مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    الإنطلاق في تكوين لجان جهوية لمتابعة تنفيذ برنامج الشركات الأهلية    عميد المحامين يدعو وزارة العدل الى الالتزام بتعهداتها وتفعيل إجراءات التقاضي الالكتروني وتوفير ضمانات النفاذ الى العدالة    جمعية "ياسين" لذوي الاحتياجات الخصوصية تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية في انتعاشة لهذه السياحة ذات القيمة المضافة العالية    اختتام الصالون الدولي 14 للفلاحة البيولوجيّة والصناعات الغذائية    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة "تستقطب اكثر من 5 الاف زائر.    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية خلال مؤتمر رابطة برلمانيون من اجل القدس باسطنبول    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة انقلترا - غالاغر يمنح تشيلسي التعادل 2-2 أمام أستون فيلا    بطولة ايطاليا : تعادل ابيض بين جوفنتوس وميلان    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولدت في الدماء ...تعملقت على الدماء ...لماذا نقبل الاتهام 2/2
نشر في الحوار نت يوم 16 - 10 - 2010

اعتبر العكش ان هذه الفكرة مستوحاة أو نسجت بحسب تعبيره ً'' من لحم فكرة اسرائيل التاريخية, فكرة احتلال أرض الغير ...''...كما بين الكاتب أن لهذه الفكرة خمس ثوابت , يقول في كتابه المذكور :وقد سلخت هذه الفكرة جلدها من حقبة لحقبة , وجددت لغتها من جيل لجيل , وطورت معاذيرها مع كل تطور جديد كالثورة الصناعية , ومع كل نظرية علمية جديدة كنظرية التطور , لكن جوهرها وأهدافها ومعناها لازمت المستعمرين الانجليز وقناعاتهم وتاريخهم وسياساتهم , واستحوذت على ألبابهم وعقولهم . كذلك ظلت حوافز هذه الفكرة وحروبها '' الخيرية '' ورسالتها الحضارية واحدة لا تحول ولا تزول : إنعاش الأسطورة : إنعاش أسطورة لعنة كنعان التي نسجها بدو رعاع متسيبون حاقدون على كل حضارات عصرهم , نسجوها من هاجس نهب هذه الحضارات بأهلها وأرضها وسمائها , وأورثوا الزنابير ( الذين يرضعون هذه الاسطورة قبل حليب أمهاتهم ) ( عرف العكش الزنابير بانهم الWASPS وهو الاسم المختصر والمتداول في الولايات المتحدة للبيض الانجلوسكسون البروتستانت وهو يرى أن هذه التسمية لا تقتضي المدح ولا الذم وهو تعبير يشمل البيض الانجلوسكسون في وطنهم الام بريطانيا وفي كل مكان استعمروه )عنجهية '' الجلاد المقدس '' وأبلغ آداب ''مسخ الآخر ''و''عبادة الذات ''و ''تقديس الجريمة ''...
الفكرة في لغتها الام تزعم فيما تزعم :(خمس ثوابت )
· أن احتلال أرض الغير واستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ عمل مقدس أمر به الله . وبالتالي فانه يسمو على أخلاق البشر , وأعراف البشر وقوانين البشر ...
· أن فكرة أمريكا تجسد مشيئة الله في أرض كنعان الجديدة (أمريكا )وأهلها وثقافتها كما جسدت فكرة اسرائيل مشيئة الله في أرض كنعان القديمة (فلسطين ) وأهلها وثقافتها .
· أن المستوطنين الانجليز كالإسرائيليين التاريخيين استثناء وجودي يحتكر لنفسه الاضطلاع بإرادة الله يختص وحده بتنفيذها .
· أن معاملة السكان الأصليين لا تخضع للقوانين الاخلاقية أو الانسانية أو المبادئ العقلية بل يحكمها ما نسجه العبرانيون من أساطير عن تجربتهم مع الكنعانيين . وهذا ما جعل المستعمرين الانجليز الذين يعتبرون أنفسهم شعبا مختارا يطلقون اسم الكنعانيين على كل الشعوب التي أبادوها .
