يجوبون العالم كله باحثين عن آلام وأوجاع الآخرين لتضميدها، لا يكلون ولا يملون في العمل من أجل رسم الابتسامة على وجه مريض، تجدهم وقت الحرب ووقت السلم، عدوهم الأول هو المرض والفقر واليأس والجوع. إنهم مجموعة من الأطباء حملوا على عاتقهم مسؤولية مساعدة الفقراء ومحاربة المرض في كافة أنحاء العالم وبالأخص الدول الفقيرة التي تعاني من نقص في الرعاية الطبية وسوء في الأحوال الصحية نتيجة لما يواجهونه من كوارث طبيعية أو حروب أنهكت قواهم وشتت شملهم.
DWW في جميع أنحاء العالم..!
بدأت الفكرة عندما قام مجموعة من الأطباء الأتراك في إبريل عام 2000 بتأسيس جمعية أطلقوا عليها اسم أطباء حول العالم ((Doctors worldwide واختصارها (DWW) لتقديم المساعدات الطبية لأولئك الذين في حاجة للرعاية الصحية ويعانون من إهمال طبي وصحي في بلدانهم، حيث أنهم كرسوا مجهوداتهم لتوفير الإغاثة التطوعية الطبية للفقراء والمرضى وضحايا الكوارث الطبيعية والحروب.
DWW هي جمعية غير هادفة للربح تتلقى التبرعات وتعمل بالتعاون مع جميعات أهلية ومؤسسات غير هادفة للربح لتسهيل عملهم بأقل التكلفة وأعلى جودة، حيث يتركز هدفهم في توفير الرعاية الصحية والطبية وغيرها من المساعدات لكل من هم بحاجة إليها دون النظر إلى الدين أو العرق أو اللغة أو اللون أو الجنسية أو أي اختلافات أخرى، فالهدف الأول لديهم هو مساعدة المحتاجين وحسب.
رغم تاريخهم القصير فإنهم تمكنوا من توفير الرعاية الطبية لعشرات الآلاف من المرضى في 27 بلدا مثل أفغانستان وأذربيجان وبنغلاديش والكونغو، وجورجيا، وميانمار والسودان وسريلانكا، وباكستان والهند وفلسطين وغيرها في أربع قارات.
كما قاموا في محاولة لنشر وتوسيع نطاق خدماتهم عبر العالم بتأسيس فروع لهم في العديد من بلدان العالم وفي عام 2004م قاموا بتأسيس مقرهم الرئيسي في إسطنبول بتركيا. حيث يقومون بالتعاون مع منظمات وجمعيات دولية وذلك لرفع مستوى الخدمات التي يقدمونها ولتقليل التكلفة، حيث تعاونوا مع وكالة التنمية والتعاون الدولي التركية (تيكا).
ركائز العمل التطوعي
يعمل أطباؤهم في جميع أنحاء العالم على ثلاث ركائز أساسية هي:
أولا: الإغاثة في حالات الطوارئ: حيث يقوم فريق DWW بالاستجابة الفورية لحالات الطوارئ حيث يوفر الإغاثة العاجلة والسريعة على المدى القصير في حالات الكوارث المفاجئة سواء كانت من صنع الإنسان أو الطبيعة.
ثانيا: مدد الإغاثة الطبية: يركز أيضا فريق DWW على دراسة الأمراض والأوبئة والعمل على الحد منها والقضاء عليها، كما يعملوا على الوقاية من الأوبئة وتفشي العدوى بسبب سوء النظافة العامة والظروف المعيشية المتدنية التي تؤدي إلى انتشار التلوث وسط بيئة مشجعة على تنامي الفيروسات والعدوى.
ثالثا: إعادة التأهيل والتعمير والتعليم: ويتضمن هذا البرنامج تقديم الإغاثة الطبية على المدى الطويل بالتعاون مع الأطباء المحليين في المناطق المستهدف العمل بها، بمعنى العمل على إعادة تأهيل المجتمعات التي تم تدميرها إثر حالات الحرب أو التي تعرضت لكوارث طبيعية وما يتبعها من تدمير المنازل والمنشآت وانتشار الأمراض وحدوث المجاعات.
فإضافة لالتزام فريق DWW بتوفير الرعاية الطبية اللازمة فإنه يقوم أيضا بإعطاء الأطباء المحليين في هذه المناطق التعليم الطبي والتدريب اللازمين للعاملين في مجال الرعاية الصحية المحلية للارتقاء بالتعليم الطبي في هذه المناطق وليقوموا بدور موازي لهم في تقديم الرعاية الصحية والطبية لأهاليهم.
كما يقوم فريق DWW بمساعدة ضحايا الكوارث والحروب الذين دمرت منازلهم وكافة المؤسسات بالعمل على إعادة بناء هذه المجتمعات وتوفير ما يلزم لهم لبناء منازلهم ومساعدتهم على حياة أفضل وتوفير فرص العمل لهم وتدريبهم على حرف يعملون بها للقضاء على البطالة والفقر، كما يقومون بتوفير الغذاء اللازم لأصحاب المجاعات والنكبات والفقراء.
