قالوا: شاعر يحترف سبّ حركة النهضة ويعتبرها رأس الشيطان. قلنا: ادّعى في خضمّ حملة القمع التي شنّها بن علي على النهضة في التسعينيات أنّ النهضاويين عازمون على قتله، وأكمل ديكور "الحرب على الإرهابيين" فقبله الدكتاتور في "المعارضة المشروعة" وولاّه على مملكة الشّعر، وأصبح ديوان شعره في مكتبات شُعَب التجمّع. وادّعى أنّه نصيرٌ للقضية الفلسطينية، فاستدعاه حزب لأمسية مساندة لإيقاف القصف بقنابل الفسفور على أطفال غزّة في أوج حرب 2009 فقبل مشكورا مقابل كاشي مائة وخمسين دينارا. ولم ينس يومها، وحتى من ذلك المنبر، أن يبدأ يسبّ "الظلامية" معرّضا بحركة حماس . وادّعى الخبرة بالشعر، وعادى حركة النهضة خوفا على قارورة الجعة، ونسي أنّ تاريخ الحضارة الإسلامية هو تاريخ أبي نواس، وبشّار، وعمّار ذي كناز وديك الجنّ وخمريّات الأندلس وموسيقى الأمويين والعباسيين وغرناطة. وادّعى بدون أن ينتخبه أحد أنه من فرسان الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس وبقي بوقا للإقصاء بالشتائم وليس بالحجة والإقناع. وقلنا: اشرب ودعْ عنك الباطل.
قالوا: حزبٌ وحركةٌ نسائيةٌ من اليسار يقدّمان أموالا للشباب للتخريب خلال المسيرات. قلنا: ما نحسبها إلاّ معزوفة التشويه التي طالما استهدفتنا، "وما يحسّ الجمرة كان اللي يعفس عليها."
قالوا: هناك من يخشى ضيق الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات. قلنا: لن تُفرز الانتخابات تحت الضغط الزمني هياكل دستورية أو سياسية أقلّ استقرارا أو كفاءة من حكومة الدكتاتورية، ولا أقلّ شرعية من حكومة مؤقّتة، فقط لا تزيّفوها.. وستصبح تونس محكومة من كلّ شعبها، بلا عقلية الحزب الواحد، ولا الزعيم الأوحد المقدّس. كما لن تكون مقدّراتها بعد الثورة نهبا لأيّ كان.
قالوا: جدل بين قطاعات المحامين والقضاة وعدول الإشهاد وخبراء المحاسبين حول مشروع القانون الأساسي لمهنة المحاماة. قلنا: لا خوف من الجدل والاختلاف، وبهما لا تُجمع الأمّة على ضلالة.
قالوا: شركة أورانج تشتري شركة بلانات تونس لخدمات الانترنت. قلنا: نريد المعلومة الشفّافة ودقّة التفاصيل، فمملكة خدمات النت كانت مسروقة من الشعب، ولا نأمن عمليات تبييض الأموال المنهوبة. خصوصا وأن المحاسبة تسير بسرعة حلزونية لا تتمنّى مؤسسات التبييض أبطأ منها.
قالوا: عن تصريحات السيد الراجحي أنّها بطولة وجرأة، وأنّها هلوسة، وأنّها تخمينات، وأنّها تستدعي الاعتذار، وأنها...وأنّها.. قلنا: لماذا ننسى قبل كلّ شيء أنّ الرجل قاض أمضى حياته في التحقيق، وأنّ كلامه إن لم يصدق كلّه لا يُرمى بعضه، وأن على التونسيين جميعا اليقظة والحذر، فكل واحد منا يمكن أن يكون متهما، وكل تونسي يحقّ له الأمل في المستقبل والخوف على الثورة.
قالوا: لا بدّ من محاسبة القنّاصة والجلاّدين. قلنا: على الطيف السياسي التونسي فتح صدره بحجم الثورة لاحتضان من تصدق نيّته منهم، وليس عربدة الطفل الغاضب ليزيد من يأسهم واصطفافهم ضدّ شعبهم، فنعبّأ صفوف الرّدّة ونعين على الثورة. رسولنا عليه السلام قال لمن عذّبوه وعذّبوا أصحابَه.. لمن قتلوا أمّ عمّار تحت التعذيب من أجل الرأي.. لمن أكلوا من كبد أخيه ورفيق دربه حمزة كراهية وانتقاما .. قال لهم جميعا: “اذهبوا فأنتم الطلقاء". فاستردّهم من الظلمات إلى النور، وبنى بهم أعظم حضارة في التاريخ. ولن يعجز الوطن عن دفع ديّة قتلاه وإرضاء ذويهم، وحسبهم أنّهم أصبحوا منارات الطريق. وقلنا: لا يعْمُرُ بيتٌ أهلُه على قطيعة. وقلنا: فكّرْ جيّدا قبل أن تغضبْ، فهذا استقراء للتاريخ الأهلي، وليس لا سمح الله خلطا للسياسة بالدّين. . صاحب الكلام
المصدر جريدة الفجر العدد 7 الجمعة 20 ماي 2011 قريبا جريدة الفجر على الأنترنت !!!