وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    انطلاق جلسة عامة للنظر في مشروع تنقيح القانون عدد 69 لسنة 2003 المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    الرياحي: أسعار لحم الضأن لدى القصابين خياليّة وأرباحهم في الكلغ تصل إلى 20 دينار..    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة..وهذه التفاصيل..    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    أخبار المال والأعمال    معهد الإحصاء ..تواصل ارتفاع الأسعار.. وتراجع طفيف لنسبة التضخّم    أستاذ إقتصاد :'' وضعيتنا مع صندوق النقد غير مرضية ..''    «فكر أرحب من السماء» شي والثقافة الفرنسية    مشروع مصنع ثلاثي الفسفاط الرفيع المظيلة على طاولة الحكومة    النادي الإفريقي: هيكل دخيل رئيسا جديدا للفريق خلفا ليوسف العلمي    في الصّميم ..«البقلاوة» تُعيد الترجي إلى الأرض    كرة اليد ..بن ثاير والزهاني يقودان الريان للتتويج بالبطولة    ماذا يحدث بين محرز بوصيان ووزير الشباب و الرياضة ؟    وزير الداخلية الليبي لقيس سعيد : ''الاستعدادات جارية لإعادة فتح المعبر الحدودي''    عاجل/ أمطار أحيانا غزيرة تصل الى 60 مم بهذه الولايات بعد الظهر..    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    يدرّب أفارقة في العامرة .. إيقاف مدرّب «كونغ فو» سوداني    هطول كميات من الأمطار عشية اليوم ..التفاصيل    المتلوي: مروج مخدّرات خطير يقع في قبضة الأمن    أريانة: منحرف يهدّد رجلا وإمرأة ويفتكّ سيارتهما    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    الفنان بلقاسم بوقنّة في ذمة الله .. وداعا صوت الصحراء الصادق    عدد من المناطق التابعة لولاية بنزرت تشهد اضطرابا في امدادات المياه بداية من العاشرة من ليل الثلاثاء    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    بعد إطلاق منصة مشتركة مع ليبيا وتونس.. وزير الداخلية الإيطالي يعلن تحرك عالمي لوقف تدفقات الهجرة غير النظامية    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور"    هزة أرضية بقوة 4.9 درجات تضرب هذه المنطقة..    ورقة ضغط أم استكمال لحرب الإبادة؟ .. الاحتلال يدفع ب3 فرق لاجتياح رفح    أميركا تتغيب عن الحضور: روسيا تشهد اليوم تنصيب بوتين رئيسا    أولا وأخيرا .. دود الأرض    تحقيق فلسطيني بسرقة 70 مليون دولار من البنوك في غزة    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    سعيد.. سيحال على العدالة كل من تم تعيينه لمحاربة الفساد فانخرط في شبكاته (فيديو)    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة 'سينما تدور'    رياض دغفوس: لا يوجد خطر على الملقحين بهذا اللقاح    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    مدنين: استعدادات حثيثة بالميناء التجاري بجرجيس لموسم عودة أبناء تونس المقيمين بالخارج    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    بطولة الرابطة المحترفة الثانية : برنامج مباريات الجولة الثانية و العشرين    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظرة الموضوعية الكفيلة بحل جذور الأزمة الجزائرية
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 11 - 2010

"الذكرى 11 لاغتيال المرحوم عبد القادر حشاني رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزائر في 16 ذي الحجة 1431 ه
الموافق ل: 22 نوفمبر 2010
* الحمد لله الذي شاءت حكمته البالغة إملاء بعض الطغاة الظلمة وعدم تعجيل العقوبة لهم في دار الفناء عساهم يهتدون ويتوبون من قريب ويصلحون ما أفسدوا خوفا من عقابه وطمعا في عفوه العميم، قال تعالى "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما"الفرقان، وقوله "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون"الحشر59، وفي حالة إصرار الطغاة الظلمة على إفكهم وظلمهم فقد توعدهم الله عظم سلطانه بأغلظ العذاب في ظلمة القبر ويوم يقوم الأشهاد، قال تعالى "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"ابراهيم42، وقال تعالى "ولو يعجّل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم، فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون"يونس11، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الذين رغّب الظالمين بالإسراع في رد الحقوق إلى أهلها قبل يوم النشور حيث قال عليه الصلاة والسلام "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم..." وقال أيضا "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى تقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" وحذر الظلمة من إمهال الله تعالى لأن الله يمهل ولا يهمل، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته..." وعلى آله وصحبه أجمعين.
* ليكن في منتهى علم الرأي العام في الداخل والخارج أم النظام السياسي الفاسد المتعفن والقائمين عليه من السلطة الفعلية والسلطة الرسمية تمنع مئات الآلاف –عبر سائر القطر الوطني- من ضحايا الإنقلاب المشؤوم على الاختيار الشعبي الحر والنزيه لسنة 1992، ممن لهم رغبة جامحة في رفع دعاوى قضائية أمام "القضاء المحلي" بغية دفع المظالم التي نزلت بهم وهي كثيرة ومتنوعة، بعضها سياسي وبعضها قضائي وبعضها اجتماعي وبعضها يمس حقوقهم المدنية، فضلا عما عناه الكثير منهم من تعذيب وتنكيل وتشريد وتشويه سمعة ومضايقات أمنية لا مبرر لها والتي مست أولئك الإخوة الذين دخلوا من بلاد الهجرة التي دفعوا إليها اضطرارا لا اختيارا، وأصبحوا تحت عشية وضحاها في تحقيقات أمنية تحت مراقبة رجال المخابرات وسائر الأجهزة الأمنية الأخرى مما جعلهم يشعرون بالندم والضيق، وقد كانوا في بلاد الغربة في أمن وحرية وهناك عشرات الآلاف من العائلات ذوي الذين اختطفتهم كتائب الموت تطالب داخل البلاد وخارجها بمعرفة مصير أبنائها والكشف عن حقيقة ما حدث لهم من عذاب وتنكيل وقتل فظيع خارج أطر "القضاء والعدالة" ومعرفة المقابر الجماعية التي دفنوا بها والأماكن المختلفة التي رميت فيها جثثهم وهذا من أبسط حقوق عائلات المختطفين، والأدهى من هذا وذاك أن ميثاق ما يطلق عليه بهتانا وزورا ميثاق السلم والمصالحة يمنح الحصانة التامة لقادة الانقلاب العسكري على الإرادة الشعبية، ألم يقل بوتفليقة بتاريخ 21 أوت 2005 "سأمنح الحصانة للجيش والأمن؟!!! وهذه أكبر جريمة سوف يحاسب عليها أمام الله تعالى لأنه أعطى الحصانة لعتاة المجرمين الذين ولغوا في دماء الأبرياء من أبناء الشعب الجزائري، وعرضوا الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي للخطر فإعطاء الحصانة أكبر دليل على أن هؤلاء ارتكبوا جريمة كبرى بحق الأمة لأن الأبرياء لا يستحقون حصانة ولا يرتضونها إذ القبول بالحصانة إقرار منهم بارتكاب جرائم في حق الشعب!!!.
