غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي مستقبل للمرأة التونسية في مشروع النهضة؟
نشر في الحوار نت يوم 27 - 06 - 2011


كلمة حرّة
عوامل ساهمت في تزييف موقف النهضة من المرأة:
1 خطة الإستئصال الواسعة التي تعرضت لها الحركة سيما في عهد الذيل المخلوع أي على إمتداد عقدين كاملين بما يسر لنشوء جيل كامل من التونسيات اللائي فتحن أعينهن على أبواق دعاية مزورة تشوه الحركة وتنفر منها بل إنه مع هيمنة بعض فلول اليسار الإشتراكي المفلس على بعض وسائل الإعلام في عهد الذيل المخلوع فإن الإسلام ذاته تعرض لحملات تشويه واسعة.
2 تواصل هيمنة بعض تلك الفلول المفلسة من اليسار الكئيب على أكثر المنابر الفضائية التونسية ( سيما نسمة التي يسميها التونسيون : نقمة ) أي تواصل إحتماء اليسار بالدولة حتى بعد الثورة لتصفية الحساب مع خصم سياسي هزمهم في مواقع التأثير الحقيقية من مثل الجامعة التونسية والمعاهد الثانوية وكثير من منظمات المجتمع المدني فضلا عن الشارع التونسي.
3 عدم حصول تطور نوعي مقدر في حسن تحرير الموقف الإسلامي الأرشد والأدنى إلى محكمات الوحي الصحيح الثابت من قرآن وسنة فيما يتعلق بقضية المرأة لأسباب تاريخية معروفة أبرزها آثار الإنقلاب الأموي ضد إرث النبوة في قضايا الشورى والحكم والمرأة وغير ذلك بما جعل في كثير من الحالات من الآراء المرجوحة المقصورة على بيئاتها زمانا ومكانا ما يكتسح الساحة الإسلامية التقليدية مستغلة ضمور الإجتهاد والتجديد في هذا الحقل الحيوي جدا.
4 إنشغال الحركة في العقود الأخيرة المنصرمة بترتيب بيتها الداخلي حينا وظهورها السياسي حينا آخر وحينا ثالثا بإطفاء الحريق المشتعل ضدها وضد الحريات العامة والخاصة على حساب مواصلة جهدها التجديدي وكسبها التحديثي الكبير والرائد الذي بدأته في بداية الثمانينيات بما ساهم في تزييف موقفها من المرأة وقضايا أخرى من مثل الديمقراطية والحريات والعدالة وغير ذلك.
وبالنتيجة فإن موقف النهضة من قضية المرأة التونسية تعرض لمحاولات تزييف واسعة عبرت عنها بعض الأصوات النسائية التونسية في مناسبات مختلفة.
فمن قائل أن النهضة ستعمل على :
1 فرض الحجاب على المرأة بل ربما النقاب.
2 أو على فرض القرار في البيت وعلى المنع من العمل خارجه.
3 أو على فرض تعدد الزوجات أو السماح به أو التحريض عليه.
4 أو على فرض العبادة والصلاة والإلتزام بالإسلام.
5 أو على منع التدخين أو الإتجار فيه وربما غلق المقاهي والحانات.
6 أو على غلق محلات الحلاقة النسائية ومنع الإتجار في مواد الزينة.
7 أو على غلق قاعات السنما وتحريم التمثيل ومختلف الفنون.
8 أو على منع النساء من إرتياد الشواطئ وتجفيف منابع السياحة.
9 أو على فرض الخصوبة الأنثوية لتكثير النسل التونسي.
10 أو على منع المرأة من السفر خارج البلاد أو رهن ذلك بمحرم.
11 أو على منع المرأة من المسؤوليات السياسية والنقابية والحقوقية.
12 أو على إلغاء التخصصات الكونية والإجتماعية في النظام التعليمي.
13 أو على منع المرأة من تولي وظائف مثل الطب أو المحاماة أو العمل بالطائرات.
14 أو على غلق البنوك الربوية أو غلق دور الخناء.
فما هي الحقيقة؟
4 كلمات في البداية تؤطر موقف النهضة من المرأة:
1 الكلمة الأولى هي : لم يعهد في تاريخ الحركة الممتد أربعة عقود كاملة في التاريخ التونسي الحديث أن كانت لها مواقف تسيئ إلى حرية المرأة وكرامتها ومساواتها مع أخيها الرجل وكونها كائنا بشريا مستخلفا مستأمنا معلما مسؤولا لا يفضله الرجل بشيء مطلقا سوى أن بعض الإختلاف في بعض الوظائف لكل منهما يفرض على كل منهما وضعا متميزا عن الآخر دون أن يفيئ ذلك إلى أفضلية هذا عن ذاك ولا ذاك عن هذا إنما هي علاقة تفاضلية تبادلية نشدانا لميزان التكامل بينهما بما تستوي فيه الحياة على طريق مستقيم متوائم مع السنن والفطرة وحاجات الأسرة والمجتمع وعمارة الأرض بالخير والعدل والرحمة والقوة والعلم. لم يعهد ذلك لا في أدبيات الحركة ولا في مسالك أبنائها مع زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم.
