الحوار نت- تونس- طالما يتغنى القائمون على شؤون الدولة في تونس أنّ التونسي مسالم وهادئ الطبع ومثقف وينحى منحى الحوار والمجادلة بالرأي مقابل الرأي ،وهكذا يروّج لمثل هذه الصورة الوردية التي وإن وجدت في ثنايا المجتمع بمختلف فئاته فإن ظاهرة العنف بدأت تفرض نفسها على الساحة وفي كل مناحي الحياة تقريبا . وحسب كثير من المطّلعين على الشأن التونسي فإنّ العنف كان مقتصرا على دواليب الدولة "بحكم طبيعتها البوليسية "على حدّ قول أحد المحللين في إطار تفكيك رموز الاستبداد السياسي التي تمثل تونس نموذجا لها وتبدو كأنّها "المحتكرة له". لكنه وفي الأونة الأخيرة صارت ظاهرة العنف منعكسة على فئات كثيرة من المجتمع من تجليّاتها ما صاحب مقابلة الترجي الرياضي التونسي مع نظيره الأهلي المصري من تكسير لمنشآت الملعب وضرب قوات الشرطة مما أدى إلى اعتقال عدد من "الهوليقنز على الطريقة التونسية" ولولا المقايضة التي تمت بين بن علي ومبارك في قمة ليبيا مؤخرا لتأزمت العلاقات بين البلدين، حيث تمّ إطلاق سراح "الشباب التونسيين المحتجزين" مقابل عدم محاكمة صيادين مصريين اعتقلوا في السواحل التونسية والسماح لهم بالعودة إلى بلادهم كما أفاد مصدر مطلع في تونس. كما لا تفوت الإشارة إلى العمليات التخريبية بملعب رادس من قبل مشجعي النجم الرياضي الساحلي إثر خسارة هذا الأخير ضد النادي الإفريقي فلم يتركوا شيئا لا الكراسي المدارج ولا الأبواب ولا حنفيات في الحمامات. ولم تقتصر مظاهر العنف على الملاعب فحسب بل طالت حتى المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية والابتدائية فتعددت الاعتداءات على المربين وصار الأستاذ أو المعلم يشتكي من ردود الأفعال العنيفة من التلاميذ ووصل الأمر حتى القتل مثلما جدّ في "ولاية قفصة" حين أقدم أحدهم على اقتحام مدرسة إعدادية وقتل أحد التلاميذ السنة الفارطة. كما تعددت عمليات اختطاف الأطفال وآخرها الطفل "منتصر" الذي وقع اقتلاعه من بين أحضان أمه وفي وضح النهار والناس يتفرجون!!؟؟ كل هذه الأمثلة تدعو الباحثين الاجتماعيين ودارسي العلاقات الاجتماعية إلى الانكفاء على الدوافع والأسباب لهذه الظاهرة وتدعو إلى التساؤل عن المسؤول عن تفشيها: هل السلطة بالدرجة الأولى بحكم اعتمادها على الخبرات الأمنية وبسط عصا البوليس على رقاب الناس؟ أم أنّ النظم التربوية القائمة لا تنتج مناهجها إلا شخصية عنيفة غاضبة؟ أم هو فقدان الوازع الأخلاقي والديني؟ أم أنّ المجتمع يلعب دورا أكبر في تفشي هذه الآفة خاصة لدى فنة الشباب؟ ونحن في السنة الدولية للشباب!!؟؟