وزير الاقتصاد: الممكلة العربية السعودية تعد من ضمن الدول العشر الاوائل من حيث حجم الاستثمار في تونس    وزير الاقتصاد: سياسة الاستثمار في تونس ترتكز على تجسيم حرية الاستثمار وحماية حقوق المستثمر والحرص على تمتين صلابة الاقتصاد الوطني    الأونروا: انهيار 17 مبنى وتضرّر أكثر من 42 ألف خيمة في غزة جراء المنخفض الجوي    عاجل : هذا شنوا قال مدرب تنزانيا على مباراته ضد تونس غدوة    وزير التربية يُعلن عن إحداث 4 آلاف مكتبة مدرسية في كل المدارس الابتدائية    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025... الثلاثي الثاني (أفريل – ماي – جوان)    التسجيل مازال مفتوح: دورة فيفري 2026 للتكوين المهني تنتظركم    عاجل:الابن الي قتل والده الطبيب في فرنسا...أخفى الجثة في حديقة المنزل...تفاصيل مرعبّة    عاجل: شحنات لحوم مبرّدة ملوثة كانت ستباع للتوانسة ...تفاصيل تكشفها غرفة القصابين    عاصفة بالسويد تجيب الموت للسويد: 3 ضحايا    عاجل: هذا هو حكم لقاء تونس وتنزانيا    بنك تمويل المؤسسات الصغرى والموسطة يقدّم قرض بدون فائدة...كيفاش ولشكون؟    حكم غيابيا ب12 سنة في قضية التآمر على أمن الدولة: محكمة الاستئناف تنظر في اعتراض أحمد نجيب الشابي    جريمة دامية بالقاهرة.. طعنة غادرة تنهي حياة شاب وسط ذعر المارة في المقطم    بركان إتنا في جزيرة صقلية: هل تصل تأثيراته إلى تونس؟    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم    الليغ 1: نيس الفرنسي يعلن رحيل مدربه    غلوب سوكر 2025: نجم باريس سان جيرمان يتوج بجائزة أفضل لاعب في السنة    فار من السجن..تفاصيل الاطاحة بمجرم خطير..#خبر_عاجل    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    لحظات صادمة في كأس الأمم الإفريقية.. حارس السودان ينهار على أرض الملعب    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    ''براكاج'' آخر في القيروان: سائق تاكسي يتعرض لمحاولة سرقة وحادث عنيف    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    عاجل: هذا اللاعب سيحرم من المشاركة في ماتش تونس ضدّ تنزانيا    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    مواجهات بين الشرطة التركية وعناصر من داعش..#خبر_عاجل    عاجل/ اليوم.. القضاء ينظر في الاعتراض المقدم من طرف أحمد نجيب الشابي على الحكم الصادر ضده..    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    كيف سيكون طقس اليوم 29 ديسمبر؟    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    عاجل/ ايقاف صاحب مطعم..وهذا هو السبب..    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضربة أيلول (سبتمبر) واخواتها:ماذا سيحدث في 11 يناير (جانفي) المقبل بالجزائر؟
نشر في الفجر نيوز يوم 31 - 12 - 2007


بقلم: انور مالك – كاتب صحفي جزائري مقيم بباريس
منذ 11 أيلول (سبتمبر) 2001 الذي تحول الى منعطف بارز في تاريخ البشرية، حيث انتهى العصر الحديث وبدأ به العصر الأمريكي، صار ذلك التاريخ يحمل الشؤم لكثير من الدول التي تعيش على التماس مع ما يسمى بإرهاب القاعدة، وترى نفسها وجها وجه مع هذا التنظيم، الذي جعل من تاريخ 11 هذا أبرز ما في الشهر من أيام بن لادن، خاصة أنه وقعت عدة أحداث دموية ارتبطت بهذا التاريخ، حتى صار
