برغن(ألمانيا):تستعد مدينة برغن الألمانية الصغيرة في شمال البلاد لوداع الكتيبة العسكرية البريطانية المنتشرة فيها، وذلك بعد إعلان بريطانيا عن سحبها بحلول العام 2020، عشرين ألفا من جنودها متمركزين في ألمانيا منذ أكثر من 60 عاما.على مر السنين، راح سكان برغن الذين يبلغ تعدادهم 16 ألف نسمة يعتمدون أكثر فأكثر على جنود صاحبة الجلالة. وكانت برغن قد أعطت اسمها للمعتقل النازي "برغن-بلسن" الذي حررته في العام 1945 قوات مسلحة بريطانية وكندية، وذلك بعد أسابيع على وفاة آن فرانك في المكان نفسه. ومع ان لندن أوضحت أنها لن تعلن عن روزنامة انسحاب قواتها العسكرية قبل أواسط العام 2011، إلا أن راينر بروكوب رئيس بلدية المدينة الصغيرة يتوقع منذ الآن بكاء وصريف أسنان. ويلفت بروكوب (60 عاما) إلى أن "القوات البريطانية وصلت إلى برغن كقوات غازية علمتنا الديموقراطية. لكنهم تحولوا على مر السنين ليصبحوا شركاءنا العسكريين وجيراننا وأصدقاءنا وحتى أزواجا لنا وأهلا". يضيف "هناك أيضا عامل اقتصادي مهم" بالنسبة إلى المدينة التي تقع على بعد أربعين كيلومترا من هانوفر. فالجنود وأفراد الطاقم المدني وعائلاتهم الذين يصل عددهم إلى 4100 بريطاني يلعبون دورا حيويا في حياة برغن الاقتصادية... فهم يرتادون مطاعمها ويتسوقون من متاجرها.. وتتوقع سونيا غرابو (33 عاما) التي تعمل في متجر لبيع المعاطف والملابس العسكرية الأخرى أن "ذلك سوف يشكل بالتأكيد ضربة كبيرة للأعمال". وتأسف إذ أن "الأطفال لن يكبروا بعد الآن ومن حولهم أشخاص يتكلمون الإنكليزية". بعد الحرب العالمية الثانية، احتفظت بريطانيا كما الولاياتالمتحدة وفرنسا بقوات لها في ألمانياالغربية حليفتها في حلف شمال الأطلسي. لكن لندن التي أعلنت عن تخفيض كبير يطال ميزانيتها الخاصة بالدفاع، ترى اليوم أن وجودها في ألمانيا لم يعد مبررا. وكان ستيفن سيبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد صرح بالتزامن مع الإعلان الرسمي هذا أنه "من غير الممكن تقدير المساهمات الكبيرة التي قدمها الجيش البريطاني في ألمانيا خلال فترة ما بعد الحرب. وأعتقد بأن عددا كبيرا من الألمان ممتنون له". من جهته يوضح مايك وايتهورست المتحدث باسم الجيش البريطاني أن الجنود البالغ عددهم 20 الفا في المانيا بلإلاضافة الى نحو 23 ألف من أقاربهم و 4700 موظف مدني، يمدون الاقتصاد الألماني سنويا بحوالى 1,3 مليار يورو. ومن المتوقع أن يعود نصف هؤلاء بحلول العام 2015 إلى بريطانيا، أما البقية فبحلول العام 2020. رئيس بلدية برغن كان يعلم جيدا بأن هذا اليوم مقبل لا محال، لكنه لم يكن يتوقعه قريبا إلى هذا الحد. وقد أشار إلى أن 200 منزل شيد للعسكريين خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، كذلك فإن بعض العقود الايجار تمتد إلى العام 2025. إيريك سلاتر متأهلة من جندي بريطاني سابق وقد أدارت طوال 23 عاما مطعما متخصصا في الطبق الانكليزي التقليدي "فيش اند شيبس" (السمك والبطاطس المقلية). هي تخشى على مستقبل مدينتها قائلة "من المؤكد أن بعض المؤسسات سوف تنهار". وتضيف "لكنني أعتقد بأن البريطانيين الذين يعودون إلى ديارهم سوف يتأسفون لذلك... هنا كلفة المعيشة أقل". من جهته يقول رايموند نيكلز (72 عاما) "إذا كان الأمر عائدا لي، يستطيعون البقاء. لكن وبما أننا نواجه أيضا تخفيضا في الميزانية المتعلقة بالمصاريف العسكرية، فنحن نتفهم الوضع". ونيكلز هو سائق سابق كان يعمل لمصلحة الجيش البريطاني، يحلو له استذكار سهرات عيد الميلاد والحفلات الموسيقية والرحلات التي كانت تنظمها الجمعية الإنكليزية-الألمانية. اما اللفتنانت كولونيل نورمان ويلكينز الذي خدم في 32 بلدا خلال 35 عاما في الجيش البريطاني، فاختار التقاعد في هذه المدينة التي دخلها للمرة الأولى في العام 1952. ويعلق العسكري السابق (78 عاما) والمتأهل من ألمانية قائلا: "هذه هي دياري الآن".