الفجرنيوز:نشطت منظمات حقوقية دولية وجمعيات محلية في الجزائر في موضوع المفقودين خلال سنوات العنف، بعد صدور تقرير مقلق بهذا الشأن عن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة. ويقدر عدد "المختفين"، أو المفقودين، في الجزائر بحوالي أربعة آلاف شخص منذ عام 1993، إثر اعتقالهم من قبل قوات الأمن. ودأبت عائلاتهم على البحث عن أماكن وجودهم، بزيارة مراكز الشرطة، وثكنات الجيش، والسجون، وأماكن الاحتفاظ بالجثث في المستشفيات، والمقابر. كما قدمت ملتمسات إلى السلطات القضائية، وناشدت الحكومة والبرلمان ورئيس الجمهورية. ورغم الوعود من الحكومة بالتحقيق في حالات "الاختفاء"، لم يفتح تحقيق واف ومستقل. وأعربت الفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان وجمعية أسر المفقودين في الجزائر عن ارتياحهما لموقف لجنة مناهضة التعذيب، التي طالبت بإلحاح الدولة الجزائرية بمتابعة جميع جرائم التعذيب غير القابلة للتقادم، مثل الاغتصاب والاختفاء القسري. وذكر بيان لهاتين الهيئتين أن جمعية أسر المفقودين قدمت، في أبريل الماضي، بدعم من الفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان، تقريرا مضادا حول عمليات التعذيب المرتكبة في الجزائر، في إطار دراسة لجنة مناهضة التعذيب ملف الجزائر، يوم 2 ماي 2008، مضيفا أن هذا التقرير استعرض بأدق التفاصيل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، المرتكبة في الجزائر منذ 1996، معززا ذلك بشهادات العديد من ضحايا التعذيب. وقالت نصيرة دوتور، أم أحد المفقودين والمتحدثة باسم جمعية أسر المفقودين، إن "جهودنا لم تذهب سدى، فقد استجابت لجنة مناهضة التعذيب لمطالبنا من خلال دعوتها الدولة الجزائرية إلى إجراء تحقيق حول جميع حالات الاختفاء القسري"، معتبرة ذلك "خطوة أولى نحو بلورة مشروعنا، المتمثل في إحداث لجنة الحقيقة كحل وحيد لقضية ضحايانا". وأضاف البيان أنه "في ما يخص إفلات المجموعات المسلحة وأعوان الدولة من العقاب، طالبت لجنة مناهضة التعذيب، على غرار ما فعلته لجنة حقوق الإنسان في نونبر2007، بتعديل الفصل الثاني، المتعلق بالعفو عن المجرمين، وكذا الفصل 45 من المرسوم01 -06، المتعلق بتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مبرزة أن الإعفاء من المتابعات لا يسري، في أي حال من الأحوال، على جرائم مثل التعذيب، بما في ذلك الاغتصاب والاختفاء القسري، باعتبارهما جريمتين غير قابلتين للتقادم".
محنة طويلة لأسر المفقودين
وأعرب المصدر ذاته عن ارتياح كل من الفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان، وجمعية أسر المفقودين في الجزائر، لمطالبة لجنة مناهضة التعذيب الحكومة بإلغاء إلزام الأسر بالإدلاء بشهادة وفاة الشخص المفقود، من أجل الاستفادة من تعويض، مذكرة بأن الاختفاء القسري يشكل ممارسة لا إنسانية بالنسبة لأفراد أسر المفقودين. وأشار البيان إلى أن لجنة مناهضة التعذيب اعتبرت أن "نشر أسماء الأشخاص المفقودين، الذين وقع إحصاؤهم منذ التسعينيات، يمكن أن يكون مفيدا خلال جمع معلومات لدى الأشخاص الذين يمكن أن تنطوي إفاداتهم على عناصر من شأنها أن تساهم في تقدم التحقيق". كما شددت اللجنة على ضرورة تزويدها بلائحة هذه الأسماء. وبخصوص الحراسة النظرية والاعتقالات التعسفية، أصدرت اللجنة توصيات مهمة، إذ دعت الجزائر إلى ضمان احترام حق المتهمين في تنصيب محام بمجرد اعتقالهم، وكذا حقهم في زيارة أسرهم، والاستفادة من فحوصات طبية. كما دعت الدولة الجزائرية إلى جعل جميع أماكن الاعتقال، بما فيها تلك التابعة لمصالح الاستعلامات والأمن، خاضعة لمراقبة إدارة السجون المدنية، والنيابة العامة. كما حثت لجنة مناهضة التعذيب الجزائر على إبداء تعاونها بشأن المساطر الخاصة للأمم المتحدة، والمصادقة على الاتفاقيات الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة المعاهدة الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري . وخلص البيان إلى أن الفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان، وجمعية أسر المفقودين في الجزائر، دعتا الحكومة الجزائرية إلى التنفيذ الفوري لجميع توصيات لجنة مناهضة التعذيب. في ملف العنف، قتل شخص وأصيب آخر بجروح، في اشتباك وقع الاثنين، بمدينة تيزي وزو، شرق البلاد، بين دورية لقوات الأمن ومجموعة مسلحة . وذكرت الصحافة الجزائرية، أمس، أن مجموعة مسلحة تبادلت إطلاق النار مع قوات الأمن، ولجأت إلى عمارة في حي بالمدينةالجديدة لتيزي وزو، للاحتماء داخلها، وأن أفرادها احتجزوا امرأتين كانتا داخل إحدى الشقق.
ثلاثة أيام من أعمال العنف في بريان
عاد الهدوء إلى مدينة بريان (500 كلم جنوب العاصمة)، بعد ثلاثة أيام من المواجهات بين مجموعتين عربية وأمازيغية، أوقعت قتيلين، حسب عدد من السكان والسلطات المركزية. ونقل عن أحد سكان المدينة قوله إن "أعدادا كبيرة من قوات الشرطة والدرك تطوق المدينة حاليا. هناك رجال شرطة تمركزوا أمام المقرات الرسمية. عاد الهدوء، لكن الوضع ما زال متوترا"، بينما أكد وزير الداخلية، يزيد زرهوني، أن الوضع في المدينة "هادئ تماما"، وأن "الإجراءات الأولية المتخذة هدفت إلى إعادة الهدوء". وتعد مدينة بريان، في ولاية غرداية، نحو 40 ألف نسمة. وتشهد المدينة، التي يتنافس فيها تقليديا العرب الشعانبة والأمازيغ الأباضيون، منذ أسابيع، مواجهات متقطعة، استؤنفت الجمعة الماضي.