احتاج بن علي للإطاحة بالرئيس السابق بورقيبة إلى سبعة من الأطباء المختصين للإدلاء بشهادتهم على عدم أهلية بورقية لممارسة أي سلطة وتحمل أي مسئولية. ومن المفترض أن تكون هذه التقارير الطبية التي أقنعت الرأي العام التونسي والرأي العام الخارجي، بصحة ما قام به بن علي في ذلك الوقت، مليئة ببراهين علمية دالة على ضعف القدرات العقلية والذهنية لبورقيبة، وشارحة تصرفاته وقراراته على أنها فاقدة لنضج مطلوب في أي رئيس. ولكن بن علي سهل على غيره، مهمة البحث عن أطباء مختصين للإدلاء بشهادتهم على عدم أهليته لمواصلة الحكم. لأن الإعتراف هو سيد الأدلة فقد قال بأنه قد خدم الشعب التونسي 50 عاما، وقال أنه الآن فهم الشعب التونسي . علما وأن الشعب التونسي ومنذ خروج فرنسا من البلاد أي قبل أن يبدأ بن علي في الخدمة ومطلبه الرئيسي هو الحريات العامة، وقد ضحى من أجل ذلك عدد من التونسيين الأحرار. فإذا كانت خدمته للشعب التونسي طيلة 50 عاما لم تخرج عن التهديد والوعيد وتنفيذهما، (وخطاباته الأخير شاهدة عليه) ولم يفهم مطالب الشعب التونسي، فإن للرجل مشاكل كبير في وظيفة الإدراك، يفهمها جيدا أهل التخصص في الطب النفسي وعلم النفس. فإذا احتاج فهمه لمعاناة التونسيين والذي كان هو أحد أسبابها 50 سنة كاملة من الإشراف المباشر والتقلب في وظائف سياسية مختلفة، فأي دليل بعد هذا الاعتراف لإثبات أن هذا الرجل تنعدم فيه الأهلية لتحمل أي مسئولية في البلاد ولو كانت جمعية محلية في قرية من قرى تونس. وهل يشرفنا كتونسيين أن يمثلنا في المحافل الدولية من لا يدرك مراد كلام الناس!! وأي دليل قانوني آخر يحتاجه التونسيون لتقديمه لجهات التقرير في مدى أهلية الرئيس العقلية لمباشرة مهامه، وقد صرح بإرادته ودون أي ضغط أو تعذيب بأنه تعرض للمغالطات!!! رغم وجود طاقم كامل من الخبراء والمستشارين في مختلف المجالات يحيطون به حيثما حل. عليه إذا إن كان ناصحا لشعبه بأن يفصح لنا عن الذين استطاعوا بذكائهم وفطنتهم أن يلعبوا بعقله إن وجد لسنوات عدة رغم الحصانة الهائلة من أهل النظر من حوله. فإما أن يختار منهم الشعب التونسي قادة لنبوغهم. باعتبارهم أن الشعب التونسي اختار لرئاسته فيما ظن أذكى التونسيين وأفطنهم وأقواهم حدسا، وقد أظهرت هذه النخبة النكرة لحد الآن درجة من الذكاء لا تقاس بروائز الذكاء العادية لأنها جعلت من عقل هذه الشخصية المتميزة لعبة لها لمدة 23 سنة متتالية ودون انقطاع. وإما أن يحذرهم الشعب التونسي ويحذر أمثالهم لأهم قادرون على الاستخفاف بالشيطان. لو أنك استأجرت خادما يعينك على تركيب باب لبيتك، وقضيت معه 50 دقيقة تشرح له ماذا تريد فعله، ثم وأثناء انشغالك بأمر ما أخذا هذا الخادم الباب على عربته وذهب به بعيدا، وعندما أدركته وصحت في وجهه بسبب فعلته الشنيعة تلك؛ قال لك وقد اصفر وجهه وارتعدت فرائصه، عذرا لم أكن أفهمك وأنت تتكلم لمدة ما يقرب من ساعة، أما الآن فقد فهمتك. فهل يمكنك أن تعتد بإعلانه عن الفهم؟!!