* إن ميثاق العقوبات نص في المادة 46 على معاقبة كل من يصرح أو يستعمل من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر جراح المأساة الوطنية..." أي قانون هيلكوست جزائري، أما المادة 45 فتمنع الفرد من متابعة المجرمين وعدم قبول أي إبلاغ أو شكوى أي منع المواطنين من حق التظلم والتقاضي، وهذه المادة بالغة الخطورة لأنها مخالفة لأحكام الشريعة ومخالفة للدستور ومخالفة لنص اليمين الدستوري ومخالفة للمواثيق الدولية التي وقعت عليها الجزائر والتي تسمو على القانون الداخلي، ومعلوم أن أي قانون أو مرسوم يخالف الدستور لا قيمة له ومحكوم عليه بالبطلان، أما المادة 26 من قانون العقوبات فهي كارثة الكوارث بكل المعايير لأنها تمنع شرائح واسعة من المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية والقانونية أما قادة الانقلاب الذي خرجوا على الشرعية الدستورية والقانونية وعرضوا البلاد والعباد للأهوال والمحن وسائر الفتن فهم السلطة الفعلية التي تحتكر القوة والسياسة والمال والإعلام والنفوذ الداخلي والخارجي وتتخذ من الأجهزة الأمنية يدا باطشة بأبناء الشعب وتتخذ من القضاء والعدالة أداة طيعة تصرفها كيف تشاء إذ أغلب وكلاء الجمهورية والنواب العامّون ولفيف من القضاة هم من صنائع أجهزة المخابرات نصبوا في تلك المناصب لخدمة مصالحهم وحمايتها عند الضرورة وتصفية خصومهم عن طريق القضاء المسيطر عليه، فلا يعصي أولئك القضاة والنواب العامون ووكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق لهم أمرا، والحاصل أن النظام السياسي المتعفن أصبح يمنع مئات الآلاف من حق التظلم والتقاضي بقانون العقوبات المسمى كذبا وزورا قانون السلم والمصالحة والذي يطبق حسب مزاج الأجهزة الأمنية، فهذا يزج به في السجن بحكم أن القانون انتهت آجاله وهذا ينعم بالحرية والامتيازات بحكم أن القانون ما زال ساري المفعول والمخول الوحيد بتفسير وتطبيق هذا القانون الظالم الجائر هم رجال المخابرات حسب المزاج والهوى والأوامر الفوقية الرعناء.
* لقد منعت كل من المادة 45 والمادة 46 من ميثاق العقوبات المسمى كذبا وزورا ميثاق "السلم والمصالحة" فئات كثيرة من حقهم المشروع في التظلم والتقاضي بغية رفع الظلم ودفع التعسف الذي لحق بهم وكشف الحقيقة ورد الاعتبار والحق في التعويض المعنوي والمادي ومعاقبة قادة الانقلاب العسكري على الإرادة الشعبية وما تمخض عن ذلك من فضائع وجرائم ومآسي للشعب الجزائري برمته، ولا بأس أن نذكر بعض تلك الفئات التي منعت من حقها في رفع دعاوى قضائية أمام "القضاء المحلي" الفاقد للاستقلالية.
1- قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين حكمت عليهم محاكم عسكرية استثنائية خاضعة لقادة الانقلاب العسكري من ضباط فرنسا التي اغتصبت جميع مؤسسات الدولة، الرئاسة، البرلمان، البلديات والمجالس الولائية المنتخبة بقوة الحديد والنار واستبدالها بمؤسسات غير شرعية وغير دستورية وحل الجبهة الإسلامية للإنقاذ بطريقة غير قانونية ويكفي أنه إلى يومنا هذا لم يبلغ الحكم إلى قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ كما ينص عل ذلك القانون من الناحية الإجرائية ليتمكنوا من الطعن في الحكم لدى الجهات المختصة وفوق ذلك كله رفضت السلطة في الجزائر الاعتراف بحكم الأمم المتحدة الصادر بشأن رئيس الجبهة الإسلامية ونائبه رغم أن النظام يدعي احترام هذه الهيئة الأممية، وما يصدر عنها من أحكام بحكم أنها تمثل العدالة الدولية ؟!!!
2- حرم أكثر من 17 ألف من معتقلي الصحراء الذين رمي بهم ظلما وعدوانا ودون أي تهمة تذكر في 07 مراكز أمنية عبر تخوم الصحراء اللاهبة حيث قامت فرنسا بإجراء تجارب نووية حيث توفي منهم 43 جزائري جراء أمراض غامضة فجائية وهناك حوالي 200 يعاني من أمراض خطيرة، كل ذلك تأثرا بالإشعاع النووي حيث وضعتهم السلطات العسكرية والأمنية عمدا ومع سبق إصرار في أماكن تعرف وزارة الدفاع أنها ملوثة بالإشعاع النووي ورغم أنهم لم توجه إليهم أية تهمة، لم يتم تعويضهم ماديا ومعنويا إلى يومنا هذا وتم إقصاؤهم في ميثاق العقوبات؟!!!. والعجيب والغريب أنه رغم حجم الجرائم التي اقترفتها الأجهزة الأمنية المختلفة وبشكل أخص جهاز المخابرات الرهيب الذي اغتصب البلاد والعباد واستحوذ على جميع مؤسسات الدولة، تارة بطريقة مباشرة وتارة عن طريق اختراق مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية وحركات المجتمع المدني والهيئات الإعلامية، وتارة عن طريق بث العيون هنا وهناك، وهكذا أصبح هذا الجهاز يراقب كل شيء ولا يراقبه أحد، قلنا رغم كل تلك الجرائم والمجازر الفظيعة المرتكبة لم يمثل واحد من كبار قادة هذه الأجهزة أمام القضاء لاسيما وتلك الجرائم المهولة ارتكبت بطريقة منهجية وليست حالات فردية معزولة كما يروج له إعلاميا وسياسيا عن طريق أبواق هذه الأجهزة التي تقوم بمهمة قذرة تتمثل في تبييض جرائم هذه الأجهزة الكالح الأسود القاتم، وهذا ما شهد به العديد من الضباط النزهاء الذين كانوا شهودا على انحراف هذه الأجهزة التي خرجت عن وظيفتها الدستورية والقانونية والأخلاقية، وتورطت –إلى الأذقان- في قمع الشعب