· أن نجاح فكرة أمريكا في العالم الجديد يشكل مثالا طيبا يمكن تكراره حيثما اشتهى شعب الله . فالارض كما يقول لانسلوت أندروس ''صحن من اللحم موضوع على المائدة يقطع منه الانسان ( الابيض) ما يشتهي '' وما تحقق في كنعان المجاز ليس الا خطوة على طريق كنعان الحقيقة : فلسطين والعالم العربي ( انتهى النقل من كتاب أمريكا والابادة الثقافية ...لعنة كنعان الانجليزية ص10و11)
لن أطيل أو لن أكتب كثيرا في مجازر أمريكا بحق الهنود الحمر , اكتفي بشهادة قس سافر مع الغزاة سنة 1502 لينظم الى قافلة المبشرين ( هنا تعمّدت أن أنقل شهادة قسّ وذلك إيمانا مني بأهمية منهج وشهد شاهد من أهلها في التأثير على القارئ , رغم ما ورد في كتاب الاستاذ العكش من شهادات مرعبة و كما قال الاستاذ سيف دعنا لو لا علمية المنهج لاستحق الكتاب أن يكون واحدا من أعظم قصص الرعب... ) , قصة هذا القس معروفة فقط أريد أن أذكّر بها. ذهب هذا القس وهو الاب ''لاس كازاس '' للتبشير هناك لكنه سرعان ما غير رأيه لهول ما رأى من وحشية مارسها الغزاة بحق الهنود الحمر .
دوّن هذا القس كل ما رآه بأم عينه في مجلّد ضخم يضم أكثر من 2300صفحة لكنه منع من نشره , وظل ممنوعا حتى بعد وفاته ولم ير النور إلا سنة 1986 حيث نشر و لأول مرة باللغة الاسبانية . ترجم اثر ذلك الى الفرنسية سنة 2002 ... ظل هذا القس لسنين مستميتا في الدفاع عن الهنود الحمر . بعث برسالة الى مجلس الامريكيتين قائلا : لماذا إذا بدلا من إرسال خراف آمنة لتنصير الذئاب , أرسلتم ذئابا جائعة , مستبدة طاغية , قامت بتقطيع الأهالي , وقتل وإذلال وإرهاب الحملان الوادعة ..
إضافة الى ذلك كتب هذا القس كتابا صغيرا نشر في حياته سرد فيه بإيجاز تلك المجازر التي كان فيها شاهد عيان على ما اقترفته أيادي الرجل الأبيض الذي لا يدخر جهدا ولا قلما ولا إعلاما في وصفنا اليوم بالإرهاب ويصف تاريخنا وتاريخ فتوحات أجدادنا بأنه تاريخ عنف ودماء واستيلاء على الغير ...
أضع بين يدي القارئ هذه الفقرات من كتاب هذا القس الذي عاش في القرن السادس عشر , أخذتها من أحد المواقع الالكترونية(للأمانة لا أملك الكتاب ) وهي عينة فقط لكنها كافية لإدانة الطريقة الشاذة التي أسست عليها ما يسمى اليوم '' الدولة العظمى والأولى في العالم '' : " ما أن وصل الإسبان (مجازر الهنود الحمر لم يشارك فيها فقط الانجليز رغم أنهم كانوا الاكثر وحشية ودموية , بل شارك في الجريمة الأسبان والهولنديون والبرتغاليون والفرنسيون . ) إلى تلك الحملان الوادعة حتى انهالوا عليهم كالذئاب والنمور والأسود الضارية الجائعة. ومنذ أربعين عاما وحتى اليوم ، لم يكفوا عن تقطيعهم وقتلهم ومضايقتهم وابتلائهم وتعذيبهم وتهديمهم بطرق وحشية غريبة ، مبتدعة ومتعددة، لم نرها ولم نقرأ عنها ولم نسمع عنها من قبل. سأقص بعضا منها فيما بعد. ولقد كانت هذه الجرائم من البشاعة حتى أنه من ثلاثة ملايين نسمة على هذه الجزيرة لا يبقى منهم اليوم حاوالى مائتين " (صفحة 50 ).
" خلال هذه الأعوام الأربعين مات هنا أكثر من اثنى عشر مليونا من الرجال والنساء والأطفال ظلما وعن غير وجه حق ، بسبب طغيان المسيحيين وأعمالهم الجهنمية. أنه رقم صحيح صادق. وفى الواقع انه أكثر من خمسة عشر مليونا" (صفحات 51 – 52 ).
