رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عباسي مدني : حلول النظام شكلية وهروب إلى الأمام والشعب يستعيد زمام المبادرة
نشر في الفجر نيوز يوم 20 - 03 - 2011

وحذر من انفجار وشيك بالشارع الجزائري..
رفع حالة الطوارئ وتشكيل حكومة وفاق وطني ولجنة حكماء أولى خطوات حل الأزمة
مصير الجبهة غير مرتبط بالقيادات التاريخية وحان وقت القيادات الشابة
جيل التغيير يعود متسلحًا بإرادة قوية تنهي عهد تجريف الحياة السياسية بالجزائر
الثورات العربية بداية عهد جديد تستعيد فيه الشعوب قدرتها على قمع الاضطهاد
طه حسين:
أكد الشيخ عباسي مدني زعيم ومؤسس الجبهة الاسلامية للانقاذ بالجزائر أن الثورات العربية بداية عهد جديد تستعيد فيه الشعوب قدرتها على قمع الاضطهاد.
وقال في حوار مع الشرق ان الشعوب العربية استعادت زمام المبادرة وان سوء تسيير الانظمة العربية نتيجة منطقية لخروج السلطة عن الشرعية وأن جيل التغيير قد جاء متسلحًا بإرادة قوية في التغيير.
واكد ان الاصلاحات المعلن عنها مؤخرا في الجزائر بمثابة هروب الى الامام وتعد حلولا شكلية لن تمتص غضب الشارع وتنذر بانفجار وشيك خاصة بعد توسيع صلاحيات الجيش ومنع المسيرات وإبقاء الحظر السياسي على فئة واسعة من الشعب وعلى رأسها الجبهة الاسلامية للانقاذ، حيث قام النظام بتجريف الحياة السياسية وتحويل الجزائر الى دولة غنائم، مؤكدا ان الازمة اعقد من ان يحلها شخص واحد مهما كانت مسؤولياته.
واقترح عدة اجراءات لإعادة الثقة في مقدمتها رفع حالة الطوارئ واطلاق سراح المعتقلين تتبعها اجراءات لحل الازمة بتشكيل حكومة وفاق وطني وحل مجالس التزوير وتشكيل لجنة حكماء لإعداد دستور جديد للبلاد.
واقترح مدني عقد مؤتمر للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للتفكير في أنسب الحلول العملية للبناء السياسي والتشريعي والاقتصادي والاجتماعي بالجزائر.
وحول ترشيح نفسه لرئاسة الجبهة مجددا أكد مدني ان مصير الجبهة غير مرتبط بالقيادة التاريخية وان الوقت حان كي تتسلم القيادات الشابة المشعل. وفيما يلي نص الحوار..
— كيف تنظرون إلى هذه الثورات التي تجتاح العالم العربي؟
لقد فتح التاريخ صفحة جديدة من صفحاته في المنطقة العربية، معلنا بداية عهد جديد، عهد الشعوب التي عادت بقوة إلى واجهة الأحداث ليس لتصنع الحدث فحسب ولكن لتسطر مستقبلها وتقرره بعيدا عن الإقصاء والقمع والاضطهاد.. والمتوقع حصول تغييرات كبرى تصنع تفاصيلها الشعوب لتؤسس لعهد الشعوب بعد أفول عهد النظم الطاغية المستبدة الجائرة الفاسدة التي طغت في البلاد فأكثرت فيها الفساد، فنهبت الخيرات واستباحت حرية وكرامة الشعوب.
لقد تغير العالم، ولم يعد مقبولا أن تظل المنطقة العربية تمثل الاستثناء وتظل الشعوب العربية دون بقية الشعوب تئن تحت نير الظلم والاستبداد.. لقد استرجعت الكثير من الشعوب العربية زمام المبادرة، ومارست حقها في اختيار من يحكمها لأنها هي الشرعية وهي صاحبة السيادة ومصدر الحكم، بالأمس صنع التونسيون صفحة مشرقة، ثم أضاف المصريون صفحة ناصعة وها هم الليبيون يصنعون ملحمتهم المباركة لإسقاط ثالث فراعين عصرهم، الشيء الذي يؤكد أن عجلة التاريخ لا ترحم ولا يمكن إيقافها.. فهنيئًا لهذه الشعوب هذا العهد الجديد الذي طال انتظاره.
