عقدت حركة الشعب التونسية أول ندواتها الصحفية منذ تأسيسها في الخامس من آذار/ مارس أمس الاول في أحد أكبر فنادق العاصمة تونس. وأكدت حركة الشعب على إن عروبة تونس ليست اختيارا بل هي من الثوابت والمنطلقات بحيث لا تقبل التهاون ولا التنازل ولا التفاوض. وقالت "ان ديننا الإسلامي الحنيف كآخر رسالة سماوية في تاريخ البشرية هو مكون من مكونات وجودنا القومي وداعم أساسي لهويتنا فالعروبة والإسلام متصلان غير منفصلين". وأكدت انها ستتصدى لكل أشكال التلاعب بالإرث الحضاري والديني لتونس، "وما المساجلة المفتعلة بين العلمانية ودعاة الدولة الدينية إلا انتهاك صارخ لهذا النسيج التاريخي". ويرى المتابعون ان لا مبرر لتغيب الحركة عن وسائل الاعلام، خصوصا ان هذا الحزب كانت قياداته فاعلة سياسيا وعلى تماس مع الإعلام حتى في زمن نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي باعتبارهم كانوا يمثلون طوال سنوات التيار القومي التقدمي في تونس. ويمتد التيار القومي في أغلب المدن التونسية لتجذره التاريخي في الحركة النضالية الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي ما قبل الاستقلال وبما مثلته رموزه وشخصياته العروبية مثل "الثعالبي" وصالح بن يوسف -اغتاله نظام بورقيبة- مرورا بعدة تجارب اخرى في الجامعة التونسية وخارجها ذكر منها محمد براهمي "المنسق العام لحركة الشعب" في تقديم تاريخ التيار القومي التقدمي في هذه الندوة المقترحة، حادثة قفصة الشهيرة والتي قام بها مجموعة من العسكريين ضد نظام بورقيبة واعتبرهم المنسق يحسبون على التيار القومي العروبي. وكانت تعبيرة "الوحدوين الناصريين/ تونس" تعبيرة التيار الناصري بداية العشرية الاخيرة، حيث استمر هذا الإمضاء مذيلا لمجمل بيانات التيار القومي الناصري ما قبل الثورة باعتبار ان هؤلاء المناضلون قد حرموا من حقهم الدستوري في ممارسة النشاط السياسي العلني. وأجابت الندوة الصحفية التي عقدتها الحركة، على عدة أسئلة كانت تستهدف الحركة وغيابها عن المشهد السياسي في البلد. واكد عمر الشاهد الناطق الرسمي للحركة انه كان من بين الخيارات التي حسمت فيها الحركة منذ البداية التفرغ الى العمل الميداني والامتداد الجماهيري والجغرافي من خلال التركيز على فتح عدد كبير من فروع الحركة بداخل مناطق الجمهورية التونسية والانكباب على تجهيز المشروع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للحركة وهي مسائل تتطلب نوعا من العمل الهادئ. وقال ان هذا الوقت ارتأته الحركة مناسبا للتواصل مع الإعلاميين وتبليغ برامجها المعتمدة وإبلاغ الرأي العام بمقدرة أبنائها على تبني مطالب الثورة والدفاع عنها ضد كل قوى الثورة المضادة ومشاريع الالتفاف على مطالبها الشرعية في الحريات العامة ومجتمع ديمقراطي مبني على شعار رفعته الحركة في حملتها الدعائية "اشتراكية السياسة وديمقراطية الاقتصاد" وهو شعار يتضمن فهم الحركة لممارسة الحرية وتطبيق العدالة الاجتماعية. وتنحاز حركة الشعب الى الفقراء والمهمشين والقوى العاملة من العمال والفلاحين والحرفيين والمعطلين عن العمل من خرجين وغيرهم والراسماليين الوطنيين حسب ما جاء في تقديم عمر الشاهد. وتؤكد حركة الشعب على إن عروبة تونس ليست اختيارا بل هي من الثوابت والمنطلقات بحيث لا تقبل التهاون ولا التنازل ولا التفاوض كما ان ديننا الإسلامي الحنيف كآخر رسالة سماوية في تاريخ البشرية هو مكون من مكونات وجودنا القومي وداعم أساسي لهويتنا فالعروبة والإسلام متصلان غير منفصلين. وعليه تتصدى الحركة لكل أشكال التلاعب بالإرث الحضاري والديني لتونس، وما المساجلة المفتعلة بين العلمانية ودعاة الدولة الدينية إلا انتهاك صارخ لهذا النسيج التاريخي. فالعلمانية التي تفصل الدين عن الدولة خارجة عن سياقنا الحضاري وبالمقابل فالدولة