موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    رابع سبب للموت في العالم الخمول البدني يصيب 83 ٪ من التونسيين!    مع الشروق : تُونس واستشراف تداعيات الحرْب..    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    جامعة كرة القدم تصدر هذا البلاغ لفائدة الفرق المعنية بالمشاركة في الكؤوس الإفريقية    المنار.. بطاقات ايداع بالسجن لمتورطين في تحويل مركز تدليك لمحل دعارة    في قلالة بجزيرة جربة مازالت النساء يتجملن "بالحولي"    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    عاجل: انقطاع في توزيع الماء بمناطق من ولاية سوسة: التفاصيل    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    المنتخب التونسي أصاغر يحقق أول فوز في الدور الرئيسي لمونديال كرة اليد الشاطئية    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    عاجل/ حصيلة أوّلية: 76 شهيدا في غزّة منذ فجر اليوم الخميس    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    ديوان التونسيين بالخارج يفتح باب التسجيل في المصيف الخاص بأبناء التونسيين بالخارج    التقلّبات الجوية: توصيات هامّة لمستعملي الطريق.. #خبر_عاجل    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    بوتين وشي: لا تسوية في الشرق الأوسط بالقوة وإدانة شديدة لتصرفات إسرائيل    القيروان: الإحتفاظ بشخص أضرم النار في أشجار غابية بالوسلاتية    عاجل : الخطوط الجوية السورية تعلن عن إجراءات مهمة    عاجل/ الخطوط البريطانية تُلغي جميع الرحلات الجوية الى اسرائيل حتى شهر نوفمبر    مأساة على شاطئ المهدية: شاهد عيان يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة    المنافسات الافريقية للأندية : الكاف تضبط تواريخ مباريات موسم 2025-2026    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    المنستير: المطالبة بايجاد حل للوضعية البيئية لشاطئ قصيبة المديوني    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    بطولة برلين للتنس (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور نصف النهائي    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    كأس العالم للأندية: طاقم تحكيم نرويجي يدير مواجهة الترجي الرياضي ولوس أنجلوس    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    عاجل: الإعلان الرسمي عن قائمة المترشحين لهيئة النادي الإفريقي    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية وكاتب الدولة لدى وزير الداخلية المُكلّف بالأمن الوطني    تشكيلة العين الإماراتي ضد يوفنتوس الإيطالي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومضات في التعامل مع الفتن (3 من 3)
نشر في الحوار نت يوم 03 - 07 - 2011


الكاتب :جمال زواري أحمد

مواصلة لسلسلة الومضات التي أردناها هادية ومبيّنة وضابطة ، في التعامل مع الفتن ، يأتي الجزء الثالث والأخير راشديا صرفا ، نظرا لعمق المعنى وسلاسة العبارة وفراسة الحكمة وواقعية التشخيص وصراحة التوجيه ، لكلّ هذه الأسباب كان هذا الجزء من الومضات منتقى من الدوحة الراشدية العامرة، لعلّها تأخذ بأيدينا وأيدي إخواننا جميعا إلى الرجوع إلى الحق ، والاستدراك قبل الفوات:

46) الومضة السادسة والأربعون: هفوة النكث والولوغ في الفتنة لا تبرّر وإن فعلها صاحب فضل:

قال الراشد :(وقد يرد العكس على جماعة خير تنادت لصلاح تحت قيادة ثقات، مع أن انفرادها دون جماعة خير سبقتها يعد أمرًا مفضولا وليس فاضلا إن لم يكن لها مسوغ قوي يجيز تفردها، ولكن هذا العكس لا يرد أبدًا على جماعة فتنة، تناجت ونكثت بيعة وانحازت إلى جانب وقدمت بعض أهل الفضل لها صدورًا، إذ المقياس يختلف هنا، ولا تمحو فضائل متعددة هفوة النكث الواحدة، وغاية أمر الصدور: أن نحكم عليهم بأنهم بسطاء سذج وقعوا في الخلابة فصاروا لا يصلحون كقدرات وإن لم يتعمدوا الإساءة)(العوائق243)..
(ويؤدي اختلاط الأصوات في أيام الصخب إلى ذهول عنه، ويظهر نوع من ولاء الداعية لأساتذته ومربيه بالحق والباطل، بأن يلتزم موقفهم وتأويلهم على طول الخط، منتصراً لهم، فتكون بداية الانتكاس، إذ لا معصوم، ولا يؤذن لبشر يزيد إيمانُه وينقص، ويصيب رأيُه ويخطئ، أن يحتكر الولاء)(فضائح الفتن 153من رسائل العين).