2 الكلمة الثانية هي : لو درس الحركة دارس منصف قدير في محاولة لإكتناز مشروعها في كلمة واحدة من خلال إرثها المكتوب والمسموع وكسبها العملي لما خرج بغير هذه الخلاصة الجامعة : مشروع حركة النهضة هو مشروع الحريات ولا شيء غير الحريات. إذا كان ذلك كذلك فإن المرأة ستكون أكبر مستفيد من مشروع الحريات التي تحمله النهضة بسبب أن المرأة في بعض الحقبات التاريخية الإسلامية فضلا عما قبلها كانت ضحية الإستبداد الذي لم يكن دوما بإسم العالمانية أو الرأسمالية أو الإشتراكية الشيوعية بل كان في بعض الأحيان بإسم الدين والإسلام.
3 الكلمة الثالثة هي : ما أثر عن الحركة أنها حركة تجديدية تحديثية لا تستسلم لموروث تقليدي دون نخل وتمحيص بمثل أنها لا تستسلم لوافد غربي مستأسد ببطشه وسحره دون غربلة وتحقيق. أي أنها تبني موقفها من المرأة إنطلاقا من ثوابت الإسلام ومحكماته في القرآن والسنة من جانب ومن إنتقاء الإجتهادات التراثية الصائبة إستئناسا بها من جانب آخر ومن جانب ثالث مراعاة حاجات العصر ومتطلبات البيئة الجديدة وقد طرأت عليها ما يجعلها تتجدد تطورات كبيرة وكثيرة.
4 الكلمة الرابعة هي : موقف الحركة من المرأة ليس بالضرورة هو الموقف الإسلامي الصحيح والأدنى إلى الوحي الصحيح الثابت بل هو إجتهاد بشري لا يزعم له أصحابه العصمة بل يعرضونه للنقد سيما من أهل الذكر في مختلف الحقول المتعلقة بالمرأة. ألم تقل الحركة يوم 6 جوان 1981 في بيانها التأسيسي ( أول وثيقة دستورية عليا للحركة ) بأنها لا تنطق بإسم الإسلام ولا تطمح أن ينسب إليها ذلك اللقب يوما إنما هي إجتهاد بمثل ما يسمح لكل تونسي وتونسية أن يتعامل مع الإسلام بحرية؟ معنى ذلك هو أن الحركة ليست حركة دينية تيوقراطية تتبنى موقفا ما ثم تفرضه على الناس بإسم الدين بل تنحت مواقفها وتترك الحكم لها أو عليها من الناس دليلها في ذلك قالة قديمة للإمام مالك ( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ).
أنى لحركة قامت على محاربة القالة الفرعونية القديمة ( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) .. أنى لها أن تتلبس بالقالة ذاتها التي قامت على حربها.
وكلمة أخيرة في هذا:
هب أن الحركة نحتت مواقف رجعية من المرأة .. أليست الثورة التي أطاحت بالذيل المخلوع بن علي كفيلة بالإطاحة بها؟ أم أن الشعب الذي ثار في الوقت الذي حدده هو يعييه أن يثور مرة أخرى لتحطيم صنم آخر؟ لا. الثقة في الشعب أكبر ضمان كفيل بتصحيح كل وضع خاطئ حتى لو كان ذلك الوضع يحكم بإسم الديمقراطية أو كان منطلقا من خلفية إسلامية من مثل حركة النهضة.
الموقف من الخمار:
هو موقف مزدوج : تدعو الحركة إلى الإلتزام بالإسلام القاضي بتغطية شعر الرأس والجيب وما إلى ذلك من جهة ولكنها تحترم إرادة كل تونسية لا تلتزم بذلك تحت أي مبرر كان من جهة أخرى. تدعو الحركة إلى ذلك بكل الأساليب الممكنة والمشروعة تعليما وتربية وإعلاما وتحريضا بالمنهاج الإسلامي المعروف : الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن. ولا تميز بعد ذلك بين مختمرة وغير مختمرة تقديما لقيمة المواطنة على أساس المساواة في الحقوق والواجبات. أما النقاب فلا تدعو له الحركة بأي صورة من صور الدعوة ولكنها لا تمنع أي تونسية من إرتدائه إذا أرادت ذلك غير مكرهة من أي جهة. كلمة قصيرة في الإزدواجية التي تقصفها اليوم دبابات جهلى لم تشم أنوفهم لا رائحة اللغة العربية ولا رائحة الفقه السنني السببي في الكون والإجتماع والخلق. الموقف المزدوج من أي شيء عادة ما يكون موقفا مركبا متعدد الأبعاد يراعي التشابك الكبير الذي تعيشه علاقاتنا سيما في الوقت المعاصر. وعادة ما يكون الموقف الآخر أحادي المنزع أعور أحول أعرج لا يمكنه الصمود كثيرا أمام التحديات. إزدواجية المواقف تتصل بأعظم سنة كونية وإجتماعية وخلقية طرا مطلقا أي : سنة الزوجية.الإزدواجية لا تعني التضارب والتضاد والتقابل لا لغة ولا سنة إلا في عقول من لا عقول لهم. إنما تعني الإزدواجية التكامل بين كل زوجين في كوننا وخلقنا وإجتماعنا لا بد لهما من التكامل.
