البنك الأوروبي لإعادة الأعمار وشركة خاصة يوقّعان إتفاقيّة تمويل مشروع للطاقات المتجدّدة بفريانة    سليانة: توقّعات بتراجع صابة حب الملوك في مكثر    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    سيف الله اللطيف ينتقل الى الدوري الهولندي الممتاز    نابل: اندلاع حريق بمخبر تحاليل طبية    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    إتحاد الفلاحة : كتلة أجور موظفي إتحاد الفلاحة 6 مليارات و700 ألف دينار    اغتيال قائد في سلاح جو حزب الله بضربة للكيان الصهيوني    مراسل قنوات بي إن سبورت "أحمد نوير" في ذمة الله    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 17 ماي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    سيدي بوزيد: وفاة كهل وزوجته في حادث مرور    قابس: عدد الأضاحي تراجعت هذه السنة    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    الخارجية : نحو إبقرام إتفاقية مع الدول الإفريقية بخصوص المهاجرين .. التفاصيل    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    يصنعون ''مواد المسكرة محلية الصنع القرابا'' و يقومون ببيعها بمدينة أم العرائس    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    تونس : 80 % من الشباب ليس له مدخول    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    تفكيك شبكة في صفاقس، تقوم ببيع محركات بحرية لمنظمي عمليات الإبحار خلسة    انتاج الكهرباء في تونس ينخفض بنسبة 5 بالمائة مع موفى مارس 2024    توقيع إتفاقية قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسّسة بنكية محلية لفائدة تمويل ميزانية الدولة لسنة 2024    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاغتصاب الحلال
نشر في الحوار نت يوم 01 - 07 - 2011


مقداد إسعاد ( باحث . جامعة ليون الثّالثة)
قلت لصاحبي الأستاذ والمفكّر والكاتب الشّهير و نحن ننتقل بالسيّارة لموعد مع الطّلبة: هلاّ أنرت ذهني بالإجابة عن سؤال ظلّ يؤرّقني و أنت ما أنت عليه من تجربة في الحياة من علياء سنتك السّتّين و ثقافتك الواسعة.
قال: ما هو؟
قلت: بربّك ما نسبة السّعداء من الأزواج في محيطنا العربي الإسلامي؟ سكت برهة ثمّ همهم :لو سألت عالم اجتماع.قلت بل هو سؤال فكري فلسفي ، وهو من اختصاصك.

وبعد تردّد طال وقته قليلا قال في تقطّع : أتصوّر خمسين خمسين.
آه يا صديقي أنت لم تفهم سؤالي. ألا تراه استنكاريا؟و لو كان ذلك هو الجواب الذي انتظرته لما طرحت السؤال أصلا .
و حتّى أدخل به في صلب الموضوع واصلت: أنا لا أقصد الخمسين و لا السّتّين وحتّى التّسعين ، لو كان بين العرب و المسلمين عشرة بالمائة من السّعداء بين الأزواج نسوة أو رجالا لكانت الأمّة بخير. إنّي مقتنع أنّ السّعادة تصوّر لا يعرفه العرب و المسلمون و خاصّة النصف الآخر منهم. ذاك الجنس اللطيف و الشريك الضعيف

و أمام احتجاج صاحبي عليّ رحت أستغلّ الفسحة من الوقت التي تفصلنا عن موعدنا و دعوته إلى عملية فرز لدواعي السعادة من عدمها عند المرأة المسلمة في مجتمعاتنا. بدأت بتذكير صديقي ببعض الحقائق عن الإنسان من النّاحية البيولوجية ممّا يدرس في الثّانويات لكل الشعب. جاء في تلك الدّروس أنّ للإنسان اثنا عشر جهازا كلّها تعمل باستقلال الجسم الواحد عن غيره إلاّ واحدا وهو الجهاز التّناسلي الذي يستوجب شريكا من الجنس المقابل و مهمّته مزدوجة: الاستمتاع وتواصل النسل. وفي هذه الشراكة تكمن الخطورة لأنّ"كثيرا من الخلطاء يبغي بعضهم على بعض إلاّ الذين آمنوا و قليل ما هم.."هي إذن شركة تمثّل فيها المرأة الحلقة الأضعف.