الجزائري بل وصل بها الأمر إلى اغتيال وقتل ضباط كبار وصف ضباط وجنود رفضوا التورط في إجرام هذه الأجهزة !!! وفي المقابل نجد أجهزة المخابرات البريطانية مثلا قد قامت بتسوية وعقد صفقة خارج القضاء وأروقة العدالة تقدر بملايين الجنيهات مع 10 من مواطنيها ممن سجنوا –ظلما وعدوانا- في سجن غوانتنامو بسبب ضلوع هذه الأجهزة في عمليات تعذيب تعرض لها هؤلاء على يد المخابرات الأمريكية أثناء التحقيق معهم بعد التنسيق مع المخابرات البريطانية، وقد أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرا الموافقة على هذه الصفقة ودفع التعويضات المادية بعد التعويض المعنوي الذي يتمثل في اعتراف قادة جهاز المخابرات بالذنب والخطأ والاستعداد للتسوية المرضية بين الطرفين لأن هذه الأجهزة بتصرفها المشين المتمثل في ممارسة التعذيب قد عرضت أمن البلاد والحريات العامة للخطر، لأن هؤلاء الذين عذبوا يمكن أن يصدر منهم رد فعل عنيف يذهب ضحيته الأبرياء وهذا العنف قد يصدر منهم مباشرة أو ممّن ينتصر لهم وما قامت به هذه الأجهزة من اعتراف بالذنب في حق هؤلاء المواطنين دافعه الخوف من وصول هذه القضية إلى أروقة العدالة والقضاء بحكم أن العدالة مستقلة استقلالا حقيقيا فهي لا تخضع لا لأجهزة المخابرات ولا للسلطة التنفيذية ولا للملك كما هو الشأن بالنسبة ملك المغرب محمد السادس، الذي تصدر الأحكام باسمه لا باسم الشرع ولا باسم الشعب، ولا لدكتاتور يصدر أحكامه إما باسم الدين أو باسم الوطنية ولا لأصحاب النفوذ العسكري أو السياسي أو بارونات المال وأصحاب الشكارة كما نقول في الجزائر، حيث قال رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون "إن من المصلحة العامة عدم وصول قضية هؤلاء المواطنين العشرة إلى أروقة المحاكم لأكثر من سبب، منها أن ذلك سوف يضطر جهاز المخابرات –بقوة القانون- إلى الكشف على أكثر من 50 ألف وثيقة من وثائق الأمن وتعاملها مع جهاز المخابرات الأمريكية، وهذا قد يعرض الأمن القومي البريطاني للخطر، ومنها أن التعويضات سوف تكون أضعاف مضاعفة إذا رفعت دعاوى قضائية إلى القضاء، ومنها تشويه سمعة جهاز المخابرات البريطانية داخليا وخارجيا رغم أن ما صدر منها يعتبر عند البعض تجاوزات "خفيفة" لا يمكن أن تقارن بما يحدث في دول أخرى في العالم !!!، ورغم كل ذلك هناك جهات حقوقية وإنسانية في بريطانيا ضد هذه التسوية وتطالب بكشف الحقيقة مهما كانت مرّة، لأن جهاز المخابرات ليس فوق القانون والدولة وحتى لا تتكرر الخروقات على حقوق الإنسان والمواطنين وحتى لا تشعر أجهزة المخابرات أنه يمكنها التملص في كل مرة عن طريق التعويض المادي والتسوية خارج إطار القضاء، وكلنا يعلم أن الطيار الجزائري لطفي رايس الذي اتهم بتفجيرات 11 ديسمبر 2001 خاض معركة قضائية في بريطانيا وحصل على البراءة التامة وتم الاعتذار له من طرف وزير العدل شخصيا جاك استروا وتم له التعويض المادي والمعنوي وها هو يستعد لرفع دعوى قضائية ضد أكبر جهاز أمني في العالم أي مكتب FBI، أما في الدول العربية فأغلب من برّأتهم العدالة الأمريكية من سجناء غوانتنامو فقد تم التحقيق معهم وسجن بعضهم؟!!! أمّا الحالة عندنا في الجزائر فهي بالغة السوء، فجهاز المخابرات هو المسيطر على مفاصل الدولة ولا أحد يقوم بمحاسبته على جرائمه، والأدهى من ذلك أن بوتفليقة قد أعطى الحصانة التامة لمن أجرموا بحق الشعب الجزائري من رؤوس هذه المؤسسات الأمنية ممن تورطوا في الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وممارسة التعذيب الذي وصل إلى حد القتل والاغتيال والتصفية الجسدية والعياذ بالله !!!
3-عائلات المفقودين والمختطفين الذين راحوا ضحية كتائب الموت التي كانت تمارس التعذيب والتنكيل والقتل خارج إطار القضاء فقد منعت هذه العائلات من معرفة الحقيقة والإطلاع على مصير فلذات أكبادهم وجبر الضرر الذي لحق بالأمهات والآباء والزوجات والأولاد والأسر التي انفرط عقدها وتعرضت لهزات خطيرة والأغرب من ذلك أن هذه العائلات ما زالت إلى اليوم تتعرض للقمع والمنع كلما أرادت التظاهر والمطالبة بمعرفة الحقيقة وعدم الاقتصار على التعويض المادي الذي رضيت به بعض الأسر تحت وطأة الفقر والحاجة والفاقة بغية شراء صمتهم رغم أنه لا يمكن أن يسّد التعويض المادي الهزيل ثغرة إخفاء الحقيقة ؟!!! مع العلم أن هذا التعويض غير منضبط قانونيا وإنما هو خاضع للمزاج والهوى والتمييز والتدخلات الفوقية.
4-عدم السماح بفتح ملف من تم قتلهم واغتيالهم في السجون لا سيما ما حدث بسجن البرواقية وسركاجي حيث قتل بعضهم بمشهد من أعلى السلطات الأمنية في البلاد وتمت تصفية بعض القادة في الجبهة الإسلامية للإنقاذ أمثال قاسم تاجوي رحمه الله والشيخ المقرئ شراطي رحمه الله وثلة طيبة من الشباب المتعاطف مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ثم دفنوا في مقابر جماعية تحت هويات مجهولة (X) ومنعت عائلات من معرفة الحقيقة فضلا عن التعويض المعنوي والمادي رغم أن هؤلاء المساجين يعتبرون قانونيا أمانة في يد السلطة وإدارة السجون ولا يمكن القضاء عليهم بتلك الطريقة الهمجية ولكنه الحقد وحب الانتقام وشفاء الغليل.
