كتب شاعر تونس الفذ بحري عرفاوي في الثمانينات إبان ثورة الشعب الأفغاني قائلا : أستحي أن أكتب يوما قصيدا أستحي أن أمسك يوما قلم أعرف يا شعب أنك لم تكن منذ القدم شعب الموائد والقصائد والقمم لم تكن إلا رصاصا و اِرتصاصا في وجوه الغاصبين . حالة الحياء التي انتابت شاعرنا وقتها ، غمرتني وأنا في حالة اندهاش وذهول أمام انتفاضة شعبي المغوار الذي أريد له طويلا أن يدفن تحت ركام الزيف الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا ... إن حاجز الرعب الذي راكمه الطاغية مذ أطل بوجهه المشؤوم على تونس العربية المسلمة كمدير للأمن وبدأه بسفك دماء عثمان بن محمود الطاهرة و أنهاه بإراقة الدماء بشكل دراكولى فاجر غطى كل تراب الوطن هذا الحاجز نراه اليوم يسقط كورقة توت ... فما أهونه من خيط ذاك الذي يمسك بنظام الطاغية... نعم يا شعبي أذهلت محبيك، كما أذهلت المتآمرين عليك أولئك الذين أرادوك خادما لسياحهم المتعبين من برد القارة العجوز... تحيا على فتات موائدهم و ما يلقونه من بقشيش على طاولات السحت ... أنا العاشق لك أذهلتني قامتك في العطاء عن أكلي و عن شربي... عيناي مسمرتان أمام الشاشات ... لك تدمع عيناي أنا الممنوع من السفر إليك بالجسد و لكن الروح التي لا سلطان لبشر عليها،مسافرة أبدا إليك أحياك بين خوف ورجاء ... خوف من الخيوط المافوية التي تحيك المؤامرات من وراء جدران مظلمة حتى لا تحدث بانتفاضتك المباركة خرقا في الجدار السميك لإستراتيجية شديدة الإحكام تريد لأمتنا أن تعيش في المزابل... خوف من أن تسرق مرة أخرى ، فتتحول انتصاراتك إلى هزائم و محاكمات ... و رجاء في أن يبارك الله في دماء طاهرة ، دماء المحرومين ... يا أيها الذين حيوا بالشهادة ، و تركونا ربما موتى ...يا من صعدوا وتركونا هنا في الأسفل ...ماذا عساي أقول لكم ؟... أأعدكم بأننا لن ننساكم...أأعدكم بأن الذين بقوا لن يغدروا بدمائكم الزكية ؟... هل أقول لكم بأن التاريخ لن يعيد نفسه ؟... الحق أقول لكم إنني أستحي أن أعد بما لا أثق به بإطلاق ... فالمتآمرون كثر ، من داخل الوطن المغدور وخارجه ... بقي لي أن أقول لكم بيقين ، إن نسيناكم ، إن نسيكم شعبكم و أمتكم ،إن تنكر لكم التاريخ ...إن جاء من يذهب دماءكم هدرا... فأبشروا... إن الله لن ينساكم ... على محمد مكشر