ولدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من رحم الشعب الفلسطيني البطل لتعلن منذ انطلاقتها الأولى أن عقود الاحتلال يقابلها عقود من الصمود والمقاومة وتؤرخ صفحات مضيئة استكمالاً لرصيد حافل وأداء مشرف لهذا الشعب العظيم الذي كان وما زال صابراً صامداً مقاوماً لكل محاولات تغييب الوعي وطمس الهوية وكسر الإرادة ، أصرت حماس على الحياة رغم محاولات القتل العمد من العدو والصديق بل والشقيق أحياناً ، أصر على الحياة فأحيت معها شعوب الأمة بل شعوب الدنيا ، مل الساسة ولم تمل ، تهاونوا ولم تفرط ، رفعوا رايات عديدة ،السلام والتفاوض والمقاومة السلمية وأخيراً بدنا نعيش ، ولم ترفع هي إلا راية واحدة المقاومة لاستعادة الأرض والحق وبدنا الشهادة ، حقاً إنها رمز العزة والكرامة والإيمان ، تمر علينا الذكرى 23 لانطلاقة حماس قلب الأمة النابض وعقلها الواعي وذراعها الحكيم الراشد ، تمر علينا الذكرى في ظل جولات عديدة ومتتالية في الصراع القائم ، جولات أوجدت حالة من الفرز الوطني والقومي بين المشروع الصهيوني من جهة ، والأنظمة العربية والإسلامية صاحبة الحسابات الشخصية المعقدة من جهة ، وعلى الخط الفاصل بينهما يقف وبشموخ المشروع المقاوم برعاية الشعوب العربية والإسلامية بل والإنسانية ، تمر الذكرى وقد تغيرنا لما هو أفضل على غير ما يظن الكثيرين حيث العديد من المكتسبات والفرص والتحولات التي تحتاج إلى مزيد من التوظيف ، تمر الذكرى ولم تبرح المفاوضات العبثية مكانها بل تراجعت للوراء عقود حين صارت تلهث اليوم وراء ما رفضناه منذ زمن ، تمر الذكرى لنستدعي العديد من المكتسبات في مربع الصمود والمقاومة تأكيداً لحقوق العادلة والمشروعة مكتسبات المقاومة ** انهيار المقوِّم المعنوي الذي قامت عليه دولة الكيان الصهيوني "أن إسرائيل قدرٌ لا فكاك منه" وأصبح نشيد الشعوب "أن زوال إسرائيل فريضة شرعية وحتمية تاريخية" وانتقل الكيان من مربع الحدود إلى مربع الوجود، ** حضور المرجعية الإسلامية وبفاعلية لقيادة تيارات المقاومة بعد عقود من الإقصاء؛ ليتمَّ التكافؤ بين المشروعين الصهيوني والإسلامي على المستوى المرجعي والعقدي ** الدعوة إلى مرجعية جديدة وبديلة للمقاومة بعد ترهُّل وانكسار المنظمات التاريخية برحيل جيل المؤسسين وفساد الأبناء الوارثين لتكون المرجعية ليست أشخاص أو منظمات بل تكون المقاومة لدولة محتلة وشعب مكلوم ** فشل الحسم العسكري بعد الصمود المبهر للمقاومة في الحرب الآثمة والشموخ الرائع لشعب غزة أمام الحصار الظالم ** فشل المسار التفاوضي رغم سلسلة التنازلات التي قدَّمها فريق المساومة؛ لدرجة وصل فيها إلى أن يكون الوكيل الحصري للاحتلال في التعامل الأمني مع المقاومة ** يقظة الشعوب، التي لم تعد تراهن على أنظمة مستبدة وفاسدة كما لا تراهن على المجتمع الدولي خاصة أمريكا الراعي الأول لوجود وأمن الكيان الصهيوني لدرجة قال فيها مستشار الأمن القومي الأمريكي "جونز" أن أمن إسرائيل واجب مقدس! ** تنامي المقاطعة الشعبية للمنتج الأمريكي والصهيوني، بل إن سلاح المقاطعة صار حاضرًا في كثير من النزاعات بين المسلمين وغيرهم ** انتقال القضية الفلسطينية من المربع العربي والإسلامي إلى المربع الإنساني وأخيراً أن الكيان الصهيوني غير شرعي وغير قانوني حتى لو اعترفت به الدنيا طالما أصحاب الأرض والحق لم يفوضوا أحداً نيابة عنهم بالتنازل أو البيع والسمسرة . محمد السروجي مدير المركز المصري للدراسات والتنمية