبثقة من العبث الغربي سكرا وهم لا يشعرون؟!
ما أن عادت الحيوية بعد الحرب الأوروبية الثانية إلى الغرب مرة أخرى حتى استحدثوا من قلوبهم الرحيمة "نظرية حقوق الإنسان"، فوظفوا لترويجها سيلا عرمرما من الإعلام الهادر، وجاءت شبكة الإنترنت لتدخل بشارة ميلادها كل بيت.. ونظامهم الرأسمالي الذي كان بحاجة إلى المواد الأولية والأسواق ثانية، أنشأت الرأسمالية الغربية شركات متعددة الجنسيات.. فجاءتنا ومن الغرب ثلاثية عدوانية جديدة (حقوق الإنسان، والإنترنت، وبيع الحروب)! في زمن لم يعد العلماني يستحي بالانضمام إلى جبهة الغرب علنا ويشارك من يدق طبول حروبها.
وجد الغرب حصوننا محمية بوجهه في الخارج، مأمونة مستقرة في الداخل.. فركز هجومه على إسلامنا الحارس اليقظ! فبدأ مع الإيعاز للفئة الحاكمة بالتصفية الجسدية لطلائع الإسلام، وترويع الأمة بغية تركيعها أمام مشروعه المدلس.. وقام هو بالتضليل الجديد في أبعاد الصراع، وبأسماء رنانة هي زخرف القول غرور.. جاءنا في البعد الفكري باسم العلمانية، وفي البعد السياسي باسم الديمقراطية، وفي البعد الاقتصادي باسم الرأسمالية، وفي البعد القيمي باسم حقوق الإنسان! وكلها زيف ودعاوى لم ينتج منذ مائة سنة من سنيّ سيدنا يوسف إلا الجوع والخوف وضياع الانتماء:
البعد الفكري: طرح الغرب العلمانية رؤية ومنهجا.. أرضية فكرية يقوم عليها المجتمع البشري.. كانت العلمانية في بلادهم حركة اجتماعية نمت وترعرت خلال أكثر من ثلاثمائة عام، وفي بلادنا لم تكن إلا خطة لفصل الدين عن الدولة.. ففرضوها على بلادنا بقوة القهر والسلطان، وأرادوا ممن فرضوهم النتائج خلال أقل من ثلاث سنوات!
ولكي يهمشوا الإسلام في الصراع قالوا لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة.. كي يزيحوا حارس أمتنا الأمين أمام مشروعهم الغريب، وقد علموا أن ذراعي التوحيد والجهاد يمثلان عقيدة القتال وطاقة النزال.. فاتهموا كل من يحسن الظن بالإسلام بالتخلف، وكل من يؤمن بحكم الشرع بالتحجر والتكلس الذهني!! ومن يطالب بتحكيم الشريعة بالخروج عن القانون!! فصارت العلمانية حربا على الإسلام! واصطدمت عبثا بالإسلام الغالب فلم تسطع له نقبا!
العلمانية في الغرب سمحت ولا تزال بكل ألوان التباين والاختلاف وما يسمونه بالبلوراليزم (قراءات مختلفة للنص الواحد)، وسمحت ولا تزال بتشكيل الأحزاب المسيحية لتدخل معترك التنافس السياسي، لكنها في بلادنا ليست إلا عبدا مأمورا لم تعرف إلا "حاضر أفندم" وعد السياط.
البعد السياسي: بعد التناحر والتقاتل والحروب التي طالت سنين اقتنع الغرب بالديمقراطية منقذا، لأن الأرضية الفكرية الحرة سمحت بانبثاق رؤى سياسية متباينة، فانقطع السطو على السلطة واضمحلت التوتاليتارية، فتشكلت هيئات التشريع والتنفيذ والقضاء الحر والإعلام المحايد بالرضا والاختيار، فاستسلم المجتمع للقانون طوعا، وشارك الكل في بناء الدولة والمجتمع حسب التعاقد الاجتماعي.
لكن الغرب نفسه خرج من غابته المنظمة إلى العالمين محاربا مدلسا باسم الديمقراطية ولأجل الديمقراطية وحقوق الإنسان!! هاجموا، احتلوا، حكموا بالمباشر وغير المباشر، آزروا الجندي المجهول ليقوم بانقلابه الجنوني، آزروا العائلة الأمية الحقودة لتمسك تلابيب الحكم لتنشر الجهل والتخلف والخراب، أوصلوا شرذمة منبوذة باسم الحزب إلى دفة الحكم ليهلك الحرث والنسل.. وما زالوا هم كذلك، وأشرارنا في الطابور ينتطرون!
الديمقراطية في الغرب مولود طوى مع الآلام مراحل الحمل، ومخاض الميلاد، شاب وترعرع.. سمحت ديمقراطيتهم بحرية الاعتقاد والتعبير، وبالتجمع والمشاركة السياسية، وبالمراقبة والمحاسبة.. شفافية في الحكم، كل الشعب يعرف مَن في المدارس ومن في المخابرات، يعرف من في السجون ولماذا، ومن يحاكم من وبماذا، ويعرف الشعب كله المال الخاص للمسؤولين قبل ارتقاء المنصب وخلاله وبعد تركه.
