يعرض اليوم الخميس رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى بيان السياسة العامة لحكومته أمام البرلمان في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وهو القرار الذي جعل الكثير من الأحزاب تستفيق من سباتها، وحرك المياه الراكدة في الحياة السياسية التي أضحت تتميز بالرتابة منذ بداية الولاية الرئاسية الثالثة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في نيسان/أبريل 2009. وجاء قرار رئيس الوزراء تقديم حصيلته أمام نواب البرلمان مفاجئا للأحزاب السياسية التي لم تكن مستعدة بما يكفي، لأن كل رؤساء الحكومات السابقين منذ عام 2002 لم يقدموا بيان السياسة العامة، رغم أن الدستور يلزم رئيس الوزراء بذلك كل سنة. ودخلت معظم الأحزاب السياسية في اجتماعات دورية قصد الاستعداد لهذا الموعد المهم، كونه أنه سيكون فرصة لأحزاب التحالف الرئاسي لتجديد تمسكها بالدفاع عن برنامج الحكومة الذي هو في الحقيقة برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي ساندته هذه الأحزاب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أما أحزاب المعارضة فستجد الفرصة مناسبة لقصف الحكومة وانتقاد سياستها وحصيلتها. وقال عبد الرحمن سعيدي رئيس مجلس الشورى لحركة مجتمع السلم (تحالف رئاسي) انه من الضروري أن يصبح عرض بيان السياسة العامة 'تقليدا ثابتا بالنسبة للحكومة حتى تتمكن الأحزاب التي دعمت برنامج الرئيس من معرفة إن كانت الحكومة على الطريق الصحيح فيما يتعلق بتطبيق هذا البرنامج، وحتى يتمكن البرلمان من لعب دوره الرقابي المنصوص عليه دستوريا'. أما محسن بلعباس المكلف بالإعلام في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (معارضة) فقال 'من المهم أن نعرف إن كان رئيس الوزراء سيعرض حصيلته مجددا السنة القادمة'، مشيرا إلى أن الأسباب التي جعلت الوزير الأول يقرر عرض حصيلته غير واضحة. وعلى جانب آخر يعيش حزب جبهة التحرير الوطني (الأغلبية) أزمة حادة لم يسبق وأن عرف مثلها منذ عام 2003، وذلك بعد أن تحركت مجموعة من القيادات، بعضهم وزراء وبرلمانيون من أجل تشكيل حركة 'تصحيحية' جديدة، أطلق عليها الإعلام الجزائري اسم 'تصحيحية التصحيحية' لأن القيادة الحالية للحزب منبثقة من 'حركة تصحيحية' تأسست عام 2003، عقب اندلاع صراع بين الأمين العام السابق علي بن فليس وأنصار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والذين تمكنوا من الظفر بقيادة الحزب، بعد خسارة بن فليس في انتخابات الرئاسة عام 2004. وبحسب المراقبين فإن هذه الأزمة لن تكون عابرة، وأنها ستطيح في الأشهر القادمة برأس الأمين العام عبد العزيز بلخادم وهو وزير في الحكومة وأحد رجال الثقة بالنسبة للرئيس بوتفليقة، والذي كان دائما يحتمي بهذه العلاقة من أجل إخماد حركات التمرد خلال الخمس سنوات الماضية، معتبرين أن التمرد الصريح لبعض الوزراء والنواب ضد بلخادم دليل على أن حماية الرئيس له انتهت، وأن ذهابه من على رأس الحزب أضحى مسألة وقت فقط.