أنظمة ظالمة
— لكن ما هي دوافع هذه الثورات وقواسمها المشتركة؟
أهم دافع لهذه الثورات الواقع المتعفن الذي آلت إليه أوضاعنا بسبب سوء تسيير الأنظمة الظالمة وهي نتيجة منطقية لخروج السلطة عن الشرعية وتسيير البلاد بفرض سياسة الأمر الواقع بقانون القوة ومشروعية القمع، فانتهكت الحقوق وكبتت الحريات الفردية والجماعية، السياسية منها والإعلامية وفرضت الحلول الأمنية للمشكلات التي هي في الأصل سياسية. فهذه الأسباب وغيرها زادت الضغط على الشعوب إلى أن وقع الانفجار الذي عشنا بدايته ليضع حدا نهائيا لهذه الأنظمة الظالمة.
إن الشاب البوعزيزي الذي انتفض ضد الذل والمهانة وأحرق نفسه تعبيرا عن رفضه للحقرة، أكد أن الحق في العمل مرتبط بالحق في الكرامة ولا كرامة في ظل القمع والاستبداد، من هنا كانت انتفاضة الشعب أعمق في الطرح وأقوى من أن تقزم في مطالب اجتماعية حتى أخرج شعاره الخالد "الشعب يريد إسقاط النظام" وشعار "مطالبنا سياسية وليست زيادة في الشهرية".
من جهة أخرى، بينت الحقائق التاريخية أن جيل التغيير قد جاء متسلحًا بإرادة قوية في التغيير ومتحكما في الأداء العلمي والتكنولوجي ليوظفها أحسن توظيف ليكسر كل الحواجز التي وضعت أمامه، فبينما كان يمنع من التعبير محليا في بلاده فقد أصبح صوته عابرا للقارات ومتحديا جبروت الطغاة وأجهزة الأمن والمخابرات والاستخبارات التي تفننت في مطاردة مواطنيها والتضييق عليهم، عن طريق الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعية، فلم يعد ثمة إمكانية للتعتيم وطمس الحقائق والقتل والتعذيب بعيدا عن أعين ومسامع العالم...
ان الجيل الجديد اختار تغيير واقعه في أداء رسالي حضاري رائع ليكون جزءا من أمة خلاقة مبدعة تحقق طموحها على مستوى إنساني شامل وليمارس حقه في المشاركة في التطور والبناء في كل مجالات الحياة.
عالمنا واحد
— ما هو تعليقك على مواقف الغرب في التعاطي مع هذه الثورات؟
إذا كان الغرب إلى وقت قريب ينظر إلى المنطقة العربية كسوق ولم يضع في سلم اهتماماته مسألة الديمقراطية والحرية، فإن الأحداث أثبتت أن عالمنا واحد كالسفينة إذا غرقت غرق الجميع وإذا سلمت سلم الجميع، ونحن نرى أنه من الواجب الحفاظ على الجوار الآمن وما يتضمنه من عوامل التآلف والتكامل والتعاون في إطار التعايش المثمر. ومن ثم فإن بقاء هذه الأنظمة العربية المستبدة تهديد للسلم والأمن الدوليين، ومساندتها من طرف الغرب تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وتحرير المرأة وفتح السوق قد ولت وكشفت هذه الثورات زيفها.
إن علاقة الغرب معنا لا يمكن أن تكون إلا عبر دولة ديمقراطية تحترم فيها إرادة الشعب وتقوم على أسس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة. إن سياسة التشويه للحركات الإسلامية لا تساعد على التحليل والتفاهم بل تساعد فقط على التخويف وما ينتج عنه من سياسات خاطئة في التعامل مع الشعوب العربية والإسلامية. وأنتهز هذه الفرصة لكي أنادي الصفوة الواعدة الواعية في الدول الغربية للسعي إلى تكوين أمة الجوار المطمئن الذي يتعامل بالأخلاق السامية والقيم الإنسانية الراقية.
— ما موقفكم من الإصلاحات الأخيرة التي أعلن عنها في الجزائر؟
كنا وما زلنا نأمل أن يتم إخراج البلاد من الأزمة المتفاقمة قبيل اندلاع الثورة العارمة لتجنيب الجزائر الكثير من الخسائر المادية والبشرية غير أن هذا الأمل بدأ يتضاءل شيئا فشيئا عندما رأينا كغيرنا أن النظام الجزائري ما يزال يتلاعب باللجوء إلى الحلول الشكلية لا الجذرية لمحاولة امتصاص غضب الشارع المتزايد متجاهلا الغليان الذي ينذر بانفجار وشيك في الجزائر قد يأتي على الأخضر واليابس لأن الاحتقان كبير والظلم أكبر والانسداد السياسي وما يعاني منه الجزائريون من تضييق وضيق كل الآفاق، ينبئ بالانفجار الوشيك..