" بدأ المسيحيون المجازر وأعمال العنف البشعة باحصنتهم وسيوفهم وحرابهم ضد الهنود. كانوا يدخلون القرى ولا يتركون فيها حيا لا أطفال ولا مسنين ولا نساء حوامل أو مرضعات إلا وبقروا بطونهم ومزقوهم إربا ، وكأنهم يهاجمون قطيع من الخراف المختبئة فى حظائرهم. وكانوا يتراهنون على من منهم يمكنه شق رجل بضربة سكين ، أو أن يقطع عنقه بضربة سيف ، أو يدلق أمعاؤه بطعنة واحدة! وكانوا ينزعون الأطفال وهى ترضع ويمسكونها من أقدامها ويهشمون رؤسهم على الصخور. وكانوا يلقون بغيرهم فى النهر وهم يضحكون ، وعندما يسقط الطفل فى الماء يصيحون : " إرتعص أيها الغبى !" . وكانوا يخرقون الأطفال وأمهاتهم وكل من معهم بالسيوف. ويقيمون المشانق الطويلة ويعلقون عليها جماعات مكونة من ثلاثة عشر شخصا ، تحية للمسيح وحوارييه ، ويشعلون نيرانا خافتة تحتهم حتى يحترقون ببطء وهم أحياء. بينما يقيدون غيرهم على كومة من التبن الجاف ويشعلون فيهم النيران ، بينما يفصلون أيدى البعض ويتركونها مدلاه من الجلد ويطلبون منهم إبلاغ الرسالة للفارين من عذاب الغزاة .. أما رؤساء القبائل فكانوا يشعلون لهم راكية بالسياخ كشى الخراف ويشعلون تحتهم النيران الخافتة حتى يموتوا بصيحات وآلام مرعبة " (صفحة 55).
" لقد أدخلوا الأهالى بحيلة ماكرة فى هنجر للقش وأشعلوا فيهم النيران واحترقوا جميعا وهم أحياء. أما الباقون فقد قتلوهم بالحراب وبالسيوف. أما الملكة أناكاونا فقد أعدمها الغزاة تكريما لها. وكان بعض المسيحيين يأخذون بعض الأطفال بزعم حمايتهم ثم يردفونهم على الجياد ويأتى أحد الإسبان بحربة ويدفعها لتخترق الطفل حتى رأسه. وإذا ما وجدوا طفلا على الأرض بتروا له ساقيه بالسيف " (صفحة 60 ).
" إن هذا الحاكم وفرقته قد اخترعوا وسائل جديدة من الوحشية والتعذيب لإجبار الأهالى على الكشف عن الذهب وتسليمه لهم. وخلال حملة من هذه الحملات قام أحد ضباطه بقتل أكثر من أربعين الف شخصا لسرقة ما لديهم من ذهب قبل إبادتهم بفرقته. وقد كان القس فرانسيسكو سان رومان حاضرا وشاهد المذبحة بعينيه. وكان الضابط قد أمر بالقتل بالسيف وبالحرق أحياء ، وقذف بهم إلى الكلاب الوحشية المدربة على نهش الآدميين بعد أن نكّل بهم بأشد أنواع العذاب " (صفحة 70 ).
" عند الفجر وبينما كان الأبرياء نائمون بجوار زوجاتهم وأبنائهم ، قام الغزاة بحرق القرية وكلها من القش فاحترق الجميع أحياء أطفالا ونساء ورجالا قبل أن يفيقوا من الصدمة. كانوا يقتلون من يشاؤن ، ويعذبون حتى الموت من يأسرونهم أحياء لكى يدلوهم على الطريق إلى القرى الأخرى التى بها الذهب. ومن بقى منهم قاموا بكيّهم بالنار وجعلهم عبيدا. وعند إنطفاء الحرائق بدأ الإسبان فى البحث عن الذهب الموجود تحت أنقاض البيوت. وبهذا الأسلوب الهمجى وبتلك الأفعال المشينة تصرف القائد وكل المسيحيين الذين كانوا تحت إمرته ، وذلك من 1514 إلى 1521 أو 1522 (...). وكان ضباط الملك يقومون بنفس الشىء ، وكل واحد منهم يرسل خدمه للحصول على الذهب ، ورئيس الأساقفة فى هذه المملكة كان يرسل خدمه أيضا للحصول على نصيبه من الغنيمة"(صفحة 71 ).