5- وممن منعتهم المادة 45 والمادة 46 من معرفة الحقيقة وممارسة حق التقاضي ورفع الدعاوى أمام "القضاء المحلي" تلك الفئات التي ما زال يساورها الشك في الجهة التي كانت وراء الاغتيالات السياسية الشهيرة والغامضة التي هزت الجزائر والعالم، والتي طالت رئيس المجلس الأعلى للدولة غير الشرعي دستوريا محمد بوضياف، ورجل المخابرات الهام قاصدي مرباح، وعبد الحق بن حمودة الأمين العام لإتحاد العمال، وهناك قائمة أخرى طويلة طالتهم يد الإغتيال من وزراء سابقين وجنرالات وضباط سامين، وقادة كبار في المؤسسة العسكرية وسائر الأجهزة الأمنية، كما طالت رجال إعلام وأطباء ورجال الفكر والثقافة والدعوة والإمامة وفنانين، وإطارات إدارية كبرى، فضلا عن ارتكاب جرائم كبرى ونسبتها إلى الجماعات المسلحة، والجدير بالذكر أن أغلب هؤلاء ليس لهم تعاطف مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ ولكن بعضهم كان ضد السلطة القائمة وضد مصادرة الاختيار الشعبي بتلك الطريقة الفجة التي جرّت على البلاد والعباد الويلات إلى يوم الناس هذا.
* ومن تلك الملفات التي يصر النظام السياسي المتعفن عدم فتحها، ملف اغتيال قائد الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأخ عبد القادر حشاني رحمه الله رحمه واسعة، الذي تم اغتياله في مثل هذا اليوم أي بتاريخ 22 نوفمبر 1999 وله من العمر 43 سنة، أي تم اغتياله وهو في شرخ الشباب وهو سن النضج والإبداع والعطاء، فها هي 11 سنة تمر على اغتياله رحمه الله والسلطة الفعلية والرسمية ترفض رفضا قاطعا فتح ملف الاغتيال وازداد هذا الرفض بعد صدور قانون العقوبات في المادة 45 و 46، وبما أن قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا تعترف بقانون السلم والمصالحة إذ هو أقرب للمكر والمخادعة، ما زالت تُصر على إعادة فتح هذا الملف في كل مناسبة منذ عملية الاغتيال إل يومنا هذا، وها هي فرنسا ترفع السرية على وثائق المخابرات الفرنسية من أجل معرفة الحقيقة في اغتيال المعارض المغربي المهدي بن بركة الذي مرّ على اغتياله 40 سنة، ومعرفة الجهة الحقيقية التي كانت وراء الاغتيال السياسي المشين والإجرامي وهي غير مقتنعة برواية السلطة ولا بالمحاكمة الفاقدة لمعايير الشرعية والنزاهة والحياد لاسيما والعدالة في الجزائر فاقدة للاستقلالية وإنما هي أداة طيعة في يد السلطة الفعلية، لاسيما في مثل هذه القضايا المتعلقة بالسياسة والشأن العام، وما لم تكن لنا الشجاعة في كشف حقيقة ما حدث منذ اندلاع الأزمة لا يمكن أن نتقدم نحو المستقبل بخطوات ثابتة متبصرة لا حقد فيها ولا انتقام، فلن نخرج من شرنقة هذه الأزمة المتعددة الأوجه، ومن باب الذكرى والتذكير نرى لزاما علينا أن نجمل الحديث عن حادثة اغتيال قائد الجبهة الإسلامية للإنقاذ رحمه الله في النقاط التالية:
أولا: لن نتحدث في هذا البيان عن سيرة ومسيرة الشاب المهندس الذي قاد الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى فوز كاسح، لم يكن متوقعا عند أغلب المراقبين من جميع الأوساط بما في ذلك السلطة القائمة يومها، حتى قال وزير الدفاع خالد نزار، قائد الانقلاب العسكري على اختيار الشعب "إنه لو حصل الفيس على 30% من أصوات الناخبين ما أوقف المسار الانتخابي...!!! . واستطاع الأخ عبد القادر حشاني رحمه الله بفضل الله ثم بفضل الشعب الجزائري الراغب في المشروع الإسلامي أن يحقق انتصارا مبهرا فاق كل التوقعات رغم سجن القيادة التاريخية بالسجن العسكري بالبليدة، مما يدل دلالة قاطعة على أن الجبهة الإسلامية جبهة مشروع ومبادئ وليست جبهة أشخاص، والحاصل سوف تخصص القيادة كتابا قائما بذاته يترجم له ترجمة ضافية ويلقي الضوء على مسيرته الحافلة والصعاب التي تعرض لها خارج السجن وداخله وعند خروجه من السجن وتجمع فيه أمورا كثيرة نتركها لوقتها بحول الله وقوته.
ثانيا: لقد كان الأخ عبد القادر حشاني رحمه الله على رأس حزب شرعي بقوة القانون لا بقوة السلاح حيث تحصلت الجبهة الإسلامية على اعتمادها في 22/08/1989 من وزارة الداخلية ونشر ذلك بالجريدة الرسمية بتاريخ 06/09/1989 العدد 38. وفازت بالانتخابات البلدية والولائية بطريقة شرعية لا بقوة السلاح أو العنف أو الإرهاب وإنما بالصندوق الشفاف بتاريخ 12/06/1990 وفازت بأغلبية بلديات القطر وتحصلت على 853 مجلس بلدي من أصل 1514 عبر القطر وفازت ب32 مجلس شعبي ولائي من أصل 48 مجلس ولائي عبر القطر، وبعد الزج بالقيادة التاريخية في غياهب السجن العسكري بالبليدة، تم اختيار المرحوم عبد القادر حشاني رحمه الله لمواصلة المسيرة فكافح وناضل مع ثلة من إخوانه جزاهم الله خير جزاء، ورحم الله تعالى من التحق منهم بالرفيق الأعلى وثبت الله تعالى الباقين على الخط الأصيل الذي على أساسه تم اختيار الشعب للجبهة الإسلامية الإنقاذ مرتين، والحاصل أن الأخ الشاب عبد القادر حشاني رحمه الله استطاع بفضل الله تعالى ثم معونة إخوانه من قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ لفوز قل نظيره في العالم الإسلامي منذ سقوط الخلافة الإسلامية حيث فازت الجبهة الإسلامية ب 188 مقعد من أصل 430 مقعد للمجلس الوطني الشعبي، فما كان من عصابة الجنرالات إلا القيام بتدبير انقلاب عسكري على اختيار الشعب وتعطيل سائر مؤسسات الدولة من البلدية إلى رئاسة الجمهورية، فحل المجلس الشعبي في 14/01/1992 وإقالة رئيس الجمهورية في 11/01/1992 وإعلان حالة الطوارئ بتاريخ 09/02/1992 وهي ما زالت قائمة إلى يومنا هذا رغم أن الوزير الأول أحمد أويحي صرح مؤخرا أن الإرهاب قد هزم؟!!! وحلت المجالس البلدية في 29/03/1992 واستبدلت بمندوبيات غير شرعية عاثت في البلاد فسادا وإفسادا، من نهب العقار والأراضي الفلاحية وإقامة الفيلات لأرباب المال وأصحاب النفوذ، ثم تم حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ في 29/04/1992، وصحب ذلك حملة اعتقال وتعذيب ومطاردة لكل إطارات الجبهة الإسلامية من القمة إلى القاعدة، مما ولّد رد فعل عنيف على إرهاب الدولة، وكتائب الموت، والحاصل أن الأخ حشاني رحمه الله كان على رأس جبهة شرعية دستوريا وقانونيا تم لها الفوز في أطر القانون وتحت إشراف السلطة القائمة ذاتها ووثائق الدولة تشهد بذلك والحمد لله رب العالمين.
