ينطبق القول المأثورالذي إخترته عوانا لمقالي على وضع العراق اليوم ونظرة الأمريكان لما يجري فيه. فجميع الساسة الأمريكان يعتبرون كل ما يجري في العراق من مآسي ومصائب وأهوال وقتل ودمار, منذ إحتلالهم لهذا البلدالعريق والى يومنا هذا, مكاسب وإنجازات يجب صيانتها والحفاظ عليها. بل أنهم يتباهون كلما زاروا العراق, سرا ودون علم حكومته العميلة, بأن الأمور تسيرنحو الأحسن وإنهم ماضون في طريقهم حتى إنجازالمهّة. ومعلوم للجميع أنه لم يُنجز من تلك"المهمّة"المشؤومة حتى واحد بالمئة, رغم قتل وتشريد ملايين العراقيين وتدميرالبنى التحتية للبلد وإشاعة الفوضى والفساد والطائفية في كل مؤسسات الدولة والحكومة, وسرقة ثروات وخيرات الشعب العراقي في السرّ والعلن. لا توجد مهمّة أخرى, للأمريكان المحتليين, غير إفراغ العراق من أبنائه الشرفاء ليصبح دولة فاشلة كافغانستان أو الصومال أو أسوء, وتحويل شعبه الأبيّ صاحب التاريخ العريق والحضارة الشامخة الى قطعان من الكائنات المفتوحة الأفواه تنتظربركات وخيرات وهدايا "ملاك الرحمة " القاطن في البيت الأبيض في واشنطن. وُفي كلّ خطبهم ومؤتمراتهم وتصريحاتهم يشيرالأمريكان الى ما يسمونه إنخفاض مستوى العنف في العراق. وهو زعم يُراد منه خداع بعض السذج في العراق وفي أمريكا على حدّ سواء, لاسيما وإن إدارة الأبله بوش الصغير فقدت كلّ مصداقية لها في الداخل والخارج وتواجه أياما عصيبة تسبق الانتخابات الرئاسية والتي قد تنهي الى الأبد, إذا خسرها الجمهوريون, الحلم الشيطاني الذي سعى الى تحقيقه, بكلّ الوسائل والسبل اللاشرعية واللاقانونية واللاأخلاقية, المحافظون أو المتصهينون الجدد. إن ساسة أمريكا كثيرا ما يحاولون, ولكن دون جدوى تذكر, خداع الناس بأن مشكلة أكثر من 25 مليون عراقي, والذين يعيشون أسوء أيام حياتهم في ظلّ الاحتلال الأمريكي, هي العنف فقط, وما عداه فهي أمور ثانوية جدا ولا تستحق الحديث والكلام عنها. لأن المواطن في العراق الجديد, حسب وجهة النظر الأمريكية, لا يحتاج الى أيّ شيء أبدا سوى نهاية العنف. لأن أمريكا, ذات القلب المليء بالرحمة والعطف والايمان, جعلت العراقي ينافس المواطن السويدي والدنماركي والنرويجي على مستوى الرفاه والتطور والترف والحياة الرغيدة التي يتمتع بها! لكن المضحك في تصرفات وأقوال السياسيين الأمريكان, ومعظمهم على شاكلة رئيسهم مُسيلمة الكذاب أو بوش الصغير, هو أنهم يدفنون رؤوسهم تحت الرمال هربا من الحقيقة التي لم تعد خافية حتى على المصابين بعمى البصر والبصيرة,. وهي عدم حصول أي تقدّم أو إنجاز, باستثناء ما هو مكتوب على الورق وقد جفّ حبره منذ فترة طويلة, في أيّ مجال من مجالات الحياة. وإن العراق كبلد والعراقيين كشعب يسيرون من سيء الى أسوء. وحال الامريكان المحتلّين ليست أفضل من حال بلاّع الموس رغم عمليات التصليل والتجميل وتشويه الحقائق على الأرض والتي تهدف جميعها الى خداع وإقناع العملاء من سكنة المنطقة الخضراء بأن العراق سوف يصبح, بعد أن يتم تطهيره من تنظيم القاعدة والصداميين والارهابيين والجماعات المسلحة الأخرى, جنات عدن تجري من تحتها الأنهار. قد تكون مستويات العنف قد إنخفضت, وثمة أسباب كثيرة لهذا الانخفاض. مع العلم إن العراق قبل الاحتلال لم يعرف أي نوع من أنواع العنف. لكن المواطن العراقي على كلّ حال ما زال يعيش محاصرا بهموم ومصائب لا تعد ولا تحصى. فجميع الخدمات, ولو بحدها الأدنى, صارت حلما يراود الغالبية العظمى من العراقيين. لا ماء ولا كهرباء ولا عمل ولا أمان ولا إستقرار ولا أمل ولا فرح. تساوت الأضواء والظُلم في نظرالعراقي. فأين هو التقدّم والتحسّن الحاصل في العراق يا وزير الدغاع روبرت غيتس إذا كان جنابكم التعيس يدخل العراق تحت جنح الظلام كاللص المطارد, ودون علم الحكومة العميلة؟.وتقضي بضع ساعات, على مضض بكلّ تأكيد, أما في قاعدة عسكرية أمريكية واما في سفارتكم المحصّنة جدا في المنطقة الخضراء المحصّنة جدا هي الأخرى. [email protected] المصدربريد الفجرنيوز