يوم 11 هو اليوم المحتمل للقاعدة في أي بقعة تصنف في دائرة الدول المستهدفة من هذا التنظيم المثير للجدل سواء حول تأسيسه أو من يقف وراءه أو حتى الكثير من العمليات التي تنسب له، فقد ضربت مدريد في 11 آذار (مارس) 2004 وضربت جربة التونسية في 11 نيسان (أبريل) 2002 حيث استهدف المعبد اليهودي، وضربت المغرب في 11 نيسان (ابريل) 2007 وضربت الجزائر مرتين، 11 نيسان (ابريل) 2007 حيث استهدف قصر الحكومة، و11 تموز (يوليو) 2007 فجرت ثكنة عسكرية بالأخضرية، و11 كانون الأول (ديسمبر) فجر المجلس الدستوري ومفوضية الأمم المتحدة... كل هذه الأحداث جعلت هذه الدول تعد العدة وتسهر أجهزة أمنها المتكونة من رجال مخابرات ومفكرين استراتيجيين وإعلاميين لنسج السيناريوهات المختلفة التي قد تحدث، وان كان في رأيي ان اختيار هذا التاريخ من طرف الجماعات التي تنشط وتنسب نفسها تنظيميا للقاعدة الأم، أو ما يعرف بالأجيال الأخرى التي صارت تتعاقب، تريد من وراءه إعطاء الدلالات لهذا "الترابط الوثيق"، وان كنا نحن نراه ارتباطا عقديا وايديولوجيا ليس الا، أما الارتباط التنظيمي فهو مستبعد في هذا الوقت بالذات خاصة في ظل حرب عالمية شاملة على ما يسمى بالإرهاب، فتأكيد هذه الجماعات بالارتباط التنظيمي في ما بينها من خلال العمليات وتحديد دلالة التاريخ يعيد البريق لها، ويجعل عملياتها محل جدل دولي واسع النطاق، وهو ما تسعى له هذه الجماعات، لأن ملف القاعدة منذ 11 أيلول (سبتمبر) وهو الأكثر إثارة للجدل والحضور الإعلامي، فكل ما ينسب للقاعدة سواء من طرف جهات أمنية أو حتى بتبني صادر عنها وغالبا ما يكون في شكل بيان ينشر بمواقع أنترنيت جهادية، سيجعل العملية تنال حظها الواسع ويقل نظيره ومما لا يحلم به حتى من طرف القائمين على الحدث، هذا إلى جانب تأكيد التواصل والنشاط للرجل الذي يعد أشهر مطلوب أمنيا في التاريخ، مما يعطي النفس الآخر لمنهج سلفي جهادي تتكالب عليه القوى العالمية والعربية وحتى من طرف علماء الدين المسلمين...

عندما ضربت الجزائر في 11 من نيسان (ابريل) الفارط سقطت فرضية ظل يروج لها النظام الحاكم رسميا، ومفادها أن القاعدة غير موجودة في الجزائر أصلا، ولا يمكن ان يكون لها المكان بين الجزائريين، والسبب الرئيسي لترويج هذه الجدلية ليس القاعدة بحد ذاتها، وقد كشفنا في ملفنا المنشور "تنظيم القاعدة في الجزائر: بين حسابات النظام وأطماع الأمريكان" الكثير من المصالح التي سيجنيها الحكم الجزائري وعصابات المال والنفط منه... السبب الرئيسي إنما يكمن في التصريح بتواجد هذا التنظيم في البلد معناه سقوط تلك الكلمات والنظريات التي تغنى بها المسئولون الجزائريون، وكلنا نذكر "بقايا الإرهاب"، "فلول الإرهاب"، "ما بعد الإرهاب"، "نهاية الارهاب"... الخ، والإعتراف بالقاعدة هو تكذيب صريح لكل ما روج له إعلاميا، وضرب في الخصر لمشاريع الرئيس للمصالحة، لذلك أصرت السلطة في الجزائر النفي التام والتجاهل المطلق لوجود علاقة بين جماعاتها المسلحة وتنظيم أسامة بن لادن، بالرغم من الحملة التي شنت من قبل وخاصة في أيام صيف 2001 عندما هبت كل الصحف الجزائرية تتحدث عن علاقة مفترضة لبن لادن، ودخلت قضية الأفغان الجزائريين في دائرة المعركة المشبوهة، وراحت تفتح ملفات عدة وجوه أفغانية جزائرية كانت مقربة من عبدالله عزام أو حتى أسامة بن لادن في ما بعد، لذلك ذهبت بعض الصحف إلى المطالبة بتدويل "الإرهاب الجزائري" وإدراجه في أجندة الحرب الكونية التي أعلنتها أمريكا على ما يسمى بالإرهاب أو على محور الشر حسب التقسيم الشهير للرئيس الأمريكي جورج بوش عقب الأحداث التي ضربت بلاده، بل توجد بعض الصحف من صارت ترى أن الجماعات الجزائرية متورطة في أحداث أمريكا...

