سؤال يطرح بين الحين والآخر وفي مناسبات عدة ، لكنه جدير بالتناول والتوضيح ، ليس تقيما ًلحركة تحرر وطني فحسب ، لكن جرت العادة أن يطرح هذا السؤال وبصفة دائمة على الحركات السياسية والتحررية ذات الطابع الإسلامي ، سؤال له خلفيات عدة في أجواء عدة ، غالبها يحمل الطابع الفكري من تيارات تجاوزتها طبيعة المرحلة وحلت محلها هذه الحركات التحررية العقدية ، ماذا قدمت حماس؟! أجواء الانطلاقة الأولى في نهاية الثمانينيات حين بدت مظاهر الهرم وطول الطريق وقلة الزاد على منظمة التحرير الفلسطينية رغم تاريخها النضالي والجهادي الطويل والمقدر ، وحين لاح في الأفق بوادر سياسات وفلسفات وسلوكيات جديدة تهيمن على هذا الكيان التاريخي لا تناسب لحد كبير طبيعة المهمة المقدسة التي أسست من أجلها ، لاحت بوادر التحول إلى المهادنة والخيار السياسي السلمي والميل التدريجي لاقتفاء أثر كامب ديفيد ، لاحت بوادر الميل أن القضية سياسية لادينية مع محتل ديني من الطراز الأول ، بوادر نزع فتيل القوة والحرارة من ميدان النضال ، كان لازماً من قوة دافعة مجددة تعيد للقضية طاقتها وحرارتها وقدسيتها فكانت حماس ، الحركة والمقاومة والعقيدة، المستوى الاستراتيجي ** إهدار المقوِّم المعنوي الذي قامت عليه دولة الكيان الصهيوني "أن إسرائيل قدرٌ لا فكاك منه" واستسلمت له الأنظمة وقاومته حماس بل فرضت واقعاً مختلفاً مفاده" زوال إسرائيل فريضة شرعية ومسئولية وطنية وحتمية تاريخية" ** حضور المرجعية الإسلامية وبفاعلية لقيادة تيارات المقاومة بعد عقود من الإقصاء؛ ليتمَّ التكافؤ بين المشروعين الصهيوني والإسلامي على المستوى المرجعي والعقدي ** الدعوة إلى مرجعية جديدة وبديلة للمقاومة بعد ترهُّل وانكسار المنظمات التاريخية برحيل جيل المؤسسين وفساد الأبناء الوارثين لتكون المرجعية ليست أشخاص أو منظمات بل مشروع المقاومة المستوى الإجرائي ** وضوح الرؤية ... فهي تعرف من هي وماذا تريد وأين تتجه ومتى؟! ** تقديم جيل من القيادات الشابة التي تؤمن بالمشروع التحرري وتمتلك إرادته وتتحلى بصفاته وتتحمل تبعاته ** تقديم قوافل متتالية من الشهداء والأسرى من الرجال والنساء والأطفال ، بداية من الإمام المؤسس الشيخ أحمد ياسين وانتهاءً بمحمد الدرة ومازالت القافلة تسير ** تقديم نموذج مشرف في السياسة والحكم يعتمد منظومة الأخلاق الإسلامية والإنسانية بعيداً عن الأوهام والأكاذيب السائدة في عالم السياسة ** الصمود غير المسبوق أمام الغطرسة الصهيونية وترسانتها العسكرية المدعومة عالمياً وإقليمياً ** الرشد والحكمة في التعاطي تجاه الملفات الحرجة مع الأشقاء والأصدقاء والأعداء رغم الضغوط وسياسة التوريط "ملف التعذيب والاعتقال المصري ، ملف اغتيال المبحوح ، ملفات الفساد الأخلاقي لبعض الخصوم فضلاً عن التعاطي العاقل مع الحملات الإعلامية ضدها من هنا وهناك خاصة دول الجوار.." ** تحويل التعاطف والتأييد للقضية والحقوق الفلسطينية من المربع العربي والإسلامي إلى المربع الإنساني ** كشف الغطاء الأخلاقي عن الكيان الصهيوني ، فلم يعد الكيان هو المجتمع المستضعف وسط غابة من الخصوم والأعداء ، بعد جرائمه الآثمة في غزة ، ولم يعد الكيان النموذج الحضاري الديمقراطي الإنساني وسط منطقة من الوحوش الآدمية بعد الاغتيالات والحصار والدمار وتزوير الحقائق ** تحقيق التفوق في بعض المجالات منها المجال الإعلامي حيث تسويق القضية وعرض الحقوق وفضح الانتهاكات والمؤامرات ما عرض قناة الأقصى للغلق مرات بل واعتبارها كيان إرهابي ومعادي وأخيراً ... ستبقى هذه الحركة المباركة وغيرها من حركات المقاومة القوة الدافعة والأمل المنشود في تحرير الأرض وحماية المقدسات .... حفظك الله يا حماس .... * مدير المركز المصري للدراسات والتنمية