في مشهد أقرب ما يكون بالحلم دخل الرئيس المصري المخلوع قفص الاتهام على سرير طبي نقال في محاكمة تاريخية لأخر فراعنة مصر. الرئيس المصري المخلوع تربع على عرش أكبر دولة عربية لأكثر من ثلاثين سنة ، نهب أمولها وكدسها في حساباته الخاصة واستباح ثرواتها لعائلته و لزمرة من بطانته وترك الملايين من أبناء الشعب الكريم للجوع والفقر و الخصاصة. الرئيس المصري المخلوع انفرد بالسلطة فكمم الأفواه ومنع الحريات و صادر الأحزاب و زور الانتخابات على الملأ وعمل على تمديد حكمه و توريث ابنه . الرئيس المصري المخلوع شل أقدم حضارة في التاريخ فتوقفت مصر في عهده عن الإبداع و تحول الأدب و الصحافة والسينما و الطرب إلى بضائع رخيصة تعرض بأقل الأثمان لسد رمق الحياة و حل محلها التصحر الفكري و الصحافة المأجورة و الفن الهابط. الرئيس المصري المخلوع تنكر لهوية مصر العربية و حاول فك ارتباطها مع أمتها،جند نفسه لخدمة الكيان الصهيوني ففتح أمامها أسواق مصر وسخر لها خيراتها و منها الغاز بثمن بخس وفي المقابل أحكم حصار غزة لتجويع أهلها و كسرة شوكة المقاومة وشارك في تدميرها وقتل الآلاف من أبنائها عندما سمح لوزيرة خارجية إسرائيل إعلان الحرب عليها من أمام شرفة مكتبه في شرم الشيخ وقد وقف قبلها إلى جانب الأمريكان في غزوهم للعراق ففتح قناة السويس أمام بوارجهم و أرسل حرائر مصر لخدمة جنودهم المحتشدين في الظهران مقابل دراهم معدودات. الرئيس المصري المخلوع قاد تحالفا عربيا رجعيا مشؤوما لتنفيذ سياسات أمريكا و إسرائيل و تدمير المنطقة العربية التي شهدت في عهده أكثر الحروب دموية ، وقف ضد المقاومة في فلسطين و لبنان و العراق وضد ما يسمى بدول الممانعة. الرئيس المصري المخلوع لم يحسب في كل ذلك لثورة أحرار مصر أي حساب فلما أطاحت به ضن أنه فوق القانون و أن أحدا لن يجرأ على مسائلته ولم يشفع له جبروته و لا جاهه و لا ماله ولا أصدقائه في أمريكا أو إسرائيل من المثول أمام القضاء في لحضه تاريخية طالما انتظرها أحرار مصر و من ورائهم أحرار الأمة العربية، لحضه بدا فيها رمز أعدائهم طريح الفراش، سجينا ومنهارا وبدت فيها محاكمته بمثابة محاكمة لمرحلة تاريخية هي الأسوأ في هذه العقود الأخيرة . محاكمة الرئيس المصري المخلوع عبرة لكل الحكام العرب الذين يستبدون بالجماهير العربية و يتصرفون في الوطن العربي كأنه مزرعتهم الخاصة و يستجدون رضا الغرب و أمريكا و إسرائيل بأن صبر هذه الجماهير قد نفذ و أن الثورة العربية الثانية تفجرت لتقويض عروشهم و محاكمهم على كل جرائمهم و أن عهدا عربيا من القهر و العبودية قد ولى ليحل محله عهد من الحريات و التقدم. د عبد الحكيم كرشيد