قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    وزير السياحة يؤكد ادماج جميع خريجي الوكالة الوطنية للتكوين في مهن السياحة والحاجة الى رفع طاقة استيعاب وحدات التكوين    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    رسمي : محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    ميناء جرجيس… رصيد عقاري هام غير مستغل ومطالب باستقطاب استثمارات جديدة    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    7 مؤسسات ستنتفع بامتياز تكفل الدولة بفارق الفائدة على قروض الاستثمار..وهذه التفاصيل..    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    جندوبة: وزير السياحة يتابع استعدادات الجهة للموسم السياحي ومدى تقدّم عدد من المشاريع السياحية والحرفية    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    إيران تقدم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    صدمة في قطاع الهندسة: 95% من مهندسي الإعلامية يغادرون تونس بحثًا عن فرص أفضل!    اكتمال النصاب القانوني وانطلاق أشغال الجلسة العامة الإنتخابية    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلامي سجنه وعذّبه نظام الدكتاتور: بن علي حاول إسكاتي إلى الأبد لأني أعرف
نشر في الفجر نيوز يوم 28 - 03 - 2011


حاوره رضوان شبيل
2230 يوما من الموت البطيء تخللتها رحلات من سجن الى آخر وفي كل محطة وابل من «فنون التعذيب» والتنكيل كانت الفاتورة الباهظة التي دفعها الاعلامي الدكتور مختار اسماعيل مقابل تعبيره عن رأيه في الأيام الأولى من اعلان السابع من نوفمبر. عن رحلة العذاب والمعاناة وحول بعض أسرارالرئيس المخلوع ومواضيع أخرى حدثنا السيد مختار من خلال لقاء جمعنا به بمدينة سوسة تمخّض عنه هذا الحوار المثير:
لو تعرّف بنفسك للقرّاء ؟
من مواليد ماي 1941 أصيل الساحل من منطقة بوحجر قضيت دراستي الجامعية بفرنسا واجتزت المرحلة الثالثة بألمانيا حيث تحصلت على الدكتوراه في الفلسفة وعلوم اللغات من جامعة بون، تقلدت عدة مناصب بثلاث وزارات: الشباب والرياضة، الاعلام ووزارة الخارجية، فتحت في ألمانيا مكتب وكالة تونس افريقيا للأنباء دعمته بنشرية باللغة الألمانية بعنوان «بانوراما أخبار العالم العربي» من 1974 الى 1980 و في نفس الفترة وقع اختياري لتأسيس القنصلية العامة للجمهورية التونسية ببرلين الغربية لدى الحكومات العسكرية للحلف الأطلسي يعني الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا وكانت لهذه القنصلية مآخذ لعدة صعوبات فلم ينجح في تحمل مسؤوليتها عدد من التونسيين بحكم أنها كانت تلعب دوري سفارة و قنصلية عامة ونظرا الظروف المحيطة ببرلين بحكم الانقسام حيث كانت عشا للمخابرات والتجسّس من طرف الحلف الأطلسي ومحور فرصوفيا ومختلف المخابرات الدولية.
أكيد هذه المسؤولية مكنتك من الاطلاع على عدة حقائق ؟
أهم الحقائق ما تعلق بالرئيس المخلوع والذي كنت أسميه في كتاباتي «شرّ الفاسدين» وفي كتبي الاثنى عشر التي افتكوها مني في السجن كنت أشبّهه بالنظرية الرياضية التي تقرّ بالقيمة صفر لأني اكتشفت فيه أشياء مقرفة للغاية ومنذ 1980 دخلت مع بن علي في صراع كبير عندما اكتشفت أن له علاقات مباشرة بالمخابرات الأمريكية وبالموساد وبالمخابرات الليبية منذ عهد الملك السنوسي وكنت مطّلعا على ملفه جيدا مما جعله يكيد لي مكائد خطيرة منذ تقلده مسؤولية في الأمن العسكري وبعدها في ادارة الأمن .