47) الومضة السابعة والأربعون: أمارات لا تخطيء لأهل الفتن والمخالفة:

ويقول الراشد كذلك :(ورأوا كيف يعمل أعداء الإسلام على تسقط أخبار المخالفين، فيدسوا إليهم من يؤزهم أزًا زائدًا، ويعيب عليهم القعود عن الانتقام، ويحملهم على تجميع كل حانق في كيان منافس يرصد نفسه للمناوشة وتثبيط الجدد، ثم يتم اختيار اسم كبير ضخم لكيانهم يحاولون من ورائه تحويل الانتباه إليه.
وإنما هي مساجد الضرار يعاد بناؤها، بهندسة جديدة ولون مبتكر، لها إلى مسجد الضرار الأول نسب، ومع تاريخه ارتباط.
ويسألون: كيف تكون لنا جرأة على هذا الاتهام ودعوة الإسلام ليست حكرًا على أحد، بل لكل مسلم أن يتجمع ويعمل كيف يشاء؟
ولسنا بحمد الله للعمل حاكرين، ولكن يبطل عجب المتسائلين فحصهم لأطوار عمل من ننسبهم إلى الضرار، إن كان تأملهم لواقع المسلمين يحملهم على مصاولة حركات الإلحاد وأحزاب العمالة وتبليغ معاني الإسلام إلى السائلين اللاهين، أم هم قد عافوا أولئك وحاموا حول دعاة الإسلام ومناصريهم يصادمونهم ويثبطون، ويجادلونهم فيلهون؟
إن جماعة تدعي الإسلام، ثم تترك المجتمع الماجن والمنكر المستشري، والشباب الضائع، وتتجه إلى المصلين والملتفين حول دعاة الإسلام تزين لهم الانتساب إليها، وتلح في تهوين أمر الدعاة الآخرين، ورميهم بالاستبداد والافتقار إلى الوعي، لهي أحرى الجماعات باسم مسجد الضرار.
ومن ذا الذي في قلبه ذرة إيمان وألم على المصير الذي آل إليه أمر المسلمين ثم لا يفرح ويهش ويبش لأقوام يعالجون المرض ويستدركون الانفراط، وإن خالفوه في الاسم والأسلوب؟
ولكننا نعيب الصدام، وإلهاء العاملين)(العوائق253).

48) الومضة الثامنة والأربعون:الحزم مع رؤوس الفتنة دون غيرهم من الأتباع:

ويقول أيضا :(الغلظة لم يشر عليك بها الناصحون لمعاملة مثل هؤلاء الذين تدلك فراستك أنهم قد يتوبون من قريب، لكنّها الرد المناسب لأنفار يقعون في هاوية الفتنة ، فما يزالون في وساوسهم من بعد ، حتى يخرجوا إلى:(تقبيح المحاسن ، وصدع الملتئم، وحلّ المعقود))(المسار23).

49) الومضة التاسعة والأربعون: طرح ومناقشة الآراء في غير مواضعها مقدمة الافتتان:

ويقول :(فكما أنّ تفرّد القلّة بالرأي يمنع الإبداع ، ولابدّ من الشورى، فإن الإسراف في الحوار والاعتراض ، أو إشراك كلّ الأعضاء بلا تمييز من شأنهما أن يمنعا الحزم ، ويفوّتا الفرص ، ويعلّما اللّغو، ويشجّعا على التعصّب والتصلّب فالافتتان)(المسار151).

50) الومضة الخمسون: لا أحد فوق التربية والموعظة، والاستعلاء عليهما نقيصة وهي في حقّ القادة أوكد: .