كل معلومة عن الدولة والمجتمع متوفرة بصدق أمام الكل، ليشارك الكل في البناء.. هذه الديمقراطية إنتاج.. إنتاج عقول وأفكار، هي زبدة ما اجتمعوا عليها في الغابة.. العلماني في بلادنا يعتقد أن الغرب سيعطينا ديمقراطيته لنبني أنفسنا منافسين له!! الديمقراطية في الغرب أقوى من أسلحتهم، وأنفع من أدويتهم، وأسلس من إنترنتهم، فهل من المعقول أن يعطوننا إياه مجانا وهم لا يعطون مريضا دواء؟!
البعد الاقتصادي: من مكونات الشخصية الغربية التي يعرفُّنا عليها تاريخهم المدون منذ ما قبل الإغريق والرومان إلى اليوم: الأنانية، والفردانية، والمادية.. لذلك سهل عليهم قبول التحليلات الجنسية لفرويد، ونفعية وليم جيمس، ومادية ماركس، وتناطح داروين، وأخيرا صراع الحضارات لهانتغتون!!
فهم يعيشون ليأكلوا، وليجمعوا، وليمتلكوا، وليتفاخروا.. الغني السارق شريف، وشركته مرموقة ولو اختطفها من جيبوتي، الحزب الشجاع والمخلص هو الذي قرر غزو بلاد الأفغان الفقراء، أو شارك في الابتزاز في الجزائر، أو اشترك سرا مع من سطا على حكم باكستان.. شركات أفلست في الغرب، ومترفون مهمشون مثل جي غارنر شاركوا في احتلال العراق أو أفغانستان فعادت شركاتهم شريفة إلى ساحات المنافسة.
أستراليا المترفة تبيع اليورانيوم لروسيا حسب رضا الطرفين، ولكن الغرب كله يمنع النيجر من بيع مائة غرام منه لبلد ما ليشتري به قوتا، والنيجر في عداد الدول التي تموت الألوف فيها جوعا!
داروينية الرؤوس توفر المجال لشراسة الحروب، وكلاهما يفسح المجال لشركات تبلع خيرات الشعوب عنوةً علنًا دون رقيب أو حسيب.. ثلاث سنوات كاملة وشركات البترول الأميركية تسرق بترول العراق عبر الأنابيب دون أن يكون عليها عداد!! وبعدما وضعوا العداد بدؤوا يأخذونها معاوضة بالأسلحة الخفيفة!! والعراق كانت فيه مصانع الأسلحة كالكلاشينكوف والمسدسات ولكن الاحتلال دمر كل شيء ليبيع في العراق كل ما لديه من مخلفات الحروب أو مهالك المخازن.. كالمنشار يذهبون فيقطعون، ويجيئون فيقطعون..
البعد القيمي: كانت الأسرة الغربية كاثوليكية، كان ترابطها الأسري قويا، الاحترام والحنان كان متبادلا.. ولما أزيحت الكنيسة كليا عن الطريق تفككت العلاقات الأسرية، طرح المفكرون البدائل، كل من رؤيته.. والظلم الاجتماعي كان يزداد في كل يوم خصوصا على الضعفاء من النساء والأطفال.. بالأخص بعد الحرب العالمية الثانية.. إلى أن غلب الاتجاه الذي قال: تنظم كل العلاقات الأسرية بالقانون.
أمر الزواج والطلاق والنفقة والميراث كلها أصبحت تحت توجيه القانون.. حتى تربية الأولاد.. فعلّم الأولاد في المدارس أن علاقة أبيكم بكم ليس إلا الإشراف، ومتى ما قصر بحقكم قدموا شكوى ضده، ليُقتصَ منه، أو تُؤخذوا إلى محاضن تربوية حكومية.. فصار المتحكم في كل علاقة أسرية مهما كانت بسيطة وتافهة تحت رحمة فقرة قانون يراقب تنفيذه من تفككت أسرته سلفا!!
تفككت الأسر، وكثرت حالات الطلاق ووصلت إلى مستويات غريبة (في أوسلو حيث أعيش 63% من النساء مطلقات!) قلما تجد طفلا يترعرع في حضن والديه.. تجده محروما إما من حنان الأم أو من التوجيه "الرجولي" للأب.. لا تجد في مائة ألف بنت في السادسة عشرة من العمر عذراء واحدة! والقانون يمنع الزواج من هذه السن.. ومن بلغ السابعة عشرة من العمر يحاول أن يكون له استقلاليته في الحياة، والقانون يضمن أمانه ورزقه.. لكنه يتعرض لألوان الخداع والتضليل والارتعاش النفسي لأنه يواجه الحياة بمفرده، فلما ينهزم أمامها ينتحر.. وما زال صاحبي العلماني ينتظر!
المصدر:الجزيرة
الأربعاء 19/11/1431 ه - الموافق 27/10/2010 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.