نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا عن ما وصفته بتمدد النفوذ التركي في العراق من شماليه إلى أقصى جنوبيه الغني بالنفط، وقالت إن ذلك يعكس تنامي الثقل التركي في العالم العربي الذي ينظر إلى تركيا بعين الشك.وقالت الصحيفة الأميركية إن صعود نجم تركيا في منطقة تتنافس فيها أميركا وإيران، يثبت أنها تحقق نجاحا كبيرا حتى الآن في رسم سياسة خارجية مستقلة عن تحالفها مع أميركا والغرب. وتابعت أن النفوذ التركي في شمالي العراق أكبر وعلى نطاق أوسع من النفوذ الإيراني في باقي أنحاء البلاد. فبينما قامت الولاياتالمتحدة بغزو واحتلال العراق وخسرت الآلاف من جنودها فإن تركيا تحظى بما قد يكون إرثا دائما يسمى القوة الناعمة، وهو تعزيز النفوذ عبر الثقافة والتعليم وقطاع الأعمال. وقالت نيويورك تايمز إن التأثير التركي الجديد جاء عبر محور يمتد من زاخو في الشمال إلى البصرة في الجنوب مرورا بالعاصمة بغداد. تأثير سياسي ففي بغداد، دعمت تركيا تحالفا علمانيا (قائمة إياد علاوي) ساعدت في بنائه، وإن كان ذلك قد أثار سخط رئيس الوزراء نوري المالكي. ويمكث الدبلوماسيون الأتراك في العراق لمدة عامين خلافا لنظرائهم الأميركيين الذين يشغلون مناصبهم لعام واحد فقط، الأمر الذي يمنح الأتراك فرصة أكبر للتواصل مع شركاء غير محتملين وهم أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. وقد توجه عدد كبير من السياسيين الصدريين إلى العاصمة التركية لتلقي التدريب على البروتوكولات البرلمانية. وفي الشمال، بدأت في بناء علاقة مع نظام كردي كانت تعتبره لفترة طويلة مصدر تهديد للبلاد. النفط وقالت نيويورك تايمز إن تركيا نصبت نفسها بوابة النفط العراقي لأوروبا، في الوقت الذي تحاول فيه أنقرة أن تلبي احتياجاتها المتنامية من الطاقة. وقد وقعت تركيا عقودا ببناء أناببيب نفطية بقيمة 11 مليار دولار، لتجاوز الأراضي الروسية وتمرير الغاز العراقي إلى أوروبا. وتملك الشركات التركية حصتين من العقود النفطية وعقود مشاريع الغاز، تقدر بمليارات الدولارات. وقالت الصحيفة إن التوجه التركي العالمي واستقطاب اهتمام أسواق الشرق الأوسط يقلب المفاهيم التي تشير إلى أن القوة الأميركية هي القوة الحاسمة الوحيدة. من حانبه نفى مسؤول القنصيلة في أربيل التي افتتحت هذا العام أن يكون الهدف الاستيلاء على العراق أو على جزء منه، وقال "لكننا سنعمل على الاندماج مع هذه البلاد. فبوجود الطرق والسكك الحديدية والمطارات وأنابيب النفط والغاز بين البلدين، سيسهل تدفق الناس والسلع بين الجانبين". التبادل التجاري وعبر الحدود الشمالية في زاخو، تنقل 1500 شاحنة يوميا السلع التركية من الملابس والأثاث والطعام التي تملأ الأسواق العراقية. وقد ارتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو ستة مليارات دولار عام 2010، أي نحو ضعف المعدل لعام 2008، ويتوقع المسؤولون الأتراك أن يصبح العراق خلال العامين المقبلين أكبر سوق تصدير لتركيا. وفي أربيل التقت السياسات بقطاعات الأعمال، فهناك أكثر من 15 ألف تركي يعملون في المدينة وفي مناطق أخرى بالعراق وتشكل الشركات التركية ثلثي الشركات الأجنبية العاملة في المنطقة. وقد رفعت القيود على السفر بين البلدين، فالقنصلية التركية في أربيل تصدر نحو ثلاثمائة تأشيرة يوميا، كما أن الحركة الدينية التركية تدير 19 مدرسة في المنطقة. ويتحدث المسؤولون الأتراك عن تحويل المنطقة إلى ما يشبه الحدود الأميركية المكسيكية. ويقول المسؤول التركي علي رضا في القنصلية التركية في البصرة إنه لا أحد يعمل هنا سوى تركيا، مشيرا إلى أن من يأتي أولا يحظى بالعقود ويحقق الفائدة في المستقبل.