DWW عبر العالم
سبق الإشارة إلى أن فريق الأطباء قاموا بالعديد من المشاريع والاغاثات الطبية التطوعية عبر العالم، حيث أنهم قاموا بالعديد من الانجازات في بلدان عدة أصابها الدمار والخراب وأصيب أهلها بالعديد من الأمراض.
فبعد زلزال قوي ضرب كشمير ومناطق أخرى في باكستان في عام 2005، كان فريق الإغاثة الطبية التطوعية DWW في غضون 48 ساعة فقط قد أرسل إلى المنطقة فريقا طبيا قام بإنشاء العيادات في مظفر آباد - وهي منطقة معروفة بأنها كانت مركزا للزلازل في ذلك الوقت -، حيث كان جل اهتمامه وهدفه الرئيسي هو إسعاف ضحايا الزلزال وإنقاذهم. كما أسس الفريق أول مركز صحي دائم في قرية كوميلكوت في باكستان، وإضافة إلى ذلك قام ببناء مستشفى جديد للأطفال في بالاكوت.
وفي قطاع غزة قدم فريق DWW الكثير، حيث خدم الأطباء في قطاع غزة عندما كان محاصرا في عام 2006م وفتحوا مركزا طبيا هناك للصدمات النفسية والعلاج والإسعافات، وقدموا تدريبات للأطباء المحليين هناك، وفي حصار غزة الثاني 2008 كانوا معسكرين عند معبر رفح بكافة المساعدات الطبية وسيارات الإسعاف،. كما قام فريق DWW أيضا بإنجاز مشروع الأطفال يبتسمون في فلسطين عام 2007 لعلاج الأطفال الذين يعانون من عيب خلقي؛ حيث قاموا بإجراء ما يقرب من 320 عملية حتى الآن.
كما كان لفريق DWW وجودا نشطا في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عام 2003، من خلال تقديم الإغاثة الطبية لضحايا الحرب الأهلية، وتوفير اللوازم الطبية والوقاية الضرورية ضد تهديدات الكوليرا، كما قدموا للشباب في الكونغو حلقات دراسية للتوعية ضد فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، فضلا عن القيام بعمليات الختان للذكور للوقاية ضد بعض الأمراض؛ وكان ذلك بالتعاون مع منظمة محلية تدعى "راديم".
كما قاموا أيضا بتنفيذ مشاريع أخرى في الكونغو مثل إقامة عيادات النساء والتوليد في مدينتي غامبيلا وكامينا في يونيو 2006، كما فتحوا مستشفى هيوا بورا في منطقة سكنية فقيرة جدا.
أما في النيجر فقاموا بإجراء عمليات لعلاج النواسير الولادية لما يقرب من 20 ألف امرأة خلال فترة الحمل، كما فتحوا بالتعاون مع وزارة الصحة في النيجر مستشفى لمعالجة مرضى الناسور.
وفي باكستان كان لهم دورا بارزا إثر تعرضها لفيضان مدمر في 2011 ففضلا عن الإغاثات الطبية التي قدموها لضحايا الفيضان قاموا أيضا بمساعدتهم في بناء منازلهم المدمرة وعمل برنامج غذائي لتوفير الغذاء اللازم لهم، كما قاموا بتدريب العديد من السيدات على حرفة الخياطة وتوفير الماكينات اللازمة لهم لمزاولة عملهن، كما ساعدوا الأطفال في الذهاب إلى مدارسهم وذلك بتوفير الزي المدرسي والكتب والحقائب المدرسية اللازمة لهم .
DWW في المستقبل
يخطط فريق DWW لتوسيع نطاق عملهم في العديد من البلدان العربية وفي أفريقيا وسوريا وغيرها من البلدان التي يوجد بها حالات حرب أو يعاني أهلها من كوارث سواء في الحرب أو السلم.
وبفضل مجهودات وزارة الخارجية التركية سوف يساهم فريق DWW في عدة مشروعات تنموية في البلدان الأقل نموا في العالم؛ تم التخطيط لها بالتنسيق مع منتدى المجتمع المدني في تركيا في إطار مؤتمر الأممالمتحدة الرابع المعني بأقل البلدان نموا والذي أقيم في التاسع من مايو من هذا العام (2011) بمدينة إسطنبول بتركيا وامتد حتى يوم 13 من نفس الشهر.
حيث يصل عدد البلدان الأقل نموا في العالم حاليا كما أحصاها المؤتمر إلى 48 بلد منهم 33 في أفريقيا، و14 في آسيا، وبلد في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث يصل مجموع سكان تلك البلدان إلى 855 مليون نسمة ويتوقع أن يتضاعف هذا العدد قبل عام 2050. كان هذا بعض ما قدمه هؤلاء الأطباء وما يأملون أن يقدموه في المستقبل؛ ولا يزال أمامهم الكثير ليقدموه في محاولتهم لتضميد جراح المنكوبين والمظلومين عبر العالم أجمع .