المنستير...اجراءات لحماية الثروة الغابية والفلاحية من الحرائق    جندوبة...لقاء مع سفيرة كندا لبحث فرص الاستثمار    دراسة تكشف...الفوضى ... ثقافة مرورية في تونس !    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    شركات تونسية وأجنبية حاضرة بقوة وروسيا في الموعد...صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس يصنع الحدث    اتحاد الفلاحة: لوبيات القطاع سيطروا على الميدان    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    أبناء قرقنة ...سعداء بهزم الترجي ونحلم بالعودة إلى «الناسيونال»    أخبار النجم الساحلي.. الهيئة تُنهي الاضرابات والآمال معلّقة على «الكلاسيكو»    معاناة في البطولة وصَدمة في الكأس .. الترجي يثير مخاوف أنصاره    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    بنزرت...بطاقة إيداع بالسجن في حق عون صحّة والإبقاء على 5 بحالة سراح    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    صفاقس: الشركة الجهوية للنقل تتسلم 10 حافلات مزدوجة جديدة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    حالة الطقس اليوم الجمعة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد في الانتخابات الرئاسية    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    نبات الخزامى فوائده وأضراره    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    أولا وأخيرا...شباك خالية    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    بطولة روما للتنس للماسترز - انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    اللغة العربية معرضة للانقراض….    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    عاجل/ وزارة الرياضة: سيتم رفع عقوبات وكالة مكافحة المنشطات قريبا    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    تونس تستقطب استثمارات خارجية بقيمة 517 مليون دينار خلال الثلاثي الأول من 2024    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج – كلاسيكو الجولة السابعة) : الترجي للابتعاد بالصدارة والنجم لاعادة توزيع الاوراق    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولادة جديدة للأمة على الهواء مباشرةً! -رشاد أبوشاور
نشر في الحوار نت يوم 02 - 03 - 2011


ولادة جديدة للأمة على الهواء مباشرةً!

رشاد أبوشاور
الولادة على الهواء مباشرة، نتابعها بلهفة من قنطوا من الحمل، ويئسوا لطول الانتظار، والتقدّم في العمر، فاللحم ترهل، والظهر تقوّس، والعظم وهن، والرأس اشتعل شيبا..ولكن المعجزة وقعت، ومن لا يصدق عينيه، دهمه الفرح بولادة عدّة توائم دون تشوهات، وبتقاطيع وسمات تامة معافاة، تنبثق من الرحم الواحد، تنطق سماتها بقرابة الدم، وتبشّر بالتجدد، وتومئ إلى المستقبل الذي قطع كثيرون منّا به الرجاء.
يُرتج علينا من ازدحام نفوسنا بفرح لم نعتده، فنبكي، ونفرك عيوننا غير مصدقين، ولا ننسى في غمرة الفرح أن هناك من يتميّزون غلاً وغيظا من الولادة الجديدة للأمة العربيّة.
كنّا نرجو أن تمنحنا الحياة ولو(نتفة) ولد، أو بنت، أو حتى(عقلة إصبع)، فإذا بنا نكتشف أننا انشغلنا بيأس من حولنا، فاضطربت نفوسنا حتى كدنا نفقد الأمل، رغم أن عقول(بعضنا) عاشت على الأمل، وبشرّت بالولادة، انطلاقا من أن هذه الأرض هي أرض الأساطير المبشرّة بالولادة والتجدد ودورة الحياة التي لا تبقى على حال، والتي ما أن تجدب حتى تخضرّ.
أليست هذه هي أساطير العراق القديم، وأرض كنعان والفينيق: آلهة، وطيورا، وأشباه آلهة، التي انشغلنا في تفسيرها، أو تضمينها في قصائد شعرية، ونسينا أنها في الجوهر دللت على حُب هذه الأقوام التي تناسلنا منها على هذه الأرض للحياة، ومقاومتها لليأس، واستبشارها بفصول الخصب، بعودة (أدونيس)، وتجدد(عشتار)، وتخلّق (الفينيق) من رماد ناره غبّ احتراقه!.