يا صديقي دعنا نتّفق منطلقا أن ّللجنس الأهمّية القصوى في حياة الإنسان، و التّناسل ليس إلاّ مهمّة من مهامّ عديدة متّصلة به خلافا للحيوان الذي يعيش بالغريزة تأثير الرّغبة في مراحل موسمية ويذهب بعدها إلى الموسم التّالي . أمّا عند الإنسان فللجنس دور أساسي في سعادته و سكينته و عطائه و استخلافه في الأرض. و رسولنا الكريم الذي يحتلّ الموقع الأعلى بين البشر "جعل قرّة عينه في الصّلاة " أمّا في حياتنا فيؤكّد: "حبّب إليّ من دنياكم الطّيب و النّساء".صلى عليك الله يا سيّد البشرية يا سيد النّظيفين الطّاهرين. طيب و نساء. ليت ذاك ذاك العربي المدخّن يسمعك فيحترم شريكه الضّعيف فلا يدخل عليه بتلك الرّائحة الكريهة مخيّرا إيّاها بين تحمّل ما تكرهه أو الحرمان من متعة الجنس

ولنبدإ الجرد من هنا يا صاحبي . الجرد أو الحذف والاستثناء من قائمة السّعداء في الحياة الزّوجية.
-هل تسعدّ امرأة ألا تدخل مع رجل يملأ غرفتها دخانا أو لصقت رائحة دخان بثيابه و لحيته و شعره و فمه ، بل وخزّن منها الكثير في رئتيه ؟ أ وليس الجنس عملية تبدأ في الرأس ، في المخيّلة ثمّ تنزل ببطء إلى حيث تنتهي . فإذا ما حال دون عمل الذهن و الخيال حائل توقّفت هناك. لا تنزل الأوامر إلى الجهاز فيكون معطّلا و" خارج الخدمة".و يكون أفضل ما تحصل عليه المرأة هو أن يتركها جلاّدها مغلقة كما كانت لمّا دخل عليها أوّل مرّة ، أو أنها تكون ازدادت انغلاقا . حين يتركها تكون قد حرمت من إشباع رغبة تزيد من إنسانيتها ، أو لنقل تدعّم إنسانيتها.أمّا في حال مواصلة العملية و إصرار الزّوج على "أخذ حقّه"، فهي الطّامّة الكبرى ، إذ كيف تلبّي له ما أراد وهي غير مهيّأة ، وهو لا يحسن استعمال مفاتيحها؟
هذا عن المدخّنين و إذا ما علمنا أنّ نسبة الأزواج المدخّنين العرب تفوق النّصف فإنّنا لا شكّ سنحذف من الأزواج السّعداء عددا كبيرا جدا. و التدخين ليس وحده ما يفسد على المرأة المسلمة حياتها بل إنّ القائمة طويلة جدّا . فالفواصل جرّتنا إلى ظروف السكن مثلا .يعيش معظم العرب في مساكن مكتظّة. لم يعودوا يسكنون البادية في حرّية وسعة. لقد دفعت بهم السّياسات الاقتصادية والتنموية الفاشلة إلى ضواحي المدن و إلى صفيحها تكدّسوا فيه و عاشوا حياة ضنكا تأخّرت فيها السّعادة الحميمية الزّوجية إلى آخراهتمامات الرّجل والمرأة على حدّ السواء . نذكر أنّه منطلقا ربطنا السعادة بالجنس و الجنس بالرغبة التي تبدأ في الذّهن و تنزل من هناك لتكون العملية الجنسية ثمرة ونهاية لعملية تأخذ وقتها الكافي وتلبّي حاجة بشرية و إنسانية ضرورية للتّكامل النفسي للمرأة كما للرّجل وهي حاجة لا تقلّ أهميّة عن الأكل و التنفّس و غيرها . بل إنّ الرّسول الكريم جعلها من أعلى مراتب هذه الحاجيات. و زاد على ذلك أن جعلها عمل خير يجلب الأجر و رضى الله سبحانه حين قال:"وفي بضع أحدكم أجر".