في نهاية شهر نوفمبر هبت التصريحات المختلفة تترى تروج لها الصحف الجزائرية، وتتغنى بها أبواق السلطة التي دابت على هذا التمسخ السياسي والتملق الحزبي، وراحت تعتبر ه بمثابة الشهر "الفضيل" الذي شهد إستقرارا أمنيا كبيرا، وراحت الكثير من الآراء إلى إرجاع ذلك بسبب الضربات الأمنية الموجعة التي تلقاها ما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وأن سقوط عدة أمراء في عمليات عدتها نوعية وعدتها بعض الآراء إلى عمليات تصفية حسابات بين الأمراء بسبب الصراع القائم على الإمارة، بل ذهبت أراء أخرى إلى إعتبار ما حدث بسبب قناعات صارت تسري بين الفصائل حول ميثاق السلم ورغبتها للإستفادة منه، وهناك من أكد إختراق المخابرات للتنظيم وأن التائبون الذي لبوا دعوة الرئيس صاروا يؤدون "واجبهم الوطني" من الأدغال، ونحن كنا نرى ان تلك التصفيات تندرج ضمن حملة تطهير يقودها أبو مصعب عبد الودود ضد بقايا ترتبط بالأمير السابق للجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب الذي سلم نفسه لمصالح الأمن في إطار "صفقة سرية" لم يكشف عن فحواها رسميا سوى بعض ما تروج له وسائل الإعلام من الإحتمالات المختلفة، ونحن نراها بالفعل صفقة كبيرة سيراهن عليها النظام للخروج من مأزق فشل مشروع بوتفليقة للسلم والمصالحة الوطنية، ومن خلاله سيجد ما يراهن عليه لعهدة ثالثة لا يختلف فيها إثنان في سرايا الحكم وحتى بين أقطاب السلطة الموازية في الجزائر، فقد ربط وجود بوتفليقة في الحكم بالمصالحة وهو في حد ذاته خطأ كبير ارتكبته السلطة، من تحجيم لبرنامجه وجعله برنامجا أمنيا فقط، وطبعا هو الهدف من وصوله لسدة الحكم ورضا المؤسسة العسكرية عليه، لذلك نرى أن القاعدة وعملياتها ستظل غصة في حلق المطبلين للعهدة الثالثة... فالنجاح لهذا البرنامج الأمني مرهون تحت أقدام متمردين إسلاميين، يحملون فكرا يبتعد كل البعد عن الأطروحات السياسية للأنظمة، فإن النظام لا يتردد أبدا في أي وسيلة لتلميع هذا المشروع وبأي وسيلة كانت، ويكفي ما يجري بعد كل عملية تستهدف الشعب الجزائري عندما تهب أبواق الحكم لتلميع المصالحة ومشروع الرئيس لذلك، ويحاولون تقزيم الأمر من عمل مسلح يستهدف الأمة إلى عمليات تستهدف بوتفليقة، وهو رهان يكشف التململ الذي يعيشه الرئيس والطامح لعهدة ثالثة بالرغم من حالته الصحية السيئة، فضلا من المأزق السياسي الذي تعيشه الجزائر الآن ويعيشه ميثاق السلم هذا... على كل ليس موضوعنا رهانات بوتفليقة للعهدة الثالثة وهو ما سنتحدث فيه مستقبلا، ولكن نريد أن نتحدث عما يمكن أن يحدث في بداية هذا العام الجديد، وما يخطط له في الخفاء من طرف الجهات المختلفة التي لها المصلحة في عدم استقرار الجزائر، وخاصة أننا على أبواب 11 يناير الذي يحمل دلالات مختلفة في المشهد السياسي الجزائري، فقد إنقلبت المؤسسة العسكرية على الخيار الشعبي وبقيادة الجنرال خالد نزار في 11 يناير (جانفي) 1992، وكان ذلك الإنقلاب هو الشرارة التي أشعلت فتيل الحرب الأهلية، وتسبب في سقوط أكثر من 150 ألف قتيل حسب حصيلة رسمية، وإن كانت مصادر أخرى تقدرها بنصف مليون ضحية، فضلا عن الملايير