ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركة النهضة غير قابلة للانجرار للعنف
نشر في الحوار نت يوم 25 - 01 - 2011


حاوره: نور الدين لشهب
Tuesday, January 25, 2011
كشف الهادي بريك القيادي في حركة النهضة التونسية، عن نيته في العودة إلى تونس بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وأوضح القيادي الإسلامي اللاجئ في ألمانيا منذ 16 عاما في حوار مع "هسبريس"، أنه ورغم صدور العفو التشريعي العام بتونس بعد الانتفاضة التي اعتبرها بريك راقية، إلا أن سجون البلاد ما زالت تعج بمعتقلين من بينهم أعضاء أعضاء من حركة النهضة.

وبخصوص خطة "تجفيف منابع التدين" التي مارسها الرئيسان السابقان بورقيبة وبن علي، قال الهادي بريك أن بورقيبة مارس هذه الخطة ب"العصا والثقافة" بينما واصل بن علي الخطة ذاتها ب"العصا والعصا".

وفي مقارنة بين بورقيبة وبن علي، أوضح بريك أن الأول كان مثقفا "يجلد باليمنى ويبني المدارس باليسرى"، بينما بن علي الذي يصفه بريك ب"الذيل المقطوع" فلم يكن له سوى سلاح العصا باليمين والشمال.

وعن الحكومة المؤقتة، رجح بريك أن تكون "في حكم الزائلة بسبب مبادرة سياسية من بعض رموز المعارضة التونسية بغرض انتخاب مجلس دستوري جديد أو مجلس تأسيسي جديد".


ّوفي ما يلي نص الحوار الكامل
نرحب بكم الشيخ الهادي بريك في حوار مع "هسبريس"، أولا هل فاجأكم سقوط الجنرال بنعلي بهذي السرعة؟
أهلا وسهلا بكم ومرحبا بكم وشكرا جزيلا على استضافتكم للفقير إلى ربه سبحانه بموقعكم الإلكتروني...سقوط الذيل المقطوع بن علي فاجأنا من جانب ولم يفاجئنا من جانب آخر. فاجأنا بسرعته وبالطريقة العاصفة التي أكرهته على الرحيل والفرار. ولم يفاجئنا ذلك من جانب آخر بسبب أن الوعد الرحماني لم يزل يبشر الناس في الكتاب العزيز بالمصير الأسود المحتوم للطغاة والمجرمين فضلا عن المؤشرات المادية فوق الأرض بسبب أن الانفجار الشعبي في تونس كان عاصفا بالتوازي مع نسبة الإجرام التي كان يزاولها الذيل المقطوع في حق الهوية العربية الإسلامية للبلاد من جهة وفي حق الشعب في ثروته وكرامته وعزته وحقه في مقاومة الاستبداد داخليا والاحتلال الصهيوني خارجيا.
متى خرجت من تونس الخضراء والتي كان يعتبرها البعض قاطرة للتنمية والحداثة في المنطقة العربية؟
خرجت من تونس في أواخر عام 1992 أي بعد عامين من الاختفاء فيها...من كان يعتبر تونس قاطرة التنمية والحداثة في المنطقة العربية إما جاهل وعلى الجاهل أن يتعلم وإما عدو لإرادة الشعب موال لقوى الهيمنة والاستبداد. نجح الذيل المقطوع في السنوات الأولى من حكمه في تصدير أكذوبة كبرى مفادها أن تونس قاطرة الرخاء الاقتصادي بل صاحبة معجزة اقتصادية وهي أكذوبة روجها له بالوكالة أعداء المشروع الإسلامي والنهضوي المعاصر وليس أفحش منها كذبا سوى قولهم بأن الليبرالية الاقتصادية أو حرية السوق يمكن أن تكون ناجعة وصحيحة حتى مع سحق الحريات الفردية والعامة. المهم أن ثورة التونسيين في انتفاضتهم الراهنة وضعت حق نقض واسع وعريض على تلك الأكاذيب ولله الحمد والمنة والفضل وحبل الكذب والاستهزاء بالشعوب دوما قصير.
أما أكذوبة الحداثة فلا تقل فاحشة عن تينك الأكذوبتين. الذين يضعون الحداثة في مقابل الهوية الوطنية لتونس أي العروبة والإسلام واهمون ومشروعهم الحقيقي عاريا من المساحيق المزورة هي التصدي للمشروع الإسلامي النهضوي المعاصر. لا سبيل للحداثة في تونس وفي كل وطن عربي أو مسلم إلا من بوابة الهوية الوطنية أي الإسلام. وكل حداثة مدعاة بنبذ الإسلام هي انهزام ثقافي واحتلال فكري وعبادة للغرب من عبيد الفكر الغربي.