ولا شكّ في أنّ البضع الذي يقصده لا يكون فيه أجر إذا وقع على المرأة دون أن تتهيّأ له للأسباب السّالفة الذّكروالتي ستأتي[1]. أيّة متعة يا صديقي تجدها امرأة في شقّة يسكنها الأب و الأمّ و الجدّة و الأبناء؟ أيّة متعة تجدها امرأة تعمل منذ الصّباح الباكر إلى الليل في خدمة أفراد غير مبالين بعذابها؟ أيّة متعة تجدها امرأة يبقى عندها أبناؤها دون عمل ودون زواج إلى سنّ الأربعين تتألّم لحرمانهم ويأسهم فإذا زاد إلى عذابها انحراف بعضهم و دخولهم السّجن أو ركوبهم المراكب هربا من شظف الحياة في بلادهم. كلّ ذلك يقيم حاجزا منيعا أمام ذهن تلك المسكينة ، فتغيب المتعة والشّهوة من قاموسها فلا تصل إلى ذهنها وتفكيرها فضلا عن مكان شهوتها الذي يضلّ غائبا مهمّشا معطّلا حتّى يتحجّر ويفقد كثيرا من مؤهلاته.
يا صديقي . أمام وضع كهذا يذهب الرّجل العربيّ المسلم إلى أسهل السّبل: الخيانة الزّوجية، فتهدم الكثير. ولعل أهمّها عدم اكتراث المرأة لذلك، فذهابه في هذا الطّريق لا يفقدها شيئا فهي أصلا لم تكن تنتظر شيئا. أمّا كرامتها فقد تنازلت عنها منذ زمن ، منذ أن خرج الجنس و الحياة الحميمية من سلّم اهتماماتها. و قد جعله سيّد الذّواقين- صلّى الله عليه وسلّم- في أعلى مراتب ما حبّب إليه من الحياة الدّنيا. أمّا الطّيب الرّفيق الضروري للجنس بحسب الحديث النّبوي فقد استبدلته المرأة العربية في حياتها التّعيسة برائحة البصل و غيرها وكان ما كان ...
ألا توافقني يا صديقي أنّنا تجاوزنا نسبة التسعين و أنّنا قد استثنينا بالدّليل من السّعادة تسعة أعشار العرب و المسلمين؟
ردّ صاحبي : لكنّك ربطت المشكل بالانحراف الأخلاقي للرجل وليس كل العرب و المسلمين كذلك. قلت لعلّك تعني الإسلاميّين. قال نعم. فهم لا يزنون، ليس لهم علاقات جنسية خارج الزّواج.
فكّرت قليلا ، و لم أستطع أن أمن زفرة. وقلت : نعم . ولكنّهم يغتصبون .
انتفض صاحبي مستغفرا و محتجّا: لا لا أنت لا تعي ما تقول .
رددت عليه أنّني أعي كلّ الوعي و أتحمّل مسؤوليتي على ما أقول. أرأيت يا صديقي الآن فقط فهمت سؤالي الأوّل عن نسبة السّعداء من المسلمين في حياتهم الزّوجية.
دعنا إذن نعرّف الاغتصاب إذن. بحسب القواميس اللغوية، اغتصب في اللغة العربية تعني أخذ الشّيء قهرا أو ظلما. و دون التفصيل في هذا أظنّك توافقني على تعريفي هذا. اغتصاب المرأة معناه ممارسة الجنس عليها دون رغبة منها. أي ولوجها دون استعداد منها . والاستعداد كما ذكرنا سالفا ، يبدأ في الرّأس و ينزل إلى العضو المؤهّل لذلك فيتهيّأ لاستقبال الآخر. و إذا لم يحصل ذلك وجب على الرّجل التّوقّف والامتناع و إن واصل دخل ضمن من صنّفهم سيّد البشر عليه الصّلاة والسّلام كالبهائم.لقد كان الرّسول الكريم خبيرا بأمور النّساء ، لا ينطق عن الهوى .إنّه أعظم نصر للمرأة عبر التّاريخ.
لم يستسغ صاحبي إلصاق تهمة الاغتصاب بالإسلاميين و لم يرد أ، يتركني أستأثر بالرّسول الكريم في حجّتي ف أضاف و كأنّه وجدها .لكنّ الرّسول- صلّى الله عليه وسلّم – من أمر المرأة بتلبية رغبة زوجها مهما كانت الظّروف وقال "حتّى لوكانت على التّنّور". وبذكره هذا الحديث دخلنا المرحلة السّاخنة والجادّة من حوارنا . و أضاف شارحا و مبرّرا إنّ الرسول الكريم لا ينطق عن الهوى و إنّما يرشده ربّه الذي خلق الإنسان وهو أعلم بما يليق به.
