فلسطين:لا يزال ملف الأمن -الذي كان سببا رئيسيا في الانقسام الفلسطيني قبل أكثر من أربع سنوات- أهم عقدة في حوار طرفي الانقسام حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) الأمر الذي يدفع الطرفين لعدم الإفراط في التفاؤل إزاء لقاءات دمشق.وتكتفي قيادات في الحركتين بالإعراب عن التفاؤل بنجاح الحوار، لكن لا أحد يتحدث عن اختراق حقيقي في هذا الملف، الأمر الذي يعزز تقديرات محللين بوجود توجه لإدارة الانقسام بدل إنهائه، وترحيل القضايا الجوهرية.
وحسب محللين فإن ملف الأمن لا يخص الفلسطينيين وحدهم بل تتدخل فيه قوى محلية وإقليمية ودولية، مما يجعل أي حديث عن تغيير في العقيدة الأمنية أو برامج وسياسيات هذه الأجهزة مضيعة للوقت.
عقدة الأمن بدأت العراقيل أمام الحوار قبل أن يبدأ بإعلان إسرائيل معاداتها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية إذا ضمت في تشكيلاتها أيا من عناصر حماس، وسرعان ما أعلن ناطق أمني فلسطيني أن إصلاح الأجهزة سيتم في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وليس في الضفة الغربية الذي تسيطر عليه فتح.
ولدى سؤاله عن فرص نجاح حوار دمشق اكتفى القيادي في حماس رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك بالترحيب بتكرار اللقاءات والإعراب عن تفاؤله وأمله بنجاحها، لكنه قال إنه لا يريد الإفراط في هذا التفاؤل.
الدويك: إسرائيل تتوقع نجاح هذه المفاوضات وتحاول الالتفاف على نتائجه وألقى الدويك بالكرة في الملعب الإسرائيلي عندما تحدث عن إجراءات إسرائيلية "تدل على أن إسرائيل تتوقع نجاح هذه المفاوضات وتحاول أن تلتف على نتائجها وتربك الساحة الفلسطينية"، مشيرا إلى اعتقال أمين سر المجلس التشريعي محمود الرمحي.
تقاسم وظيفي أما القيادي في حركة فتح حسام خضر فوصف لقاءات فتح وحماس بأنها "إيجابية" لكنه لا يتوقع نتائج عملية، منوها بأن تعبير التقاسم الوظيفي والأمني استخدم كثيرا، "لكنه حقيقة واقعة على الأرض" دون أن يستبعد استمرار الانقسام لسنوات قادمة.
وتمنى أن يتجاوز المتحاورون المصالح الشخصية والتنظيمية "وأن يضعوا مصلحة الوطن المهدد ومصلحة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من تداعيات الانقسام، فوق كل اعتبار".
وصرح خضر بوجود "تعارض كبير" بين حركة حماس من جهة وفتح ومنظمة التحرير من جهة أخرى، إضافة إلى "قضية الأمن والفيتو الأميركي الإسرائيلي" على أي إصلاحات مكذبا من يقلل من حجمه وتداعيات ذلك.
إدارة الانقسام من جهته يرى المحلل السياسي خليل شاهين أن أكبر مشكلة في الحوار هي "عدم إدراك الطرفين لصعوبة معالجة القضايا القائمة في ظل سلطتين ببنية متكاملة في الضفة والقطاع، وأوضح أن الملف الأمني هو المربع الذي يمكن أن تتجلى فيه عقلية المحاصصة بين الطرفين.
فمن ناحية -يضيف شاهين- هناك مؤسسة أمنية حاول الاحتلال تطويعها لخدمته في الضفة، وعقيدة متناقضة للأجهزة الأمنية في القطاع، "لذلك فإن عدم القدرة على إشراك حركة حماس في بنية المؤسسة الأمنية، وعدم وجود إرادة لتغيير جذري في مواقف الأجهزة الأمنية يدفع في النهاية لصيغ تشكل تخريجات لنقاط الخلاف".
من هذه التخريجات -كما يقول شاهين- تشكيل لجنة أمنية عليا وإسناد مرجعيتها للرئاسة الفلسطينية "للحفاظ على الوضع القائم" بحيث تبقى حماس مهيمنة في القطاع، وفتح في الضفة ولكل عقيدته الأمنية، أو على قاعدة "تفهم متطلبات الآخر ووظيفته" ملمحا إلى احتمال اللجوء إلى تخريجات مماثلة للمؤسسات المدنية.
وتوقع ترحيل جوهر القضايا المطروحة والمسائل العالقة في "عملية" مصالحة وليس مصالحة حقيقية"، ثم توقيع حماس على الورقة المصرية دون تنفيذها، وإيجاد أشكال لإدارة المؤسسات المنقسمة بدل إنهاء الانقسام، وبالتالي بقاء الوضع القائم لحين الانتخابات.
وأشار إلى عامل هام يحدد بوصلة الحوار الفلسطيني هو الموقف الإسٍرائيلي والدولي الرافض تماما لإشراك حماس في مجمل النظام السياسي، واختتم حديثه للجزيرة نت بالقول إن عقدة الأمن -إذا لم تفشل الحوار- فستؤدي إلى "تحقيق اختراق قائم على تجاهل الملف والعقد الموجودة أو ترحيلها، دون حلها، من خلال الاتفاق على صيغة ما أو الاتفاق على تشكيل لجنة عليا. عوض الرجوب-الخليل المصدر: الجزيرة الخميس 5/12/1431 ه - الموافق 11/11/2010 م