هل ستعودون إلى تونس؟
أجل. سأعود إلى البلد الطيب العزيز الذي قضيت فيه أربعة عقود كاملات من حياتي. وأنى لي أن أصبر على العودة إلى أطلال الصبا وذكريات الطفولة ومحضن الدعوة الأول في حياتي. الحنين إلى الأوطان غريزة فينا مغروزة وفطرة مفطورة لا تقاوم.
هل ستعودون بعد إصدار عفو عن قيادات النهضة التي كانت محظورة في العهد السابق؟
العفو سطره الشعب التونسي الكبير بانتفاضته الرائدة. مطلب العفو التشريعي العام كنا نطالب به على مدى عقود ثلاثة مع شركائنا في المنتظم المدني من أحزاب وجمعيات ومنظمات ولكن كما قال الشاعر : لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي. أما اليوم فإن الذي قضى بالعفو إنما هو الله سبحانه الذي قيض لتونس شعبا منتفضا ثائرا ضد طغمة السلب والنهب والفساد والتصهين.
الحزب المحظور اليوم هو الحزب الحاكم الذي جثم على صدور التونسيين أزيد من نصف قرن كامل. أما حركة النهضة وكل الأحزاب التي حضرها النظام السابق من بورقيبة إلى الذيل المقطوع بن علي والجمعيات والمنظمات .. فهي التي منحها الشعب حق الوجود والعمل القانوني. السؤال هو : من يحضر من؟ وهل يستقيم أن يحضر من لا يملك على من يملك؟ تلك قسمة ضيزى.
كيف استقبلتم خبر إطلاق سراح معتقلي النهضة؟
مازال في السجون معتقلون من حركة النهضة ومن غيرها من مثل السيد علي لحرابي وغيره. نسأله سبحانه أن يعجل بإطلاق سراحهم وهو وشيك إن شاء الله تعالى.
أستاذ الهادي سمعنا صوت الحقوقيين والسياسيين والنقابيين والمحامين وكل مكونات الشعب التونسي، أين صوت العلماء في تونس الزيتونة ؟
العلماء في تونس موجودون وصوتهم عال رغم الحظر والحجب والكيد من الذيل المقطوع وأذنابه. قصة العلماء في تونس قصة طويلة محزنة. تونس هي أول من احتضن أول معلم إسلامي للعبادة والدعوة والعلم أي جامع الزيتونة المعمور بعد الثلاث التي لا تشد الرحال إلا إليها. ولكن تسلط علينا ذنب من أذناب فرنسا هو الرئيس الراحل بورقيبة على مدى ثلاثة عقود فكان مشروعه التغريبي قاضيا بإغلاق ذلك المعلم وطمس العلم والعلماء والحكم عليهم بالسجن والقتل والتشريد من مثل الشيخ محمد صالح النيفر والشيخ عبد الرحمان خليف وغيرهما كثير عليهم جميعا رحمة الله سبحانه. هي خطة سخيفة سميت بخطة تجفيف منابع التدين مارسها الرئيس الراحل بورقيبة بالعصا والثقافة فما انقلب عليه الذيل المقطوع بن علي واصل الخطة ذاتها ولكن بالعصا والعصا. الأول كان رجلا مثقفا فكان يجلد باليمنى ويبني المدارس باليسرى أما الذنب المقطوع بن علي فهو أمي ولم يكن له سوى سلاح العصا باليمين وبالشمال كذلك عصا أخرى.
اعتبرتم في مقال سابق لكم قبل سقوط نظام بنعلي بان دعم انتفاضة تونس فريضة إسلامية وضرورة وطنية واقعية، كيف ساهم الإسلاميون التوانسة في دعم انتفاضة تونس؟
الإسلاميون جزء لا يتجزأ من الشعب التونسي. الانتفاضة الراهنة لم يكن وراءها أي طرف حزبي أو ثقافي أو نقابي أو سياسي ولكن كانت انتفاضة شعبية تلقائية عارمة. الإسلاميون كان لهم النصيب الأوفى في الانتفاضة ضد الرئيس الراحل بورقيبة وخلفه الذيل المقطوع بن علي في مناسبات فارطة وهم أكثر من عمر السجون وقضى فيها نحبه ضمن ثلاث محن كبرى من عام 1981 حتى يومنا هذا أي قبل سقوط الذيل المقطوع بأسابيع قليلة. بلغ عدد المساجين الإسلاميين في عهد الذيل المقطوع حوالي عشرة آلاف خاصة في بداية المحنة أي عام 1991 وبلغ عدد المنفيين أكثر من ثلاثة آلاف منفي مشتتين في أصقاع الأرض. لا نمن بذلك على بلادنا ولا على قيم الحق و العدل والكرامة ولكن إذا ذكر الإسلاميون في تونس يجب أن يذكر بلاؤهم الكبير على درب الحرية والتحرر سيما أنهم لازموا البلاغ المبين والصبر الجميل ولم يتورطوا في العنف ولو لقتل ذبابة. الإسلاميون كانوا عامل استقرار في البلاد وهم أول فصيل إسلامي عربي يتبنى الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل المشترك مع غير الإسلاميين من مثل الشيوعيين وغيرهم حتى غدا ذلك إضافة من إضافاتهم الفكرية.
