يكشف يوميا مزيد من قصص الفساد والنهب التي يكون في العادة أبطالها من السياسيين والدبلوماسيين والضباط العسكريين الأمريكيين البارزين السابقين الذين خدموا في صفوف الاحتلال الأمريكي في العراق حيث يستخدمون خبراتهم لمساعدة الشركات الأجنبية على الدخول إلى أسواق العراق وخاصة قطاع النفط، أو يديرون شركات خاصة بهم هناك. الأمر الذي يعزز الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة بأن الهدف الرئيسي لغزو العراق في عام 2003 هو السيطرة على مصادره النفطية. وكشفت صحيفة نيويورك تايمز أن السفير الامريكي السابق ورجل الأعمال بيتر غالبرايث (58 عاما)، الذي عمل مستشارا لحكومة إقليم كردستان العراق في صياغة الدستور العراقي الجديد كان حرص على أن يتضمن هذا الدستور بنوداً تمنح الأكراد السيطرة المطلقة على معظم شؤون مناطقهم الداخلية وسيطرة كاملة على كافة حقول النفط الجديدة التي يتم اكتشافها في إقليم كردستان بدل الخضوع لسلطة الحكومة المركزية في بغداد، وهو ما مكنه لقاء ذلك إلى جانب علاقته مع شركة النفط النرويجية (دي إن أو) من الحصول على عوائد مالية ضخمة من تلك الحقول بلغت نحو مئة مليون دولار. وبالرغم من كل ذلك فإن غالبرايث يدعي حسب تقرير الصحيفة أنه يعمل مستشارا للأكراد بدون مقابل غير أنه اعترف أن لديه مصالح تجارية في إقليم كردستان. وقالت الصحيفة استنادا على مقابلات أجرتها مع مسؤولين حكوميين وتجاريين في النرويج وفرنسا والعراق والولاياتالمتحدة وغيرها أن غالبرايث قد حصل في عام 2004 على اسهم في واحد من حقول النفط في كردستان على الأقل، بعدما ساهم في التفاوض على عقد خوّل شركة النفط النرويجية دي أن أو استخراج النفط في منطقة دوهوك في كردستان. وقد أثارت مصالح غالبرايث المالية في كردستان مخاوف العراقيين من أن يكون السبب الرئيسي للغزو الأمريكي الطمع بالنفط، ويؤمن غالبرايث بتقسيم العراق وفق الانتشار الإثني وهو ما يرفضه القوميون العراقيون بشدة، وقد أثرت أفكاره بنائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن والمرشح السابق للرئاسة الامريكية جون كيري غير أنهما لم يوافقا على أرائه المتعلقة بتقسيم العراق حسبما يفيد سياسيون أمريكيون. وإلى جانب غالبرايث فقد ذكرت تقارير صحفية أن العديد من مسؤولي حكومة الرئيس السابق جورج بوش يعملون حاليا وسطاء ورجال أعمال في العراق من بينهم السفير الأمريكي السابق لدى أفغانستان و العراق والأمم المتحدة، زلماي خليل زاده، والجنرال المتقاعد جاي غارنر، الذي كان أول حكام العراق العسكريين عقب احتلال الولاياتالمتحدة للعراق في مارس عام 2003. وقد اسس خليل زاده شركة تحمل اسمه افتتحت هذا العام مكاتب في بغداد ومدينة أربيل في كردستان العراق لتقديم استشارات للشركات الراغبة في القيام بأعمال تجارية في العراق، وقام خليل زاده بعدة زيارات إلى العراق خلال العام الحالي. كما أن غارنر يشغل الآن منصباً بارزاً بشركة نفط أمريكية اشترت حصة مقدارها 37 في المئة من نفط كردستان العراق قبل عامين، وما زال يعمل مستشاراً لدى شركة نفط كندية. ونقلت صحيفة فاينناشل تايمز البريطانية عن كارين ليساكرز مديرة معهد (ريفينيو ووتش) في نيويورك قولها إن المسؤولين الأمريكيين الذين اتجهوا لممارسة أعمال تجارية في مناطق كان لهم نفوذ سياسي كبير فيها، سيثيرون شكوك الجمهور حتى لو كانت نشاطاتهم سليمة».