ويقول :(وضرورة أن يتواضع كل داعية أمام ما تستوجبه هذه الظاهرة من خضوع لمنهج يعظ القلوب بكثافة، ويعيد ذكر بديهيات الطريق وأسس الإيمان والأخلاق ، وليس بصواب أن يضع داعية نفسه فوق التربية، ويستعلي على حديث يزجره عن السوء ولو سمعه مائة مرة، فإن في النفوس - كل النفوس - قابلية لطيش في أوقات الغفلة، فتنزل إلى مستوى العوام، وان استقام صاحبها على دين الخواص الفقهاء العباد دهرا، أو حاز على أعلى شهادة وأرقى منصب وأضخم رصيد مالي، بل وإن ابيضت لحيته وتجاوز الكهولة سنّه)(نحو المعالي21من رسائل العين).
(ومن غرائب التربية: أن الجديد والشاب الناشئ تستطيع أن تعظهما وتدعوهما إلى ترك الرياء والتكبر والمراء، يعدان ذلك منك إرشاداً وتربية وتوجيهاً. أما القديم المخضرم فإنك إن وعظتَه بمثل ذلك اعتبرها تهمة له، ورفض نصحك وزمجر، كأن لم تكن توبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم سبعين مرة آخر حياته)(الفضائح167من رسائل العين).
( ومنهم من يعشق الرئاسة والصدارة، فيظل ساخطا إذ أبعد عنها، فيصرفه سخطه عن التصدي لإرشاد الناس، وكل خلق آخر مذموم يمكن أن يؤدي إلى شكل من أشكال الحياة السلبية، وهؤلاء الرهط تنفع معهم الموعظة، فتكون بالإيماء، وإلا فبالصراحة وإلا فبالخشونة والتقريع، ولن ينفك مخلص عن اتعاظ إذا كان معدنه صافيا ولم يزد ذهوله عن أن يكون غفلة اعترت، وذو الشوائب يبتئس ويتعالى على النصيحة، فينتكس، وليس الصف عليه بحريص، ونتأول لأنفسنا أنها تجربة تجميع معرضة للخطأ والصواب، أصابت كثيرا، والبركة فيمن ثبت وتواضع وانشرح قلبه لوجود ناصح له، وأخطأت قليلا، وسلوتنا أن السيرة المطهرة لم تبرأ من ظاهرة المخلفين)(نحوالمعالي31 من رسائل العين).

51) الومضة الواحدة والخمسون :الاستغفار للقادة وعدم مظاهرة المنشقّ من الآداب العاصمة من الفتن:
ويقول :( والحزن عند سماع نبأ اختلاف آراء السائرين ، ومغالبة النفس عندما تميل الأوامر إلى ما يخالف اجتهاد الداعية ، والتنفيذ بنية التعبد واستحضار المعنى الأخروي، والاستغفار للأمراء إذا بدرت منهم خشونة في ساعة غفلة أو تعب ، وعيافة النجوى، وعدم مظاهرة المنشق، والصد عن المخذل ،وترك طلب التولية ، ومحبة الصفوف الأخيرة والأعمال الخفية ، آداب أخرى.).(معا نتطور79من رسائل العين)..

52) الومضة الثانية والخمسون: هاتك الأسرار لا يجامل ووضع نحر القائد كشرط للصلح ظلم :

ويقول : ( ولو أن هاتك ، الأسرار حيث ينثرها من جعبته أمامنا يقابل منا بصدود وإعراض عنه لثاب وتاب، ولكن أذن السامع تغري لسان الفاضح أحيانا)(تقرير ميداني126من رسائل العين).
(البعض يريد القائد آلة ميكانيكية بيد الجماعة، تشغله بأزرار، وهي التي تُنطقه وتخرسه، وتحركه وتوقفه، وذلك فهم يابس لنمط من العلاقة أشد يبوسة، ليس يأتي بخير.
بل القائد كتلة مشاعر، ومجموعة عواطف، وذهن يتأمل، وقلب يتجول.
يجب أن ندع له مجال الاجتهاد حتى وإن قيدناه بخُطة، وعلينا أن نترك لفراسته دوراً، ولذوقه مجالاً.
أحياناً نقيد القائد، ونجرده من أي حرية في اختيار الأعوان، ثم نطلب منه أن ينجز المعجزات. أليس ذلك من العجب؟
ما كان علي رضي الله عنه عاجزاً، بل هو قمة في التقوى والعلم والشجاعة، ولكن خذله أصحابه.
إن أقراناً يتنافسون دهراً ربما يكون شرط صلحهم: نحر الأمير، فهنالك الظلم.
ولربما استجاز اللاحقون التشويش على بوصلة الجيل الرائد، فهنالك المتاهة.. هنالك يكون انقلاب الموازين:
ساقة ترتاد..... وقادة تنقاد)(فضائح الفتن163من رسائل العين).