من آمن راهن على القيامة والتجدد، وإن اضطربت نفسه، وتغبّشت رؤيته، ولكنه رغم ما رآه من عوامل تفسّخ تماسك وقرأ جيدا كتاب هذه الأرض، ومن تناسلوا على أديمها، وطوتهم بعد موتهم في صدرها، فتعلّم من دورة الفصول، ونهوض المدن المحترقة بالمنجنيقات، أو المدافع، أو صواريخ الطائرات، فهذه أُمة عصيّة على الاندثار والموت والتحلل.
هذه الولادة قيامة أمة شعرا ونثرا وموسيقى وغناء وحداء، ونشيدها العالي يملأ فضاء الدنيا ويبهر ناسها، فثمّة أمة سُخر منها تحقق المعجزة ، هي التي لولا نفطها لاقترح مواراتها في الصحارى التي شهدت ولادتها ذات زمن بعيد، لأنه حكم عليها بأن تبقى خارج الزمان، ولا يجدر أن تشغل مكانا تحت الشمس بقرار من (وحوش) الأمم المتحضرة المتقدمة!.
حتى نحن، من آمنا، وبشرنا، وقاومنا، لم نتوقع أن تتحقق الولادة في أيامنا. تشبثنا بالرهان على (قيامة) الأمة، ولكن في زمن آت..بعيد، وبأجيال أكثر صلابة ووعيا من الأجيال التي خُرّبت، وأُفسد وعيها، وتُفّهت، وسُطّحت..في أزمنة الطغاة اللصوص الجهلة السفهاء.
لكن المفاجأة جاءت بالضبط من هذا الجيل الذي حقنوه بجراثيم أشد إبادة وفتكا من تلك التي بُثت في بطّانيات أُهديت(للهنود) الحمر، لتسهيل إبادتهم، فتلقفوها بسذاجة وبراءة، فكان أن حصدهم الجدري، والكوليرا، فاندثروا، وتركوا الأرض ليستحوذ عليها(الأبيض) المتحضّر المتعلّم(الديمقراطي)..رسول الحضارة والمعرفة..وأسلحة الإبادة التي تُسهّل اجتثاث الشعوب، ونهب خيراتها باسم الرّب الذي ينصر (جنوده) على بقية الشعوب والأمم!
أجلس أمام التلفزيون، وأسال نفسي، وأنا أتابع الثورة العربيّة في فصولها، ومحطاتها المتتالية العاصفة الكاسحة: كيف حكمنا على هذا الجيل بكل الأوصاف السلبية، ونسينا أنه متعلم، وأنه بلا مستقبل، وأنه يحتاج بعد الجامعة للعمل، والزواج، والعيش الكريم؟!
ثم: كيف نسينا أن هذا الجيل لا يمكن أن يعيش بدون كرامة في وطن كريم عزيز، حتى لو توفّرت له أساسيات الحياة؟!
ثمّ: كيف نسينا أن هذا الجيل نما وكبر وهو يرى إبادة شعب العراق، واحتلال بغداد، وذبح الشعب الفلسطيني، بل وحرقه بأسلحة محرمة دوليا؟!
وأيضا: كيف نسينا أن هذا الجيل العربي عاش زهو مطاردة المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله للاحتلال الصهيوني، وتحرير الجنوب عام 2000، وإلحاق الهزيمة بهذا العدو في تموّز 2006 رغم قلة العدد والعدّة..وهو ما فضح نذالة (أنظمة) الفساد والتبعية في بلاد العرب؟!
كان الجيل يتساءل عن مستقبله، وانتمائه، وحريته، وكرامته، وكان يرى الفساد يتفشّى ملتهما الحاضر والمستقبل..وكان الجيل العربي في (أوطانه) المتشابهة إفقارا واستبدادا وفسادا وتبعية، يعيش نفس الأوضاع في كل (وطنه) العربي الكبير، المستضعف والمهان والمشلول القوة بفضل طغاة يسدون طريق المستقبل العربي الواحد!
