واصل «تسونامي» وثائق جهاز مباحث أمن الدولة في مصر أمس، تدفقه ضاربا بقوة في مختلف الاتجاهات، حيث تسربت عشرات الوثائق التي تتضمن مفاجآت من العيار الثقيل جدا، بدا معها كثير من المصريين في حال اندهاش وذهول وصدمة. «الراي» حصلت من مواقع إلكترونية، على مجموعة من الوثائق التي يحلو للبعض تسميتها «ويكيليكس أمن الدولة»، وتحمل عبارات «سري للغاية» و«سري جدا» و«سري جدا جدا» و«سري شخصي». وكان من أبرز هذه الوثائق وثيقة تكشف أسرار الحملات الإعلامية والشعبية كترشيح نجل الرئيس المصري السابق جمال مبارك لرئاسة البلاد. الوثيقة توضح أن رئيس مجلس إدارة «جمعية المصراوية لحقوق الإنسان» اللواء محسن سعد طلب من أمين التنظيم السابق للحزب «الوطني» الحاكم سابقا أحمد عز، الموافقة على قيام الجمعية بحملة تأييد لترشيح جمال مبارك للرئاسة. ورصدت الوثيقة ورود معلومات لمباحث أمن الدولة بطلب سعد المساعدة في الحصول على دعم الجمعية لتحقيق اهدافها لكفالة ورعاية الأيتام. وأوضحت التحريات أن سعد يسعى إلى الحصول على دعم مالي من عز لمصلحتة الشخصية وأنه يستغل الأوضاع السياسية في مصر للحصول على منفعة شخصية ومصلحة خاصة. كما تضمنت الوثائق شكوى مقدمة من المواطن محمد إسماعيل محمد يحيى المقيم في محافظة مطروح في 14 فبراير الماضي بتضرره من صهر جمال مبارك رجل الأعمال محمود الجمال مالك شركة «كونتيننتال» للتنمية السياحية بالاستيلاء على قطعة أرض من دون وجه حق وبمساعدة من جهاز مباحث أمن الدولة في مطروح. وتكشف وثيقة ثانية، كيفية معالجة أحداث ثورة 25 يناير حيث يطلب جهاز أمن الدولة ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات ومنها وضع خطة إعلامية سريعة بالاستعانة بمنتجي ومقدمي البرامج الحوارية المحلية والعربية لاستعراض المخطط السابق الإشارة إليه وأبعاده وخلفياته مع إبراز دور جماعة «الإخوان المسلمين» في الالتفاف واستغلال تلك التظاهرات لتحقيق مخططاتهم، مع تأكيد صدق نوايا المتظاهرين ومشروعية مطالبهم تجنبا لزيادة حال الاحتقان بالشارع. وطالب أيضا بدراسة استغلال التحقيقات التي ستجرى مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي لتوجيه اتهام مباشر الى جماعة «الإخوان المسلمين» ومجلس شورتها باعتبارهم القائمين على إثارة الفوضى أثناء التظاهرات ومهاجمة مقرات وزارة الداخلية والسجون ومكاتب وفروع جهاز أمن الدولة وسرقة محتوياتها. وطبقا للوثيقة، دعا جهاز أمن الدولة الحكومة إلى إعادة تقييم جميع أوجه التعاون مع الدول الغربية وعلى رأسها أميركا على مستوى الدولة في شكل عام والوزارة في شكل خاص، في ظل ما تشير إليه النتائج من وجود «مخطط غربي» يسعى لاختراق البلاد سواء على المستوى الحكومي أو المدني. وتشير الوثيقة إلى نقطة مهمة، لكن يبدو أنه تم إلغاؤها لوجود شطب عليها بالقلم، وهي سرعة التنسيق مع وزارة الاتصالات لحجب بيانات جميع أرقام الهواتف الخاصة بضباط الجهاز وخصوصا الهواتف المنزلية خشية استغلالها من قبل العناصر المتطرفة لتحديد أماكن إقامة الضباط وستهدافهم. وتضمنت وثيقة أخرى مخطط جهاز مباحث أمن الدولة لطرح رؤية في إطار السعي من جانب الحكومة لاستيعاب مطالب المتظاهرين وثورة 25 يناير وهي إلغاء الجهاز حيث طالبت مذكرة للجهاز بالأخذ بزمام المبادرة من خلال تولي أي جهات أو خطوات بحيث يتم الإعلان عن حل جهاز مباحث امن الدولة في شكل صوري وإعلامي والإعلان بأن ذلك في إطار تغييره والسعي نحو امتصاص الدعاوى الإثارية والمناهضة في هذا الشأن وتغير مسمى الجهاز إلى جهاز الأمن الداخلي أو جهاز المعلومات الأمنية أو الأمن الوطني. وتوضح وثيقة مصنفة تحت بند «سري للغاية»، الطرق غير القانونية التي كان ضباط أمن الدولة يستخدمونها لجمع التحريات عن المواطنين وتدخلهم في تعيين وترقية العاملين في الشركات وتحجيم حجم العناصر المناهضة في الجمعيات العمومية للنقابات بينها التجارين والزراعيين والأطباء في البحيرة وإجهاض سيطرتها. ولم تقتصر