رسميا/ هذا السياسي يترشح للانتخابات الرئاسية..#خبر_عاجل    محكمة الاستئناف بالمنستير توضّح بخصوص عدم الاستجابة لطلب القاضي أنس الحمايدي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأحد 5 ماي 2024    عاجل/ "الستاغ" تكشف حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز وتوضح..    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    مختصّ في السرقات والسلب والإعتداء على الأملاك الخاصة والعامة: الكشف عن وفاق إجرامي بالعاصمة    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن..    مستقبل سليمان اتحاد بنقردان (0 1) خبرة الضيوف كانت حاسمة    النجم الساحلي الاتحاد المنستيري (0 0) ..المنستيري يفرض التعادل على النجم    بعد توقف دام 19 عاما: مهرجان الحصان البربري العريق بتالة يعود من جديد    كأس تونس لكرة اليد... «كلاسيكو» من نار بين «ليتوال» والترجي    تفاصيل الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرّقاعي الوطني لسنة 2024    سهرة تنتهي بجريمة قتل شنيعة في المنزه التاسع..    الإدارة الجهوية للتجارة بولاية تونس ترفع 3097 مخالفة خلال 4 أشهر    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    المهدية: الاحتفاظ بشخص محل 15 منشور تفتيش وينشط ضمن شبكة دولية لترويج المخدرات    أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف حرب الإبادة في غزة وحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    هذه مواعيدها...حملة استثناىية لتلقيح الكلاب و القطط في أريانة    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 58 قتيلا و67 مفقودا    زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب شرقي البيرو    طقس اليوم الأحد...أجواء ربيعية    جندوبة: إنطلاق عملية التنظيف الآلي واليدوي لشواطىء طبرقة    جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    تونس تشارك في المعرض الدولي 55 بالجزائر (FIA)    الاعتداء على عضو مجلس محلي    نتائج الدورة 28 لجوائز الكومار الادبي    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    الرابطة المحترفة الثانية : نتائج مباريات الدفعة الأولى للجولة الحادية والعشرين..    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    انتخابات الجامعة:إسقاط قائمتي التلمساني و بن تقية    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    تمّ التحوّز عليه منذ حوالي 8 سنوات: إخلاء مقر المركب الشبابي بالمرسى    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    14 قتيلا جراء فيضانات... التفاصيل    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار الطرشان وصمت الأموات بين السلطة والمعارضة: (الجزء الثامن )


بسم الله الرحمان الرّحيم
حوار الطرشان وصمت الأموات بين السلطة والمعارضة
كيف تحقيق الأمن الغذائي و السلم الاجتماعي
العودة حق واسترداده واجب
لا حياة كريمة بدون المحافظة على الهوية العربية الاسلامية
الحكمة تقتضي ترك عقلية تبسيط الأمور و استعجال النتائج و الاستخفاف بالآخر
لا تنمية بدون ضمان حقوقّ المواطنة

(الجزء الثامن )
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم" (آل عمران 103)
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة"(النحل - 125)
" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، " (النساء - 1)
باريس في 15 سبتمبر 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

الإشتباك في طريق الفكّ : في هذه الايام الاخيرة من شهر رمضان البارك لا يسعنا بهذه المناسبة الا ان نحيي الذين يصارعون العواصف من الداخل و من الخارج ويتحدون الزلازل والرعود ابتغاء مرضاة الله تعالى ووفاء بعهده واحتراما لميثاقه الغليظ وصدق الله العظيم اذ قال في سورة القصص: " وربّك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون" (القصص - 68) و قد كان امر الله هو وحده الذي اختار فهو المعين و الهادي الى سواء السبيل و لقد بشّرهم الحق ّفي سورة الدخان فقال : "ولقد اخترناهم على علم على العالمين" (الدخان - 32) و هم على ثقة في الله الذي لا تخفى عليه خافية يرقبون فعل الله و هو القاهر والمرتقب فعل الظالمين " فارتقب انهم مرتقبون" (الدخان - 59) و سوف يتولى الله هلاك الطغاة والجبارين و لن ياسف عليهم احد و ما دام ذلك الا بالصبر و تحمّل مشاق و تجبّر الفراعتة في كل زمان ومكان وبذلك يصدق قول الله فيهم في سورة الصافات اذ قال : " ونجيناه واهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين" (الصافات – 76 و 77)
فتحية و احترام جبال الصبر لان صبر الرجال ليس صبر لذلة على الأذى ولكنه صبر على الجهاد الدعوي و على مكاره الفتن والظلمة. فمنذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاعثلّة من المساجين السياسيين يقبعون في السجون ويعانون الذل والهوان وهم السادة الصادق شورو و اخوانه ابراهيم الدريدي و رضا البوكادي و نورالدين العرباوي و عبدالكريم بعلوش و منذر البجاوي و الياس بن رمضان و عبد النبي بن رابح و الهادي الغالي و حسين الغضبان و كمال الغضبان و منير الحناشي و بشير اللواتي و محمد نجيب اللواتي و الشاذلي النقاش و وحيد السرايري و بوراوي مخلوف و وصفي الزغلامي و عبدالباسط الصليعي و الصادق العكاري و هشام بنور و منير غيث و بشير رمضان و فتحي العلج و غيرهم كثير .
