بغداد (رويترز) - الفجرنيوز:وقع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الامريكي في بغداد رايان كروكر يوم الاثنين اتفاقا أمنيا طال انتظاره لانسحاب القوات الامريكية من البلاد خلال ثلاث سنوات. ووضع التوقيع نهاية رسمية لاشهر من المفاوضات بشأن المعاهدة التي تحدد مستقبل الوجود الامريكي ووافق عليها مجلس الوزراء العراقي يوم الاحد. وأقر مجلس الوزراء العراقي يوم الاحد اتفاقا يسمح للقوات الامريكية بالبقاء في البلاد حتى عام 2011 محددا موعدا نهائيا لانهاء التواجد العسكري الامريكي الذي بدأ بغزو قادته الولاياتالمتحدة للعراق أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وما زال الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بعد نحو عام من المفاوضات مع واشنطن بحاجة الى موافقة البرلمان الا أن وزير الخارجية العراقي قال انه يتوقع أن يحدث ذلك قبل نهاية الشهر الحالي. وقال زيباري للصحفيين بعد مراسم التوقيع مع كروكر وتبادل الوثائق ان يوم الاثنين هو بالقطع يوم تاريخي في العلاقات العراقية الامريكية لانه شهد توقيع الاتفاق الامني بعد أشهر من المحادثات والمفاوضات الشاقة. وبخلاف الاتفاق الامني وقع زيباري وكروكر اتفاق اطار استراتيجيا طويل الامد قال السفير الامريكي انه سيحدد العلاقات بين البلدين لسنوات قادمة "اقتصاديا وثقافيا وعلميا وتكنولوجيا وصحيا وتجاريا من بين مجالات أخرى كثيرة." وأضاف كروكر "هذا سيذكرنا جميعا.. بينما تواصل القوات الامريكية الانسحاب من العراق اعترافا بالمكاسب الامنية الكبيرة التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية.. بأن علاقتنا ستتطور بطرق عديدة هامة." لكن تركيز العراقيين الاساسي هو ان الاتفاق حدد تاريخا نهائيا لسحب القوات الامريكية من حرب اعتبرت واحدة من القضايا السياسية الهامة في الولاياتالمتحدة والشرق الاوسط والعالم خلال الجانب الاكبر من العقد الماضي. وللولايات المتحدة في العراق الآن 150 الف جندي. وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية للصحفيين يوم الاحد ان الانسحاب سيكتمل بحلول 31 ديسمبر كانون الاول عام 2011 مشيرا الى أن هذا الموعد ليس محكوما بالاوضاع على الارض ولكنه محدد ونهائي. ويعتبر زعماء عراقيون وضع موعد محدد للانسحاب انتصارا تفاوضيا. وكانت ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش تعارض منذ فترة طويلة تحديد أي موعد زمني لسحب قواتها من العراق ولكنها أبدت مرونة في الشهور الاخيرة. وقال كروكر "كانت مفاوضات معقدة وصعبة وأعتقد ان كل العراقيين فخورون بالانجاز الملموس الذي حققه فريقهم التفاوضي." وذكر الدباغ أن 27 عضوا في مجلس الوزراء الذي حضر منه 28 عضوا صوتوا لصالح الموافقة على مسودة الاتفاق. ولم يحضر اجتماع التصويت تسعة اعضاء في المجلس. وقال الدباغ ان غالبية الفصائل الرئيسية في البرلمان أشارت أيضا الى دعمها للمسودة. وأفاد خالد العطية نائب رئيس البرلمان العراقي بأن قراءة أولى ستجرى في البرلمان اليوم الاثنين. وقال زيباري ان الكلمة الاخيرة ستكون للبرلمان لكنه أكد على ان المناخ السياسي بناء. وتضع مسودة الاتفاق القوة الامريكية في العراق تحت سلطة الحكومة العراقية لاول مرة ليحل ذلك محل تفويض تبناه مجلس الامن بعد الغزو الامريكي. وتدعو المسودة القوات الامريكية الى الانسحاب من شوارع بلدات وقرى العراق بحلول منتصف العام المقبل والانسحاب من العراق كله بنهاية عام 2011 . وقال الدباغ ان القوات الامريكية ستسلم قواعدها للعراق خلال عام 2009 وستفقد سلطاتها بمداهمة منازل عراقية دون أمر من قاض عراقي وتصريح من الحكومة. كما يعطي الاتفاق المحاكم العراقية سلطة محاكمة جنود امريكيين في حالة ارتكابهم جرائم خطيرة خارج ساعات الخدمة لكن في اطار شروط مشددة للغاية. وتبدو اجازة الاتفاق في البرلمان مرجحة رغم انها ليست مؤكدة. ويعارض اتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الاتفاق كما تقول جبهة التوافق اكبر كتلة سنية انها تريد طرحه للاستفتاء. ورحب البيت الابيض يوم الاحد بقرار مجلس الوزراء العراقي. وتقول ادارة بوش ان الاتفاق الامني لا يحتاج موافقة الكونجرس. ويرى بعض الساسة العراقيين انه سيكون من الاسهل قبول الاتفاق بعد انتخاب باراك أوباما الذي يفضل سحب القوات الامريكية من العراق رئيسا للولايات المتحدة ليحل محل بوش الذي تنتهي فترة رئاسته في يناير كانون الثاني من العام المقبل. وتدعو خطة اوباما الى سحب كل القوات القتالية بحلول منتصف عام 2010. وازدادت ثقة الحكومة العراقية في قدراتها على الحفاظ على الامن مع تراجع أعمال العنف بشكل كبير في البلاد خلال العام المنصرم. وتسيطر القوات العراقية الآن أمنيا على كل محافظات العراق باستثناء خمس محافظات كما كان لها الدور القيادي في حملة قمع للميليشيات الشيعية في وقت سابق من العام الحالي. ووفقا لاحصاءات حكومية عراقية سجل شهر أكتوبر تشرين الاول أقل عدد للقتلى خلال شهر واحد من جراء أعمال العنف منذ الغزو. الا أن المسؤولين العراقيين يعترفون بأنهم ما زالوا بحاجة الى الدعم العسكري الامريكي ضد المتشددين السنة في بغداد وأربع محافظات شمالية وكذلك الى مساعدات في مجال الامداد والتموين وقوة النيران. وعارضت إيران التي لها نفوذ وسط الشيعة العراقيين الاتفاق. لكن حسن قشقاوي المتحدث باسم الخارجية الايرانية لم يرفض الاتفاق يوم الاثنين قائلا انه على الولاياتالمتحدة ان تأخذ وجهات نظر المسؤولين العراقيين بجدية.