"عالجنة رايحين شهداء بالملايين"..."بالروح بالدم نفديك يا شهيد"... "بالروح بالدم نفدي المشايخ"... هتافات خرجت من قلوب الألوف المحتشدة في أروقة المسجد النوري الكبير في مدينة سيف الله المسلول الصحابي الجليل سيدي خالد بن الوليد في حمص الحبيبة الغالية العزيزة وهي تشيع ثلة من شهدائها الأبرار الذين ارتقوا على أيدي أجهزة النظام السوري بسبب مطالبتهم بالحرية مع انطلاق الشهر الثاني لثورة الشعب السوري في أجمل عرس من أعراس الشهادة شهدته سوريا يشكون إلى ربهم ظلم الظالمين وبغي الحاقدين وقمع المتجبرين. هب أهل حمص من جميع أحيائها وقراها المجاورة من باب السباع وباب الدريب والبياضة وبابا عمرو وجورة الشياح وبستان الديوان ودير بعلبة وتلبيسة وتير معلة والرستن وغيرها من الأحياء والقرى المجاورة ليلتحموا مع علماء حمص الأجلاء في عرس الشهادة الكبير في المسجد النوري الكبير. وقد أشاد المتحدثون من السادة العلماء الأجلاء بهذه التضحيات الجسام وهذه الأرواح البريئة وهذه الدماء الزكية التي تزهق على مذبح الحرية في سورية الجريحة ونددوا وسط هتافات الجموع الغاضبة بادعاءات الإعلام السوري المضللة عن وجود عصابات مسلحة ومؤامرات خارجية مؤكدين أن لا عصابات إلا "الشبيحة" وهي النسخة السورية للبلطجية ولا مؤامرات خارجية، وأنّ هبة الشعب السوري هي ثورة سلمية وطنية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى من أجل المطالبة بالحرية والعدالة والعزة والكرامة. وسبق لعلماء محافظة حمص ومع دخول الاحتجاجات أسبوعها الثالث وفي خطوة جريئة أن أصدروا بيانا موجها إلى القيادة السياسية وشمل ستة عشر مطلبا من أكثر المطالب إلحاحا في المرحلة الراهنة من تاريخ سورية العصيب وتضمن هذا البيان: 1. اعتبار المواطنة أساس الحقوق والواجبات وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص. 2. نبذ العنف والطائفية والتمسك بوحدة الأمة. 3. رفع حالة الطوارئ. 4. كف يد الأجهزة الأمنية عن الاحتكاك بالناس وإهانتهم واستفزازهم. 5. تفعيل الحوار المتكافئ مدخلا وحيدا لاحتواء المشكلات. 6. توسيع سقف حريات المواطنين بما يضمن لهم ممارسة الشعائر الدينية والعقائد في كل مكان "خصوصا الجيش والجامعات" 7. فتح الآفاق أمام الإعلام الحر والشفاف والمنضبط بإطار القيم. 8. الإفراج عن جميع المعتقلين. 9. السماح للمبعدين بالعودة للوطن دون الرجوع للجهات الأمنية. 10. اعتبار التظاهر السلمي حقا مشروعا للمواطنين للتعبير عن آرائهم ومطالبهم. 11. تجنب إطلاق المصطلحات العشوائية واستخدامها مبررا أمنيا للاتهام والاعتقال. 12. محاسبة المتسببين الذين ساهموا في إراقة دماء الناس. 13. العمل على ما من شأنه الحفاظ على قيم المجتمع الأخلاقية وترسيخ القيم والأنظمة التي تحافظ على القيم. 14. محاربة الفساد والتسيّب وإعادة دراسة القوانين الرادعة للمفسدين. 15. أن تكون جميع الانتخابات لجميع المجالس للشعب حرة ونزيهة. 16. تعديل المادة الثامنة من الدستور. ولكن ومع مرور أكثر من أسبوعين على هذا البيان لم يتحقق بعد أي هذه المطالب، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم الأوضاع، وارتفاع حدة وتيرتها لتصل إلى عدد كبير من الشهداء والجرحى اليوم في المحافظة. إنها هبة التحام الجماهير بعلمائها لكي تسير على هدى وبصيرة فعلماء حمص الأفذاذ كانوا على الدوام قادة المسيرة ورواد النهضة وحراس الأخلاق والقيم في هذه المدينة العتيدة الشامخة بأهلها تحية لكم يا أبناء بلدي الأحبة في قرى وأحياء ومناطق حمص الحبيبة كلها. رحم الله شهداءكم وخفف الآلام عن جرحاكم، وفك معتقليكم وأسراكم، ووفق وأيد وسدد على طريق الخير خطى علمائكم. لكم ولكل الأحبة في سوريا الحبيبة أنشد دائما:
سيروا إلى المجد عين الله تحرسكم آن الأوان وطاب السعي والعمل