من الدولارات كخسائر، ومفقودين لم يظهر لهم اثر لحد الساعة وملفهم صار لغما يؤرق السلطة، بالرغم من المحاولة الفاشلة لطيه عبر قوانين السلم التي صدرت في مارس 2006... الإسلاميون المسلحون برروا في البداية أن الإنقلاب العسكري هو سبب ثورتهم، وما عقبه من متابعات أمنية وقضائية وحرب قذرة وتصفيات خارج أطر القانون، كان سبب فرارهم للجبال وحملهم السلاح، إلا انه منذ تطور فكري تكفيري مشبوه شهدته الجماعة الاسلامية المسلحة "الجيا"، أدت إلى مجازر بشعة أثارت الجدل الواسع وحامت الشكوك حول السلطة، زادتها تأكيدا تلك الإعترافات التي نشرت من طرف عسكريين فارين، بالرغم من معرفتنا لملابسات ما نشر والأهداف المرجوة منه، إلا ان ذلك فتح أبواب الجحيم على السلطة وسبب لها المتاعب... ثم الآن مع تنظيم القاعدة الذي يتبرأ من أن "ثورته" أو ما يسميه "جهاده" لا علاقة له بتلك الأحداث وأنه يكفر بالحزبية التي يراها مقيتة، صار العمل المسلح يبتعد عن المبرر السياسي الذي كان ينسب له، وصار يصب في إطار عقدي وسلفية جهادية لها منظروها وشيوخها... للتذكير فقد حدث وراء ذلك الإنقلاب المشئوم تولي المغتال محمد بوضياف في 14 يناير (جانفي) 1992 الحكم، والمتمثل في رئاسة ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة، الذي تأسس كبديل لمؤسسة الرئاسة التي دخلت في نفق مظلم، وإشتعلت حملة الإعتقالات في صفوف الإنقاذيين وزج بهم في المعتقلات والمحتشدات والسجون، وفي الشهر نفسه في 30 يناير (جانفي) 1994 تم تعيين الجنرال المتقاعد اليمين زروال رئيسا مؤقتا لمدة ثلاث سنوات، الذي اعتبر منفذا لشرعية مفقودة، وحدث أيضا في 11 يناير (جانفي) 2000 نهاية العمل بقانون الوئام المدني، حيث اصدر بوتفليقة في 10 يناير (جانفي) 2000 عفوا شاملا على عناصر ما يعرف بالجيش الإسلامي للإنقاذ وبدوره أميره مدني مزراق اصدر حلا لتنظيمه في اليوم نفسه، وهو ما رفضه حسان حطاب أمير "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي تحولت في ما بعد إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ولو عدنا للتاريخ فنجد في 14 يناير (جانفي) 1955 اعتقال مصطفى بن بولعيد، وإستشهاد ديدوش مراد، وفي 11 يناير (جانفي) 1958 معركة مشتركة ضد الفرنسيين بساقية سيدي يوسف... الخ.

منذ الإنفجارات الأخيرة وما خلفته من جدل سياسي واعلامي وأمني، طرحت إشكالية صارت تعرف بالرقم العجيب في دفاتر القاعدة وهو رقم 11، جراءه صارت الأجهزة الأمنية متخوفة كلما يقترب هذا التاريخ من كل شهر، وزاد تخوفها أكثر من 11 لما يحمله من دلالات في جذور السلطة الحالية، وما سيطرحه من جدل سياسي قد يعيد للواجهة السياسية انقلاب الجنرالات على الخيار الشعبي، وضربة قاسمة لسياسة المصالحة التي بدأت بقانون الرحمة في عهد الرئيس الأسبق زروال ثم قانون الوئام المدني الذي يرتبط ارتباطا مباشرا بهذا التاريخ، والذي رفض من طرف مسلحي القاعدة رفضا شاملا وكاملا، ووصل لميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي دخل كعقدة في مد خيوط الإستمرار لحكم بوتفليقة نحو عهدة جديدة، تقتضي تعديلا دستوريا...