ان الفشل في بناء الخلافة المنشودة والتحوّل نحو أسلمة المجتمع عبر الدعوة يدفع إلى مزيد من الانحسار والتراجع عن الخيار السياسي مقابل تقدم الإسلام كظاهرة اجتماعية، باستبدال الخطاب حول الدولة بالخطاب حول المجتمع.
و رغم هذا التراجع الظاهري لان السياسة هي حركة مد و جذر و كرّ و فرّ فالسؤال المطروح الآن هو هل ستنجح منهجية أسلمة المجتمعات في توفير دعائم جديدة يمكن أن تؤسس لقيام المجتمع الإسلامي؟
هذا التساؤل المشروع لا يمكن الإجابة عليه بشكل قطعي في المدى المنظور. ولقد اقرّ رئيس الدولة بقوله يوم السّابع من نوفمبر2007 "فلا مجال للإقصاء والتهميش ولا مجال لبقاء أي كان، متخلفا عن مسيرة النماء والتقدم". "ومن حق كل أبناء تونس وبناتها، أن يشاركوا في دعم حاضر بلادهم وبناء مستقبلها وأن ينعموا بخيراتها ويجنوا ثمار نموها وازدهارها". فمتى يرفع الحظر على جريدة "الفجر" والمنظمة النقابية الطلابية "الاتحاد العام التونسي للطلبة".
ويمكن لهيئة 18 أكتوبر تبني هذا الاقتراح ، أو الجهات المعارضة التي لها اتصالات مع بعضها في الخارج . لنخرج من أسلوب البيانات الفردية أو الحزبية ،إلى ميدان العمل الوطني المشترك ، وبشكل أكثر فعالية ، بدل أن نكتفي بالكتابة لبعضنا البعض ، والنظام يواصل استفراده بالاحرار داخل تونس
لو لم تقع مواجهات جنوب تونس الأخيرة بين قوات الأمن وأبناء مدينة "الرديف" الذين تظاهروا احتجاجا على غلاء المعيشة وزيادة البطالة، والتي قتل وجرح فيها البعض واعتقل المئات، ما لفتت التطورات الأخيرة في البلاد أنظار أحد، ولا تساءل أحد عما فعله النظام منذ 21 عاما، ولا مصير قوى المعارضة في العموم و الحركة الإسلامية التونسية التي احتفلت بالذكرى 27 لتأسيسها في 6 جوان 1981.
ان مواجهات الحوض المنجمي بالجنوب لبتونسي احتجاجا على غلاء المعيشة وزيادة البطالة، رغم أنها جاءت ضمن ظاهرة ما يسمى "ثورة الخبز" التي تعاني منها الكثير من البلاد، سواء منها بلدان المغرب العربي او غيرها، إلا أنها كشفت حالة الجمود السياسي والاقتصادي في البلاد وتردي الأوضاع السياسية، وفتحت النقاش مجددا حول مستقبل تونس السياسي.
إن الخروج في مظاهرات لقذف قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة، وفي بلد يحكم الأمن قبضته على السلطة، أمر ذو دلالات واضحة على أن الاحتقان بلغ أوجه، وأن اجهزة البوليس لم تعد قادرة على حبس الغضب المتصاعد.