كيف بدأ هذا الصراع ؟
تقلدت رئاسة فرع اتحاد الطلبة وجمعت ممثلين عن الطلبة من سويسرا وألمانيا والنمسا وجلبت وفدا تونسيا من ديوان الخدمات الجامعية من أجل ترغيب الطلبة التونسيين في الرجوع الى بلدهم ومكنتهم من الانتفاع بمنح دراسية تقدر بخمسين منحة رغم عدم انتمائهم للحزب الحاكم بتونس وخلال ذلك الاجتماع نقدت الوضع في تونس في تلك الفترة(جانفي 1974 ) بحكم تضارب القرارات لدى بورقيبة وأكدت أنه إذا تواصل الوضع على تلك الوتيرة فسيصبح الحكم مهددا والشخص الوحيد الذي يمكن أن ينقض عليه هو زين العابدين بن علي بحكم شبكة علاقته الاستخباراتية، فما كان من الوفد الحاضر من ديوان الخدمات الجامعية الا أن رفع تقريرا مفصلا الى وزير التعليم العالي في تلك الفترة وهو عبد العزيز بن ضياء الذي قطع عني المنحة التي كنت أتقاضاها قصد اتمام دراستي في المرحلة الثالثة وعند زيارتي الى تونس وقع سحب جواز سفري ولما طالت المدة قابلت وزير الداخلية الطاهر بلخوجة الذي لامني على ما قلته خلال ذلك اللقاء وتمكنت من استرجاع جوازي بعد فترة بشق الأنفس وحاولوا بكل الطرق حل مكتب تلك القنصلية ولكن لم يفلحوا بسبب المعارضة الموجودة ببرلين. وفي 1980 تم تعيين الطاهر بلخوجة سفيرا ببون هناك وكان حسان بلخوجة وزير الخارجية بعد أن قضى عدة سنوات بوزارة الفلاحة وفي احدى زياراته ل«الأسبوع الأخضر» ببرلين كنت بصفتي مدير مكتب وكالة تونس افريقيا للأنباء ونشاطاتي الاعلامية المتعددة أساهم في تسهيل مهمته وخاصة من حيث التواصل بينه وبين المعارضين التونسيين ببرلين الغربية هناك أعجب بنشاطي فأخذني الى بورقيبة قائلا له: «هذا الذي سيساعدك في ألمانيا لقدرته على التواصل مع المعارضين هناك» فعينني في خطة قنصل عام مؤسس للقنصلية العامة ببرلين الغربية. ولدى الحكومات العسكرية للحلف الأطلسي ولكن تم عزلي من هذه الخطة بعد سبعة أشهر من طرف وسيلة بورقيبة خشية منها أن اكشف تلاعبات حاشيتها عن طريق ممثلي الهياكل الديبلوماسية في مختلف بلدان العالم وتم في 1986 توقيف مجلتي «المرآة» الناطقة بالغتين العربية والفرنسية ثم طلبت مني وكالة تونس افريقيا للأنباء الانقطاع عن العمل مقابل الابقاء على الحد الأدنى من جرايتي، وقبل حصول الانقلاب الرئاسي بأربعة أيام أخبرت محمد الصياح بتعكر الوضع واقترحت عليه تهريب بورقيبة قبل ان يقع التشنيع به لأن بن علي يخطط للاستيلاء على الحكم فاستخف بي كلامي قائلا لي «آش باش تردهولي هالجرد عسكري ما عندو ما يعمل واهتم بنفسك». وكانت السيدة مريم عاشور السكندراني رئيسة تحرير بوكالة تونس افريقيا للأنباء شاهدة على كلامي. وفعلا حصل ما كنت أتوقعه حيث وقع الانقلاب، وفي 9 نوفمبر 1987 خلال الندوة الصحفية التي أدارها كل من الهادي البكوش وعبد الوهاب عبد الله حاولت أخذ الكلمة بصفتي مديرا مؤسسا لمجلة «المرآة» لمسائلتهما عن خلفيات هذا الانقلاب ورغم محاولاتي العديدة تم تجاهلي من طرفهما وكان هذا مؤشرا لانطلاق محنتي مع «شر الفاسدين» بن علي. وفي يوم 25 سبتمبر 1988 شاركت بدار الثقافة ابن خلدون في ملتقى للصحافيين حضره قرابة 400 صحفي بوجود 300 شخص من البوليس وعبرت في ذلك الملتقى عن عدم استحقاق بن علي بالحكم ونافيا عنه اي واعز وطني مشبها الوضع بالمقولة الشعبية التي أصبحت موضوع تندر في مختلف الجلسات بالجمهورية التونسية « الكريطة هي هي الاّ البغيْل اتبدّل» فراعني موقف بقية الصحافيين الذين كان يقودهم الهادي التريكي حيث احتجوا على آرائي وقاموا بحملة صحفية عليّ بقصد التملق.