إن النظام الجزائري مثله مثل نظام بن علي الذي فهم شعبه متأخرا، ونظام مبارك الذي لم يعِد بتصحيح نفسه إلا بعد فوات الأوان، مازال إلى حد الآن وفيا لعادته القديمة بتبني سياسة الهروب إلى الأمام — دون الالتفاف إلى مطالب الشعب ولم يستفد حتى الآن من أخطائه السابقة ولم يقرأ جيدا رسالة الشارع. فكيف نتكلم عن رفع حالة الطوارئ مع توسيع صلاحيات الجيش وإصدار قانون محاربة الإرهاب إلى جانب منع المسيرات والاعتصامات وإبقاء الحظر السياسي على فئة واسعة من الشعب وعلى رأسهم الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي منحها الجزائريون ثقتهم بأغلبية ساحقة في انتخابات حرة ونزيهة وبشهادة النظام نفسه قبل أن يستنكف هذا النظام على عقبيه ويصادر الإرادة الشعبية، ويلغي الانتخابات ويوقف المسار الديمقراطي..
أما الإصلاحات في جانبها الاجتماعي فإن النظام يتعامل مع الشباب معاملة المتسول فخصص مِنَحا مالية للشباب العاطل عن العمل كما يدعي لكنه يجهل بأن شباب الجزائر شباب عفيف شريف يريد عملا كريما يضمن له خبزا نظيفا وحياة كريمة لأنه كغيره له الحق في العيش والكرامة والمشاركة في بناء الدولة.
إن هذه الإصلاحات في نظرنا هي عملية تجميلية فقط لواقع مشوه قبيح ورديء وهي طعم لامتصاص غضب الشعب خاصة في هذه الفترة التي يعيش فيها عالمنا العربي ثورات على الأنظمة الفاسدة.
— ألا ترون أن في الجزائر حراكا سياسيا ومكاسب اجتماعية؟
النظام حوَّل الجزائر إلى دولة غنائم حيث ريع النفط الذي تتقاسمه فئة محدودة على حساب الشعب، وفي الجزائر هناك تجريف للحياة السياسية التي أصبحت ديكورا وما التحالف الحاكم إلا حزب سياسي واحد بثلاثة رؤوس. لا يخفى على أي عاقل أن الجزائر تصنف دوما ضمن الدول الأكثر فسادا حسب تقارير منظمة الشفافية العالمية وإذا أردت أن ألخص المسألة فهناك تراكم لسوء التسيير والفساد ومصادرة حرية الشعب ونهب ثرواته، إن ما يحدث في الجزائر هو نزيف يجب إيقافه فورا قبل فوات الأوان.
صوت الحكمة
— برزت بعض المبادرات لسياسيين ووطنيين في الآونة الأخيرة، ما هي رؤيتكم للمخرج من الأزمة قبل فوات الأوان كما تقولون؟
تثمينا للمبادرات الصادقة التي أطلقتها بعض الشخصيات الوطنية، مثل الأخ الأستاذ عبد الحميد مهري والأخ حسين آيت احمد والأخ بن بيتور، وكذلك إخواننا في جبهة التغيير الوطني وغيرهم من المخلصين الغيورين على الجزائر، ووعيا بأن الأزمة المتعددة الأبعاد التي تعصف بالوطن أعقد من أن يحلها شخص وحده مهما كانت مسؤولياته وصلاحياته، أو جهة وحدها مهما كانت قوتها وهيمنتها، أو حزب وحده مهما كانت امتداداته الشعبية.. وحرصا على ضرورة الاستماع لكل الأصوات الغاضبة، والاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة.
فإنني أضم صوتي إلى صوت الحكمة، إلى نداء الوطنيين الأحرار الذين يرون ضرورة التحرك العملي والسريع بالشروع فورا في مسار سياسي مسؤول يجسد الإرادة الشعبية في تغيير النظام الذي أثبت فشله الذريع في قيادة وطن كبير وشعب أصيل، تحرك يمكن تلخيصه في اولا إجراءات استعجالية لإعادة الثقة المفقودة تشمل:
أولا رفع حالة الطوارئ رفعا فعليا لا صوريا دون شرط أو قيد،أي إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات الفردية والجماعية، وعودة الجيش إلى الثكنات، وعدم توسيع صلاحياته.