قيل أن الجنرال بنعلي في عز الانتفاضة كان يحتاج لكم.. ولو بتصريح كأن تنادوا بالجهاد ضد النظام حتى يجهز على الانتفاضة بعدما يتم عزوها إلى بقايا ما يسميهم بالأصوليين... ما صحة هذا الكلام؟
هناك رواية الله أعلم بصحتها. رواية تقول أن أحد مستشاري الذيل المقطوع بن علي واسمه عبد الوهاب عبد الله وهو المكلف بخنق الإعلام ومتابعة الإعلام الإلكتروني .. نصح بن علي لمواجهة الانتفاضة الراهنة بأن يسحقها بالحديد والنار ثم يدعي أنها القاعدة أي تنظيم القاعدة. فرد عليه الذيل المقطوع بأنك أبله بسبب أن الإدعاء بأن الانتفاضة من صنع القاعدة يجعل السياحة التونسية تشهد ركودا شنيعا. الله أعلم بصحة الرواية. ولكن القول بأنه كان بحاجة إلينا منادين بالجهاد ليتيسر له الإجهاز علينا كلام يحتاج إلى تصحيحات كثيرة. أولها أن الذيل المقطوع بن علي هو أول اليائسين من انجرار حركة النهضة إلى حمأة العنف ومستنقع الإرهاب بعدما جرب الحركة وعرفها عن قرب من خلال مسكه لوزارة الداخلية ومن قبل ذلك للأمن الوطني في عهد الراحل بورقيبة وخاصة عام 1987 عندما قاد الحملة الضارية الشرسة ضد الحركة. هو أول من يعرف أن جر الحركة إلى العنف عملية فاشلة.
النهضة لا تلتقي مع الخط الجهادي بحسب ما تمارسه القاعدة والتنظيمات التي تسير في ركابها لا من قريب ولا من بعيد. النهضة حركة إسلامية سياسية ديمقراطية وسطية. كان ذلك هو منهاجها الفكري والسياسي والإصلاحي من أول يوم انبعثت فيه وحتى اليوم وستظل عاضة على ذلك المنهاج المدني السلمي بالنواجذ إن شاء الله تعالى.
لو كانت النهضة قابلة للانجرار للعنف حتى لرد العنف المقابل للدولة لفعلت ذلك في المحن الضارية الشرسة التي تعرضت لها على مدى العقود الثلاثة المنصرمة وخاصة المحنة الأخيرة التي قتل فيها الذيل المقطوع بن علي من أبناء النهضة ما لا يقل عن خمسين شهيدا بحسب إحصائيات موثقة صحيحة لأكثر من منظمة حقوقية دولة وعربية وتونسية.
أنت عشت في ألمانيا مدة طويلة، هل ترى أن الغرب لا زال يعول بعد الانتفاضة التونسية على دعم الأنظمة الديكاتورية بمنطقتنا وتخويفهم بالإسلاميين؟
الغرب كما تعلمون غربان. غرب فلسفي وغرب شعبي. أو غرب سياسي حاكم وغرب تقليدي. أو غرب جغرافي وغرب فكري ثقافي. المشكلة هي مع الغرب الفلسفي وليست مع الغرب الجغرافي. بعض الأنظمة الغربية كانت تدعم نظام الذيل المقطوع بن علي بحسبانه نظاما يؤمن لها مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية ويعوق صعود الإسلاميين خاصة والديمقراطيين عامة أن يشاركوا في السلطة أو يستخلصوها بالكلية.
ذلك الغرب هو الذي يدعم الكيان الإسرائيلي اللقيط المحتل لفلسطين. وهو الذي يتعامل بألف ألف مكيال ولقد رأيناه عندما أمر بسحق صناديق الاقتراع في الجزائر تشفيا من فوز "الفيس" الجزائرية بأصوات الجزائريين.