ما ذا كان مصيرك بعد التعبير عن رأيك؟
وجدت السجن في انتظاري حتى أن الحكم كان جاهزا ومنذ غرة نوفمبر 1988 بدأت رحلتي مع شتى أنواع العذاب حيث دخلت السجن مباشرة على الساعة العاشرة ليلا وخلال زيارة قام بها وفد يرأسه محمد الشرفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان في 24 ديسمبر 1988 تدخلت للكشف عن الظروف القاسية التي يعانيها المساجين بصفة عامة مما وطد علاقتي بالمساجين الذين تواجدوا معي في ذلك الجناح ومنه في مختلف السجون التونسية وتوجهت الى الشرفي خلال تلك الزيارة قائلا له : أنت جئت لترصد أخباري في السجن بطلب شخصي من بن علي الذي سيعيّنك لاحقا وزيرا بحكم أنك يساري فامتعض من كلامي ورسخ حقد بن علي تجاهي مما عمق معاناتي بمختلف السجون التي وضعت فيها وقد بلغ عددها ستة عشر سجنا حيث كانوا يتعمدون نقلتي من سجن الى آخر كل ثلاثة أسابيع الاّ أن علاقاتي كانت طيبة مع مختلف المساجين أينما حللت والأخبار التي أصبحت تصلني وأنا داخل السجن لم أكن أعلم بها وأنا خارجه حتى المتعلقة بالقصر. وكانوا يترصدونني حتى في السجن وأرسلوا الي من حاول التجسس علي لرصد ما أعرفه عن بن علي. وفي احدى الجلسات اقر أحدهم أن بن علي رئيس كفء ومتحصل على ديبلومات فرددت بدون أن أشعر قائلا لهم انه كفء في أشياء أخرى قاصا لهم حادثة قتله لحارسه الشخصي بمجرد أن علم من بعض الحراس الآخرين أن هذا الحارس توعده لأنه (بن علي) زنى بأخته ،فتم تسجيل ما قلته ووقعت دعوتي من طرف مدير السجن الذي نزع كامل ملابسي وبدأ في ضربي بالعصي على كامل جسدي وجعلني ازحف على ركبتي في البرد على وقع الضرب المبرح بالعصي لمسافة 600 متر حتى اصل الى الزنزانة الخاصة بي حيث ألقاني فوق سرير رابطا يديّ وساقي ثم ملأ البيت بالماء الى أن غمرني فانتفخ كامل جسدي فاضطروا الى أخذي الى مصحة السجن تحت مراقبة طبيب شهد باطلا بأني سليم معافى. ثم تم ترحيلي الى سجن آخر وتواصلت رحلة تعذيبي بمختلف الطرق ولكني تمكنت بعلاقاتي من اخراج مراسلات الى عدة دول أجنبية. و في 1992 في سجن المهدية فوجئت باخلاء سبيلي بسراح شرطي وبقيت تحت المراقبة واتصلت هاتفيا ذات يوم بزوجة أحد المساجين السياسيين فتم اصدار قرار بالقبض علي من جديد ففررت الى ليبيا ولكن تم القبض علي هناك بعد تعذيبي بمدينة زوارة من طرف أفراد أوفدهم بن علي لاستنطاقي وتعذيبي لمدة اثني عشر يوما. بعدها عذبت سبعة أيام بنفق وزارة الداخلية ثم تم ارجاعي الى سجن 9 افريل ووضعوني ببيت الشواذ تسمى صنف «د7» فرأيت أشياء مزرية اضافة الى تعذيبي المتواصل الذي تطور الى أماكن حساسة بجسمي. فمكثت أربعة أيام أتبوّل دما بمفعول قوة