ثانيا إطلاق سراح جميع المساجين السياسيين والموقوفين عقب مختلف الاحتجاجات الشعبية الأخيرة.
ثالثا عودة المُهَجَّرين وضمان حقوقهم كاملة غير منقوصة.
رابعا فتح المجال السياسي دون تمييز أو إقصاء وإطلاق حرية التعبير والتظاهر والإضراب وكل الحقوق المكفولة دستوريا..
خامسا رفع الحظر عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ وجميع الأحزاب التي حُلت أو أُقصيت، والترخيص لكل الأحزاب المحبوسة طلبات اعتمادها.
سادسا فتح المجال الإعلامي وحرية التعبير وحرية.
سابعا حل مأساة المفقودين والمختطفين بما يكفل حقوق العائلات في معرفة الحقيقة ومصير أبنائها..
وهناك ثانيا إجراءات لحل الأزمة من خلال:
— تنظيم لقاء وطني لكل الأطياف السياسية لوضع أرضية وطنية للخروج نهائيا من الأزمة والاتفاق حول سبل وأدوات تطبيقها
— تشكيل حكومة وفاق وطني بإشراك جميع القوى السياسية دون استثناء للإشراف على المرحلة الانتقالية استعدادا لإعادة إطلاق المسار الديمقراطي والعودة إلى الإرادة الشعبية..
— حل المجالس المنتخبة التي تجسد التزوير والتلاعب بإرادة الجزائريين، تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية مسبقة ونزيهة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
— تشكيل لجنة حكماء تتكون من شخصيات وطنية وكفاءات قانونية معروفة بنزاهتها واستقلاليتها وقناعاتها الديمقراطية، لإعداد دستور جديد يضع الأسس المتينة للجمهورية الجزائرية الجديدة.
الجمهورية الجديدة
— ما هي مواصفات الجمهورية الجزائرية الجديدة في نظركم؟
أهم مواصفات الجمهورية الجديدة:
— استقلالية القرار السياسي عن العسكري، بإبعاد الجيش إبعادا عمليا ومؤسساتيا عن الممارسة السياسية، وعودته إلى الثكنة ليلعب دوره الدستوري كجيش جمهوري.
— إقرار التعددية الحزبية الحقيقية التي تمكن الشعب من حرية الاختيار بين البرامج والسياسات.
— التداول المشروع على السلطة.
— الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء بما يضمن العدل والمساواة أمام القانون.
— رفع الاحتقان الاجتماعي عن طريق توزيع عادل للثروة وضمان الحق في التعليم والعمل والسكن والصحة وكل ما يصون كرامة المواطن وشرفه.
— محاربة الفساد بالقضاء على مسبباته.
— ترقية الثراء الثقافي الوطني بما يقوي لحمة الوحدة الوطنية.
— حسن الجوار والإخاء في المنطقة وإعادة الاعتبار للبعدين الدولي والإقليمي المغاربي للجزائر.
— كيف سيتم التفاوض أو الحوار مع السلطة في هذه المرحلة؟
يجب خلق فضاء للحوار دون إقصاء ودون أحكام مسبقة أو أطروحات مطلقة، ولا يكون الحوار على قاعدة الإصلاح بل على قاعدة تغيير النظام والمرحلة المقبلة هي مرحلة المشاركة الفعلية وليس مرحلة المطالبة فحسب، وهي مرحلة الاقتراح لبناء الدولة الجزائرية الحرة المستقلة التي تكفل جميع الحريات الفردية والجماعية على أسس المبادئ الإسلامية كما جاء في نداء 1 نوفمبر 1954 ويجب مشاركة الجميع في ذلك دون إقصاء.
وهنا أقترح عقد مؤتمر للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للتفكير في أنسب الحلول العملية للبناء السياسي والتشريعي والاقتصادي والاجتماعي.
— البعض يتخوف من ردة فعل الجيش على قيام ثورة في الجزائر؟
الحقيقة، لقد طويت صفحة مظلمة من تاريخنا، صفحة عهد الدكتاتوريات لتحل محلها صفحة الشعوب المشرقة وبذلك تغيرت خريطة العالم ونظرته وخطابه، ولا شك أن الأغلبية من أبنائنا في الجيش لا تريد أن يتورط في الاعتداء على شعبه كما هو الحال في ليبيا بل يكون ضامنا للمرحلة الانتقالية إن تمت وإن اندلعت الثورة فلن يلطخ يده بدماء شعبه الزكية الطاهرة بحال من الأحوال شأنه شأن الجيش التونسي أو المصري.
