بقلم ياسر حسن*مدير المركز الاكاديمى للصحافة أصبحت مصر الأن من الدول المتقدمة والعريقة ليس فى مجال الطب ولا البحوث العلمية ولكن فى قمع الحريات والسيطرة على الاصلاحيون وأصبحت مصرفى المرتبة الاولى بين الدول الاكثر شراسة فى كبت وتحجيم ومنع المعارضة بشتى انواعها..كيف وصل حال مصر الى هذا الحد أظن ان الوقت قد يطول شرحه لان التوارث ممتد إلى الاف السنين من الفراعنة وحتى عصرنا هذا..لكنى اتسأل عن شدة الخوف التى ملئت القلوب فأصبحت عاجزة عن الحديث عن شئ ما أضرهم حتى فى أحلك لحظات حياتهم لاتجد نصيراً ولا مدافعاً عن هذا الظلم البيّن الذى وقع عليهم.لقد إنتهت منذ أسابيع فصل (بايخ) من فصول الديمقراطية الزائفة التى حدثت فى مصر بمزلة كبرى .وقتها قيل عنها أنها أكبر نكتة بايخة سمعها المصرى فى حياته بفوز ساحق للحزب الحاكم على ضعفاء المعارضة .وياليت النكتة فقط هى التى انتهت ولكن لقد صدقوا انفسهم وقالوا أنها افضل انتخابات نزيهة وشفافة وناصعة البياضرغم أن كل العالم رأها سوداء غامقة.وصل بنا الحال كى نصدق أنفسنا ونستهزئ بالشعب المصرى ونسمى المأتم عُرس .وللاسف الشديد هناك ساسة وافقوا على نزاهة الانتخابات وصفقوا مع المصفقين! وقالوا انها اجمللحظات مصر فى الديمقراطية والشفافية.وإن كنت أرى أن الفاجر يفعل أكثر من ذلك فقد تطاول فى البنيان ووصل الامر إلى الاستبداد الجسدى والعقلى والفعلى.إن حياة المصرى الأن أصبحت (زفت وقطران وهباب) مع الإعتذار للسيجارة ولكنى أقول أن تشبهه تماماً هل لانقدر على ضرب هذا الاستبداد فى مقتل 88 مليون مصرى لا يستطيعون صدّه والدفاع عن كرامتهم.هل أصبحوا صم بكم عمى لا يتحدثون ولا يشجبون ولا يتنفسون خوفاً من البطش واليد الطويلة للحكم السلطوى. لقد عرف أصل الإستبداد أنه غرور المرء بنفسه وبرايه والأنفه عن قبول النصيحة والاستقلال برأيه.وهو ماينطبق على الحكومات فى الدول العربية وفى مصر والتى جعلت الانسان أشقى وأغلب مخلوق عرفه التاريخ منذ هابيل وقابيل لا يتحكم بمصيره ولا فى عقله ويصنع مثلما تصنع البهائم تأكل وتشرب وتنام وتتزاوج فقط لأنه أمن بمقولة غض قلبى ولاتعض رغيفى والتى سيطرت عليه مدى الدهر. إن ماحدث بالانتخابات مرة أخرى أو سمها المهزلة شئٌ لايصدقه عقل ولاحتى إنسان الغاب .فهل صدق مخلوق أن الالفية الجديدة يحدث أن يفوز الحزب فيها ب412 مقعد ويترك الفتات للاحزاب الهولامية الهشة الجائعة لطلب كرسى او ما يزيد وتستقطبه الوكالات والفضائيات للحديث وكأنه أنتصر بعد الفوز بثلاث أو ست مقاعد. لقد أحدث الاستبداد فى مصر عنصراً غريباً على الشارع حتى بدا الشاب الفتىّ عجوزاً يعجزعن قول الحق لانه يخشلا غيابات الظلمه أو أن يلقى فى نار الامن.هنا يقف ويفكر أكثر من ألف مره هل أذهب أم اصمت وأضع فى فمى حذاءاً قديماً حتى لا أصرخ وأقول بصوتى العالى لا. وقتها يمسع مكبرات الصوت التابعة للحزب الحاكم عزيزى المواطن لاتذهب هذا المساء لتدلى بصوتك فقد قمنا بذلك من أجل حتى لاتتعب ولقد وضعنا إسمك فى الصندوق لخير من يمثلك فى المجلس . هذا هو الاستبداد وتلك هى المصيبة أن يكون المجلس الأمة كله لايعبر عن رأى الشعب ولا يمثل الشعب! الذى لاحس له ولارأى له ولاصوت بالطبع له. لقد مات الضمير ودفن باعوه بثمن بخس ورضوا ببضع مقاعد وصولجان وكثير من المال الذى يفنى. أصبح النائب همه الأول كيف أبنى المصنع الثانى فى برج العرب مع أخيه فى 6 أكتوبر والعاشر من رمضان. وأصبح الفاسدون لايعبئون بارسال شحنة قمح مسرطنة تودى بحياة الملايين وهو الذى يأتى خبزه ساخناً من فرنسا على متن طائرة.إن الخزائن مملؤة والحال عال العال والوضع مستقر أما بقية الشعب فلاتسألنى لان الله سيتولاهم. لقد صنع الاستبداد بالشعب مالم يصنعه فرعون بشعبه بعد أن قال لهم أنا ربكم الاعلى .أما فى حكومتنا فيقول إن أشد مراتب الإستبداد بالشعب هى حكومة الفرد المطلق التى تورث العرش لابنه وكذلك يورثه الشعب ومن فى الارض . إن الشارع المكلوم الذى لاحول له ولاقوة فقد حتى التغيير المنشود الذى كان يحلم به.فإذا به يجد الجميع يسقط واحداً تلو الاخر .فما كانت إلا لحظات حتى فقد الامل وأظلم النور وضاقت الدنيا عليه. إن المستبد الذى يتحكم فى أمور العباد بغير إرادتهم عدو الحق وعدو الحرية وعدو نفسه جعل من الشعب إستغماء ونصب نفسه واصياً عليهم. إن الأمر أل اليوم فى مصر غلى درجة الصفر الاخلاقى والضميرى ولا أمل فى التغيير غلا من أن نبدأ من داخلنا فنبنى قلاعنا داخلنا ثم نقوم فنشيدها بالخارج تحصننا.لقد فزعت من المشهد الذى يقوم فيه رجال الامن بسحل سيده عجوز لم تكن تعلم أن هناك انتخابات ذهبت كى تحضر فطوراً لاولادها فإذا بالتتار يقومون بسحلها وضربها وإهانتها تحت أقدمهم لم يراعوا كبر سنها ولا منظر الدماء الذى تسيل منها تخيلت لو أن امى أو قريبتى صنع فيها ذلك ماذا كنت سأفعل. وماذا سأفعل إذا كان الخوف يملئونى والرعب يحيط بى. فقط تذكر أن القوى سيأتى عليه يوم ويضعف والغنى له يوم ويعود كما كان فقيراً ويبقى الوطن للشعب والشعب للحكم والايام دُول.