الوثائق على الأوراق فقط، حيث تم العثور على شرائط فيديو وأقراص مدمجة وشرائط كاسيت بينها احتفال المعتقلين باليوم الختامي لسجن الوادي الجديد وآخر للقاء اللواء أحمد رأفت بطرف أجنبي داخل جهاز مباحث أمن الدولة من الجانب البريطاني وشريط آخر للقاء نقيب الصحافيين المصري مكرم محمد أحمد بأعضاء مجلس شورى الجماعة الإسلامية في سجن شديد الحراسة جنوبالقاهرة، فيما تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل ال «فيس بوك» و«تويتر» صورة لشريط فيديو إباحي يُقال إنه تم العثور عليه داخل أحد مقار أمن الدولة التي تم اقتحامها وتم العثور على شرائط كاسيت تحتوي بعضها على مكالمات هاتفية لبعض أعضاء جماعة «الإخوان» ومكالمات أخرى جنسية بين بعض الرجال والنساء. وتكشف وثيقة أخرى تكليف الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ب «إخماد ثورة الشباب التي اندلعت يوم 25 يناير». الوثيقة توضح أن الرائد خالد محمد محسن الشرقاوي «كارنيه رقم 112874 - قوات مسلحة» مقيم في منطقة 2 شارع عبد المجيد سليم كوبري القبة، كان يتردد على مقر الجامعة العربية في ميدان التحرير وسط القاهرة، وترك رسالة لموسى تتضمن الإشارة إلى ضرورة قيامه بدور في إنهاء أزمة المتجمعين في ميدان التحرير اعتماداً على مكانته الجماهيرية. وأشارت الوثيقة إلى استجابة القيادة السياسية إلى 95 في المئة من مطالب الثورة ووجود أزمة لديهم في افتقار وجود قيادة تتحدث باسمهم، مؤكدة ضرورة تشكيل لجنة حكماء برئاسة موسى مع بعض الرموز الدينية والرياضية والفنية لمناقشة المتظاهرين والمساعدة في إنهاء الأزمة. وعلى الصعيد الإعلامي، تضمنت الوثائق مذكرة صادرة من مباحث أمن الدولة فرع الجيزة بإجراء الصحافي أيمن نور رئيس «حزب الغد» الليبيرالي المعارض السابق، اتصالا مع الإعلامي عمرو الليثي مقدم برنامج «واحد من الناس» على فضائية «دريم»، وأعرب نور خلال الاتصال عن رغبته في إجراء حوار معه بالبرنامج خلال الفترة المقبلة ليستعرض آراءه السياسية في بعض القضايا السياسية ومشواره السياسي وتطلعاته المستقبلية. وأكدت المذكرة أن ضباط أمن الدولة أجروا اتصالا بالليثي، ما دفع بالأخير الى الاعتذر لنور بدعوى انشغال أجندة البرنامج خلال الفترة الماضية. وأشارت المذكرة إلى أن الليثي من العناصر الإعلامية المتعاونة مع مباحث أمن الدولة، ويأتي الاعتذار في إطار تفهم الليثي للتوجيهات العامة وفي ضوء التوجهات الإثارية لنور. وتشير وثيقة أخرى في شأن الإعلامي محمود سعد وفضائية «أزهري»، إلى أنه تم التنسيق بين الجهاز والقائمين على القناة لمنع تصوير إحدى الحلقات التي يقدمها سعد مع الداعية «الإخواني» عمرو خالد في 9 أكتوبر 2010 في مسجد السلطان حسن في القاهرة. ونوهت المذكرة بأنه تم الاتصال بسعد والتنبيه عليه بعدم تصوير الحلقة المشار إليها، حيث أبدى سعد امتثاله للتعليمات، وأفاد بأنه غير معلوم لديه بمراجعة الإدارة في حال دعوة خالد، لظهوره (خالد) في العديد من القنوات الفضائية المصرية الأمر الذي هيأ له بأنه مباح وليس عليه أي محاذير ما جعله لا يخطر أصحاب القناة بهذه الحلقة. وتحت عنوان «سري للغاية»، تحدثت وثيقة عن الإعلامية منى الشاذلي مقدمة برنامج «العاشرة مساء» على فضائية «دريم» حيث تناولت الشاذلي في إحدى الحلقات بعض الوقائع عن الاشتباكات التي وقعت بين قريتي عزبة البرج والشيخ ضرغام في دمياط شمال دلتا مصر، والادعاء بوجود تقصير أمني في التعامل مع الحدث، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع وإذاعة البرنامج لوقائع إخلاء أهالي منطقة قلعة الكبش في القاهرة ومدى إحكام رجال الأمن السيطرة على مداخل ومخارج المنطقة حال إخلائها ومنع طاقم البرنامج من الدخول للمنطقة وتصوير ردود الفعل. وأضافت المذكرة بأنه تم إخطار رئيس القناة الدكتور أحمد بهجت باقتراب منى الشاذلي لتجاوز الحدود.. وتم التنبيه عليها من قبل إدارة القناة بعدم الزج بأجهزة الأمن في تلك الموضوعات وأبدت استجابتها.