الضرب ومن المعاملات الأكثر ازدراء ووحشية. ثم إنهم حاولوا القضاء عليّ بوضع مريض بالسيدا في زنزانتي الانفرادية التي أقيم بها بسجن 9 أفريل وحاول هذا الشخص استمالتي لممارسة الجنس معه ولكني تفطنت اليه وعندما هددته أقرّ بأنه موفد من طرف مدير السجن مقابل مجازاة هامة . وفي 17 ماي 1995 تم الافراج عني من السجن المدني بقفصة شريطة التزام وعدم الادلاء باي تصريح والتوقف عن مختلف الأنشطة الاعلامية وتمّت مصادرة أملاكي وخلق المشاكل العائلية وتجويعي وتجريدي من كل حقوقي وعصفت بي مختلف الأمراض المزمنة والتي استفحلت بي اضافة الى عدم امتلاكي لجواز سفر مدة سبع وعشرين سنة الى يومنا هذا.
عرّجت على مسالة تكوين بن علي هل كانت له مؤهلات فعلا في المجال العسكري أو السياسي ؟
لم تكن له أي مؤهلات أو تكوين. كان على درجة كبيرة من الخبث و الدهاء وكان الحظ الى جانبه. مستواه الدراسي لم يتجاوز الثالثة ثانوي حتى أنه ليلة قبل الانقلاب أرسل من سحب ملفه الدراسي من المعهد الذي درس به بسوسة.
كيف تفسر وصوله الى الحكم ؟
حركة «النهضة» هي التي كانت ستقوم بالانقلاب ولكن بن علي تمكّن من اكتشاف سر المحاولة وقام بتعذيب الرائد المنصوري بقاعة العمليات بالعوينة حتى يمده بمخطط حركة «النهضة» فسبقهم الى الانقلاب على بورقيبة اضافة أن بن علي عمل مع السفير الأمريكي «روبار بالترو» في فرصوفيا وهذا الأخير مختص في مسألة الانقلابات العسكرية يتكلم اللغة العربية جيدا وابوه كان كاتب الدولة في وزارة الخارجية الأمريكية وكان يساهم في مختلف الانقلابات العسكرية التي بلغ عددها سبعة بمختلف انحاء العالم منها السودان حيث تم عزل جعفر النميري وتعويضه بالجنرال سوار الذهب وبولونيا وتونس ومكث هذا السفير بفرصوفيا أربع سنوات وكنت في تلك الفترة متواجدا ببرلين وتمكنت من مختلف المعلومات وجاء «بالترو» الى تونس بضعة أشهر قبل الانقلاب تلاه بن علي الذي لعب الموساد دورا كبيرا في مساعدته. فقد كان صديقا للاسرائيليين وانطلقت الحكاية عندما كان سائقا لدى الرائد الكافي ثم استخرج له الهادي البكوش شهادة من شعبة الحزب الدستوري تمكنه من الالتحاق بتربص في التكوين السريع بمدرسة «سان سير» للضباط تمت تسميته بعد رجوعه بوزارة الداخلية مسؤولا عن المخابرات العسكرية ثم عيّن ملحقا عسكريا بالرباط فتجاهله الحسن الثاني لعلمه بملفه الأسود فرجع من جديد الى تونس في نفس خطته ثم تمت تسميته في 1977 مديرا عاما للأمن الوطني وبعد بضعة أسابيع قام بمجزرة بتونس العاصمة إثر حدوث بعض المظاهرات في ما يعرف بالخميس الأسود حيث قتل المئات من المواطنين صحبة الحبيب عمار على متن مروحية وفي 1980 تم التفطن