الموقف من العمل خارج البيت:
لم يثبت في الإسلام أنه يأمر المرأة بالقرار في بيتها ولو ثبت ذلك لما خرجت أم المؤمنين عائشة عليها الرضوان في معارضة سياسية ضد الإمام علي عليه الرضوان في الحادثة التي حملت إسمها أي الجمل الذي كانت تركبه ولما خرجت النساء في عهده عليه الصلاة والسلام إبتغاء العمل والكسب والجهاد وطلب العلم والصلاة وغير ذلك مما تقتضيه الحياة في كل زمان وفي كل مكان حتى خرجت النساء مهاجرات من مكة إلى المدينة سرا دون إذن من زوج ولا من قبيلة تاركة وراءها كل شيء ومعرضة نفسها لمفاور موحشة مقفرة طولها خمسمائة ميل لا يأمن فيها على نفسه الفارس المغوار فما بالك بإمرأة لا تتأبط غير سلاح الإيمان. إنما ثبت أن الإسلام منع من التبرج المتبذل الذي يحول المرأة إلى سلعة تلتقفها العولمة المتوحشة لتجعل منها سلعة رخيصة أو طعما للزبون. لم يكن ذلك منه إلا صونا لحرية المرأة وكرامتها ولم يكن ذلك منه حبسا لها أو إضطهادا. لذلك فإن العمل خارج البيت بالنسبة للمرأة أمر مباح تقدره المرأة التونسية ذاتها بالتشاور مع زوجها أو أبيها أو بيتها وأسرتها التي تحتضنها دون أن يتدخل في تلك الحالة الشخصية متدخل. هو أمر لا تدعو الحركة إليه ولا تنهى عنه أو تمنعه. أجل. تحرض الحركة على أن الأوفق بالحياة الكريمة هو إنشاء التوازن المطلوب في حياة المرأة بين مطالب الأسرة من جهة وبين مطالب المجتمع من جهة أخرى ولكن القرار يرجع إليها هي تكافلا مع أسرتها ومع المجتمع ذاته في نهاية المطاف.
أما المرأة التي تعمل خارج بيتها لعول نفسها وأسرتها وتأمين حاضرها والتخطيط لمستقبلها فإن الحركة تيسر لها أيسر السبل لنيل مقصدها النبيل كلما كان العمل عبادة يؤجر عليها العامل بمثل أجره على صلاته. تعمل الحركة على تأمين ذلك وتيسيره تكريما لكل عامل وإمرأة.
تخرج المرأة من بيتها لقضاء مآرب لا حصر لها منها السياحة والتسوق وغير ذلك ولا ضير في ذلك ولا حرج ضمن التوازن الإسلامي المعروف في رعاية الواجبات والحقوق جنبا إلى جنب. لم يكن البيت في الإسلام يوما سجنا للمرأة بل هو مرفأ آمن دافئ يخلق الله منه الإنسان لتغذية بالإيمان والخلق الكريم ولغة الأم أم حنون رؤوم.
وبمثل ذلك العدل تدار مسألة التشغيل فلا تحابى في العرض إمرأة بسبب أنوثتها ولا رجل بسبب فحولته ولكن تكون الأولوية دوما لأكثرهما حاجة سيما إذا تساويا في تلبية شروط العارض من مستويات علمية وتجربة وغير ذلك ولا تفصل إمرأة ليحل محلها رجل ولكن يعدل الميزان لتكون الأولوية دوما لأكثر الطالبين حاجة.
ولا ينسحب الموقف ذاته على مسألة الخروج لطلب العلم. إذا إتصل الأمر بطلب العلم فإن الحركة تتبنى نظام التعليم الإجباري على كل تونسي وتونسية و تعمل لأن يكون ذلك بالمجان قدر الإمكان. يستوي في ذلك أن يكون العلم شرعيا أو كونيا إذ كلاهما مطلوب للحياة ولا يشفع أحدهما للآخر بل من كان بأحدهما جاهل فهو بالآخر أجهل.