هذا الجيل يمكن وصفه بأنه (جيل القدر)، وأنا أستعير هذا الوصف من الروائي العربي السوري والمفكّر مطاع صفدي، صاحب الرواية التي تحمل نفس العنوان، والتي صدرت قبل قرابة 50 عاما، مبشرةً بالرهان على جيل دُمّرت فيما بعد أحلامه، وطحن بالهزائم التي سرقت منه موعده مع القدر!
هذا الجيل العربي الواحد يمضي بثورته إلى مستقبل واحد لأمة واحدة، وهو يستخرج أمته الحيّة من الجسد شبه الميّت فالأمم الحيّة العريقة لا تموت نهائيا، وإن استفحلت فيها الأمراض على الهواء مباشرة.
هذا الجيل العربي العجيب هو (القابلة) لأمته الجديدة..وهذه معجزته الباهرة!
وإذا كان المثقف العربي مغتبط بالولادة التجديدية لأمته، فإنه مطالب بمغادرة جلسته أمام الشاشة، ورفع صوته، وإشهار كلماته، بل والنزول إلى الميادين وهذا ما يحدث في ميادين تونس، ومصر، واليمن، وليبيا، والبحرين، و... ليذود عن هذه الولادة المهددة بأشداق الضباع الكاسرة المسعورة.
قبل أربعين سنة رسم الفنان الفلسطيني الكبير الراحل مصطفى الحلاج لوحة لامرأة تلد، ينبثق من رحمها رأس طفل، وعلى وجهها ملامح ألم وقلق وخشية، وعضلات جسدها مشدودة، وهي تكتم صرخة في فمها، بينما ذئاب تشرع أشداقها متهيئة لالتهام الرأس ما أن يخرج تماما من الرحم!
هنا، وهنا بالضبط..يتحدد دور المثقف العربي.
الانحياز للولادة والتجدد، والتصدّي للضباع المتحفزة لافتراس المولود العربي..والضباع أشد وحشيةً وقبحا من الذئاب، فأخلاق الضباع هي أخلاق من ذبحوا أُمتنا، ومزقوها، وها هم يزمجرون متحفزين مستفزين من هذه الولادة المخيفة لهم..فالمولود العربي سيكبر وسيطالب بكل حقوق آبائه وأجداده، ناهيك عن حقّه في الحياة الحرّة على أرض وطنه الممتد بين المحيط والخليج.
لقد عشنا حتى هذا اليوم، وها نحن نفرح، ولن يكتمل الفرح العربي إلاّ باكتمال تحرر كل الاقطار العربيّة من الطُغاة وأنجالهم المتلمظين على وراثة آباء لقنوهم أسس الفساد والتبعية، وخيانة أقدس قضايا الأمة..ضمانا لديمومة حكمهم وتوريث الأحفاد من بعدهم!
أشهد أننا عشنا ..وأننا بتنا على موعد مع الفرح، وزمن الصعود، فنشيد النهوض يدوي في الميادين العربيّة، ويمتد، وينداح إلى ما تبقّى من بلاد العرب.
إن أمةً تتجدد ولادتها على الهواء مباشرة، يتأمل العالم ولادتها منبهرا غير مصدق..وهي تستخدم آخر منجزات التكنولوجيا..ويمارس رجالها ونساؤها أرقى أشكال التحضّر في ثوراتهم، والأمة تمضي بإرادتها وعنادها إلى مستقبلها، وهي لن تموت بالبطانيات الملوثة بكوليرا أمريكا والصهيونية، فأرضها لن تكون إلاّ لها.
إنها أمة تعبر الجسر:
من مستنقع الشرق
إلى الشرق الجديد
ها بشارة خليل حاوي تتحقق، فأرواح شعراء العرب تلهم أمتهم التي تعيدهم أحياء في زمن قيامتها..وها هم الحكّام الطغاة يسقطون واحدا بعد الآخر متوجين بمخازيهم، وجبنهم، وسفاهتهم، وفضائح سرقاتهم مع أفراد أسرهم..تطاردهم لعنات الأمة.. وعار التاريخ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.