اليه أنه تواطأ مع القذافي وبعض الأطراف الخارجية خلال أحداث قفصة فقرّر بورقيبة إبعاده الى باكستان ولكن بتدخلات اطراف اخرى وقع التراجع عن ذلك التعيين وألحق كسفير بفرصوفيا وهناك ربط علاقات مع «البرتو» ومختلف العاملين بالمخابرات. وفي 1984 رجع الى تونس في خطة كاتب دولة للأمن الوطني في حكومة مزالي ثم انطلق بسرعة صاروخية ليصبح وزيرا للداخلية وأمينا عاما مساعدا للحزب الاشتراكي الدستوري. وفي 8 اكتوبر 1987 عين وزيرا أولا بمساعدة أطراف شريرة منها سعيدة ساسي التي غدرت خالها بورقيبة تحت اغراءات غير اخلاقية وخسيسة من طرف بن علي ومنذ أن عين وزيرا أول طلب من رضا قريرة كل الملفات الخاصة بهياكل الدولة معينا اياه مديرا عاما ثم تمت ترقيته الى كاتب عام للحكومة ومنها الى وزير أملاك الدولة لمدة احدى عشر سنة وهي الفترة التي عاث فيها فسادا مفرطا في آلاف الهكتارات لبن علي وعصابته. واني استغرب الى الآن كيف يتجرأ رضا قريرة على الكلام باسم اسرار الدولة اضف الى الامتيازات والممتلكات التي لا زالت تتمتع بها العائلات المتواطئة معه وأصحاب النزل الذين ساهموا في جرائم تبييض الأموال عن طريق تجاوزات غير قانونية.
كيف دخلت ليلى الطرابلسي حياة «بن علي»؟
كان لها محل حلاقة بجانب المنزل الذي كان يسكن فيه بن علي وقد تعرف عليها بضعة أسابيع بعد أن سمي مديرا للأمن الوطني وقابلته ليلى عن طريق كاتبه الخاص آنذاك للتدخل لصديق لها يعيش في فرنسا معروف بتعاطيه للمخدرات تم سحب جواز سفره فوعدها «المخلوع» بإرجاع جوازه شريطة قطع علاقتها به. وتوطدت العلاقة بين «المخلوع» وليلى حتى وصل الى الحكم ولم يكن عقد زواجهما مسجلا حيث يتكون عدده من مجموعة أصفار فهو عقد شكلي لا غير.
بصفتك الاعلامية كيف كان تعاملك مع عبد الوهاب عبد الله؟
كان مسيطرا على كل الاعلاميين كلما تفطن لمن له ذرة احتراز على بن علي «يعفسو تحت ساقيه» ويقضي عليه ويهدده ويكيد له بأي صيغة من الصيغ. وعبد الوهاب عبد الله دمرني بصفة شخصية وسأقوم بمقاضاته صحبة كل من ألحق بي مختلف الأضرار الجسدية والمعنوية.
أي درجة من الحرية بلغها الاعلام التونسي بعد الثورة ؟
لازالت هناك ضغوطات والرؤية لازالت غير واضحة. هناك الكثير من الضبابية وأرجو أن يكون عمل لجنة المحاسبة وحماية الثورة ناجعا وأن تقع المراجعة الجذرية لمجلة الصحافة.
كيف ترى المرحلة القادمة ؟
سننتظر تأسيس المجلس التأسيسي و أفضّل تجربة النظام البرلماني رغم ما فيه من مخاطرة لأنه يبقى الأنسب رغم الضغوطات الخارجية.
الشروق التونسية
(الشروق) مكتب الساحل :
الاثنين 28 مارس 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.