الجيش الوطني الشعبي هو سليل جيش التحرير الوطني الذي كان يحمي الشعب أيام ثورة التحرير، وهذا ما يجعلنا نهيب بالجيش الوطني الشعبي ألا يكون أداة قمع في يد فئة مستبدة، بل عليه أن يراعي سلوك أداء الأمانة على أكمل وجه والحفاظ على الشعب حفاظا يجعل أبناءه لا يكونون عرضة للتقتيل وما يتبعه من تنكيل وتشريد. لقد آن أوان التكامل بين الأجيال وتوحيد الصفوف بالأخوة التي تربطه برباط أخلاقي في مستوى يضمن المكتسبات العظيمة كالسيادة والحرية والاستقلال.
تصفية حساب
— يخاف البعض من تصفية حسابات قديمة في حال اندلاع ثورة في الجزائر؟
لا يمكن أن تحكم عملية التغيير النزعة الانتقامية فالجيش والشرطة هم من أبناء الشعب وكانوا ضحية هذا النظام مثله ولا أظن أن ينساق الجيش ضد شعبه ونحن على يقين أنه سيدافع عن حقوق الشعب السيادية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
— كيف تنظرون إلى إعادة تنظيم الجبهة الإسلامية بعد كل هذه السنوات؟
الجبهة الإسلامية معين لا ينضب تستمد قوتها من ثقة الشعب الجزائري ومن نضالها ومن ثباتها على مبدأ الإصلاح، لقد دفع الشعب الجزائري ومناضلو الجبهة الثمن غاليا من أجل تغيير النظام تغييرا سلميا، وتعرضت إلى حرب إبادة لكن ولأن الجبهة ولدت من رحم معاناة الشعب الجزائري وتطلعاته لغد أفضل فهي في قلوب وعقول أغلب الجزائريين، وسننظم مؤتمرا إن شاء الله يجمع كافة قياداتها الأصيلة لاختيار إطارات وهياكل تتواكب مع المرحلة الجديدة، وهنا أترحم على شهدائنا وأحيي كافة مناضلينا ومناصرينا الذين ذاقوا الأمرين ونثمن ثباتهم ونشكرهم على الثقة التي وضعت فينا، لكن المرحلة القادمة تتطلب دما جديدا يعتمد على أصالة الماضي لبناء المستقبل وسوف ندعمه بكل ما أوتينا من قوة.
— هل تفكرون في الترشح لرئاسة الجبهة من جديد في حال حدوث مؤتمر تأسيسي؟
نحمد الله على أن مصير الجبهة غير مرتبط بالقيادة التاريخية ولا بالأفراد بل بكفاءات قادرة على تحمل مسؤولية استحقاقات المرحلة، أتمنى أن أكون برفقة أخي علي بن حاج قد أدينا ما علينا وحان الوقت كي تتسلم القيادات الشبابية المشعل وهذا مطلبنا منذ فترة طويلة، ولكن في ظل الاضطهاد والمضايقات التي تعرضت لها الجبهة لم تستطع تنظيم مؤتمر تأسيسي لانتخاب قيادة جديدة للجبهة وهذه هي أولوياتنا الآن.
هل من كلمة للقادة العرب؟
أود أن يتحلى القادة العرب بحد أدنى من الحكمة وينظروا إلى العالم وهو يتغير من حولهم ولا يتجاهلوا صوت شعوبهم، فليس عيبا أن يتنحى زعيم عربي عندما يطالبه الشعب بذلك، إنما العيب كل العيب والعار كل العار أن يصر هذا الحاكم على حكم شعبه وهم له كارهون، ويتشبث بالسلطة ولو على جثث الأطفال والنساء والشيوخ، كما يفعل القذافي وغيره هذه الأيام..
وإذا لم تعتبر الأنظمة بما يحدث حولها داخليا وإقليميا من تطورات وثورات شعبية، فتتحرك بجد وسرعة، من أجل العودة إلى الشرعية الشعبية، وإعادة القرار إلى صاحبه وهو الشعوب، فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة لما يمكن أن يقع لبلداننا الغالية ولشعوبنا الأبية.
إن كل نظام فرض إرادته بالقوة مقابل مصادرة إرادة شعبه كما هو الحال في الجزائر وليبيا واليمن.. مصيره لن يكون أفضل من مآل نظام بن علي ومبارك، "سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا".
الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.