" فى عام 1518 أخذ من يقولون على أنفسهم أنهم مسيحيون ، راحوا ينهبون ويقتلون بينما يدّعون أنهم يعمّرون هذه البلاد. ومن 1518 وحتى اليوم ، فى 1542 ، قد مارس المسيحيون فى بلاد الإنديز من الظلم والعنف والطغيان ما فاق الوصف. وذلك لأن المسيحيين قد فقدوا خشية الله وخشية الملك ونسوا من هم أصلا. إن عمليات النهب والوحشية والإغتيالات والهدم وتهجير الأهالى ، والسرقات والعنف وأعمال الطغيان التى مارسوها فى عدة ممالك من هذه الأرض من الكثرة والأضرار البالغة بحيث أن كل ما قلته فيما سبق لا يعد شيئا بالمقارنة بما تم فى هذه المنطقة ، حتى وإن قلت كل شىء ، لأننى أكتم الكثير. فهو لا يقارن لا عددا ولا من حيث الأضرار ، من سنة 1518 حتى يومنا هذا فى 1542 " ( صفحة 78 ).
" لقد ذهب أحد الإسبان لصيد الغزلان أو الأرانب مع كلابه ، ولم يجد شيئا يصطاده. وفى طريق العودة كانت كلابه جائعة ، فأخذ طفلا من أمه وراح يقطع ذراعيه وساقيه والقى لكل كلب نصيب أولا ، ثم القى بباقى الجسد على الأرض لينهال عليه الكلاب" (صفحة 101 ).
" تلك هى أفعال الإسبان الذين ذهبوا إلى بلاد الهنود الحمر ، وما أكثر عدد المرات التى باعوا فيها المسيح أو أنكروه من أجل تعطشهم للذهب" (صفحة 104 ).
" على جميع المسيحيين الحقيقيين ، أو حتى من هم ليسوا كذلك أن يعلموا ما يلى ، ويحكموا إن كانوا قد سمعوا من قبل على مثل هذا الحدث : لكى يطعم الإسبان كلابهم كانوا يأخذون معهم فى الطريق الكثير من الهنود الموثقين بالسلاسل ويسيرون كقطيع الخنازير. وكان الإسبان يقتلون منهم ويقيمون مجزرة علنية من اللحم البشرى ، ويقول أحدهم للآخر : إقرضنى ربع من أحد هؤلاء الأغبياء لأطعم كلابى إلى أن أذبح آخرا ! وكأنهم يتبادلون أرباع من الخنازير أو من الخراف " (صفحة 148 ).
"أننى أعلن أمام الله وبكل ما أومن به أننى لم أشر إلا إلى أقل من عُشر ما حدث من حيث العنف والكم والقتل والخسائر والتهجير والسرقات والنهب والقسوة والفظاظة، وخاصة العنف والظلم الذى وقع على الأهالى فى هذه البلاد فيما مضى وحتى يومنا هذا" ( صفحة 148).
" لقد إنتهيت من هذا الكتيّب فى بلدة فالنس فى 8 ديسمبر 1532 ، فى الوقت الذى لا يزال فيه العنف والقهر والطغيان والمذابح والسرقات والهدم والخراب والدمار والإبادة والعذاب والمصائب التى أشرت إليها لا تزال تمارس بكل قوة وفى كل مكان فى الإنديز وحيث يوجد مسيحيون. إن المسيحيين أكثر وحشية وبغضا فى بعض المناطق أكثر من غيرها " ( صفحة 154 ).
الجرائم التي كتبها هذا القس هي عينة بسيطة لفترة زمنية قصيرة مقارنة بعمر المجازر والإبادة التي تعرض لها السكان الأصليون للامركييتين والتي دامت قرابة خمسة مائة سنة , أبيدت فيها أجيال وأجيال ...