قلت : هل تظنّ الرسول يأمر المرأة بما تكره؟
قال: لا و حاشى له ذلك. لكنّه يريدها أن تكون عامل وحدة واستقرار للعائلة ، ترضي زوجها ، و لا تكون نشازا فتهدم البيت وتتسبّب فيما اعتبره أبغض الحلال إلى الله وما يترتّب عنه من فساد الأسرة والمجتمع.إنّ للمرأة الدّور الأساسي في ذلك.
كلام جميل ، وحجّة قوية . سكتُّ برهة عادت بي خلالها الذّاكرة إلى ثلاثين سنة خلت عندما شاهدت مسرحية في العاصمة )attention fragile ( البلجيكية بريكسل عنوانها
أي حذار إنّها هشّة . يعني العلاقة الزّوجية و أنّها عند الغرب لم تعد ميثاقا غليظا ، على مدى الحياة على المكره و المنشط
Pour le meilleur et pour le pire
بل أصبحت علاقة اختيارية غاب عنها حتّى العقد الشرعي أو المدني ولم يبق لها غير التّوافق والاحترام والمحبّة. وهذا كلّه زاد في صعوبة الحفاظ عليها. و من أجل تنبيه الزّوجين راح مخرج المسرحية وممثّليها ينبّهون في جوّ من المرح و يحذّرون الشعوب الغربية التي جعلت من حريّة الفرد وأنانيته الهدف الأسمى لحياته. فالحياة الزّوجية التي لاتفاهم فيها ولا تجانس ولا توافق يجب إلغاؤها.
إنّ الساّئل عندنا للمتزوّج امرأة كانت أو رجلا عن وضعيته الحميمية. لا يظفر بالجواب. وقد ينفتح الرّجل على النّقاش. لكنّ المرأة غالبا ما تغلقه وتكتم ما بداخلها. و تواصل حياة البؤس والحرمان والعذاب.
الغرب جعل من الجنس هدفا يبحث عنه ويتعمّق في مفاصله، ويدرسه و يكتب عنه بل يدرّسه حتّى للصغار. أمّا الكبار فقد أدركوا قيمته ودوره في نفسية الإنسان وراحته. ولا غرابة أن يجعله الرّسول الكريم من أكبر ما حبّب إليه من دنيا العباد. ولا شكّ في أنّ الغرب ليس كلّه من أدرك هذا وليس كلّه من تعامل بهذا النبل مع الجنس ولا مع المرأة، بل إنّ القليل عنده من لم يسقط بالجنس إلى مستوياته البهيمية وبالمرأة إلى الاستغلال والاستعباد المقنّع .
الرّسول الكريم ياصاحبي عادل يحبّ العدل ويكره الظلم و كثير من المسلمين لا يفهمونه. يستدلّون بكلامه في كثير من الأحيان دون فهمه ويأخذون اللفظ دون المعنى ودون التّعمّق فيه. التنّور: لقد صدق رّسول الله دائما وهو منزّه عن الكذب. و حديث التّنّور صحيح[2] ، والمرأة يجب أن تلبّي إذا دعاها زوجها حتّى لو كانت على التنّور. ولم لا نقول: لأنّها على التنّور؟ لقد قصد الحديث النّبوي هذه الوضعية بالذات وكان صادقا آمرا بما هو مستطاع و مرغوب أصلا . هي امرأة على التّنّور . مهيّأة تماما لما هي مدعوة إليه. هي على التنّور السّاخن و في الصحراء السّاخنة، بل ولعلّ الحديث لا يقصد المحيط الذي تعيش فيه تلك المرأة أو المهمّة التي تؤدّيها(الطهي)، بل حالها أصلا: إنّها على التّنّور. إنّها على التنّور أي مهيّأة راغبة وفي وضع تحسدها عليه مثيلاتها في القطب الشّمالي البارد المتجمّد. هي على التنّور أي في حالة غليان لا تنتظر غير ذاك الزّوج يمتعها بأمر أو بغير أمر. وقد يزيد في استعدادها أنّها في الصّحراء الفسيحة الواسعة بجانب خيمة تزيد في رغبتها.