إن ما يعرف ب "الحوض المنجمي" بالجنوب يعاني من التهميش ، وهي اشتهرت بالتمرد والاحتجاج على السلطات، ففي عام 1984 قامت بما عرف ب"انتفاضة الخبز"، وفي عام 1989 انطلقت من هذه المناطق الواقعة جنوب العاصمة بنحو 500 كيلومتر - محاولة انقلاب على نظام الحكم لكنها فشلت؛ ولهذا عوقبوا بإهمال مناطقهم، وبقسوة أكثر.ان النظام، بدلا من حل مشاكلهم الاجتماعية التي وصلت نسبة البطالة فيها ما بين 25 و40% وفق تقديرات مختلفة بعد سنوات من الحديث عن المعجزة الاقتصادية في البلاد!
الشهيد الثالث لانتفاضة الحوض المنجمي : أكّدت مصادر مقرّبة من الشهيد عبد الخالق بن مبارك بن أحمد عميدي الذي استشهد يوم السبت 13 سبتمبر الجاري بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس أنّه لم يكن يقطن بالرديّف بل جاءها زائرا لعائلته حيث كان يعمل منذ سنوات في قطاع السياحة بجزيرة جربة.
وقد وفد على الرديّف ليزور عائلته للاطمئنان على والديه إذ لم يشارك في أيّ تحرّك من التحرّكات التي شهدتها الجهة وهو ما أكّده شهود عيان عرضوا أنفسهم للإدلاء بالشهادة إذا طلب منهم ذلك في تحقيق يتعلّق بمقتله.
وقال بعض أقاربه أنّه خرج ساعة الحادث لمسافة قريبة جدّا من منزلهم فرأى المتظاهرين يفرّون من إطلاق الرصاص وبما أنّهم كانوا يسيرون في اتجاهه فقد أدار ظهره ليفرّ معهم خوفا من أن تدوسه أقدام الخائفين من الرصاص أو أحذية الذين يطلقونه على النّاس. وقد أصيب في تلك اللحظة في مستوى الحوض أسفل ظهره، إذ أثبت الأطباء إصابته في منطقة الحوض على مستوى الفقرات السفلى لعموده الفقري بما جعل أثر الرصاصة يمرّ ليتلف جهازه التناسلي.
أجوار الشهيد أكّدوا أنّهم لا يرونه إلاّ في الأعياد عندما يأتي لزيارة عائلته وأضافوا أنّ والده المتقاعد لا يملك سوى منزلا يقطن فيه صحبة زوجته وأبناءه السبعة وقد عرض المنزل للبيع من أجل مداواة ابنه إلاّ أنّه لم يجد من يشتريه إلى أن فارقت فلذة كبده الحياة في المستشفى بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الألم والغيبوبة.
وشهد المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بقفصة نهار السبت حضور جمع غفير من أهل الشهيد عندما بلغهم نبأ وفاته وقد رفعوا شعارات في ساحة المستشفى ممّا جعل الشرطة تتدخّل للسيطرة على الوضعية.
وأكرهت السلطات الأمنية عائلة الشهيد على دفنه صباح الأحد قبل الساعة العاشرة صباحا مخافة أن يحضر عدد كبير من المعزّين وأن تحصل بعض الاشتباكات.
وأفادنا أحد المحامين بالجهة أن حاكم التحقيق الأول في المكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بقفصة قد أعلن عن فتح تحقيق فيما يتعلّق بالقتلى والجرحى منذ يوم 8 جوان المنقضي إلاّ أنّه لم يحصل أيّ تطوّر في الموضوع بل وجّهت التهمة إلى مجهول ونقل حاكم التحقيق للعمل في ولاية أخرى.
وينتظر في هذا الإطار أن تتولّى المصالح الأمنية البحث عن هذا المجهول الذي جاء إلى منطقة الرديّف وأطلق النّار على المتظاهرين وكان مرتديا لزيّ وحدات التدخّل ومندسّا في صفوفها. وأصدرت محكمة الاستئناف بقفصة يوم الاثنين 15 سبتمبر 2008 حكمها في القضية عدد 3952 وذلك بالنزول بالعقاب المحكوم به ضد زكية الضيفاوي إلى أربعة أشهر وخمسة عشر يوما ( وكانت المحكمة الابتدائية بقفصة قضت يوم 14 أوت الماضي بسجنها مدة ثمانية أشهر) ولكل من فوزي للماس ومعمر عمايدي وعبد السلام ذوادي إلى ثلاثة أشهر( وكان محكوم على كل واحد منهم ابتدائيا بستة أشهر سجنا) و لكل من عبد العزيز احمدي وكمال بن عثمان ونزار شبيل إلى ثلاثة أشهر مع إسعافهم بتأجيل تنفيذ ما تبقى من مدة العقاب ( وكان محكوم على كل واحد منهم ابتدائيا بستة أشهر سجنا أيضا).
