كتبت منذ فترة قليلة عن البرلمان الموازي كرد فعل للمعارضة الوطنية غير المستأنسة على جريمة تزوير الانتخابات وطرد كل من له صوت وطني حر من تحت قبة المجلس تمهيداً لطرده من الحياة السياسية وربما بعد فترة من الحياة عموماً بعد التفصيل المنتظر من ترزية القوانين لجملة التشريعات التي تجرم معارضة النظام تحت عناوين الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي ودعم الشرعية وغير ذلك من الآراء ذات الغطاء القانوني والمضمون الأمني التي تعد بعيداً عن أروقة السياسة والقانون وفي أروقة أكثر ضيقاً وأقل أفقاً ، وحذرت فيما كتبت من جملة التهديدات التي سيتعرض لها هذا الكيان الجديد الوليد بمكوناته من الأحزاب والشخصيات الوطنية ، أهمها المحاولات المتكرِّرة من النظام وفرق الموالاة لتعكير الصفو أو استيعاب البعض بصور مختلفة؛ أملاً في شقِّ الصف بالإضافة إلى ما ذكرته في صدر المقال عن التوظيف السياسي للمجلس المزور وترزية القوانين لسن تشريعات تجرم وتأثم هذا النوع من العمل الشعبي السلمي ، ويبدو أن النظام قد أشير عليه باستكمال المشهد بعد شعوره بخطورة إصرا المعارضة على عدم شرعية المجلس وبالتالي عدم شرعية ما ينتج عنه خاصة شرعية الرئيس القادم ، لذا من المتوقع التفكير في سيناريو الاستيعاب أو الترويض بدعوة المعارضة الرسمية "الأحزاب السياسية وبعض الشخصيات المستقلة"لجولة جديدة من الاستيعاب الرئاسي ، دعوة توجه من القيادة السياسية إلى قيادات الأحزاب الرسمية في جلسة ودية لا قيمة ولا مدلول سياسي لها سوى تحقيق عدة أهداف وتخطى عدة عقبات محلية وإقليمية منها : ** تجميل الوجه القبيح للنظام الذي قفز على إرادة المصريين منتزعاً الحد الأدنى من حقوقهم العادلة والمشروعة في اختيار ممثليهم في المؤسسة التشريعية التي تحولت إلى ناد للحزب الوطني ** ترضية بعض أطياف المعارضة التي وعدت بنصيب وافر في كعكة الانتخابات خاصة وأن هناك من ينتظر نصيبه ولم ييئس بعد ** كسر حدة مواقف المعارضة والالتفاف حول أي فرصة لتوحيد صفوفها ** دفن ملفات الفساد الكبيرة والخطيرة التي طالت العديد من قيادات الحزب وكبار النافذين في الدولة المصرية ، ملفات لن يمنع فتح الخروج من تحت قبة البرلمان ** عزل جماعة الإخوان المسلمين عن الكتلة الشعبية المعارضة وتركها وحيدة بل قد يتجاوز المشهد هذا الأمر لما هو أخطر بتجنيد المعارضة "كما حدث قبل الانتخابات " لتقوم جنباً إلى جنب مع الحزب الوطني بمقاومة الوجود السياسي للإخوان بالوسائل القانونية والإعلامية والتنفيذية ** تهدئة المناخ العام لما يرتب على المستوى الإقليمي في جنوب السودان وجنوب لبنان والملف الفلسطيني خاصة يهودية الدولة الصهيونية التي يرتب لها عالمياً على قدم وساق خلاصة الطرح .... من المتوقع أن يفكر ويخطط النظام وفقاً لأجندته ومصالحه الطموحة في السلطة والثروة ، ويبقى الرهان على مواقف المعارضة الوطنية هل تأكل الطعم وتفقد بقايا الثقة والحدود أم تتجاوز هذا الاختبار لتمنح المزيد من القوة والوجود؟! .... حفظك الله يا مصر ... محمد السروجي مدير المركز المصري للدراسات والتنمية