و إن كان التنّور يقصد منه طهي الطّعام فهو إعفاء لها من مهمّة العمل المنزلي، والطّعام طعام الرّجل الذي يعفيها من مشقّة خدمته و يدعوها لمتعتها. فكيف لا تلبّي بل ولا تشكر. إنّه تكريم لها. – صلّى عليك الله منتصرا للمرأة يا رسول الله - .
لا يا صاحبي إنّ الرسول الكريم لا يظلم المرأة، لا يدعوها إلى قبول العلاقة الحميمية إلاّ إذا كانت على التنّور، أي ساخنة مهيّأة تخيّلت واستعدّت و رغبت. لو كانت تلك المرأة في جو غير ساحن، في حالة عمل لا تلبس لباسا فضفاضا، ولم تكن خالية البال بل كانت مكلّفة بمهمّة أخرى، ولو كان حولها آباء وأبناء وشغّالون و غير ذلك، لو كانت عاملة في مصنع أو إدارة تساعد زوجها على متطلّبات الحياة كما هو حال معظم نسائنا اليوم لما شملها الحديث الشّريف.
لمّا تكون المرأة على التّنّور يسهل استمتاعها و التمتّع بها و حين تكون في حالة أخرى ينصح الرسول الكريم و يأمر أن تدعى وتعان بالحسنى والكلمة الطّيبة واللمسة الرّقيقة فإذا ما صارت على التنّور أصبح عليها أن تلبّي متعة لها وقياما بواجبها نحو زوجها
كثير من الإسلاميّين اليوم لا يفهمون الحديث الشّريف ويفسّرونه بغير ما قصد رسول الله و يكون بذلك أشدّ على المرأة العربية المسلمة من غير الإسلاميّين لأنّهم يلبسون طلبهم "السّادي"هذا صفة الواجب الدّيني ويتخذون لها حجية دينية ما أنزل الله بها من سلطان. وهنا مكمن المأساة.
يا صاحبي إنّ غير الإسلامي يفتكّ من زوجته شهوة وهو مقرّ بظلمه ، أمّا الإسلاميّ فيفعلها وهو مطمئنّ البال لأنّه أخذ حقّا بشرعية الحديث النّبوي. المرأة الرّافضة ناشز تلعنها الملائكة.
هؤلاء هم الرّجال نسبة قليلة ممّن ينصفون المرأة والأغلبية تظلمها من حيث أنّها تأخذ منها حقّها. و ماذا عن الشقّ المقابل؟ ماذا عن الضّحية ؟ ماذا عن الجنس اللطيف؟ ماذا عن الشّريك الضّعيف؟
كثير من النّساء وهنّ الضّحايا وقعن في الفهم الخاطئ للحديث الشريف و اعتقدنه- وهو بريء- يأمرهن بقبول المظلمة و كثير منهنّ يتعذّبن في صبر إرضاء لله و رسوله و بعضهنّ لم يستطعن الصّبر على المهانة فثرن عليها ووصلت بهنّ ثورتهن إلى رفض كثير من فرائض الدّين جهلا. والقليل القليل من فهمن وناضلن .
قلت يا صاحبي هل تعرف شيطان تسمانيا؟
قال : و ما ذاك ؟
قلت: هو حيوان جرابيّ يعيش في استراليا .أسود الشعر، قبيح المنظر كالشيطان.
قال صاحبي: وما لنا و ماله ؟
قلت شبه كبير بينه و بيننا .
قال : كيف؟
قلت: لإنّه يغتصب أنثاه.
قال غريب وهل يفعل الحيوان ذلك ؟ ظننت أن ذكر الحيوان لا تأتيه الرّغبة إلاّ عندما تتهيّأ الأنثى وترسل إشارة الشّبق.
قلت لا يا صديقي، فشيطان تسمانيا يفعل ذلك دون إشارة و دون شبق من أنثاه وحتّى بالإكراه.
وبقدر ما استغرب صديقي استدعائي لهذا الحيوان القبيح شكلا وعملا لحديثنا إلاّ أنّه ألحّ عليّ في أن أسرد له شيئا من مغامراته .
