تونس - محمد الحمروني أطلقت الجهات الأمنية التونسية أمس الأحد سراح عدد من الطلبة أوقفوا منذ أسبوع تقريبا بمحافظة صفاقس (350 كلم جنوب العاصمة تونس) بسبب جمعهم تبرعات عينية للمعوزين. وشملت الحملة الأمنية التي وصفتها بعض المصادر الإعلامية بأنها مرعبة، عددا من الطلبة والطالبات يشتبه في التزامهم بأداء شعائرهم الدينية، من بينهم ابنة أحد المساجين السياسيين السابقين عُزل عن التدريس وهو أستاذ للغة العربية ورسام محترف. وعلمت «العرب» أن من بين الموقوفين الطالبتين نوران بن حمودة وسمية الشواشي، إضافة إلى الطالب عمر الخراط الذي تعكرت صحته خلال إيقافه وهو ما استوجب نقله إلى المستشفى وأودع أحد الأقسام الاستعجالية لإجراء تدخل طارئ في قسم الكلى. ووفق مصادر مقربة من عائلته، نقل الخراط إلى المستشفى في حالة يرثى لها، وشهد مدخل المستشفى الذي نقل إليه مشادات بين أفراد عائلته والفريق الأمني المصاحب له. وجاءت هذه الاعتقالات على خلفية المبادرة الخيرية التي قام بها الطلبة المعتقلون والمتمثلة في جمع مساعدات عينية للفقراء لتخفيف وطأة الحاجة والفاقة التي يعاني منها مئات وربما آلاف العائلات المعوزة خاصة في هذا الشهر الكريم الذي جاء متزامنا مع العودة المدرسية. وقام الشبان بتوفير الإطار القانوني للقيام بهذا العمل الخيري الاجتماعي، حيث اتصلوا بأحد الغرفة الفتية التابعة للاتحاد الصناعة والتجارة التي تبنت مبادرتهم وطبعت لهم قصاصات التبرع، وتم إعلام السلطة ممثلة في معتمد منطقتي «ساقية الدائر» و «قرمدة» التابعتين لمحافظة صفاقس بالأمر. وانطلقت العملية بمشاركة ثلة من الشبان والشابات الذين نصبوا طاولات في بعض المراكز التجارية وأخذوا يفسرون للمتسوقين طبيعة الحملة ويشجعونهم على التبرع. ولقيت المبادرة على ما يبدو استحسان المواطنين الذين أقبلوا بشكل مكثف على التبرع بما استطاعوا، إلا أنه وبعد أيام من بدء هذه المبادرة ارتأت السلطات الأمنية أن تشن حملة على القائمين عليها والتحقيق معهم، خاصة بعد لاحظت أن من ضمن المشاركين فيها طلبة وطالبات تبدو عليهم مظاهر الالتزام والتدين مثل الحجاب وحسن الخلق. ويبدو أن الهدف من هذه الاعتقالات هو التعرف على هذه العناصر وضمها للقائمات السوداء المهددة بقانون الإرهاب، وذلك حتى يتم وضعها تحت المراقبة، ومن ثم تجميدها وتحييدها عن أي عمل اجتماعي وفق ما أوردته بعض التقارير الصحافية. واستغرب العديد من الأوساط الحقوقية والسياسية إيقاف هؤلاء الشبان، في الوقت الذي تفتح السلطة الأبواب أمام نوادي «الليونز» و «الروتاري» و «كلوب ماد» لتعمل بكل حرية في تونس. وقد قامت بعض هذه النوادي في بداية الشهر الكريم بالانتصاب في مخارج المساحات الكبرى خاصة الفضاء التجاري «كارفور» بالمنطقة الشمالية للعاصمة، وجمعت التبرعات التي لا يدري أحد كيف توزع وعلى أي أساس يتم ذلك.