53) الومضة الثالثة والخمسون: تفلسف أهل الفتن لا يغطّي بشاعتها:

ويقول :(بعض الناس يلوّح لهم براية من بعيد، فيقصدونها من غير تمحيص..
يريد البعض أحياناً تحطيم أحد يضيقون به ذرعاً، لحسد أو غيره، فتثار حوله التهم، لكن العملية تُفلسف في صورة دعوة لمذهب في العمل جديد واجتهاد مبتكر، وهي زخم شخصي ليست أكثر.
إن أشنع الظلم أن تتخذ من أخ لك هدفاً وتجمع الناس والجموع ليرجموه معك.
المحورية أخت الحزبية.
والتنازع على المواقع بالوقيعة باطل.
وأول تلقين الشيطان لصريعه أن يعلمه أن يقول... ... ... ... (أنا).
نحن دعاة، لم نجتمع ليَكره بعضنا بعضا، وإنما اجتمعنا لنتعاون على مشقة الطريق.
وهل يدري المفتتن كم يلهي معه من الدعاة عن قصودهم ، وكم يهدر من أوقاتهم إذا انصرفوا له ناصحين ودخلوا بينه وبين إخوانه مصلحين ومحكمين؟.
إنها جهود وأوقات تذهب هدرا)(فضائح الفتن151من رسائل العين).

54) الومضة الرابعة والخمسون:منهج الموازنة والإرضاء إغراء بتخطئة مبدأ الأكثرية وتجاوز للمؤسسات:

ويقول :(إذا خالفت مجموعة بقية الجماعة فإن صيغة الموازنات والإرضاء قد تكون فاشلة أحياناً ، ومن الخطأ أن يُحل الإشكال بتأمير رجال من هؤلاء يزاحمون البقية، ففي ذلك تكريس للخلاف، وفيه إغراء لا للمخالف فقط في أن يسخّر كل طاقاته الإبداعية لمعاندة الآخرين وإظهار خطأ مذهب الأكثرية، بل حتى الإمارة التي انشق عنها المنشقون ستلتهي بقضايا مفضولة ، وستسير مع المخالفين بسيرة مداراة دبلوماسية، أو ستبذل من طاقتها مقداراً كبيراً لتفنيد أقوال المقابل ورصده ورد ما قد يستجد على لسانه بعد الصلح.
إنها معادلة صعبة، والفصل مع قسوته قد يكون أفضل وأكثر تحقيقاً لمصالح الجماعة.
المعالجة الظاهرية لا تجدي، لأن محاولات الباطن ستظل تعمل، تحفر وتنخر بعيداً عن أنظار المراقبين)(فضائح الفتن158من رسائل العين)..
(إن المخالف إذا ارتكب إثماً بحق الجماعة ولم يعاقَب: تلفت وانتظر، لعل عقوبته تأخرت، فإذا مر زمن كاف ولم يعَاقب: ظن أن الجماعة تجله أو تخافه، فيرتكب إثماً ثانياً اكبر من الأول، حتى يكون الشقاق له عادة.
مثلما تجب مكافأة المحسن: تجب معاقبة المسيء، و إلا تجرأ آخرون على الإساءة، لما يرون من عدم محاسبة المسيء الأول)(الفضائح159من رسائل العين).

55) الومضة الخامسة والخمسون:الاستجابة لضغط المحاور على حساب الشرعية مذهب خاطئ واجتهاد غريب:

وبقول :( ويفكر مشفق على وحدة الصف وعدم خسارة الجماعة للنفر الذين عشقوا الرياسة بأن يمنحهم ما يبغون، و يسترضيهم، جمعاً للجهود، وحرصاً على كل الطاقات أن تظل في خدمة القضية، ويقول: يريدون الأبهة والمكانة، فلنعطها لهم، لعلهم يتدربون، وتعركهم الأيام فيفيقون، وترهقهم المسؤولية فيزهدون، ولنشركهم في الشورى لعلهم يرشدون، وإنه خلاف بين الأقران ! ويستحسن أن نرضي كل الأطراف. ثم ينادي يحث. هيا، هيَا، ليحتضن كل منكم إخوانه، ثم يرجع وقد ظن أنه قضى بحله العاطفي هذا على فتنة.
إن مثل هذا الاقتراح هو مذهب في سياسة الجماعات خطأ، واجتهاد في التربية غريب)(الفضائح161من رسائل العين)

56) الومضة السادسة والخمسون: ضرورة التفريق بين الحقوق الشخصية والحقوق الدعوية العامّة:

ويقول :( ومع ذلك فالتفريق واجب بين العفو عن حقوقنا الشخصية والعفو عن الحقوق الدعوية العامة، فتتسع هناك، مع شدتها على النفس، وتضيق في الأخرى)(فضائح الفتن155 من رسائل العين)..

