ياسر حسن / مدير المركز الاكاديمى للصحافة منذ أيام قلائل لم تكن تونس سوى وطن من فئة الأوطان العربية التي سيطر فيها السلطوين على ممتلكاتها وإرادتها وشعوبها ، استيقظت على نبأ عظيم أن تونس تحررت قلت ألم تكن قبل ذلك محررة ! أجاب عقلى الباطن. نعم لم تكن قبل ذلك حرة مستقلة بإرادتها بعد أن سيطر عليها الديكتاتورية طيلة 23 عاماً ذاقت تونس فيها الأمرين من بطش وجبروت وذل حكام جاءوا على غير هوى الشعوب ، ولكن بعد أن سّطر الشعب التونسي رائعة من الروائع ضرب المثل في الصبر والتحدي والإباء ، وظل يناطح السحاب أملاً في أن يمسكه وأصبح في ليلة وضحاها مثلاً يحتذى به في النضال من أجل مستقبل مشرق حر لوطنه حتى ولو كلفه ذلك 100 شهيد وجريح .كان لنا من أخذ دروس مستفادة من هذا الحدث الذي لم يتكرر من قبل طيلة عقد من الزمان خاصة في أوطاننا العربية والإسلامية، وها هو الشعب التونسي يثور بعد أن نسينا أن تونس بلد حر ودمائه تغلي من شدة صمته الطويل ، لذا فإن الحادثة التي وقعت لها دروس مستفادة يجب الأخذ بها حتى لا نفاجأ بعد أيام بحادثة أخرى وثورة جديدة في وطن آخر عربى.. 1) أصبحت الديكتاتوريات في العالم في حالة انقراض خاصة في دول العالم الثالث ، وهي تتعرض الآن لهزة عنيفة قد تقطعها إربات وتقصيها ولا تعد لها وجود على وجه الأرض ، لأنها ببساطة أضحت موضة قديمة ،أنفها الشعب ويطالب بالديمقراطية النزيهة التي ترضى جميع الأطراف وتجعل الأوطان في حالة استقرار ورخاء وتنمية . 2) خير دليل على أن السلطوية والديكتاتورية في العالم الثالث قد باتت فى حالة إنقراض ماحدث من شعب تونس ، والفوران الذى حدث للشعوب الضعيفة التي في يوم من الأيام قد تثور ، فتضرب من أمامها بيد من حديد لأنها الأقوى وعلى حق في كل ما تفعله . 3) ما حدث في تونس يخبرنا أن المجتمع إذا هّب بقوة على قلب رجل واحد سوف يكون له تأثير أقوى إذا ما تقدمت وخير دليل على أن مقتل ( محمد البوعزيزي ) جعل الشعب التونسي كله أشقاء للبوعزيزي وخرجوا وقد تشابكو أيديهم فى بعض ، يريدون انتقاماً ممن تسبب في حرق ( محمد البوعزيزي ) 4) كان من غباء السلطة في تونس ومن قبل غباء ( بن علي ) هو غلق المنافذ الشرعية في وجه التونسيين ، فقد قام بغلق الفضائيات ولم يبقى إلا الفضائيات التونسية التي تسُّبح بحمد وعظمة ( بن علي ) والظاهر أن الدمار والنهب والسرقة تقدم في الشارع والأماكن الحكومية ولا يريدون إظهارها على الشاشات ، وكذلك على منافذ الإنترنت (مواقع الإنترنت) وهو ما أبعد الشباب التونسي عن أمور كثيرة قد فاتته وهو ما أثر بالسلب على المواطن التونسي والذي ما إن وقع عينيه على العالم الخارجي قد فاق وحسب نفسه أنه كان ميتاً وقام بالتواصل مع الآخرين الذين تحدثوا عن تونس والقهر الذي يلاقسه المواطن هناك. ومن هنا كانت الشرارة من خلال مواقع الإنترنت والفيس بوك والتوتير ، وبعد إغلاق الفضائيات ومواقع الإنترنت لم يتبقى سوى غلق أفواه الشعب الذين صبروا على البلاء واحتسبوا ذلك عند الله فجاء الانفجار الذي أطاح بالرئيس بعد 23 سنة من الحكم والقهر والاستبداد . 