وجميعهم أحيلوا بحالة إيقاف بتهم " تعطيل حرية الجولان بالسبل العمومية والإضرار بملك الغير والعصيان الواضح من أكثر من عشرة أشخاص وهضم جانب موظف حال مباشرته لوظيفه والتعدي على الأخلاق الحميدة والآداب العامة ورمي مواد صلبة على عربات الغير وإحداث الهرج والتشويش بالطريق العام" اثر اتهامهم بالمشاركة يوم 27 جويلية الماضي بمدينة الرديف في مسيرة نظمها سكان المدينة للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين اثر الأحداث التي شهدتها منطقة الحوض المنجمي خلال الأشهر الأخيرة.
وكانت جلسة 10 سبتمبر الحالي شهدت مرافعات أكثر من عشرين محاميا أطنبوا في بيان ما ميز المحاضر من تلفيق واضح و ما تعرض له المتهمون من تعذيب. غير المحكمة، بإصدارها لهذه الأحكام القاسية نسبيا، أهملت جملة ما ركز عليه لسان الدفاع ومطلبه بالحكم ببراءة المتهمين.
وفي سياق متصل اصدر قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بقفصة قرار ختم البحث في القضية عدد 15537 وقرر توجيه تهمة "الانخراط في عصابة و المشاركة في وفاق وقع بقصد تحضير وارتكاب اعتداء على الأملاك والأشخاص" وغيرها من التهم على 51 متهما منهم عدنان الحاجي وبشير العبيدي وعادل جيار وغيرهم من النقابيين و المناضلين المتهمين بقيادة الحركة الاحتجاجية في الحوض المنجمي وخاصة في الرديف كما وجه التهمة للناشط الجمعياتي في الهجرة محي الدين شربيب رئيس فيدرالية التونسيين مواطني الضفتين FTCR) ) الذي اعتبر بحالة فرار، وأحالهم جميعا صحبة ملف القضية على دائرة الاتهام ، بمن فيهم المتهمين الذين كان قاضي التحقيق أفرج عنهم مؤقتا في الأيام الأخيرة.
السلطة والمعارضة الإسلامية : فبعد 27 سنة من تأسيس حركة النهضة وبعد 21 من تولي الرئيس الثاني للجمهورية السلطة منذ تأسيسها سنة 1957، والحرص الكتواصل على إقصاء وإضعاف وتدجين أي قوة معارضة في البلاد، بات المشهد التونسي أكثر ضبابية، محتقنا بسبب الإقصاء لأي رأي او قوة مخالفة.
أما عن الوضع الاقتصادي الهشّ في ظل حالة الانقلاب في الأسواق العالمية، والانكماش الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط والسلع الغذائية الى جانب تنامي التيار والشعور الديني الإسلامي ومظاهره (خصوصا الحجاب) في تزايد رغم إقصاء التيارات الإسلامية والإبقاء على قادتها في السجون، مما يشكل تحديا مستمرّا للسلطة.
إن التوجه الإسلامي في تونس أصبح هنا ليس حزبيا ولا فصائليا بقدر ما هو شعبي وعفوي، يصعب التصدي له رغم السياسات العقابيةو القمعية المستمرة ضد المتدينين.
وربما لهذا السبب سعت قيادة حركة النهضة في المهجر التركيز على جوانب الفشل السياسي والاقتصادي والتحذير - على لسان الشيخ راشد الغنوشي - من أن إصرار السلطات على المضي في السياسات القمعية القديمة، والإبقاء على هذا النمط من التعامل بدون تغيير يؤدي للعنف في إشارة لما حدث في الحوض المنجمي.