ثالثا: بعد إلغاء الدور الثاني في 16/01/1992 من طرف عصابة الجنرالات الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب الجزائري القاصر في نظرهم والذي لا يحسن الاختيار ولم يبلغ سن الرشد السياسي، أصدر الأخ المرحوم عبد القادر حشاني رحمه الله بيانا بتاريخ 22/01/1992 نشر في جريدة الخبر التي كانت تتمتع يومها بحيز واسع من الاستقلالية حيث وجه نداء لأفراد الجيش بعدم الوقوف ضد اختيار الشعب من أجل تفادي المواجهة بين أفراد الشعب، هذا البيان لم يرق للطغمة الانقلابية فصدرت الأوامر بإلقاء القبض على الأخ حشاني رحمه الله في قارعة الطريق بحي باش جراح وبطريقة غير قانونية، وذلك بتاريخ 22/01/1992، ورفعت بحقه دعوى قضائية من وزارة الدفاع التي أطاحت سائر مؤسسات الدولة كما سبق ذكره، فكانت هي الخصم والحكم في وقت واحد، وأصبحت السلطة القضائية لعبة في يدها تصفي بها خصومها السياسيين حيث وجهت له تهمة تحريض أفراد الجيش على العصيان والتمرد وهي تهمة باطلة لأن التمرد الحقيقي صدر من الذين تمرّدوا على مؤسسات الدولة واختيار الشعب نعني بهم زمرة جنرالات المؤسسة العسكرية ممن اغتصبوا المؤسسة لصالحهم، ونصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب الجزائري، وظل المرحوم حشاني ينتظر المحاكمة طيلة 05 سنوات كاملة وهذه سابقة أن تصل مدة السجن الاحتياطي مدة 05 سنوات، وبعد طول هذه المدة صدر في حقه –ظلما وعدوانا- حكما ب05 سنوات سجن بتاريخ 07/07/1997 وتحولت التهمة من جناية إلى جنحة، وكان الواجب محاكمة قادة الانقلاب العسكري لاغتصاب اختيار الشعب وتحطيم مؤسسات الدولة وإحداث فراغ دستوري قل نظيره في العالم كله، وهكذا تم منع الأخ عبد القادر حشاني رحمه الله وحزبه من ثمار الفوز الساحق الذي حققه صحبة إخوانه في القيادة يومها، وإخوانه وهو ابن عائلة مجاهدة معروفة، وعوض أن يصبه الأخ عبد القادر حشاني رئيسا للحكومة الجزائرية بحكم أن حزبه حزب الأغلبية زجّ به في غياهب السجن، أما الذين لم يكتب لهم الفوز في تلك الانتخابات أصبح بعضهم رؤساء حكومة أمثال بن فليس، وبلعيد عبد السلام وبلخادم، وهكذا أصبح الناجح والفائز يقبع في السجن والخاسر في المعركة الانتخابية يتولى أعلى المناصب السياسية في البلاد!!!، ففي الوقت الذي يمنع أبناء المجاهدين الأصلاء من حقوقهم السياسية والمدنية في بلادهم، ينعم بعض أبناء الحركى والجلادين في فرنسا بمناصب سياسية فها هو ساركوزي يعين جانيت بوغراب في منصب سكرتارية الدولة للشباب وهي معروفة بعدائها للإسلام وهي ابنة حركي جلاد، ولو لا أنها مصرة على الافتخار بماضي والدها لهان الخطب لأنه "لا تزر وازرة وزر أخرى" والله تبارك وتعالى يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن، فلا يجوز شرعا تحميل الأبناء جرائم الآباء، ما لم يسلكوا مسلكهم أو تزكّونه ويفتخرون به، ولأن العقوبة شرعا وقانونا فردية، لا جماعية لقوله تعالى "كل نفس بما كسبت رهينة" ولقوله تعالى "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها" ولكن الغريب المستهجن أن يقول رئيس البلاد في وهران بتاريخ 08/10/2005 "لقد ارتكبنا أخطاء فادحة في حق أبناء الحركى" ولكنه لم يعترف أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ اغتصب حقها بالحديد والنار، بعد الاختيار الشعبي الحر الذي قاده ابن مجاهد كبير معروف لدى العام والخاص؟!!!.
رابعا: منذ خروجه من السجن في 07/07/1997 وهو تحت الرقابة العلنية والسرية وتحت نظر العملاء الوشاة حيثما حل وارتحل، فضلا عن منعه من حقوقه السياسية والمدنية والإعلامية ورغم ذلك قام بنشاطات متنوعة حسب القدرة والطاقة والاستطاعة مما ضاعف عليه المضايقات المتنوعة والتي ضاق بها ذرعا مما جعله يكاتب وزير الداخلية يومها بتاريخ 28/10/1999، إلى أن جاء يوم الفاجعة التي هزت البلاد والعباد، حيث تم اغتياله في عيادة الأسنان بحي باب الواد الشعبي وذلك بتاريخ 22/11/1999 واعتبر، وقد لقي اغتياله رحمه الله استنكارا عريضا داخليا وخارجيا من طرف الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية بما في ذلك رئاسة الجمهورية التي أصدرت بيانا عشية الاغتيال، غير أنها لم تف بما ألزمت به نفسها وراحت وعودها أدراج الرياح، وحتى الولايات المتحدة استنكرت الاغتيال عن طريق الناطق الرسمي لكتابة الدولة الأمريكية جيمس روبن، وقد شهد له الجميع بأنه رجل سلم ومصالحة بالمفهوم الصحيح لا بالمفهوم المنحرف الخادع، فهو بحق كان يؤمن بحل سياسي شامل يعالج جذور الأزمة من أصولها وطي صفحة وفتح أخرى بعيدا عن المكر والمخادعة والمناورة والحلول القصيرة النظر التي تنطلق من الحل الأمني أو الاجتماعي فحسب، متجاهلة الجذور السياسية للأزمة، وهذه نظرة موضوعية واقعية لو أخذ بها لحلت الأزمة الجزائرية منذ أمد بعيد ولنال كل مواطن جزائري على اختلاف توجهاتهم حقوقه المشروعة دون إقصاء أو تهميش وهي النظرة التي تتبناها القيادة السياسية للجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى يومنا هذا، ويشاركها في هذه النظرة الإستراتيجية الثاقبة شخصيات سياسية وشخصيات تاريخية وطنية، إذ لا مخرج للأزمة إلا بالأخذ بهذا الطرح الذي يحقق الاستقرار السياسي الحقيقي القائم على الحق والعدل لا القائم على القوة والبطش وإرهاب الدولة، كما يحقق السلم الاجتماعي الذي ينشده كل مواطن جزائري غيور على بلده ومثل هذا الطرح القائم على النظرة الثاقبة الفاحصة هو الذي جرّ عليه الاغتيال مع سبق الإصرار والترصد.