الدينية انتهاك للشريعة وجهل بالتاريخ، فالعلمانية فكرة وتاريخا جزء لا يتجزأ من السياق الغربي حيث تجاورت هناك سلطتان إحداهما دينية والأخرى زمنية سيطرت الكنيسة فكانت الدولة الدينية في العصور الوسطى. وتسلم حركة الشعب بالعلاقة الإستراتيجية بين أمن تونس والأمن القومي العربي، وبأن أمن تونس يمتد خارج حدودها ليصل إلى المحيط الأطلسي غربا وأقصى الوطن العربي شرقا، وهي من حقائق الجغرافيا والتاريخ، وهو ما يستوجب على تونس التخلّص من التبعية، وبناء التنمية في إطار مشروع الوحدة العربية وهي على رأس أولويات الحركة وهو ما عززته الثورة العربية في ساحاتها المختلفة. وان بناء الوحدة العربية مشروع يبدأ من القاعدة عبر الجهود الشعبية، ووعي الجماهير نفسها، صاحبة المصلحة الأساسية في ذلك، ويتوج بالقرار السياسي، وهو ما يحتم علينا النضال من اجل حريّة تنقل الأشخاص والإقامة والعمل والتملك والتبادل التجاري بين الأقطار العربية بدون حواجز او تأشيرة وإسقاط المنع القانوني على إنشاء أحزاب وجمعيات ونقابات قومية مع ضرورة الدفع الشعبي العربي لمشاريع التكامل الاقتصادي وتأسيس شركات عربية تعمل على تحقيق ذلك. وتعمل حركة الشعب على التحرر اقتصاديا وثقافيا وحضاريا من كل مظاهر الذوبان والتغريب والانغلاق وتعتبر أن الحركة الصهيونية وأداتها الكيان الصهيوني خطرا يهدّد أمننا القومي و السلم العالمي وأن الصراع العربي الصهيوني هو صراع وجود لا حدود وهو ليس رهينا بجيل بعينه لذلك لا حق لأي جيل أن يتنازل عن حقوقنا التاريخية الثابتة لمختلف الأجيال. وتتبنى حركة الشعب خيار المقاومة وترفض كل اشكال التطبيع مع العدو. وتعمل حركة الشعب من أجل إرساء علاقات دولية جديدة مبنية على احترام الوجود الخاص للأمم والشعوب وحقها في تقرير مصيرها وإرساء السلم العالمي، وتناضل مع أحرار العالم ضد العولمة المتوحشة والاستعمار بكل أشكاله. وأجاب كل من الناطق الرسمي للحركة ومنسقها العام على تنويعات أسئلة الإعلاميين محملا مثلا انقسام القوميين في تونس الى الأنظمة الديكتاتورية المتتالية والتي كان هدفها الأساسي اختراق مناضلي التيار وتشتيته وهو حال اغلب التيارات السياسية المناضلة حتى انه شدد على استغرابه لخص التيار القومي بالذات هكذا أسئلة مشيرا إلى أن اليسار مثلا يتشظى الى أكثر من 10 تنويعات سياسية وكذلك الإسلاميين والليبراليين. والجديد في هذه الندوة الصحفية إننا أمام أول مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي لحزب سياسي في تونس ما بعد الثورة يقدم فعليا الى الإعلام والمواطن التونسي وهو مطلب ملح يتداوله المواطنون قبل الانتخابات المرتقبة في شهر تشرين الاول/ أكتوبر المقبل. كذلك قدمت حركة الشعب تميزا في مشروعها الثقافي لتونس حيث لاحظنا اشتغال كبير على حلول منطقية ومطلوبة نحو إحداث مجلس عام للثقافة تنضوي إليه مجالس قطاعية مختصة في فروع الفنون وينتخب دوريا بشكل ديمقراطي حر من الفنانين أنفسهم. وطالبت الحركة بصياغة ميثاق ثقافي وطني عام يلتقي حوله المبدعون والمثقفون ويكون الضابط الأساسي لبرامج المجلس العام للثقافة في تحديد أخلاقيات المهن الثقافية وشروط الاحتراف وضوابط الإنتاج والتوزيع والتمويل وطبيعة العلاقة بين القطاع العام والخاص. كما رفعت شعار من أجل لا مركزية الأنشطة والصناعة الثقافية وضمان حقوق الملكية الفكرية والإبداعية. وتخلل ندوة حركة الشعب حفلا فنيا غنائيا لفرقة حديثة الولادة تتبنى في مشروعها الفني الأغنية البديلة والبحث الموسيقي الجاد في المشهد الفني في تونس والوطن العربي حيث قدمت باكورة انتاجاتها الحديثة المتمثلة في 9 اغاني من تلحين الموسقي محمد بن سلامة وأدت الأغاني الشابة مادلين التي نعتقد انها ستكون حاضرة بقوة كصوت غنائي مميز بما تمتللكه من مقدرات صوتية كبيرة.