57) الومضة السابعة والخمسون: لغط القدماء يغري الجدد:

ويقول :( إن الجدد لا يلغطون إلا إذا لغط بعض القدماء، ومن طبائع النفوس التقليد. ومَن سَنَ سُنة سيئة فعلية وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)(فضائح الفتن157من رسائل العين).

58) الومضة الثامنة والخمسون: حزن القلب إزاء الإساءة فطرة:
ويقول :(وخطبنا الثقة فقال:
إن حزن القلب إزاء الإساءة فطرة، وفي تعزية الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عبرة، إذ قال: (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون، فإنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون).
فكيف بمن هو أقل مثلنا؟
وكيف إذا كانت الإساءة لا من كافر طبيعته الإساءة بل من مسلم، بل من أخ لك في الصف؟)(فضائح الفتن157من رسائل العين).

59) الومضة التاسعة والخمسون: فلتحافظ على معنى الحرية فيك ولا تخرمه بتقمّص أثواب الدنيا:

ويقول كذلك :( وذلك الذي أشار إليه الإمام الشافعي حين يقول:
(الحر من راعي وداد لحظة، أو انتمي لمن أفاده لفظه).
وهذه الدعوة علمتك دهرًا معنى الوداد، وأفادتك كل الألفاظ لا مجرد لفظة، فإن كنت حرًا: راعيت ودادها، وأخلصت لها، وابتعدت عن فتن تربص بها، وإن سلبك الانتصار للنفس حريتك فشأنك وما اخترت.
ولا ينتصب أحد لفتنة من بعد ستر، ولا يكسل كسلان فينقطع ويترك ويستبدل أصحاب بأصحاب، إلا لنقص معنى الحرية فيه، وإلا لتقمصه بعض أثواب عبودية الدنيا.
وما ثبت داعية على الطريق، وازداد بذلا وإيثارًا، إلا لاكتمال معنى الحرية والوفاء فيه، ومراعاته الوداد، وما أرشد إليه الشافعي من الانتماء)(الرقائق)..

60) الومضة الستون: لا تبدّد ثروة أعمالك الصالحة في صفقة غابنة مع صرخة فاتنة:

ويقول :(ولذلك وجب أن يجفل الداعية من اسم الفتنة، ويقشعر جلده من كل نداء عصيان لأوامر الجماعة وخطتها)(العوائق257).
(ولفؤاد البصير رجفة مميزة عند ذكر هذه الأخبار، تلجئه ولابد إلى حذر مضاعف يحفظ به ثروة الأعمال الصالحة التي حازها من خلال نشاطه غاديا ورائحًا في مصالح الدعوة، ألا يبددها في صفقة غابنة، مع صرخة فاتنة)(العوائق260).
(فإن الخارجين يديمون الاحتكاك بأفراد الجماعة كي يبقوا مادة لتماسكهم، ولابد من تفويت مقصدهم بالسكوت وعدم الالتفات إلى تحرشهم مع نظرة رأفة ورحمة لهم)(العوائق269)

وفي الأخير نختم هذه الومضات بدعاء العلاّمة البشير الإبراهيمي رحمه الله الذي يقول فيه : ( اللّهم هب لنا توفيقا ينير الطّريق ، وهداية تقي العثرات، وعناية تأخذ باليد إلى الحق ، ويقينا يزيل اللّبس في مواطن الشبهات ، وتأييدا يثبّت الأقدام في مواقع الزلل ، وثباتا يعصم من الفرار في ميادين الصّراع بين الخير والشّر ، وصبرا يزع عن النّكوص على الأقدام ، وشجاعة تفلّ الحديد ، وتنسخ آية هذا العصر الجديد ، وبيانا يفحم الخصم في مواقف الجدل ، وعفّة تقهر الغرائز الجامحة والشهوات العارمة والمطامع المعترضة بكلّ سبيل ، وأفض علينا لطفا يصحب خفايا الأقدار عند حلول المصائب ، واصحبنا ولاية منك تخرجنا من الظلمات إلى النور.
اللّهم جنّبنا زلّة الرأي ، وزلزلة العقيدة ، ودغل الضمير ، ورين البصيرة ، وخيبة الرّجاء ، وطيش السّهام ، وجنّبنا الخوف من غيرك ، والجحود لخيرك ، والبخل عليك برزقك ، والرّهبة من عدوّك ، والضّلال في معرفتك ، والهجر لكتابك ، والشّكّ في وعدك ، والاستخفاف بوعيدك ، والدخّل في الانتساب إليك) آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.