الفجرنيوز:آخر السنة الدراسية 2007- 2008منذ الأسبوع الثالث من ماي 2008 وكالعادة تزامنت مع نتائج تصفيات الكرة. فالكل مشغول بناديه ولا تسمع غير أخبار هذا الفريق أو ذاك ولربما تشتد لغة الكلام في بعض الأحيان نتيجة الوفاء والحب الأعمى للنادي المفضل . فأنت تقرأ على الجدران والكراسات والصبورات شعارات عن الفريق المحبذ والتزام في غاية من الانضباط بحيث ترى التلاميذ يحرصون على متابعة كل المباريات أكثر مما يحرصون على متابعة الدروس والمشاركة الايجابية أثناء التدريس. ففي هذا الأسبوع توجهت أنظار التلاميذ إلى نتائج تصفيات آخر الموسم الكروي بشكل منقطع النظير يدعو للوقوف على أسباب هذا التوقيت بالذات الذي اثر سلبا على سلوك التلاميذ من جهة فتضاعفت ظاهرة التسيب في المدارس الإعدادية والمعاهد فبين الساعة والأخرى تسمع من حين لآخر التصفير وشعارات هذا الفريق أو ذاك وكأنك في ملعب. بل وصل تحمس التلاميذ إلى الاستعداد لذلك حيث جهزوا أنفسهم بالطبل والأعلام أمام ساحات المعاهد والشوارع المؤدية لها رافعين أصواتهم عاليا بحياة فريقهم وفيهم من هاج وماج وخلع ثيابه يصيح عاريا.والأساتذة بقوا مشدوهين لهذه المظاهر التي لم يتعودوا عليها في المعاهد وأمام ساحات المدارس وإذا ما قدر لأحدهم أن يخرج فلا بد أن يأخذ حذره جيدا حتى لا يناله وسط هذه الهستيريا بعض من الكلام والأحسن هو أن يتجنب الخروج وسط هذه الضوضاء والصخب الملتهب .لقد عاشت الأسرة التربوية في اغلب المدارس والمعاهد على وقع احتفالات التلاميذ بتصفيات الموسم الكروي بالرغم من أننا نمر بأسبوع الامتحانات الوطنية . ألا يكفي الأسرة التربوية ما تعانيه خلال السنة الدراسية من مظاهر تسيب مفزعة وسلوك لا يليق بأطفالنا التلاميذ حتى تزداد معاناتها في آخر هذه السنة خاصة مع تزامن تصفيات الموسم الكروي ؟ ألا يكفي الأسرة التربوية ما تتعرض له من عنف لفظي ومادي نتيجة التسيب المفرط الذي أصبح عليه التلاميذ في هذه المرحلة ؟ ألا يكفينا ما نعانيه داخل القسم والمدرسة والمعهد من مشاكل يومية في المظهر والسلوك التربوي ؟ فما ذنب التلاميذ إن هم رقصوا وغنوا للكرة وأحدثوا ما أحدثوه من هرج ومرج وفوضى عارمة إذا كانت الجهة المنظمة اختارت هذا التوقيت المتزامن مع الامتحانات ؟ ولنتساءل هل كان بقصد أم بغير قصد ؟ وفي كل الحالات لا بد من مراعاة المحيط التلمذي إذا كنا غيورين على أبنائنا التلاميذ من اجل التحصيل العلمي والمعرفي ونجاحهم في مستقبلهم الدراسي . ولعلنا في مثل هذا المناخ الذي يسود فيه التسيب نتساءل هل مازالت الأسرة التربوية تحضى بالاحترام اللازم والتقدير كما كنا في السابق في سائر الأيام ؟ لماذا كثرت ظاهرة العنف المدرسي ؟ ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا التسيب المفزع ؟ وما هي الدوافع ؟ لماذا تتساهل الإدارة كثيرا في إعطاء بطاقات الدخول؟ لماذا أصبحت السياسة التربوية في بلادنا تفتقد أكثر فأكثر إلى منهجية واضحة وبرامج مدروسة لا تسقط في الإصلاح وإعادة الإصلاح وإصلاح الإصلاح في حركة ماراطونية شكلية ربما انعكاساتها أضرت بالمردود العلمي والمعرفي أكثر مما فادت ؟ لماذا تهمش سلطة الإشراف العملية التربوية بترسانة من المناشير والأوامر التي بالمقابل ألغت الدور الذي كان يلعبه المربون في الشأن التربوي حيث أصبح العنف سائدا أكثر من قبل وبدل أن تكون العلاقة بين المربي والتلميذ علاقة احترام متبادل أصبح يعتريها نوعا من الخلل ؟ هذه أسئلة نطرحها على الجميع لما لهذا الموضوع من انعكاسات خطيرة على المستوى الوطني .إنها باتت قضية وطنية حساسة تهم مستقبل البلاد والعباد وتدق ناقوس الخطر على جيل أو أجيال بكاملها . ربما تكون ضحية بعض البرامج أو الاختيارات فوجب علينا التصحيح وتدارك الوضع .و بالمناسبة لماذا لا يطرح ملف السياسة التربوية والتعليمية كملف وطني وحساس على الاتحاد العام التونسي للشغل ؟ فأهل مكة أدرى بشعابها لان المدرسين عبر نقاباتهم الوطنية في التعليم الأساسي أو الثانوي هم الماسكين على الجمر وهم المعنيون بذلك أكثر من غيرهم .فالواجب الوطني يدعونا إلى التشريك الفعلي لنقابات التعليم وكل القدرات الوطنية التي ترى في نفسها الكفاءة من منظمات مجتمع مدني ممثلة وأحزاب مستقلة وجمعيات ديمقراطية .