جاء في خبر يتحدّث عن منع الأستاذ محمّد النوري رئيس منظّمة حرّية وإنصاف الحقوقية المناضلة: "... وخاطبه عونان بكل لطف بأنّ الأوامر صدرت لهما بمنعه من حضور فعاليات الندوة، وما أن همّ الأستاذ محمد النوري بالعودة إلى مكتبه [فقد انصاع إذن للأوامر] حتى التحق أحد أعوان البوليس السياسي وانبرى متهجّما بكل غطرسة وصلف متسائلا عن سبب عدم الامتثال للطلب مهددا الأستاذ محمد النوري ذاكرا له بالحرف الواحد ''أنا إنسان مريض بالأعصاب ولم أجد طبيبا يداويني''... يعلّق الخبر: وكأنه يشير إلى أنه غير مسؤول عما يفعله في صورة القيام بالاعتداء على أي شخص ولن تقع معاقبته.... ويضيف الخبر: واتضح أنّ هذا العون هو الذي سبق له أن اعتدى بالعنف الشديد الناتج عنه سقوط ضد السيد مراد النوري ...كما اتضح أنه كان مصاحبا لمجموعة أخرى من البوليس السياسي حاولت قتل السيد مراد النوري بافتعال حادث طريق مزيف.... واتضح كذلك أنه كان من بين المجموعة التي اعتدت على الأستاذة إيمان الطريقي أمام المكتب بدفعها والتلفظ تجاهها بما ينافي الحياء على مرأى ومسمع من المارة وأنه لم تقع محاكمته رغم أن الأستاذة قدمت شكاية في الغرض لوكالة الجمهورية بتاريخ 09/05/2008... (انتهى) فهذا المريض المباشر للمواطن التونسي يكتسب مرضه العضال، هذا، من مرضى مَصَادِر يوجدون في دوائر القرار... فمن قويت مناعته من الأعوان العاملين معنا في الشارع وفي البيت(*) وفي السجن وفي مراكز العمل، استطاع دفع أمراض المصدر بمقادير متفاوتة، فكان منهم هذان اللذان خاطبا الأستاذ محمّد النوري بكلّ لطف (ونحن نشكرهما بالطبع على حسن القول ونسأل الله أن يجد لهما مخرجا فلا يخدمان ظالما سيورّطهما لا محالة مع الله سبحانه وتعالى)، ومن ضَعُفت مناعتُه أو فُقِدَت كان كهذا الكلب الذي نهشه بعد أن جرّب لحم ابنه من قبل ولحم امرأة شريفة تقضي النصوص الشرعية والعرف والمواثيق وحتّى العادات الجاهلية – عادات ما قبل الإسلام – باحترامها...
الوضع إذن خطير! و"أطبّاء الأعصاب" مطالبون ببذل الجهود الاستثنائية لمحاصرة هذا الدّاء الوباء النّاخر للسلم الإجتماعية وللأمن الفردي والعشائري والإقليمي والقومي!... وعلى الجميع أن يساهم في مناصرة هؤلاء الأطبّاء ويتعاونوا معهم في إيجاد الحلول الكفيلة بالحدّ إن لم أقل بإبطال خطورة هؤلاء المرضى... ولعلّ ممّا يمكن المسارعة به هو عزل هؤلاء المرضى، فقد علّمتني تربية الدّواجن – وهي مهنة أتقنتها بعد أن فقدت وظيفتي السابقة – ضرورة عزل الفراخ المصابة عن بقية المجموعة ومعاملتها معاملة تليق بحالتها... وقد كنّا نعزلها خوفا عليها من أصحابها الصحيحة، وحريّ بالمجتمع أن يعزل المرضى الخطِرين خوفا على المجتمع منهم من العدوى!... إذ تصوّروا لو أنّ المجتمع أو جزءًا منه – على الأقلّ – أصيب (عافاكم الله) بذات الدّاء الذي تمكّن من هذا العون، ثمّ بَدَلَ أن يتوجّه بشحنته - عند النوبة العصبية – إلى الأستاذ محمد النوري أو ابنه أو إلى إيمان أو إلى أمّ زياد أو إلى عبدالكريم الهاروني أو إلى عمّى علي بن سالم مثلا يفرغها فيهم، توجّه بها إلى عناصر الأمن، كلّها، بمختلف تشكيلاتها وأزيائها، تصوّروا كيف تكون الحال!...
لا بدّ من أخذ الأمر بجدّ، ولو كنت صاحب نفوذ لوضعت هذا العصبي في مكان مغلق تكثر فيه المراقبة ووسائل النجدة كي يقع إسعافه مباشرة في بداية نوبته، فيوضع في القصر مثلا، فإنّه إلى جانب وجود الإمكانيات والأطبّاء المتخصّصين هناك، فقد تتوفّر الفرصة للمسؤول الكبير فيلحظ - ولو مرّة – نوبته، فيداويه بمعرفته أوبوسائله، أو يحرّره من الخدمة، إذ كثيرا ما كانت الخدمة ومحيطها سببا في الأمراض العصبية!...(**) أمّا أن يُطلق في الشارع بإصابته دون أن يجد من يداويه، فهذا ما لا يخدم صورة البلد ولا أمن شعبها،... وهذا ما قد يغضب جمعيات الرّفق بالحيوانات، إذ لماذا نقتل الكلب العقور السائب ونترك هذا العصبي العقور ينهش لحم من يريد؟!... (*): عَبْر الزيارات الليلية أو المراقبة اللصيقة أو بالخنوس في أسلاك الهاتف أو في بيتات النات (جمع bit)... (**): عرفنا كثيرا من النّاس خلال فترة الدراسة بمختلف مراحلها على شاكلة ورأيناهم بعد ذلك على شاكلة أخرى لمّا باشروا أعمالهم، وقد كان التغيير (لا أعني ذلك التغيير المحتفى به) جليّا خاصّة في الأفراد الذين التحقوا بمراكز الأمن المختلفة!...