يمارس'' دهاقنة الاجرام الامريكي '' نفس الشيء في العصر الحديث , وبعض الاحداث على سبيل المثال لا الحصر يمكن أن تجعلنا في أعلى مراتب الهجوم على هذه الدولة التي وضعتنا ( ورضينا بذلك ونحن صاغرون مستسلمون للأمر الواقع ) في موقع القبول بكل ما يكال إلينا من تهم , وفي أحسن الأحوال في موقع الدفاع , منذ سنين نلهث ساعين بكل الوسائل من أجل ابعاد شبهة الارهاب عن أنفسنا ويا ليتنا وصلنا حتى الى أبسط النتائج ....بل الحصيلة هي من تنازل الى تنازل , صار الكثير يخجل أو في أحسن الأحوال يتلعثم لسانه في حال ذكره لكلمة مقاومة أو جهاد ...
ففي الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال لا الحصر, كما أسلفت دمرت الطائرات الامريكية ما يقرب من 116 ميلا مربعا من مدينة طوكيو بإسقاط القنابل الحارقة ( ويحدثوننا اليوم عن كذبة امتلاك أسلحة الدمار الشامل , التي دمروا من أجلها أعرق حضارة نعتز بها العراق ومخطوطاته وآثاره ومكاتبه وعمرانه وشعبه الأبي ومنظومته الدفاعية ... والحقيقة أن دهاقنة الاجرام الامريكي هم أول من أستعمل تلك الاسلحة المحرمة دوليا , وللاسف لا رادع لهم , ونتقاعس حتى عن التشهير بهم ...) قتلت تلك القنابل في يوم واحد مائة ألف شخص وشردت الملايين ولا ننسى العدد الهائل من المشوهين ...أحرقت المدينة وتفحمت من شدّة النيران , يقال أنه حتى القنوات المعدنية (قنوات المياه وغيره , المياه التي جعل الله بها كلّ شيء حيا , وبدونها تنتفي الحياة ...أصبحت المياه تغلي داخل القنوات ...) ذابت واحترقت وعمّت ألسنة اللهب كل المناطق ...وتعرضت أكثر من مدينة في اليابان الى نفس المصير ...ولا ننسى المدينتين الشهيرتين هيروشيما وناكازاكي والقنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا عليهما لإجبار اليابان على الاستسلام : كانت القنبلة الاولى ( قنبلة الصبي الصغير , يذكرنا ذلك بما يلقونه اليوم من تسميات على شطحاتهم الارهابية , عملية التنين , الرصاص المسكوب ' مطر الخريف , المطرقة ...,القائمة طويلة .) ألقيت على هيروشيما , والثانية ( الرجل السمين ) على ناكازاكي 120الف قتيل في الدقائق الاولى , خمسة وتسعون بالمائة من المدنيين . تزايد العدد من يوم الحادثة الى اليوم وذلك بسبب الاشعاعات النووية وحسب آخر احصاء أجري سنة 2004 وصل العدد الى ما يزيد عن 227ألف قتيل , أضف الى هذا العدد الرهيب عددا هائلا من المشوهين والمعوقين وأصحاب العاهات الدائمة ...قال الرئيس الامريكي يومها وبعد تلك الجرائم , قال : العالم الآن في متناول أيدينا ... ,
إجرامهم بحق الافارقة وسرقة ثرواتهم واستعبادهم ...عبّر عن ذلك الزعيم بن بلا في حديثه عن الحداثة الغربية التي قامت على رقاب الضعفاء وإبادتهم : ان هذا الاله الصناعي الحديث اغتال عرقا بأكمله (العرق الاحمر ) أي السكان الاصليين في الامريكيتين وأخذ زبدة عرق آخر (العرق الاسود )عن طريق النخاسة واستعباد الملايين مما يضع عدد ضحايا هذه العملية نحو مائة مليون ) باعتبار أن عبدا واحدا يحتفظ به النخاسون الغربيون كان يقتل مقابله تسعة عبيد ... ( ورد هذا الاستشهاد في مقال للمسيري رحمه الله بعنوان :حداثة برائحة البارود )...