خامسا: مما لا شك فيه أن عملية الاغتيال كانت ذات بعد سياسي خبيث وقادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا ينظرون إلى الأداة ولكن يحاولون معرفة الجهة المدبرة التي تقف وراءها، فقد استهدف المرحوم بالاغتيال لأنه شاهد عيان على مسيرة حافلة في العمل الدعوي والسياسي ومطلع عن كثب على تعقيدات الأزمة وشاهد على بعض جولات الحوار وهو أيضا شاهد عيان على مجزرة سركاجي الرهيبة، ومما زاد الأمر خطورة موقفه الصلب من ضرورة الحل السياسي لأزمة البلاد دون إقصاء أو تهميش مما جعله يحظى حتى باحترام خصومه ومخالفيه وهذا ما سنراه بحول الله في كتاب جامع موثق.
سادسا: أما فيما يخص القاتل المزعوم فؤاد بولمية فقد تم إلقاء القبض عليه كما يزعم بتاريخ 13/12/1999 وقيل عثر معه على وثائق عبد القادر حشاني رحمه الله والمسدس الذي قتل به المرحوم، غير أنه يوم المحاكمة في 13/04/200 والتي دامت 05 ساعات وساعة للمداولة ليصدر بحقه الحكم بالإعدام، فقد صرح أثناء المحاكمة الملفقة أنه يوم اعتقاله لم يكن يحمل سلاحا ولا وثائق المغتال رحمه الله، وقال أنه لا يتحمل مسؤولية دم حشاني، ووصف ما جاء في قرار الإحالة بعمل المخابرات تحت الإكراه والضغط والتهديد مما دعا بالمحامي الكبير خليلي رحمه الله إلى المطالبة بإحضار المسؤول الأول في المخابرات، حيث قوبل طلبه بالرفض القاطع، ولقد شهد أغلب الشهود أنهم لم يرو شيئا باستثناء الممرضة المغلوبة على أمرها وحارس حظيرة السيارات، ومعلوم أن أغلب حراس السيارات لهم علاقة بالأجهزة الأمنية والمخابرات وإمدادهم بالمعلومات وما يحدث داخل الأحيان فهم عيون رجال الأمن في الأحياء والشوارع والأزقة والسؤال المطروح، لماذا ظل بولمية عشرين يوما في العاصمة دون أن يفر أو يختفي أو يلتحق بالجبل؟!!! ومن الذي أعلمه بتحركات الأخ حشاني رحمه الله وهو تحت المتابعة العلنية والسرية ومن كان ينسق له التحركات والأخبار وموعد الدخول والخروج؟!!! والحاصل أن المحاكمة مسرحية مكشوفة لم تقتنع بها عائلة المرحوم حشاني كأسرة وأقارب وإخوة كأولياء الدم شرعا وقانونا بما أنه شخص له أسرة وأولياء، ولم تقتنع بها قيادة الجبهة الإسلامية الإنقاذ بحكم أنه قائد حزب وشخصية اعتبارية عامة زكاها الشعب بالانتخاب الحر فضلا على أن تنطلي الخدعة على كثير من رجال السياسة والقانون وذوي الألباب من الناس، لاسيما والعدالة فاقدة للاستقلالية وكلنا يعلم كيف أقصى "وزير العدل" الأسبق ماحي باهي من منصبه لأنه كان يريد إقالة قاضي التحقيق السابق عبد المالك السايح بدعوى الفساد والرشوة واستخدام النفوذ فاعترض رئيس الحكومة بلعيد عبد السلام على إقالته أو فتح التحقيق معه بحجة أنه صاحب خبرة في قضية المرحوم مصطفى بويعلي، فذهب وزير العدل وبقي عبد المالك السايح في منصبه ثم أصبح النائب العام في قضية مقتل واغتيال محمد بوضياف من طرف بومعرافي فك اله أسره لكي نعرف منه حقيقة ما حدث في اغتيال محمد بوضياف لأن الرجل التزم الصمت أثناء المحاكمة، وفي الوقت الذي تعمل الدول الغربية وأمريكا وإسرائيل وبعض دول الاعتلال العربي لمعرفة الحقيقة في الجهة التي تقف وراء اغتيال رفيق الحريري نجد هذه الدول مجتمعة تلتزم الصمت المطبق فيمن كان وراء اغتيال رئيس المجلس للأعلى للدولة غير الشرعي محمد بوضياف وشخصيات سياسية جزائرية أخرى مرموقة، فما هذا الكيل بمكيالين على مستوى ما يسمى "بالعدالة الدولية" وها هو عبد المالك سايح اليوم يشغل منصب المدير العام لمديرية مكافحة المخذرات عبر القطر خلافا للنائب العام العسكري بلقاسم بوخاري الذي كان نائبا عاما في قضية محاكمة قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكلنا يعلم كيف أقيل وزير العدل السابق آدمي ومن الذي كان وراء تولي بلعيز الحالي وزارة العدل ولذلك لم يمثل أي قائد من قادة الأجهزة الأمنية أمام القضاء وكأن لهم حصانة خاصة من المثول أمام القضاء، خلافا لما عليه بعض حكام الدول الغربية وأمريكا وإسرائيل وها هي عائلات ضحايا الاعتداء الذي وقع في باكستان بتاريخ 8 ماي 2002 ضد مدرية بناء السفن والذي أسفر على مقتل 14 شخصا من بينهم 11 فرنسيا تطالب ساركوزي وجوبي وزير الدفاع الحالي بالمثول أمام العدالة للإدلاء بالشهادة بحكم أنه كان مطلعا على صفقة الغواصات البحرية لباكستان وهي صفقة مشبوهة، ومن المعلوم أنه في ظل تحكم المخابرات في سائر أجهزة الدولة والسيطرة عليها بطريقة مباشرة وغير مباشرة، لا أمل في مؤسسات قوية ولا أمل في استقلالية القضاء، والحاصل أننا في قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ لن نكف عن المطالبة بالكشف عن الجهة الحقيقية التي تقف وراء اغتيال المرحوم حشاني رحمه الله، فرواية السلطة الرسمية لا تنطلي على السذج، ناهيك عن أولي الألباب فمن يصدق من العقلاء أن القاتل يأتي من الحراش أو غيرها لمعالجة أسنانه حيث يعالج الأخ المغتال رحمه الله بباب الواد وفي نفس العيادة، مالكم كيف تحكمون؟!!!