حيث شدد الشيخ الغنوشي على "الاعتماد على المرجعية الإسلامية والتمسك بالقيم السياسية والاجتماعية العليا من: حرية، وشورى، واحترام للخيار الشعبي، وتكافل اجتماعي، ومساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات دون أيّ إقصاء أو إلغاء"، محذرا من أن "تواصل هذا المأزق لا يخدم مصلحة أحد، بل يهدد مستقبل تونس، كما أنّ التأخّر في إطلاق إصلاحات ديمقراطية حقيقية سيعمّق أزمة البلاد ومشاكلها، ويقضي على آمال التونسيين خاصة، الأجيال الشابة، في تغيير حقيقي بالوسائل المدنية يؤهل الدولة والمجتمع لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
والمشكلة الآن أن الحاجة لدور توجيهي من تيار إسلامي عام معتدل في تونس باتت ضرورة لعدة أسباب، أبرزها: ضبط إيقاع حركة التطرف الديني؛ الذي بدأ ينتشر نتيجة البطش والعنف الحكومي، وعدم وجود من يقود هذا التدين الشعبي، فيتجه لمناحٍ مختلفة (تدين حكومي - شعبي - قاعدي جهادي - صوفي) وفي المقابل هناك غياب طويل لحركة النهضة عن الساحة التونسية، نتج عنه ظهور قوى مختلفة غير خاضعة لأي حركة او منظمة ترعى وتوجّه ، بعكس الحال عندما كانت النهضة موجودة، ولم يعد يجدي مع ذلك مجرد البيانات والتصريحات، وإنما بذل جهد أكبر لطرح حلول حقيقية لمشكلات البلاد.
وقد أرجع الدكتور "أعلية العلاني" - في كتابه "الحركات الإسلامية بالوطن العربي - تونس نموذجا" - أسباب إخفاق حركة النهضة الإسلامية في تونس، ومحدودية تأثيرها على الرأي العام" لعدة أسباب، مشددا على أن الإخفاق للحركة المحظورة منذ 1990 في تونس ليس نتيجة للملاحقات الأمنية فحسب، بقدر ما هو بسبب التصدع التنظيمي للحركة، والتداخل بين السياسي والديني حسب رأيه.
إذ يرى "العلاني" أن حركة النهضة الإسلامية لم تستغل الفرصة التي أتيحت لها للاندماج في المنظومة السياسية عند وصول الرئيس زين العابدين بن علي للحكم عام 1987 بعد سنوات من المواجهة مع السلطة مطلع الثمانينيات، مشيرا لانفتاح حكومة "بن علي" آنذاك على الحركة الإسلامية، والذي تجلى من خلال الإفراج عن مساجين للحركة، ومن بينهم: راشد الغنوشي زعيم الحركة، وعدد آخر من القادة، وفتح المجال أمامهم للمشاركة في الحياة السياسية، والمشاركة في مجالس حكومية.
وقال العلاني إن حركة النهضة كان بإمكانها أن تنجح لو التزمت بثوابت النظام الجمهوري والحفاظ على المكاسب التعددية، وأن تكون حزبا سياسيا لا دينيا، وعاب على جهازها التنظيمي أنه "لم يكن متماسكا، وكانت تشقها خلافات أيديولوجية"، وإن أرجع صلابة الحركة خصوصا في مطلع الثمانينيات إلى نفوذها المالي الكبير، واستفادتها من أخطاء النظام البورقيبي الذي تعامل مع المسألة الدينية "بشكل اعتباطي وانتهازي" .
ومنذ عامين عادت حركة النهضة لتبرز من جديد على الساحة، رغم أنها محظورة، عندما أعلن قياديون منها الانضمام إلى تحالف "18 أكتوبر الحقوقي" الذي يضم اتجاهات سياسية متباعدة من بينها العلماني، ويدعو إلى إطلاق الحريات العامة، وسن عفو تشريعي عام، ولاقت هذه الخطوة رفضا شديدا من بعض الأحزاب العلمانية واليسارية، ومن قبل السلطة التي وصفت التحالف بأنه "ظلامي"، بينما اعتبره حقوقيون آخرون "بادرة" تثبت أن الحركة تتفق مع باقي الاتجاهات في عدة مسائل جوهرية.
وربما يفيد الحركة أن السلطة تتحرك في طريق عكسي بإصرارها على اتباع ذات السياسة الأمنية والسياسية والاقتصادية التي أدت لمشكلات ضخمة بدأت تظهر في البلاد، ومع تزايد رغبة الأعداد الهائلة من الشباب التونسي في المغادرة والهرب من بلاده، وتزايد تهديدات الأعمال الإرهابية.
مشكلات تونس لا تزال كما هي منذ ربع قرن، ولا توجد بوادر تغيير أو انفتاح حقيقي من جانب النظام نحو التغييرالحقيقي المنشود .