جزيرة غوري في السنغال , هذه الجزيرة التي أبت الا أن تصمد لقرون حتى تكون شاهدة على جريمة الرجل الابيض الذي يتغنى اليوم بأكذوبة ''حقوق الانسان '' كسيف يشهره فقط في وجوه الضعفاء وهو الاولى بضرباته ...جزيرة غوري بالسنغال كانت تعدّ أكبر محطة للاتجار بالعبيد ونقلهم نحو أروبا والامريكيتين , اتجار بالبشر دام ثلاثة قرون ( من القرن السادس عشر الى التاسع عشر , بالامس القريب , في وقت حرم فيه الاسلام العبودية منذ أربعة عشر قرن ...) , لم يفرق هذا الاتجار بين رجل وامرأة , كما شهدت الجزيرة عمليات تعذيب بشعة لمن يتمرد أو يخالف الاوامر من المحتجزين , يختارون أصحاب البنية القوية والباقي يلقى به في البحر أحياء أو يقتلون تحت التعذيب ...يقول أحد المؤرخين (كابو أليون ) : ''أن التهجير شمل خاصة الشباب واولئك الذين لهم القدرة على الانجاب وكلّ ذلك لتفريغ افريقيا من قواها الحية ..'' الهدف دائما عند هؤلاء هو الابادة , فقط الوسائل تختلف من زمن الى آخر , وسائل الابادة اليوم تنصبّ علينا من السماء عبر طائراتهم وصواريخهم وقنابلهم الحارقة والانشطارية والعنقودية والذكية والغبية ....
من قتل مليون طفل عراقي بسبب القصف والحصار الظالم في عهد صدام وأصيب الآلاف بالعمى لقلّة مادة لانسلين ( مرض السكّر ) ...طالب العديد بمحاكمة بوش الاب , لكن لا مجيب عندما يتعلق الامر بالرجل الابيض ''الحر , المتحضّر ''...أضف الى ذلك ضحايا الحرب الأخيرة الذي بحسب العديد من التقديرات تجاوز المليون شخص , ولا ننسى ضحايا الموت البطيء , ضحايا الإشعاعات النووية وما تخلفه من تشوهات رهيبة ( كنا شاهدنا منذ مدة على شاشة الجزيرة ضحايا تلك المواد في مدينة الفلوجة , صور تذهب العقل والبصر والبصيرة..
هذه بعض الأمثلة عن جرائمهم, لن نذهب الى أفغانستان ولا الى باكستان ولا الى فلسطين هذه الحروب الظالمة التي لا تسعها لا الكتب ولا المجلدات , ناهيك عن مقالة من بعض الأسطر . حروب أقل ما يقال فيها أن فيها من الشناعة والبشاعة والعنصرية والهمجية ما لا يقبله عقل , في عصر يسمى ظلما وبهتانا وزورا عصر ''حقوق الإنسان '' والأصل في الشيء أنه عصر حق الوحوش الآدمية في إبادة و نهش لحم أي إنسان يقف أمام أطماعهم اللامتناهية ...
ثم يتساءل دهاقنة الاجرام الامريكي اليوم لماذا يكرهنا العالم , لا أظن أنهم لا يعرفون الإجابة , بل هو النفاق السياسي الذي عبر عنه كولن باول يوما ما خلال زيارته للعراق , قال : نحن لسنا محتلين ...لقد جئناكم كمحررين ...لقد حررنا عددا من البلدان ولا نملك شبرا واحدا في أي من تلك البلاد , اللهم الا حيث ندفن موتانا .. قال ذلك في مؤتمر صحفي في العراق ...خطاب قمة في النذالة والغش السياسي والرياء ...أنها سياسة كما يقول المثل '' تكلم بلطف واحمل عصا غليظة ''.
حتى نكون منصفين فأن العديد من بني جلدة الأمريكان حاول ( لكن بالأقوال فقط ) وضع الأمور في نصابها مثل ''وارد تشرشل '' في جامعة كولورادو الامريكية عندما أجاب عن تساءل لماذا يكرهوننا حيث قال : نتيجة طبيعية لسياسة أمريكا في الشرق الأوسط وحملة الإبادة الجماعية التي تعرض لها العراق . . ديفد ديوك وهو محلل سياسي وعضو سابق في مجلس النواب يقول في مقال له بعنوان ''لماذا هوجمت أمريكا '' : يجب علينا أن نتحلى بالشجاعة الكافية كي نضع في الاعتبار الأسباب الحقيقية وراء كره العالم لنا , إذا اكتملت كل الحقائق لدينا بدلا من العبارات الممجوجة والمستهلكة مثل ( الهجوم على الحرية ) عندها فقط نستطيع أن نقرر ما هي أفضل السبل لحماية شعبنا في المستقبل . ...سفير بريطاني سابق في ايطاليا ذهب الى أبعد من ذلك بقوله : أن بوش خير من يجند للقاعدة .