إنّه حيوان يعيش في جحر وهو بحجم الأرنب أو أكثر بقليل. قويّ البنية .أيّام التزاوج تكون الأنثى مستعدّة لذلك فيقع ما يقع بينهما. و عادة بعدها يترك ذكر الحيوان تلك الأنثى ويذهب إلى أخرى بعد عملية التزاوج. لكن بطلنا يبقى على باب الجحر الذي يكون له منفذ وحيد .يرقب ضحيّته ، يمنعها من الخروج حتّى للتّقوّت. ثمّ يعود إليها المرّة تلو المرّة في تزاوج بالإكراه حتّى يبلغ بالأنثى مستوى من الرفض والاشمئزاز . وبعد يومين أو ثلاثة يبلغ السّيل الزّّبى فتثور عليه وتطرده على إثر معركة كبيرة حينها يغادر الذّكر الجحر وهو مطمئنّ ، إلى أنّ تلك الأنثى لن تقبل بذكر بعده ، وقد كرهت الذّكر والجنس والحياة .
صديقي العزيز، تأكّد أنّ بعضا من نسائنا فعلن مثل شيطان تسمانيا و كثير منهنّ لا يرقين إلى شجاعتها.
كثيرات عندنا يغتصبن في صمت و بعضهن راضيات، ساهمت في قابليتهن التربية الخاطئة و التفسير الخاطئ و التّوجيه الخاطئ في المدارس والبيوت وعبر الفضائيات.
إنّ الاغتصاب يا صديقي هو أن يمارس الجنس على المرأة وهي غير جاهزة ، و إن قبلت كانت الطّامّة أكبر لأنّ ممارسة جنسية كهذه لا تكون ظلما للمرأة فقط بل تحطيما لذاتها ... المرأة المغتصبة مظلومة مرّة، أمّا المغتصبة في بيتها فمظلومة مرّتين لراحة بال المعتدي عليها
أيّة إهانة؟ أيّ تحطيم لكرامة الجنس اللطيف من أن يولج إلى أعماقه دون قبول منه ولا رضى؟ و ماذا يبقى من إنسان هكذا يفعل فيها لتقوم بمهامّها الخطيرة في المجتمع المسلم وعلى رأسها تربية النشء ؟ لماذا نفسّر انحطاطنا بفقرنا وقلّة مواردنا ؟ لماذا نفسّر تفشّي الفقر والرّذيلة والإخفاق الدّراسي عندنا دون أن نعود فيه إلى السّبب الرّئيس ألا وهو ظلم المرأة والتعدّي عليها في أعزّ و أخصّ ما تملك ؟ كل ذلك على مرأى ومسمع بل وبتشجيع من أئمّتنا وعلمائنا.
إنّ أمّة يمارس فيها الجنس على نسائها دون رغبة منهنّ تستحيل نهضتها .
ألا توافقني يا صديقي أنّ الجنس بالإكراه هو اغتصاب و أنّه في إطار الزّواج يكون "اغتصابا حلالا"
أخيرا ليس الاغتصاب الذي أقصده هو ممارسة الجنس بالإكراه مع المرأة فقط بل يتعدّاه في مستوى ثان، إلى عدم الإشباع الجنسي. إذ كثيرا ما تبدي المرأة رغبتها في العملية لكنّها تفاجأ بقرينها ينتهي منها وهي لا تزال تتحسّس نفسها وتتهيّأ لها. أمّا صاحبنا فقد بلغ مأربه و انتهت مهمّته و قد يكون خرج لبعض شأنه تاركا إيّاها في حالة من الثّورة تنزل أمام الواقع إلى الإحباط ثمّ تهديم الإرادة والذّات. و إذا ألحقنا هذه الشّريحة بالأخريات لا يبقى بين نسائنا سعيدات. ولعلّهنّ لهذا ينصرفن إلى اهتمامات أخرى ويكثرن الحديث ممّا يلصق بهنّ صفة الثّرثرة لحرمانهنّ ممّا هو جميل في حياتهنّ الحميمة
[1] ويقول ابن القيم في "الزاد": "ومما ينبغي تقديمُه على الجماع؛ ملاعبةُ المرأة، وتقبيلها، ومص لسانها، وكان رسول يُلاعب أهلَه، ويقبلها، وروى أبو داود في "سننه" أنه صلى الله عليهeالله وسلم كان يقبل عائشة، ويمُصُّ لِسانَها.
ويُذكر عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المواقعة قبل الملاعبة".
إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.