ان الديمقراطية التى قامت من اجلها الثورة ليست حكم اشخاص تتوفر فيهم صفات معينة كالنزاهة و نظافة اليد و الاستعداد للتخلى عن السلطة اذا اراد الشعب ذلك لان هؤلاء الاشخاص لا يوجدون الا فى القصص الخيالية . بل ان الديمقراطية التى نريدها هى التى تقوم على مؤسسات مستقلة عن بعضها لتراقب بعضها و تقوم على قوانين تجسم الحريات فى الواقع و لا تميز بين فرد و اخر مما يحول دون العودة الى الاستبداد او مخالفة القانون . انها دولة مؤسسات و حريات فلا حرج ان يفوز بالسلطة اى حزب او فرد مهما كان فكره و لكن الاهم من كل ذلك ان تكون مؤسسات الدولة ضامنة للحريات و الحقوق عبر دستور وضعه نواب الشعب بارادتهم الحرة و الواعية .و من اهم هذه الحقوق حق الفرد فى التعبير و حق التعددية الفكرية و الدينية فلا اكراه فى الدين .و كل هذه الحقوق و الحريات هى الحد الذى تتقيد به السلطة مهما كان الشخص التى يمارسها . ان الدولة الديمقراطية هى دولة العدالة و الحرية وهما الشرطان الازمان لتحقيق التنمية و التقدم و التوزيع العادل للثروات و بالتالى فانها ستعمل على الحد من المظالم و محاسبة المخالفين للقانون ولو كان صاحب اعلى سلطة فى البلاد . ان ارادة الشعب لا تريد حكم اشخاص بل سلطة مؤسسات و هياكل تراقب بعضها و تمنع كل من يميل الى التعسف فى استخدام السلطة من الخضوع الى ميولاته الفردية او التفكير فى خدمة مصالحه الذاتية على حساب مصالح الامة فالدولة التى يطمح اليها الشعب هى دولة تعلو كل الافراد مهما على شانهم فى المجتمع وهى تعمل على حماية مصالح الافراد دون التمييز بينهم فلا فرق بين كل المواطنين الا بالجهد و العمل و الابداع و خدمة الوطن . نور فرادى