لا شك أن انتفاضة تونس تلقنهم درسا بليغا. درس مفاده أن الأذيال المقطوعة التي يعولون عليها قد تطردها الجماهير الغاضبة في لمح البصر. ولكن إلى إي حد يتعظ الغرب بذلك؟ النظرة التاريخية الثاقبة تقول أمرين هنا : الأمر الأول هو أن الغرب بسبب خلفيته الثقافية سيظل يحرص على دعم الأنظمة الفاسدة وتعويق الجماهير أن تستخلص الحكم لأن ا لجماهير أثبتت في كل عملية ديمقراطية أنها تصوت للإسلاميين. الأمر الثاني هو أن الغرب أو قل بعضه على الأقل براقماتي على نحو أنه يقرأ التوازنات الإستراتيجية والسياسية السائدة وإمكانيات إنخرامها لصالح هذا أو ذاك ثم ترتيب سياسته على وقع ذلك الإنخرام الجديد.
كلمة الفصل هنا هي أن موازين القوى هي التي تحدد المصالح والتحالفات. يوم يجد الغرب منا نحن العرب والمسلمين إعتصاما وتكافلا ووحدة وحرصا على الندية وحماية لمقدراتنا المالية والثقافية سيحترم قرارنا السيادي ويتعامل معنا على قاعدة الندية.
لا ننتظر من الغرب أن يتغير لسواد عيوننا ولا توبة منه للقيم التي ينادي بها زورا وبهتانا. ولكن الغرب يهاب القوي ويعدو على الضعيف تماما بمثل صاحب الضيعة الذي يجند لضيعته حراسة تظل تعدو على ذئاب العدو.
الشعب التونسي لا زال إلى حد الآن لا يثق في الحكومة الجديدة والتي قيل عنها بأنها مؤقتة، هل ترى أن هناك أياد خفية تسعى إلى الالتفاف على الانتفاضة التونسية وتوجيهها في خدمة مصالح معينة؟
المرجح أن تكون الحكومة الجديدة في حكم الزائلة بسبب مبادرة سياسية من بعض رموز المعارضة التونسية بغرض انتخاب مجلس دستوري جديد أو مجلس تأسيسي جديد تحدد له مرحلة انتقالية لترتيب البيت الداخلي التونسي دستوريا وقانونيا ومؤسساتيا إلى حين انتخابات رئاسية وتشريعية عامة.
الأيدي الخفية والأيدي الظاهرة غير الخفية كلها موجودة في تونس. يتكافل بعضها مع بعض لإجهاض ثورة الشعب واغتصاب انتفاضته ولكن أملنا في الله سبحانه وفي شعبنا أن يحمي انتفاضته ويصون ثورته أن تسرق أو تنهب.
الشعب الذي أشعل فتيل الانتفاضة هو خير ضمانة لحراستها وتوجيهها إلى خير البلاد والعباد في تونس.
الصحافي البريطاني المخضرم روبرت فيسك كتب مقالا في الاسبوع الماضي قال بأن محمد الغنوشي يسعى للحفاظ على مصالح الغرب ضد مصالح الشعب، ما رأيك في هذا القول علما أن روبرت فيسك متخصص في تاريخ المنطقة؟
محمد الغنوشي ليس منتظرا منه أن يبقى على رأس الحكومة كما بينت آنفا. وبقطع النظر عن صحة الكلام في الرجل من عدمه فإنه غير مؤهل لذلك لسبب وحيد كاف وهو أنه كان في خدمة الذيل المقطوع على امتداد سنوات طويلات ولا يعفيه من المسؤولية قوله أنه كان لا يعلم بالسرقات أو أنه واجبه كان محصورا في الجانب الاقتصادي أو غير ذلك.
القطع مع كل رموز العهد البالي عهد الذيل المقطوع بن علي هو أشد الوسائل نجاعة لحماية الانتفاضة وتكللها بالنجاح في شوطها الثاني بمثل ما نجحت في شوطها الأول.
