أقرّ مجلس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس الخميس مشروع العهد الجمهوري بالأغلبية. وتم إقرار العهد الجمهوري من قبل ممثلين عن الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات وكذلك الشخصيات الفكرية، باستثناء حركة النهضة التي انسحبت من الهيئة خلال الأيام الماضية بعد أن اتهمت الهيئة بأنها "حادت عن مسارها الأساسي ألا وهو خدمة الموعد الانتخابي المحدد ب 23 أكتوبر القادم". ويؤكد العهد الجمهوري على التزام الأطراف بتطبيق مبادئ ثورة 14 يناير المتمثلة في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة، وتحقيق أهدافها في القطع مع الفساد والاستبداد والتبعية، وبناء مجتمع مدني يكرس أسس المواطنة وقيم الجمهورية. وقال مراقبون أن حركة النهضة اختارت الوقت المناسب لانسحابها من الهيئة حتى تفلت من الإمضاء على العهد الذي ينص على مدنية الدولة واحترام الحريات الأساسية بما فيها حرية المعتقد. غير أن رئيس النهضة راشد الغنوشي قال إن النهضة "ليست مستعدة لتحمل مسؤولية انحراف الهيئة عن مهامها متهما رئيس الهيئة عياض بن عاشور بأنه "يمارس نوعا من الوصاية والاستعلاء". ومن أبرز المبادئ التي يتضمنها العهد أن تونس دولة ديمقراطية حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. كما ينص على أن هوية الشعب التونسي عربية إسلامية حداثية وعلى أن السيادة للشعب يمارسها عبر انتخابات حرة ديمقراطية تعددية وشفافة بما يحفظ التداول السلمي على السلطة. ويعد الفصل الفعلي بين السلطات التشريعية والتنفيذية وضمان استقلال القضاء، وتكفل الدولة بضمان حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، والفصل بين المجال الديني والمجال السياسي، وإعلاء اللغة العربية مع الانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى، من ابرز مضامين هذا العقد الذي يؤكد كذلك على إقرار مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون وفي سائر الحقوق والواجبات مع ضمان كافة الحقوق الأساسية للمواطنين والمواطنات وعلى وجه الخصوص حرية التفكير والتعبير والضمير والإعلام والتنظم والاجتماع والتظاهر. وبحسب نص العهد تتكفل الدولة بضمان الحرمة الجسدية لكافة الأفراد وحفظ كرامتهم وأعراضهم وتجريم التعذيب والعمل على حماية مكاسب المرأة التي نصت عليها مجلة الأحوال الشخصية وتطويرها بتكريس المساواة الكاملة بين الجنسين وكذلك حماية حقوق الطفل وتدعيمها وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة. أما على الصعيد الاقتصادي فإن العهد الجمهوري يشدد على ضرورة الالتزام بإرساء منوال تنموي قوامه التوزيع العادل للثروات والتوازن الفعلي بين الجهات وضمان الحقوق الأساسية في الشغل والصحة والتعليم وحماية البيئة فضلا عن تكريس حق الأجيال القادمة في الثروة ومقومات الحياة الكريمة وإرساء نظام جبائي عادل وتشجيع البحث العلمي واحترام الحريات الأكاديمية وضمان حرية الإبداع. وبخصوص علاقات تونس الخارجية يؤكد العهد على حماية الاستقلال الوطني والوقوف ضد الهيمنة والعمل على نشر مبادئ السلم والحرية وحق الشعوب في تقرير المصير وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني وتعميق الوعي بالمصير العربي المشترك والتفاعل المتكافئ مع المحيط الإفريقي والمتوسطي والدولي والتصدي لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.