تشهد الساحة اليمنية سجالا سياسيا حول مستقبل الانتخابات النيابية القادمة في نيسان (أبريل) القادم، بلغت الذروة بنشر المعارضة لرسالة وجهتها إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الثلاثاء (2/9) ردا على رسالة وجهها الأخير لقيادة المعارضة، ونشرتها وسائل الإعلام الحكومية قبل خمسة أيام تضمنت اتهامات صريحة للمعارضة بدعم التمرد العسكري للمليشيات الحوثية في صعدة، وفي حركة الاحتجاجات في جنوب اليمن. ورأى مراقبون سياسيون أن حرص كل طرف من أطراف الأزمة الناشبة في البلاد على نشر رسالته الموجهة إلى الطرف الآخر بواسطة وسائل الإعلام يكشف عن أن الأزمة أصبحت كرة ثلج تتدحرج كل يوم بحجم أكبر عن حجمها في اليوم السابق، وتنبئ عن اتساع خرق الثقة بين السلطة والمعارضة، وخاصة دخول رئيس الجمهورية في السجال الذي ظل في السابق محصورا على الأقل إعلاميا بين أحزاب المعارضة ورموز الحزب الحاكم دون الرئيس صالح. وقال رئيس الجمهورية في الرسالة التي وجهها لقادة المعارضة في 29 آب (أغسطس) "ظلت للأسف بعض الأطراف في أحزاب اللقاء المشترك ونكاية بالنظام على تواصل مستمر مع العناصر المتمردة وتقديم الدعم السياسي والإعلامي والمادي لها وإيصال المعلومات إليها والتي كان من نتائجها إلحاق الضرر بالمواطنين وأفراد القوات المسلحة والأمن، بالإضافة إلى مناصرة العناصر الانفصالية الخارجة على الدستور والنظام والقانون بل والمشاركة في بعض فعالياتها ودون تقدير للنتائج وما يترتب على ذلك من ضرر على مصلحة الوطن". وقال "إن الوقت قد أزف وأصبح من الضرورة العمل من قبل الجميع من اجل إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد دون تأخير"، وأشار إلى أنه "ونظرا لما تقتضيه المصلحة الوطنية فانه يمكن استيعاب كافة ما تم الاتفاق عليه في موضوع التعديلات في قانون الانتخابات في اللائحة التنفيذية للقانون وفي الأدلة والإرشادات الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات"، وأكد إطلاق كافة السجناء غير المتورطين بقضايا جنائية فورا أما المتورطين بقضايا جنائية فان أمرهم متروك للقضاء، وأعرب رئيس الجمهورية عن تطلعه أن "تتفهم قيادة أحزاب اللقاء المشترك تلك الحقائق واستيعابها بروح المسؤولية الوطنية، وان يعمل الجميع على كل ما من شأنه المشاركة الفاعلة في الانتخابات النيابية القادمة، ولما فيه تعزيز النهج الديمقراطي وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة على الساحة الوطنية". وردت أحزاب المعارضة اليوم الثلاثاء برسالة بتوقيع عبد الوهاب الآنسي رئيس المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك أكدت أن السير بالانتخابات منذ خطواتها الأولى في طريق يتصادم مع الدستور وينتهك القانون، ووفق شروط يمليها ويضعها الحزب الحاكم مستقويا بأغلبيته في مجلس النواب، يمثل تزويرا مبكرا لإرادة الشعب من خلال انتخابات شكلية تفتقر لأبسط مقومات النزاهة والتكافؤ هدفها إضفاء مسحة ديمقراطية زائفة على السلطة وتمكين الحزب الحاكم من الاستمرار في نفس الطريق المنتج للازمات والكوارث في حق هذا الشعب". وقالت رسالة المعارضة "لقد تضمنت رسالتكم اتهاما صريحا للقاء المشترك بالسعي لتعطيل الانتخابات، في الوقت الذي تعلمون فيه أكثر من غيركم أن مصلحتنا هي من مصلحة هذا الشعب في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، فبدون الانتخابات لا معنى لوجود الأحزاب ولا للتعددية السياسية، وإذا كان لأحد مصلحة في تعطيل الانتخابات فهو الطرف الذي راهن على إضاعة الوقت منذ بدأ الحوار في 19/3/2007 وحتى آخر جلسات التواصل معكم". وتقدم المجلس الأعلى للمشترك في رسالته لرئيس الجمهورية بمقترحات للخروج من الأزمة القائمة، تضمنت إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في كافة المحافظات اليمنية بدون استثناء، وإزالة حالة التوتر في الأجواء السياسية وخلق مناخات سياسية ووطنية قائمة على احترام الحقوق الدستورية والقانونية، وخلق حالة من التفاعل الايجابي بين السلطة والمعارضة تركز على دراسة أوضاع البلاد والتعاون المخلص من اجل معالجتها. كما طالب المشترك "بوقف الممارسات التي من شأنها إثارة الضغينة والفرقة والتمزق بين فئات المجتمع وتشويه الوعي الوطني، وعلى نحو خاص الحملات الإعلامية التي تمارسها أجهزة الإعلام الرسمية وإعلام الحزب الحاكم وتستعدي فيها مؤسسة القوات المسلحة ضد أحزاب اللقاء المشترك بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون". وفيما يتعلق بالاتهامات حول تورط المعارضة في التحريض للحوثيين ضد القوات الحكومية أكدت المعارضة أن موقفها كان واضحا وجليا حينها، وقالت "منذ اللحظة الأولى وجهنا رسالة إلى فخامتكم بتاريخ 28/6/2004 وطلبنا اللقاء بكم للتعرف على ما يجري باعتباركم المسئول الأول عن سلامة تطبيق الدستور والقانون، ولما لم نلق استجابة لهذا الطلب فقد أصدر اللقاء المشترك بياناً بتاريخ 28/6/2004، أعلن فيه بكل وضوح بأن أي مشكلة داخلية لا يمكن حلها من خلال نهج الحروب، بل بالحوار ومعالجة جذورها ومسبباتها، وطالبنا بحلها في إطار وطني وفي ظل الاحتكام للدستور والقوانين النافذة، وبما يضمن عدم تكرارها في جولات أخرى متجددة". وردا على اتهامها في المشاركة بالحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية، ذكّر المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك الرئيس بموقفه من كل ما يدور هناك، من خلال إدراكه بأن حالة الاحتقان التي وصلت إليها كل محافظات الجمهورية والمحافظات الجنوبية على وجه الخصوص، كانت حصاداً طبيعياً لنهج الإقصاء والتهميش والمركزية السياسية والإدارية المفرطة، والممارسات الأمنية القمعية، واحتكار السلطة والثروة في إطار دائرة ضيقة، وانسداد أفق التداول السلمي للسلطة، ومصادرة الأراضي وتمليكها لغير المستحقين.