لا يعيق المرأة شيء طرا مطلقا أن تترقى في مدارج العلم ومراتبه بكل تخصصاته ما إستطاعت إلى ذلك سبيلا إذ لا نهضة لأمة ولا لشعب إلا قياما على العلم والبحث والإجتهاد والتجديد وإمتلاك نواصي العرفان في الفنون كلها والمهارات والمرأة مكلفة بذلك ومسؤولة عنه لا يفضلها الرجل في ذلك حبة خردل.
الموقف من تعدد الزوجات:
الحكم الإسلامي الصحيح في تعدد الزوجات هو أنه : مباح مقيد. مباح معناه أن الإسلام لا يحرمه ولا يكرهه ولا يستحبه ولا يفرضه أو يوجبه أي أنه يترك أمره للناس يعالجونه بما تيسر لهم من حاجة أو ضرورة. أما مقيد فمعناه أن من يضطر إلى ذلك فعليه رعاية قيود مغلظة أهمها : العدل ( العدل غير المستطاع هو العدل القلبي وهو الذي لا حرج فيه وليس العدل المادي بكل أنواعه ). من يقيد ذلك المباح؟ 3 جهات تتكافل فيما بينها لتقيد ذلك المباح أن يستخدم على غير قاعدة العدل :
الجهة الأولى هي الزوجان نفسيهما ( هل يقدر الزوج مصلحة للتعدد وهل تقدر زوجه في ذلك مصلحة وهل تقدر زوجه الأخرى مصلحة في ذلك )
والجهة الثانية هي السلطة التي لها أن تسن من القوانين ما يقيد المباحات وليس هذا المباح فحسب وذلك من بعد إجراء بحوث ودراسات وإحصائيات وإستشارة أولي الإختصاص في الحقول الإجتماعية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية والنفسية وغير ذلك.
والجهة الثالثة هي المجتمع ذاته أي رقابته وتوجهه العام في هذه القضية أو في أي قضية تكون مباحا مقيدا بما يشتبك مع الأعراف والعادات والتقاليد. كلما كان العدل منداحا متمكنا من تلك الجهات الثلاث ( الأسرة والسلطة والمجتمع ) تقيد ذلك المباح بمقيداته المطلوبة أو إستخدم بما يساهم في تحقيق النهضة المطلوبة. القول الفصل في القضية : تعدد الزوجات ليس قضية دينية شرعية إسلامية فحسب. بل هي قضية إجتماعية إقتصادية سياسية ثقافية كذلك. ولا تكون معالجتها إلا ضمن ذلك الإطار الواسع. أما إحالتها إلى الدين فحسب فهو جهل أو ظلم وكلاهما طريق محفوف بالمخاطر.
تعدد الزوجات إذن ليس لأحد أن يمنعه بالكلية بمثل ما فعل بورقيبة وليس لأحد أن يأمر به أو ينهى عنه أو يحرض عليه أو يكرهه. هو أمر في أصله الأصيل : قضية شخصية ولكن للمجتمع أن يتدخل في تلك القضية الشخصية كلما كان ذلك التدخل لحماية مصلحته التي هي مقدمة على مصلحة الفرد كما هو معلوم.
تعدد الزوجات يمكن أن يكون حلا إلى جانب حلول أحرى لمشكلات تطرأ على المجتمع أو على بعض أفراد المجتمع.
تعدد الزوجات أو عدم التعدد أمر يديره المجتمع الأهلي في الأصل والعادة ولا دخل للدولة والسلطان فيه إلا تقييدا إذا أظهرت الدراسات الموثقة والبحوث الإحصائية الصحيحة في مختلف حقول المعرفة الإجتماعية أن التقييد لازم لحفظ عافية المجتمع المقدمة رعايته على رعاية الفرد إذا إصطدمتا فإذا آل الأمر إلى أولي النظر القضائي والعدلي لبحث هذه الحالة بالذات أو غيرها فله أن يستنبط الأوفق بالحالة في ضوء القاعدة الأولية الكبرى لهذه القضية أي أن التعدد : مباح مقيد لا يتساهل مع سوء إستخدامه إضرارا من جهة ولا يمنع بالكلية منعا باتا على كل أحد وفي كل ظرف من جهة أخرى.
هو كذلك موقف مزدوج لأنه متصل بجهات كثيرة منها الدين وعلم الإجتماع والسياسة والإقتصاد والوضع العمراني قوة وضعفا وغير ذلك مما هو معروف عند أولي العلم.
ملاحظة مهمة....
ذلك هو إجتهاد أسرة الحوار.نت فيما أنف ذكره من مواقف ومقاربات. إجتهاد لا يلزم حركة النهضة المسؤولة الوحيدة عن توضيح مواقفها.
ولعلنا نعود إلى توضيح بعض النقاط الأخرى الواردة أعلاه فيما يتعلق بالمرأة في (كلمات حرة) قادمة إن شاء الله تعالى.
الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.