أستاذ بريك لاحظنا بعد سقوط نظام صدام حسين أن جزءا من الشعب العراقي وبعض المثقفين والأكاديميين والمحامين وقفوا مع صدام حسين بينما، بعد سقوط الجنرال بنعلي، ألفينا أن الجميع وقف ضد حكمه.. الجميع تكتل ضده من شعوب عربية ومثقفين وأكاديميين وصحفيين وو...الخ، بالرغم من أن كلا النظامين ديكتا توريين، هل من تفسير؟
الفرق بين المرحوم صدام حسين وبين الذيل المقطوع بن علي فرق شاسع كبير على نحو يجعل المقارنة غير ذات أصل ولا موضوع. المرحوم صدام حسين أثبت على الأقل في آخر أيامه أنه رجل وطني لا يبيع بلده للأمريكان بكذبة الديمقراطية الأمريكية الحولاء. أليس شرفا للمرحوم صدام حسين أن يستشهد على أيدي أعداء الأمة العربية والإسلامية في هذا الزمن أي الإدارة الأمريكية؟ لا نقر المرحوم صدام حسين على ما فعله ضد الشعب العراقي العظيم من تعذيب وقتل وتشريد. تلك جريمة لا تغتفر قطعا. ولكنه لم يجمع إلى تلك الجريمة الكبيرة جريمة بيع الوطن لأعدائه. الجريمة هي درجات ولا بد من النسبية في مثل هذه الأمور. أما الذيل المقطوع بن علي فهو صاحب عصابة مافيا لا تحسن غير القمع والجور والقهر والسلب والنهب. يشترك في ذلك مع المرحوم صدام حسين نسبيا أو قليلا ولكنه يزيد عليه بموالاة أعداء الأمة والأدلة على ذلك لا تحصى منها التعاون العلني والسري مع الصهاينة سياسيا وتجاريا واستخباراتيا ومنها دعوته للهالك شارون عام 2005 بمناسبة مؤتمر الإعلامية الدولي المنعقد في تونس يومها. طالعوا الصحف الإسرائيلية في هذه الأيام لتلفوا أنها تذكر أن الذيل المقطوع بن علي كان صديقا لإسرائيل.
الذيل المقطوع بن علي لا يتعاطف معه لا مثقف ولا عامي ولا غيرهما لأنه تجاوز كل الحدود التي يمكن أن يقترفها مستبد دكتاتوري.
أي تعاطف مع ذيل مقطوع ولغ في دماء التونسيين بالقهر والعصابات كما ولغ في أموالهم بالسلب والنهب مع عائلته وأصهاره بمثل ما ولغ في حقهم في التعبير بكل أشكالها إلى درجة أنه حول البلاد إلى سجن كبير. أي تعاطف مع ذيل مقطوع إستخدم خطة تجفيف منابع التدين في بلاد عربية إسلامية منذ خمسة عشر قرنا كاملة وهي تحتضن رموز الإسلام الأولى من مثل جامع القرويين وجامع الزيتونة وقبري الصحابيين الكريمين: أبي زمعة البلوي وعقبة ابن نافع. أي تعاطف مع ذيل مقطوع والى الصهاينة ومنع التونسيين من مجرد التظاهر احتجاجا على القمع الصهيوني في الأرض المحتلة.
لا مجال للمقارنة عند العقلاء بين المرحوم صدام حسين وبين الذيل المقطوع بن علي. لا نقر المرحوم صدام حسين على جرائمه ضد العراقيين مهما كانت توجهاتهم الفكرية والسياسية. ولكن الرجل مات وطنيا وفيا لبلاده. ذلك يشفع له عند الناس. أما عند ربك سبحانه فإنما يحكمنا قوله سبحانه : « يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله “. وقوله : « هو أعلم بمن إتقى “.
ما العاصم بألا تتكرر تجربة الجزائر والعراق في تونس لا سيما أن الشعب لا زال يتظاهر ويملأ الشوارع؟
انتفاضة تونس ذات طعم خاص وأسلوب خاص. العالم كله اليوم شهد شهادة حق في أن الانتفاضة التونسية كانت انتفاضة متحضرة راقية مدنية أهلية شعبية تلقائية ولم تحد عن منهاجها السلمي قيد أنملة إذ لم يقتل إلى حد اليوم رجل أمن واحد بينما قتل من أبناء الشعب ما يزيد عن مائة شهيد.
لا مجال لأن تتكرر تجربة العراق ولا الجزائر في تونس. الملابسات مختلفة جدا. الحالة الجزائرية حالة اشتبكت فيها المصالح السياسية الحزبية مع مصالح العسكر. لجوء الشباب إلى الجبال لحمل السلاح ضد السلطة أمر لا نقره إطلاقا لأن ذلك لم يكن مأمولا منه إلا أن يثمر الفوضى والقتل المتبادل فضلا عما اهتبله الجيش الجزائري المعادي لتوجه الشعب لقتل الناس والإدعاء بأن الشباب الإسلامي هو الذي قتلهم.
