بسم الله الرحمن الرحيم قليلون هم الذين توقعوا أن تتحول مظاهرة الاحتجاج على حادثة المرحوم أحمد البوعزيزي أمام مقر الولاية بسيدي بوزيد إلى ثورة لاهبة تحول النار التي أضرمها أحمد إلى عاصف مستعر يحرق الأرض تحت أقدام كل رموز الظلم والزيف والفساد والإفساد. غير أني لم أشك لحظة واحدة في هذا التحول منذ سمعت شعار يا عصابة "السراق", فهذا شعب يصرخ في وجه حاكمه أنه خائن للأمانة, ناكث للعهود والمواثيق, هذا الحاكم الذي كمم أفواه شعبه ولم يقبل منه إلا التزلف والنفاق وحديث التسعات الأربع. كان الذين رفعوا ذلك الشعار على وعي كامل بأنهم قد أحدثوا شرخا عميقا في جدار الخوف الذي سجنهم نظام البغي خلفه طيلة ثلاث وعشرين سنة, وسرعان ما تداعى التونسيون من أقصى البلاد إلى أقصاها على هذا الجدار حتى حطموه وأبادوه وانطلق من حناجرهم بركان الغضب المكبوت حمما تنهال على رؤوس السجان والعصابات المحيطة به. والآن وبعد أن قطعت ثورة الشعب التونسي هذا الشوط الكبير ولم يبق بينها وبين النصر إلا صبر ساعة هل سيقبل الشعب التونسي أن يسخر منه مرة أخرى ويخدع فيسمح لحبل الكذب أن يلتف من جديد حول رقبته ليخنقه لسنوات لا يعلم عددها إلا الله؟ وهل يكون ثمن الدماء التي أهريقت والشهداء الذين سقطوا و الأعراض التي انتهكت بقاء نفس الوجوه الكالحة والأيدي الملطخة بالدماء والجهاز المتخصص في التعذيب والسحل والقتل...؟؟ وهل يكون ثمن التضحيات الجسام التي قدمها الشعب التونسي تسلق فريق جديد من الانتهازيين والوصوليين على رقابنا وتحالفهم مع نفس العصابة التي تحالف معها أسلافهم في 87 فأذاقوا شعبنا الصاب والعلقم...؟؟ وهل يسمح الشعب التونسي لوعود وكلام معسول وعهود أن تخدره والحال أن من قطعها على نفسه شيمته الغدر؟؟ وفي الجملة, هل يتحول الشعب التونسي إلى سيدي "تاتا" كي تنطلي عليه مثل هذه الحيل...؟ نجيب العاشوري باريس في 13/01/2010