كل ما ذكرته من وقائع تاريخية تبين بصورة جلية لا لبس فيها بعض جرائم أمريكا وأفاعيلها على مرّ العصور وطبيعتها العدوانية , ليس بالجديد ويعرفه الجميع , بل أصبح مادة متوفرة للراغبين في توثيقها وإحصائها ...الإشكال عندي يتمثل في تقاعسنا وعدم السعي لاستغلالها ولو اعلاميا , لابراز حقيقة هذه الدولة وحقيقة نظرتها العنصرية والمتعالية لبقية الشعوب ...ثم والاهم كيف لنا أن نقبل من دولة لها تاريخ وحاضر دموي نقبل منها اتهامنا بالارهاب وتشن علينا وباسمه حروبا طاحنة ...حطمت فيها أعرق حضارة عندنا في بلاد الرافدين وأرجعت البلد الى العصر الحجري ...بعد أن كانت منارة للعلم والعلماء والابحاث والجامعات بمختلف اختصاصاتها ...؟؟ بل لها مستقبل دموي عندما تعلن جهارا نهارا نبنيها لسياسة الحروب الاستباقية... وان تكثيف الحروب يعدّ تكريما لموتاهم من الجنود , وهذا ما عبر عنه الناطق الرسمي (سابقا) باسم البيت الابيض سكوت ماكميلان عندما صرح : أن الطريقة الامثل لتكريم كل الذين فقدوا حياتهم في الحرب ضد الارهاب هي مواصلة شن حرب مكثفة ونشر السلام ( نشر الخراب والدمار والقتل والتشريد ) في المناطق الخطرة في العالم ( المناطق التي تخرج عن فضاء وحدود بيت الطاعة الامريكي ) . سلام على شاكلة الذي زرعوه في العراق و أفغانستان وباكستان وفلسطين والسودان ...
جئنا لتخليصكم من الارهاب , هكذا قيل لنا , وفي الحقيقة هم عين الارهاب ( بوش خير من يجند في القاعدة , شهد شاهد من أهلها ...) أتوا لنشر الحرية وهم عين الدكتاتورية والتسلط والظلم والعنصرية وهم أساطين القمع والاعتداء على الحريات ...مشوا على خطى فرعون في الكذب وقلب الحقائق والتلاعب بعقول الناس (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) وكما يقول الشهيد سيد قطب في نفس السياق عن هذه الآية الكريمة وعن أساليب الطغاة في التظليل والغش : أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل ؟أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ ؟ انه منطق واحد يتكرر كلما التقى الحق بالباطل والايمان بالكفر والصلاح بالطغيان ... .
آن الأوان لتقليب دفاتر التاريخ وأرشيفه وإعادة كتابته بالعدل والقسطاس لكشف مكامنه المظلمة , و تحديد بوصلة أجيالنا القادمة ووضع منهجية علمية لفهم التاريخ ...فجرائم أمريكا عبر التاريخ لم تنقطع , الا لاستراحة محارب , محارب يبحث عن ذرائع وأسباب مبنية على مبدأ لينين '' أكذب وأكذب حتى يصدقك الناس '' لنقلب التاريخ من الهنود الحمر الذين بنت امبراطوريتها على جماجمهم الى فتنام واليابان والصين وكوريا الشمالية والكمبودج مرورا بجرائم العنصرية على '' ارضها '' بحق السود ثم هؤلاء الابرياء الذين جلبتهم بالملايين من البلدان الافريقة للعمل كعبيد لديها ثم ابادت أغلبهم عبر قوانينها العنصرية وذلك بالأمس القريب ...وصولا إلى العراق وفلسطين وأفغانستان وكل مناطق التوتر في العالم التي لامريكا دائما اليد الطولى في تحريكها ...
في أمان الله
مريم حمدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.