لقد روج مؤخرا في مواقع موالية له ما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لبيان جاء فيه وهو يتحدث عن النظام الموريتاني: "يؤمن للكفار الأجواء المناسبة لسباق الرالي، وينخرط بكل قوة في حرب على الجهاد والمجاهدين تحت راية الصليب"، ومعلوم أن رالي باريس داكار سيمر في موريتانيا بين 11 يناير (جانفي) و19 يناير (جانفي)، وهو ما يطرح بالفعل أن 11 من يناير القادم ربما سيكون الموعد الآخر لهذا التنظيم في عملية إستعراضية مغاربيا، ولا تستبعد الجزائر –طبعا- التي تشهد وضعا أمنيا مترديا، وستثير الجدل الواسع وتعيد للمشهد السياسي الجزائري الكثير من الأطروحات في ظل بداية سنة حاسمة للرئيس الجزائري، فقد تستهدف الرئاسة أو وزارة من وزارات السيادة أو قد تغتال شخصيات مهمة سواء كانت في السلطة أو حتى في المعارضة ولها علاقات مباشرة بكثير من الملفات الحساسة بعمر النظام الحاكم من الإنقلاب إلى الوئام المدني، وبلغة الأحزمة الناسفة التي قد يلجأ إليها حسب مصادر أمنية رفيعة، وهو مما يخلط الأوراق سواء على ملف المصالحة أو حتى العرابين لتجديد رئاسي وتعديل دستوري مرتقب، فضلا من أن التحدي القائم بين السلطة والقاعدة يقف على عتبة العمليات والعمليات المضادة، فإن تجاوزت القاعدة هذا التاريخ بلا حدث يذكر محليا فهو لا يعني التجاوز بدلالات سياسية بل تجاوز بدلالات أمنية وإن كنا نحن لا نغفل ما سبق، لأن العمليات النوعية التي تحدث في الجزائر أو حتى بالمغرب العربي تريد ان تبسط نظرية تواجد القاعدة تواجدا قويا ومتصاعدا، ولا يتحقق ذلك إلا في ظل ظروف تخلق الزوبعة الإعلامية والسياسية وعولمة ما يسمى بالإرهاب، وهو البعبع الذي تريده "القاعدة" في ظل الحرب الإعلامية التي تسري الآن، وإن كنا نرى أن الإشارة للرالي بعينه لن يكون غبيا فقد يصب في دائرة تغليط المصالح الأمنية التي تعيش الكابوس، وإبعادها في إحتمال لا صلة له بما يخطط له التنظيم، أو أنه تحدي منه مرة أخرى لأنظمة المغرب العربي، فكما نعرف أن وزير داخلية الجزائر يزيد زرهوني صرح أن مصالحه كانت على علم مسبق بإستهداف المجلس الدستوري، وهو ما أكده بيان ما يسمى تنظيم القاعدة الذي جعل من هذا بسبب هاتف نقال لأحد أمراءه الذين قضت عليهم مصالح الأمن الجزائرية، والتأكيد ليس عبثيا مطلقا بل يصب في إطار صناعة الهالة التي إكتسبها التنظيم وبتوقيع من زرهوني شخصيا... ربما نجدد الطرح لسؤال مثير للجدل في ظل خيارات متناحرة بين الزمر المختلفة في النظام الجزائري: ماذا سيحدث ودماء من سوف تهدر؟ الإجابة ستكون خلال الأيام القادمة والسلطة على موعد حاسم مع تراجيديا تمهد الطريق لبلورة الرهان الذي يضمن به بوتفليقة عهدته الثالثة، وتجعل خياراته لا تتجاوز تاريخ الصلاحية التي توقف نبضه على نبض ميثاق للمصالحة لم تجرأ السلطة لحد الساعة على مناقشة حصيلته، وظلت تراهن على نجاحه والقاعدة تؤكد فشله، ويكفي دلالة إختيار مستفيدين من العفو في عمليات انتحارية كما جرى بمفجر المجلس الدستوري الذي أفرج عنه في أيار (مايو) 2006 في إطار العفو، ومصادر لنا من سجن الحراش تؤكد من أن شارف العربي الذي فجر نفسه ودمر المجلس الدستوري، كان لا يحمل فكرا يوحي انه سيصل به الحال إلى درجة العمليات الانتحارية، وعائلته أكدت إختفاءه الغامض والمشوب بالحيرة... قد لا يجد بوتفليقة رهانا من خلاله يعطي النفس الجديد لمشروعه الأمني الذي يقتضي العهدة الثالثة سوى القطيعة مع مخلفات الحرب الأهلية وأسبابها الرئيسية والحقيقية، وربما الذهاب نحو الجانب الإقتصادي مستغلا البحبوحة المالية التي تعيشها الجزائر، وتحت وضع إجتماعي مزري وينذر بالفاجعة... ولنا عودة لموضوع رهانات بوتفليقة للعهدة الثالثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.