أما الحالة العراقية فهي أكثر تعقيدا. وفي الحالين فإن تنظيم القاعدة وفروعها لعبت الدور الأسوأ باسم مقاومة المحتل في العراق وباسم الثأر من قتل الناس في الجزائر أو للتمكين لما يسمونه خلافة أو إمارة أو غير ذلك.
ملابسات الانتفاضة التونسية مختلفة عن ذلك بالتمام والكمال. الحالة التونسية حالة انتفاضة شعبية جماهيرية لزمت التحضر والترقي والسلم حتى وهو تواجه بالرصاص الحي. أي رشد أكبر من ذلك الرشد وأي نضج أشد من ذلك النضج.
أعداء الانتفاضة التونسية يخوفون الناس والشاهد الدولي بشماعة الجزائر والعراق ولكن الله سبحانه سفه أحلامهم. سفه الشعب التونسي أحلامهم فلم تتحول الانتفاضة إلى حالة جزائرية ولا إلى حالة عراقية. بل ظلت حالة من الانتفاض السلمي والمقاومة المدنية الأهلية الشعبية.
هل يمكن للتجربة التونسية في التغيير أن تتكرر في المنطقة المغاربية خصوصا أن عدوى حرق الذات أصبحت تتكرر في أكثر من بلد أسوة بالشاب محمد البوعزيزي يرحمه الله؟
القول بأن التجربة التونسية من خصائص التربة التونسية قول خاطئ مائة بالمائة. ليس معنى ذلك أنه يجب على الشباب في البلدان العربية والإسلامية أن يحرقوا أنفسهم حتى تحصل انتفاضة سلمية مدنية في بلدانهم. لا. يجب عليهم أن يقاوموا بأساليب تكره المستبد على الرحيل أو الرضوخ لإرادة الشعب إحلالا للعدل والحرية والكرامة ونصرة المقاومة في فلسطين. ولكن التجربة التونسية صالحة للتعدية والقياس والتكرار والاقتباس. الذين يسوقون لخصوصية الحالة التونسية لا يريدون لشعوبهم أن تنتفض لتأخذ بحقها في الحرية والعدالة. بقية الشعوب العربية والإسلامية ليست أقلا حظا من ذكاء التونسيين ولا إصرارهم على المقاومة انتزاعا لحقوقهم. حق المقاومة حق مكفول شرعا وعقلا ودستورا ولا يمكن تجميده ولا إلغاؤه ولا حبسه على هذا الشعب أو ذاك. التجربة التونسية ليست حبيسة المنطقة المغاربية ولكن يمكن اقتباسها في كل أرض كلما كانت الشروط متوفرة مع اختلاف في الوسائل بطبيعة الحال.
ربما لا يميز التجربة التونسية سوى أن الذيل المقطوع بن علي لم يترك للشعب أي مساحة للحرية مهما كان هامشها صغيرا جدا ومحدودا جدا وفي كل الحقول والمجالات. تصوروا حتى مجال الشبكة العنكبوتية. بقية المستبدين في عالمنا العربي والإسلامي كانوا أكثر حيلة ودهاء من الذيل المقطوع بن علي وذلك من خلال انتقالهم من مربع لآخر. اليوم يحرقون مربع العدالة مثلا ولكن في المقابل يرضون مضطرين ببعض التنازلات الصغيرة المحدودة في حرية التعبير. الذيل المقطوع بن علي كان من الغباء والسخافة والحماقة على نحو أنه أغلق كل المربعات وأحكم إغلاقها وإحراقها حتى ظل الشعب التونسي يراكم جراحاته ويكمدها ويراكم نضالاته ولما استحكمت كل الحلقات وفي كل الحقول والمجالات كان لا بد من الانفجار الهائل فانفجر كالبركان. ولكنه بركان أحرق الذيل المقطوع بن علي والأمل في أن يحرق البركان بقية منظومة الاستبداد . بركان ظل ولن يزال بإذنه سبحانه بردا وسلاما على تونس وشعبها ومستقبلها.