سابعا: وفي الوقت الذي ترفع فيه السلطة الجزائرية عقيرتها وتعمل على تحريك أبواقها المختلفة وتحشد الحشود في الداخل والخارج لضرورة الوقوف إلى جانب القضية الصحراوية ووجوب نصرة المظلوم والتنديد "بالإبادة الجماعية" و "المجزرة" التي طالت سكان العيون والمناداة بضرورة إرسال لجان أممية للتحقيق في جرائم النظام المغربي تجاه الصحراء الغربية، حتى أن "الرئيس" عبد العزيز شبه ما تعرض له سكان المخيمات بالعيون بمجازر 08 ماي 1945 وهو قياس مع الفارق، ومقارنة مستهجنة وسمحت السلطات في الجزائر بتنظيم مسيرة في قلب العاصمة لمساندة سكان الصحراء الغربية بتاريخ 11/11/2010 رغم حالة الطوارئ وحظر المسيرات في العاصمة السارية المفعول ولا شك أن المسلمين أينما كانوا يستنكرون الظلم والتعذيب ومصادرة الحقوق المشروعة من أي نظام كان، ولو كان رأس هذا النظام يدعي أنه من نسل رسول الله صلى اله عليه وسلم، لقوله عليه الصلاة والسلام "يا فاطمة اعملي فإنني لا أملك لك من الله شيئا" والقائل أيضا "والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها" وقوله أيضا "من بطّأ به عمله، لم يسرع به نسبه" فلا يجوز لأي سلطة في العالم أن تنزل الظلم والعذاب والتنكيل بشعبها أو بغيره من الشعوب إلا في حالة الدفاع عن النفس ورد الظلم والمظالم شريطة أن لا يتجاوز حق الدفاع المشروع حده وأن لا ينقلب رد الظلم إلى ظلم أفظع وإن كان البادئ أظلم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هل السلطة الجزائرية الظالمة لشعبها مخولة شرعا وسياسة وأخلاقا أن تدافع عن الشعوب المظلومة وهي تمارس الظلم بشتى ألوانه وأشكاله بحق شعبها وبأبشع ما يكون عند المقارنة، وبضدها تتميز الأشياء، وهل يمكن أن تدفع السلطة الجزائرية الظلم والحيف والعسف والتعذيب على إخواننا سكان الصحراء الغربية وعددهم حوالي 393831 وعدد القاطنين في مخيمات تندوف زهاء 160 ألف، كما تقول الجزائر بينما تمارس عل شرائح واسحة من الشعب الجزائري يعدون بعشرات الملايين الظلم والتعذيب والتنكيل والمطاردة، و...و.... "تلك قسمة ضيزى" وهل يعقل أن تطالب الجزائر بتقرير المصير للشعب الصحراوي وعندما اختار الشعب الجزائري الحر من يحكمه بمحض إرادته قامت العصابة الانقلابية بقمعه وإرهابه بكتائب الموت التي اختطفت خيرة شباب الأمة، إن حرية الشعب في اختيار حكامه هو لون آخر من ألوان تقرير المصير الذي يتغافل عنه الحكام الطغاة ؟!!!. وهل يعقل أن تطالب الجامعة العربية ومن ضمنهم الجزائر، وسائر دول الخليج فتح تحقيق في الجرائم التي حدثت في العراق من طرف الجيش الأمريكي والعراقي ورئيس الوزراء المالكي المنتهية عهدته ولا تطالب هذه الدول العربية بفتح تحقيق في الجرائم والفظائع والمجازر والاختطاف الذي جرى في الجزائر بعد الانقلاب على اختيار الشعب "مالكم كيف تحكمون؟!!!.
ثامنا: لقد تمخض عن الانقلاب على الإرادة الشعبية 1992 من الفظائع والجرائم ما يفوق الخيال نذكر منها ما يلي، ليعلم العام والخاص حجم ما اقترفه النظام السياسي المتعفن:
1-نفي أكثر من 17.000 إلى تخوم الصحراء.
2-اعتقل في المحنة من أبناء الشعب الجزائري أكثر من نصف مليون.
3-اختطاف أكثر من 20 ألف لا يعلم مصيرهم إلى اليوم.
4-سجن أزيد من ألف إطار بدعوى دعم الإرهاب.
5-عدد الذين قتلوا في المأساة أزيد من 200 ألف وهناك من يقول عددهم أكثر من ذلك بكثير.
6-عدد الذين قتلوا من حملة السلاح 17 ألف.
7-عدد الذين قتلوا من المفقودين قيل 03 آلاف دون معرفة أماكن قبرهم.
8-الذين قتلوا في السجون أزيد من 120.
9-عدد قتلى مجزرة الرايس 300، ومجزرة بن طلحة 700، وقيل 400، أما مجزرة الرمكة قيل عددها في ليلة واحدة 1000.
10- وبما أن الأجهزة الأمنية تتكتم عن عدد القتلى خلافا لما عليه في الدول الغربية حيث يعلن عن القتلى واحدا بواحد كما هو الشأن في أمريكا وأوروبا، أما عندنا فهم كمُّ مهمل، لا قيمة له وقيل قتل من أفراد الجيش 3600، أما ضحايا الشرطة 6000 شرطي.
11-عدد الجرحى حوالي 40 ألف.
12-أما عدد الذي تمت محاكمتهم غي المحاكم الخاصة السيئة السمعة فاق 500ألف، أي أكثر من سكان الصحراء الغربية كلها.
13-أما عدد الذين ذهبوا ضحايا التجاوزات والخروقات بلغت 6412.
14-أما عدد الأرامل 30 ألف أرملة.
15-عدد اليتامى فاق المليون أي يفوق سكان الصحراء الغربية ثلاث مرات ونصف.
16-عدد المعطوبين قيل بلغ عددهم 1 مليون.
17-هناك 8 آلاف عائلة فقدت فردا من أفرادها.
18-عدد الذين فصلوا من أعمالهم بلغ 13 ألف.