إن الحالة التونسية تعتبر فريدة من نوعها في هذا المجال، فرغم مظاهر الغلاء والفقر والبطالة منتشرة في غالبية الدول العربية، كما أن جارتيها المغرب والجزائر تشهد نفس الاحتجاجات الاقتصادية، فما يزيد الأمر اشتعالا في تونس هو تزامن حالة الانسداد السياسي المستعصية منذ سنوات، مع فشل الإصلاح الاقتصادي، وعدم إقدام النظام على أي إصلاحات جدية تحت لافتة الخوف من تسرب الإسلاميين للسلطة.
أين هذا التذكير من مطالب اللحظة : قد يعتبر من يدعون دون جدوى إلى طي صفحة الماضي وفك الاشتباك والمصالحة الوطنية والابتعاد عن الخطاب المتشنج وغيرهم الا أن مثل هذا التذكير لايخدم مطالب اللحظة بل قد يكون المطلوب عند البعض الآخر هو تجاوز الماضي والتوجه نحو المستقبل . إن أول شرط من شروط المصالحة هو رد المظالم ولايمكن لعاقل أو مراقب موضوعي أن يقول أن الذي تضرر من المواجهة التي خاضتها السلطة مع الاسلامين منذ بداية التسعينات.
بل أن الذي تضرر ودفع الضريبة غالية هم أبناء الشعب من الإسلاميين اذ كان ذنبهم الوحيد أنهم رفعوا مطلب الحريات وحاولوا فرضه نيابة عن المجتمع بالطرق السلمية. أن بداية الحل للمشكلة تبدأ بإفراغ السجون ممن تبقي ممن يقبعون منذ قرابة العقدين من الزمان وإعلان عفو تشريعي العام والتحقيق في التجاوزات التي مارستها الأجهزة الأمنية .
مع العلم أن العديد من العناصر المتنفّذة في السلطة كان ولا زال يقودها الحقد الإيديولوجي ومبدأ التصفية الجسدية للإسلاميين أكثر من حرصهم على تطبيق القانون على الجميع وهذا التحقيق ليس للانتقام وإنما تجلية الحقائق وردّ المظالم.
وبعد ذالك من حق القائمين على الحق الشخصي في مناخ من الأمن والعدل أن يعفو ويتركوا الأمر أما أن نجعل الشرط الأول للمصالحة هو مزيد من تنازل الضحية عن الحقوق إلى حد إعلان التوبة والتخلي عن الاهتمام بالشأن العام فذالك منطق لايقبله عاقل.
إن الإسلاميين مطالبون بتقييم مسيرتهم تماما مثل كل التنظيمات الجادة هذا التقييم لابد ان يشمل الأفعال والأفكار والرجال. وما أحوج الإسلاميين لأن يكونوا مثالا في تحمّل المسؤولية والصراحة والصدق والجرأة إذا كان القصد "إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت" "وما أبرّئ نفسي إنّ النفس لأمّارة بالسوء".
ولكن هل أن شروط التقييم الحقيقي متوفرة في الوضع الراهن؟
من حين لآخر تصدر كتابات لإسلاميين يتناولون فيه هذا الموضوع يحاولون فيه تقييم أداء هذا القيادي السياسي . وآخر من يعمل على فتح هذا الباب هو الرئيس السابق الدكتور الصادق شورو الذي مازال يدفع ضريبة الحرية إلى اليوم الناس هذا. إن التقييم الحقيقي والشامل هو الذي تنخرط فيه كل فعاليات الحركة الإسلامية والقوى الوطنية في مناخ من الحرية والشفافية في داخل البلاد. أما ما دونه فيبقى تقييما يتضمن أقدارا من الذاتية ويعبر عن وجهة نظر دون غيرها.
من يرد المظالم : حينما تختلط الأوراق ولم يعد للمنطق أي معنى تبدأ الرهانات لرفع المظالم فهل يمكننا أن نراهن على القوى الدولية، او على النخبة اوعلى الشعب صاحب الشرعية. ولكن ها قد مرت قرابة العقدين من الزمن والمواطن المسلم التونسي لم يكن له من طموح سوى أن يعيش في بلاده في تناغم مع تاريخه وهويته التي عبر عنها الفصل الأول من دستور البلاد.
ان العودة السياسية هي التي تدفع الخصم إلى التفاوض، وقد يفاوض على استثناءها لسبب ما وعلينا أن ننتبه إلى ما هوممكن، ونستعد له.
وصدق الله العظيم اذ قال في كتابه العزيز من سورة المائدة :" يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ اذا إهتديتم" (المائدة -105)
و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران 104) و قال تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل:97). و الله هو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه.
باريس في 15 سبتمبر 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.