ما هي أولوية الإسلاميين التوانسة في الفترة المرتقبة بعد سقوط الجنرال بنعلي؟ هل ستركزون على دعم الحرية والديمقراطية أم ستواصلون عملكم الثقافي والتأطيري في الهوية الإسلامية وترميم التصدعات التي حدثت بفعل العلمانية المسلحة على عهد نظام الجنرال بنعلي؟
أولوية الإسلاميين التونسيين كانت أولوية واحدة كبرى لم يحيدوا عنها على امتداد ما يناهز أربعة عقود وهي أولوية الحريات في كل مظاهرها الفردية والجماعية والحريات الدينية والشخصية والسياسية والفكرية والإعلامية. الحرية هي أولويتنا الأولى وبنينا ذلك على أساس فكري فلسفي مفاده أن الإنسان كائن حر أو لا يكون ولا سبيل لنهضته وعمارته للأرض بالخير والزينة والجمال والعدالة إلا بعد أن يتحرر من كل الطواغيت. الحرية هي المفتاح الأولي المشروط بالضرورة للعدالة والكرامة والاستقلال والحق في المقاومة والالتزام بمستلزمات الهوية الوطنية أي العروبة والإسلام والنظام الجمهوري والتعددية الحزبية والديمقراطية السياسية والتنوع الإعلامي.
تلك هي أولويتنا ونحن على ذمة الشعب وانتفاضته المجيدة الراهنة فما سطرته انتفاضة شعبنا سيكون لنا إستراتيجيا سياسية بعيدة المدى نستهدي بها. انتفاضة الشعب الراهنة ركزت على مطلبي العدالة الاجتماعية والحريات السياسية والإعلامية وكان لا بد لتحقق ذلك من طرد الذيل المقطوع بن علي وطرد رموزه السابقين.
أما جعل الهوية الثقافية في مقابل الديمقراطية كما ورد في سؤالكم فهو أمر لا أتفق معه مع تقدير جهدكم بطبيعة الحال. الهوية في نظري المتواضع هي عملية مركبة معقدة وليست معادلة بسيطة ذات بعد واحد أو اتجاه واحد. الهوية في نظري المتواضع هي هوية ثقافية لبها العروبة والإسلام وهي هوية سياسية لبها الجمهورية والديمقراطية وهي هوية اجتماعية لبها العدالة ونشدان رغد العيش وهي هوية قومية لبها الانتصار لقضايا التحرر في العالم كله وعلى رأس كل تلك القضايا قضية فلسطين.
نختلف مع العالمانية اختلافا ثقافيا وفكريا كبيرا ولكننا نتعايش مع العالمانيين التونسيين تحت سقف الوحدة الوطنية الجامعة. سبل التعاون بيننا وبينهم كبيرة والاختلاف في الرأي سنة مسنونة وإرادة ربانية مرادة.
لكم يسوؤنا أن يتورط بعض العالمانيين وعدد أولئك قليل نسبيا في الدعوة سرا أو جهرا إلى إقصائنا من الحياة السياسية والفكرية والحزبية والإعلامية. ذلك أمر نناضل دونه لأنه حق من حقوقنا بل من حق بلادنا علينا.
هناك استئصاليون ولكن أيدينا إليهم ممدودة دوما لأجل التعاون على ما اتفقنا عليه والتحاور فيما اختلفنا فيه ولا ضير من الاختلاف كلما كان تحت سقف الثوابت العظمى للأمة. ذلك هو التنوع الإيجابي البناء.
أولويتنا الكبرى في هذه المرحلة هي المساهمة مع أهل الخير في البلاد وهم كثر لخدمة البلاد والعباد تضميدا لجراحات ثخينة خلفها الذيل المقطوع بن علي بسياساته الرعناء وخياراته الخرقاء وهي مهمة ربما تستهلك جيلا كاملا أو أكثر.
مهمات البناء في إثر التدمير مهمات طويلة وشاقة ولا تتحمل إقصاء ولكن تتطلب تعاونا وتكافلا.
هل ستسعون إلى تغيير بعض القوانين التي تعارض الشريعة الإسلامية مثل قانون الأحوال الشخصية مثلا؟
مجلة الأحوال الشخصية مندرجة في العموم وليس في تفصيلاتها ضمن الاجتهاد الإسلامي. مشكلتنا الكبرى مع الاستبداد الذي ذهب رأسه وبقيت منظومته حية. تلك هي المشكلة التي نواجهها اليوم. لئن فر الذيل المقطوع بن علي غير مأسوف عليه فإن منظومة الفساد والنهب والسلب والدكتاتورية تتطلب عملا كبيرا دائبا لاقتلاعها من جذورها تخليصا للجسم التونسي من كل آثار السرطان الماضي.
تحوي مجلة الأحوال الشخصية في مواضع قليلة منها ما يخالف الإسلام من مثل التبني بتبعاته النسبية والمالية. ولكن ذلك لا يجعلها أولوية مطلقة. يمكن أن يجبر ذلك ضمن مشاريع دستورية أو قانونية قادمة بإذنه سبحانه ولا داعي لشن حملات هوجاء ومعارك جانبية لا يفرح بها سوى أعداء البلاد الذين يريدون إشعال نار الفتنة بين الفرقاء والشركاء في تونس.