فهل النظام الذي تسبب في كل هذه الفظائع بحق شعبه يحق له أن عطي دروسا للآخرين في احترام حقوق الشعوب المشروعة؟!!! فهذا إدريس الجزائري حفيد الأمير عبد القادر كما يشاع، وممثل الجزائر في الأمم المتحدة يدعو من جنيف الأمم المتحدة إلى التحقيق في وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية استنادا إلى ميثاق الحقوق المدنية والسياسية، فلماذا لا يطالب الأمم المتحدة بالتحقيق في جرائم النظام الجزائري الذي فاق بعشرات المرات ما حدث في مخيمات العيون؟!!! إذا ما حدث في العيون عند المقارنة مع ما حدث في الجزائر يكاد أن يكون نقطة سوداء في جلد ثور أبيض، وهذا رئيس الهيئة الإستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني يدعو المنظمات الدولة لكشف تجاوزات المغرب بحق سكان الصحراء الغربية، فلماذا لا يطالب هذه المنظمات نفسها والتي من عادته أن يكيل لها الاتهامات للتحقيق فيما جرى في الجزائر منذ الانقلاب على اختيار الشعب؟!!!. وهذا محرز العماري يصرح قائلا "ما وقع في العيون كارثة إنسانية لا ينبغي السكوت عنها" فلماذا سكت عما يحدث في أفغانستان وباكستان والعراق وفلسطين، ولم نسمع له صوتا ولماذا لا يطالب النظام الجزائري بالكشف عن المقابر الجماعية التي خصصت لأكثر من 17 ألف مختطف؟!!! وإذا كان ما حدث في مخيم العيون "إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية" فماذا نقول عما فعله جنرالات الانقلاب العسكري من محرقة إنسانية ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا، وهي محرقة ليس لها نظير في سائر الدول العربية والإسلامية منذ قرون ؟!! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا يقول "المنافق يرى القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه"، ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت، ومن العجائب والغرائب أنه في الوقت الذي يصعد الساسة وبعض رؤساء الأحزاب اللهجة ضد نظام المخزن كما يقولون وينعتونه بشتى النعوت وفي الوقت الذي تصف التلفزة الجزائرية ما حدث مؤخرا في العيون بالإبادة الجماعية والمجزرة البشعة والقول أن أحداث العيون كشفت عن وحشية النظام المغربي، في هذا الوقت بالذات، تأتي رسالة بوتفليقة في 18 نوفمبر بمناسبة عيد الاستقلال المغربي، وهي تفيض رقّة وعطفا وكلها دعوات خالصة للأسرة "الشريفة" بالسعادة وطول العمر، فما هذا التناقض الصارخ أم أن هناك خلافا سريا حول معالجة هذه القضية بين الأجنحة المتصارعة؟!!! رغم أن خطاب ملك المغرب يأتي صادما لا مهادنة فيه؟!!! وكلنا يذكر ما قاله الرئيس بوتفليقة بعد لقاء حسني مبارك "أنا لم أقل كلاما لا يليق بحق مصر" أم أنها سياسة معاوية كما يقولون، هذا يشتد وهذا يلطف الأجواء كأن شيئا لم يكن؟!!! ويبقى الناس في حيرة بين رسائل الرئيس العاطفية الطافحة بالحب والدعاء، وحملات الشحن والتصعيد السياسي والإعلامي داخليا وخارجيا في الميدان؟!!! بل هناك جهات أصبحت تنادي بالعودة إلى العمل المسلح لدفع الظلم وانتهاك حقوق الإنسان.
تاسعا: مما لا شك فيه أن الآثار الوخيمة لاغتصاب اختيار الشعب لم تقتصر على ما سبق ذكره بالأرقام وهي أرقام أغلبها رسمية أما الأرقام الحقيقية فهي تفوق ذلك بكثير خاصة في عدد القتلى حيث هناك من يقول أن عدد القتلى يوشك أن يصل إلى مليون، وهكذا قل في سائر الأرقام وهي أرقام قديمة وما زالت السلطة الفعلية تتكتم عن الأرقام الحقيقية، ومن الآثار الوخيمة:
أ-الحالة السياسية الداخلية، حيث تعاني مؤسسات الدولة المختلة من العجز والجمود السياسي وانحصار الحريات السياسة العامة وعدم السماح باعتماد أحزاب سياسية حقيقية وغياب التعددية الإعلامية والنقابية وسيطرة السلطة التنفيذية –الفعلية- على البرلمان والعدالة والهيمنة على الحياة السياسية.
ب-الحالة الاجتماعية المزرية التي يعيشها الشعب الجزائري وتصاعد الغليان الشعبي هنا وهناك وانسداد الأفق أمام شباب الأمة مما ينذر بالخطر الداهم لأن اليأس والإحباط من أكبر عوامل عدم الاستقرار لسياسي والاجتماعي.
ج-دخول الجزائر في علاقات مشبوهة وغير مشروعة مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية الغربية والأمريكية تحت عنوان التنسيق الأمني في مكافحة الإرهاب الدولي والإستقواء بالدول الغربية وعلى رأسهم أمريكا هذه التي تحارب حركات المقاومة في أفغانستان وباكستان والعراق وفلسطين والحق أن الاستبداد الداخلي وإرهاب الدولة داخليا وطغيان قوى الاستكبار العالمي طمعا في خيرات الشعوب الإسلامية أكبر مفجر للعنف الداخلي والدولي، والحاصل أن الأوضاع السياسية المتدهورة والاجتماعية المزرية والاقتصادية المتخبطة والأمنية الخطيرة داخليا وخارجيا، لاسيما بعد تغلغل الأجهزة الأمنية والعسكرية والمخابراتية الدولية في دول جنوب الصحراء بشكل مباشر أو غير مباشر حسب ظروف كل دولة من دول الساحل مما ينذر بالخطر على أكثر من صعيد، ولا مخرج من كل هذه الأزمات المتنوعة إلا بفتح جميع الملفات المطوية التي تخص جذور الأزمة الجزائرية المعقدة ومن بين تلك الملفات ملف المختطفين وملف الاغتيالات السياسية وعلى رأسها ملف اغتيال المرحوم عبد القادر حشاني رحمه الله، وهذا ما تصر عليه قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ الثابتة على الخط الأصيل والمسارعة إلى الوصول إلى حلول سياسية جذرية بعيدا عن روح الحقد والانتقام وإنما من أجل معرفة الحقيقة وتحديد المسؤوليات لاسيما وقيادة الجيش خرجت عن إطارها ودورها الدستوري المحدد لها، وقمة الحل السياسي الشامل تتمثل في إعادة الكلمة للشعب ليختار المشروع السياسي الذي يطمئن إليه قلبه دون إقصاء أو تهميش وليعلم الجميع أنه ثمة جرائم لا يمكن أن تزول بالتقادم منها الاغتيالات السياسية التي تطال رؤساء الدول وزعماء الأحزاب المعارضة والشخصيات العامة، وقديما قالوا "ما ضاع حق وراءه طالب" وصدق رسول الله عليه وسلم "لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة" وصدق الله تعالى إذ يقول "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون"السجدة24.
بن حاج علي
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.