المشهد الأول السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول المؤقت في قصر المؤتمرات بالعاصمة يوم الإربعاء الثامن من شهر جوان 2011 أثناء القائه خطابه الأخير أين غصّت القاعة بمئات المدعوين من "أعيان" البلاد. و قد شطح و ردح السيد السّبسي كعادته و تحدّث في كلّ شئ دون مصارحة الحاضرين و المشاهدين بأيّ شئ و لم يفته كذلك التذكير قولا و فعلا بهيبة الدولة و ما انفجاره غاضبا في وجه أحد الحضور الذي طلب منه التعريج على أحداث المتلوي إلا دليلا قدّمه على المباشر لكل من تخوّل له نفسه المسّ بهيبة السّبسي القسورية (و حسب رأيي فإن ذلك مردّه و بالأساس إلى تأثير الشيخوخة على الإنسان حين يبلغ من الكبر عتيّا فيغلب عليه الإنفعال و قلة ضبط النفس و كأنه أراد أن يبقى وفيا لأستاذه بورقيبة في كل شئ بما في ذلك فترة حكمه الأخيرة عندما أصابه "الخرف" قبل و بعد أن خلعه المخلوع, فاللهم احشر عبادك الذين اتخذوا شعار "الصدق في القول و الإخلاص في العمل" منهاجا في حكمهم الرشيد مع من يحبون يوم القيامة إنّك قريب مجيب! هذا طبعا مع احترامي العميق لكلّ آبائي المسنّين فكلُّنا سنشيخُ يوما إن قُدِّر لنا أن نعيش ما عاشه سي الباجي). و بين كل "تفريكة و تفريكة من تفريكات سي الباجي" تنهال موجات التصفيق و كأن ثورة لم تحدث و كأنه مكتوب على بلادنا التصفيق للأصنام صغيرها و كبيرها, جاهلها و متعلمها, من جثم منهم عشرات السنين و من هو مؤقت. لا صوت يعلو فوق صوت التصفيق: طقطقطقطقطقطقطقطقطقطق...طق طق طق...ط ق ط ق و حتى لا نتجنّى على المصفّقين فإليكم هذا الرابط الذي يظهر جانبا من الندوة التصفيقية للسيد الباجي القائد السبسي و نحن نعتذر لكلّ من لم نستطع أن نورد تصفيقه الحي في هذا السرد السريع http://www.facebook.com/video/video.php?v=1847335420591 المشهد الثاني عصر يوم التاسع و العشرين من شهر جوان سنة 2010 كنت في زيارة عمل داخلية إلى مدينة هيوستن بولاية التكساس الأمريكية. كان الوقت عصرا حين حطّت الطّائرة في مطار هيوستن و كنت مسرعا بعدها للخروج من المطار و الذهاب إلى الفندق لأرتاح قليلا بعد عناء السفر حيث ينتظرني يوم عمل طويل من الغد في الصباح الباكر. و لما هممت بالخروج من المطار استرعت اهتمامي صورة الرئيس الأمريكي (أوباما) عل هيئة "هتلر" و بجانبها معلقة كبيرة في مكتب وسط المطار و المعلقة تدعو إلى محاكمة "أوباما" و تصفه بالكذاب و المخادع. و المشرفون على ذلك المكتب هم من أنصار السياسي "لندون لاروش" الذي حاول الترشح لانتخابات الكنغرس الأمريكي باسم الحزب الديمقراطي مرات عديدة و لم ينجح و ترشح لانتخابات الرئاسة الامريكية و لم يتحصل سوى على نسبة ضئيلة جدا من الاصوات و هو موصوم من قبل الدوائر الصهيونية بأنه من المعادين للسامية و قد أتهمت جماعتُه اسرائيل بأنّها وراء المخدرات في العالم (و قد حوكم بخمسة عشر سجنا في أواخر الثمانينات في قضية تهرّب من الضرائب الكثيرون يعتقدون أنها عقابا له على مواقفه المناهضة لإسرائيل و هو يعترف أنه مناهض للصهونية و ليس لليهود. و له عدة مواقف خارجة عن المألوف كموقفه من أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي يقول أنها مدبرة داخليا و ليست من تدبير القاعدة و اععتقاده أن العالم يدار من قبل جماعة صغيرة من الأشخاص تعمل في الخفاء). المهم أن هذا الشخص و تحت شعار "حرية التعبير" استطاع أن ينظم تلك الحملة التي تصف الرئيس القائم للبلاد بأبشع النعوت و تدعو إل محاكمته. و قد استفزني هذا المشهد الحر فاقتربت من مكتب السيد لاروش و سألت أنصاره كيف لهم أن يشبهوا رئيس بلادهم بهتلر (و يعتبر ذلك اهانة كبرى هنا) فأجابوا بأنها بلاد حرة و أن من حقهم أن يعبروا عن آرائهم كلما يشتهون و في أي مكان...و كل هذا جرى في إحدى المطارات الدولية للبلاد الأمريكية. نعم المشهد صحيح و ليس من نسج الخيال و اليكم الرابط http://www.youtube.com/watch?v=lgf9Kr6VxKc المشهد الثالث يتقدم الرجل بيدين مرتعشتين و بين يديه "كانون من الجمر" و حيوان "أم البوية" (الحرباء) الصغير. كان المشهد يشبه إلى حد كبير إحدى مشاهد حكايات المرحوم عبد العزيز العروي غير أنّه واقع معاش بكل التفاصيل. كانت مهمة الرجل أن يذبح حيوان "أم البوية" و عند الإشارة يرسم دائرة حمراء بدم ذلك الحيوان المذبوح حول ساقِ سيّده الجالس على كرسيّه أمام الجميع. كانت المرأة التي تدير المشهد هي زوجة السيد الجالس و قد أتت بعجوز متخصّصة في "السحر و التعزيم" لترعى عملية السحر هذه. و كم كانت دهشة الخادم كبيرة عندما وجد سيده سهلا متجاوبا مع العملية حيث كانت للزوجة المشعوذة ما أرادت. غير أنه هناك خلل منهجي في المشهد. فالسيد الجالس على الكرسي الفاخر لم يكن سوي رئيس الجمهورية (الذي يترأس كل المجامع العلمية و الحقوقية و الدينية بالبلاد...الخ) و لم تكن "العزامة الأولى" سوى حرم رئيس الجمهورية المصون أما الخادم المسكين فهو لطفي بن شرودة الخادم الشخصي للرئيس المخلوع. و لتطمئن قلوبكم أني لم أفتعل المشهد فإليكم الرابط و يمكن المشاهدة ابتداء من الدقيقة الرابعة http://www.facebook.com/video/video.php?v=174618709266085 يبدو أن حصان الديمقراطية في تونس الجافل من التصفيق و المذعور من دم "أم البوية" لا يزال المشوار أمامه طويلا... سترك يا رب د. مختار صادق جوان 2011