عملنا مندرج كله ضمن الانتقال الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية وكل ما يخدم ذلك المسار عددناه معركة من معاركنا وكل ما يخذل ذلك المسار عددناه معركة جانبية أو زوبعة في كأس وليس لنا من فضل الأوقات والجهود والأموال ما نصرفه لتلك المعارك الجانبية.
عندما تنشأ ناشئة دستور جديد في جمهورية ثانية جديدة ضمن وفاق وطني جديد أثرا من آثار الانتفاضة التونسية المجيدة .. عندها تتهيأ البلاد كلها لجبر ما قد يسيء إلى هويتها الثقافية أو هويتها الاجتماعية أو هويتها السياسية أو هويتها القومية.
لا مكان اليوم لإحلال الإسلام نظاما في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلا توسلا بإرادة الشعب من جهة وبالمنهاج السلمي الديمقراطي المتدرج والجاد من جهة أخرى.
الشعب التونسي شعب مسلم ملتزم بنسبة تكاد تصل مائة بالمائة ولا فائدة في إثارات جوفاء لا تتواءم لا مع منهاج التغيير الإسلامي ولا مع واقع الناس والأرض اليوم.
هل أنتم مستعدون للتحالف مع أحزاب يسارية سواء في الانتخابات أو في تشكيل الحكومة؟
لقد سبق أن تحالفنا مع تلك الأحزاب في الانتخابات وفي غير الانتخابات. تلك إضافة من إضافات الحركة الإسلامية التونسية ( حركة النهضة ). إذا كان اليساريون تونسيين وطنيين يسعون مثلنا للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية فلم لا نتحالف معهم؟ مطلب الحرية ومعركة الديمقراطية كفيلة بجمع كل الشركاء والفرقاء. لقد تجاوزنا ذلك منذ عقود طويلة من حيث المبدإ. أما من حيث الممارسة المستقبلية فإن تنزيل ذلك يتطلب قراءة للأوضاع وتقديرا للمواقف على أساس ميزان المصالح والمفاسد.
أمر الحكومة أمر سابق لأوانه. ولكل حادث حديث.
نحن نتحالف بمثل ما تحالفنا سابقا مع كل تيار أو حزب أو حركة غير إسلامية كلما كانت تخدم المصلحة الوطنية للبلاد ولم تكن استئصالية. العبرة هنا بمصلحة البلاد وبما تقتضيه الظروف الراهنة وبالخارطة الحزبية والسياسية وتوازناتها وتحالفاتها وعلاقاتها وأحجامها.
أشكركم جزيلا الأستاذ الهادي بريك
وأنا بدوري أسدي لكم شكري الجزيل راجيا لكم منه سبحانه خير العمل وعمل الخير.
الهادي بريك في سطور

الهادي بريك من مواليد السادس من يونيو 1955 بتونس العاصمة، وهو حاصل على على شهادة التقنية الاقتصادية للتصرف، واشتغل لسنوات طويلة متصرفا مساعدا بعدد من الشركات والدوائر الحكومية التونسية.

انخرط بريك في الحركة الإسلامية التونسية عام 1976 وتحمل فيها مسؤوليات قيادية كثير، وبسبب انتمائه السياسي، حوكم أمام محكمة أمن الدولة ضمن قيادة الحركة عام 1987 بخمسة عشر عاما سجنا وقضى منها عاما ونصف ثم أفرج عنه بعد انقلاب بن علي ضد الراحل بورقيبة.

ّاشتغل بريك بالدعوة العامة في المساجد وخارجها في تونس وبالكتابة في الصحف التونسية، ثم حوكم غيابيا بما يزيد عن عشرين عاما سجنا عام 1991 بتهمة الانتماء لحركة النهضة، مما عجل بفراره خارج تونس حيث تمكن من الحصول على حق اللجوء السياسي في ألمانيا منذ عام 1994.

وفي ألمانيا واصل بريك الاشتغال بالدعوة والكتابة، حيث عمل إماما وخطيبا لمسجد الرحمة بمدنية دنسلاكن الألمانية.

ّوالهادي بريك عضو مؤسس بالتجمع الأروبي للأئمة والمرشدين وعضو الأمانة العامة، وهو نائب رئيس جمعية مرحمة الإغاثة، ومسؤول بالجمعية الألمانية التونسية للثقافة والاندماج، وهو متزوج وأب لستة أولاد وخمسة أحفاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.