5) الذين يقولون أن البطالة هي العامل الأول في ثورة الشعب التونسي مخطئ ، لأن كل دول العالم بها بطالة فأمريكا بها بطالة وبريطانيا بها بطالة وفرنسا بها بطالة الكل يشتكي ، ولكن هناك حلول يضعها المسئولون عن الحكم يحاولون كسب الود وإنها ء حالة الغليان في تلك الأحداث بصرف نسب إعانة للشعب وتيسير أموره في المصالح الحكومية وتهيئة الجو له في الأماكن العامة ، أما الشعب التونسي فلم يرى أياً من هذه الأمور ، فالبطالة والتضيق والاستهزاء والهم متلازمين له في كل يوم ، فلا متنفس ولا أموال ولا حرية ولا كرامة ، فانفجر وكان الانفجار أول ما بدء به الشعب كان في وجه ( بن علي ) . 6) أيضاً من ضمن الدروس التي نخرج منها أن غالبية الدول العربية الإسلامية بلا استثناء يقومون بتشغيل أقارب لهم في الوظائف الهامة والحساسة والقيادية ، وخير دليل على ما كانت تقوم به ليلى الطرابيلسي زوجة الرئيس المخلوع من تولى أقاربها اشقاءها لمناصب العليا في الدولة وكذلك ذات المناصب التي تكلف الدولة من قوت الشعب الملايين ، فنجد المواطن البسيط يشعر ببعض الغضة عند ما يجد أن راتبه طوال 20 عاماً يأخذه أحد أقارب الوزير أو الرئيس أو مسئول البلدية فى شهر! وهو ما يّولد عنده دافع من دوافع الانتقام بشتى الطرق وهو ما شهدناه من تدمير لمكاتب وعقارات وقصور وفيلل قيل أنها مملوكة لأقارب وأخوات وأصهار الرئيس المخلوع ، مما يعطي طابعاً أن الفساد يأتي من هنا وأتى الانقلاب الكبير الذي حدث لربما كان مجرد نظرةالمواطن البسيط لبعض المسئوليين الصغار الذين لم يتجاوزو العشرين ربيعاً يحصلون على رواتب تزيد عن المائة ألف دينار بالإضافة إلى السيارة الفارهة وبالطبع مسكن على أعلى المستويات ،وهو الذى لا يجد ( أى المواطن ) ثمناً لشراء دواء أمه أو حتى ثمن علبة لعب لطفله . 7) إن الرؤساء الذين وضعوا أيديهم فوق روؤسهم وحول رقابهم خوفاً من حدوث ذلك في أوطانهم ، يعلمون تمام العلم بأنهم فعلوا في شعوبهم ذلك وأكثر لذا يخشوا ان تقوم فى أوطانهم ثورة ، فيجب ألف مرة أن يتذكروا أن الضغط يولد الانفجار ، وأن ما حدث في تونس أقرب لبلادهم . 8) إن السلطوية في العالم ستنفي ولو بقيت لسوف تسمع كل يوم ثورة في وطن مختلف ، فقد انتهى عصر البلاد التي يحكمها الرؤساء بعشرات السنين ، لأنه من الآن فصاعداً لن تجد دولاً على نهج ( بيع وشراء ) فالأوطان للشعوب وليست للزعماء أوالملوك أوالسلاطين .
خير ما سمعت أن الذي أحرق نفسه برغم تحفظى على تلك الطريقة. قال لأمه لن تنسى تونس اسمي ولا جسدي الذي سوف أحرقه وقد صدق ، مات ( بوعزيزي ) لكنه بقي حي في قلوب كل الأحرار في العالم .