نادية الفاني, اسما ونادي الفانية واقعا, وان بقي المركب الاسمي محتفظا بالاضافة, فان الاضافة الحقيقية هي اضافة الزيت الى نار الحقد الايديوليوجي, والصراع اللاعقدي الالحادي و اللائكي المتحلل من كل القيم, ازاء القيم كل القيم التي ارتضاها الله لعباده المؤمنين. حقا ان هذا النادي الذي تجرأ في مناسبات متكررة على جر البلاد والعباد الى اتون المحرقة التي تخلط فيها الاوراق ويخرج منها الرماد, هو نادي الى فناء والى رماد ان شاء الله. هذه الحفنة من بقايا الماركسية المتعفنة بل الاشد عفنا في الوطن العربي, تتجٍرأ وباسم الثورية -كما في كل مرة -على الذات الالاهية, وعلى معتقد أحفاد بن سحنون وابن عاشور وبان عرفة, والقائمة تطول... ان مثل هذا المشهد الناشز الذي يفرض علينا كل ليلة تقريبا, ودون رضى منا, ليدعو الى الريبة ويطرح السؤال لمصلحة من هذه الجوقة؟ وأي شريحة مجتمعية تنطق باسمها حنبغل ونقمة؟ واين الاعلام الوطني في تجلية ما غمي عن الناس, عامتهم وخاصتهم؟ من المسؤول الحقيقي عن قيادة تونس الى المجهول؟ الى المحزن المافون؟ الى تمزيع النسيج الاكثر انسجاما وتماهيا في العالم العربي, ان لجهة العرق, او الدين, او المذهب؟ اذا عجزت آلة الاستخراب او ما يسمى بهتانا بالاستعمار, كما عجزت آلة التغريب على تقسيم وتفتيت ولبننة تونس ديمغرافيا -سوى ما تفرضه الجغرافيا-, فهل تنجح هذه الفئة المنبتة في فعل ذلك؟ مما لا مندوحة منه, ان المجتمع التونسي يحمل في ثناياه القابلية الى الى التنوع الصارخ أحيانا, لسببين بسيطين, اولاهما روح الانفتاح التي وصلت اليه بعد طول عطش وطول انتظار لهذا اليوم الذي يقول فيه التونسي كلمته ويسمع صوته ويفكر , وثانيهما انه مجتمع سهل الطباع منفتح بطبعه على الافكار التي قد تؤثر فيه الى درجة, قد تتغير معها الملامح الاصيلة فيه. والا كيف نفهم جنوح بعض التونسيين الى الدخول في المسيحية؟ وكيف نفسر قبول التونسي بالتشيع سيما وقد لاحظ العالم النار التي تلتهب منها فرائص اي مجتمع دخله هذا المذهب واعطى الولاء فيه للاجنبي –الفارسي-لا للوطن؟ وهل يعقل ان يبقى التونسي ماركسيا لينينيا وقد تخلى اهل الماركسية عن ماركسيتهم ونزعوا هذا الثوب بدءا من التروستروكيا الى منافسة الغرب في الراسمالية والليبرالية وحذوهم الند للند في ممارساتهم الاقتصادية والسياسية والاعلامية وحتى في مظاهر العيش اليومية, فاكلوا معهم الهمبرغر وشربوا الكوكاكولا ولبسوا الليفيس ووضعوا الرايبان... فمابالنا بالتونسي الذي لم يعش الحرب الباردة, ولا هو عاش البلوريتاريا ولا عرف الكو بوي يتقمص شخصية احفاد لينين وستالين, او يتطرف في افكار الليبراليين الغربيين الذين تهاوت حصونهم وبدؤوا في مراجعة مسلماتهم التي كانت الى الامس القريب مقدسة ...تهاوت امام اليقين بفسادعها وفساد القائمين عليها أخلاقيا قيميا, ومنهجيا في تبرير احتكار السلطة والثورة ولو بالحديد والنار... لا شك ان فناء كل هذه الايديوجيات الصنمية وانكسارها امام رسوخ عقيدة التوحيد, هو المبشر الاوثق لدينا بزوال وفناء بقايا هذه المسميات التي تعبد في محراب المصلحة والمنفعة و ربح الوقت على شعب يريد ان ينهض ويكتب تاريخه بحروف منقوشة على الحجارة لا مرسومة على الرمال... أكاد أجزم بان التاريخ لن يعاد الى كتابته بحروف مزورة, وباياد مرتعشة, وبريشة منكسرة, ذلك ان العالم كل العالم يسير نحو الانعتاق, ولا غرو أن تونس وان تأخرت في هذه الخطوة فانها كانت السباقة وذات الفضل بعد الله لبعث الخطوة الاولى في مشوار لم ينته بعد الى بر الأمان. أكاد اهنئ التونسيين ونفسي, بان فجر الحرية وان توقف في محطات كثيرة, فهو ماض الى شاطئ ذي مرفأ يهنأ فيه المسافرون ويطيب فيه العيش للجميع. ان امة نزعت عن نفسها ثياب الخوف ولبست لباس الحرية والكرامة و الامن, محال أن تنقض غسلها من بعد قوة أنكاثا... محال أن ترجع لتلعق مع تقيأته, لانها احتضنت هذا الرداء وخاطته لازيد من ثلاث وعشرين عاما... فهل نهنأ بالثورة وهل نعيش بكرامة وهل نرضى باقل من ذلك؟؟؟ د. نورالدين بوفلغة النمسا